أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - المقاومة بين الإستراتيجي والتكتيك















المزيد.....

المقاومة بين الإستراتيجي والتكتيك


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6294 - 2019 / 7 / 18 - 03:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


فارق شاسع في المفاهيم يضاهي الفارق الشاسع زمنيًا، بين الفهم العام لمفاهيم العقد السابع والعقد الثامن وكذلك العقد التاسع من القرن الماضي، والعقدين الأول والثاني من القرن الحالي، لمفهوم المقاومة، بل للعديد من المفاهيم التي ترعرعنا عليها، وكانت تلقن لنا كابجدية ثابتة لا يمكن زحزحتها عن عقائدها الراسخه التي كانت تستمد من طبيعة ونوعية الظروف الموضوعية والبيئية، والإستراتيجيات الثابتة في الوعي العام سواء للقيادات والنخب أو للعامة من الشعوب التي كانت تقف كالطور المنضود ضد أي محاولات للشذوذ عن هذه القواعد، وخاصة في واقعنا الفلسطيني المقاوم الراسخ الثابت المؤمن بأن حقه ثابت وحتمي، بل كان القتل والتصفية والتخوين هو السائد أمام أي محاولات للشذوذ عن هذه القواعد، ومنها على سبيل المثال (الكفاح المسلح) والفهم الرئيسي للمقاومة، والعقيدة الراسخة لنوعية هذه المقاومة وجذورها، لذلك كان الحديث المتصل بين كل الفئات والشرائح حتى بين الفئات البرجوازية الرأسمالية متصل ومتقد حول تلك الفكرة والعقيدة المؤمنة بأشكال النضال الرئيسة، وعقيدة المقاومة الحتمية التي لا حياد عنها، وتاجها (الكفاح المسلح).
ورغم التحولات الموضوعية والواقعية التي أصابت العقائد والإيمانيات الإستراتيجية على مستوى المتغيرات التي شهدتها الساحات الدولية التي صدمت بانهيار المنظومة الإشتراكية التي كانت تعتبر المنظومة الثورية للمضطهدين في العالم، وما تبعها من انهيار مفاهيمي شامل، وكذلك الساحة الإقليمية التي بدورها شهدت تغيير في طبيعة الأنظمة القومية العربية التي كانت تبني سياساتها على أساس الوطن والقومية وحجم التجديد المفاهيمي لمعظم القضايا الرئيسية، وخاصة القضية الفلسطينية التي كانت تعتبر رأس الحربة والمحظور الإقتراب منها، أما على المستوى المحلي الفلسطيني فقد استبدلت وانحرفت بوصلة العقيدة الثابتة مع توقيع تفاهمات اعلان المبادئ أوسلو، ودخلت العديد من المفاهيم الجديدة في الوعي اليقظ للأجيال الناشئة، أهمها المقاومة الشعبية، المقاومة الاقتصادية...إلخ من المفاهيم، واصبحت المقاومة المسلحة تعتبر متطلب لحظي كأحد ضرورات ردة الفعل، وخدمة للأهداف السياسية.
هذا التصور العام للتغيير في الفهم والوعي العام لقواعد الإشتباك، ومؤسسة المقاومة كأحد أولويات العمل الرئيسي في حياة القوى والمنظمات المسلحة، التي فقدت أهم نخبها السياسية القيادية، ورؤوس هرمها الراسخه الثابتة، وإعادة تشكيل هذه النخب والقيادت وفق متطلبات الحالة، فتحولت بعض الأحزاب المسلحة لأحزاب وقوى تقليدية تتعامل مع واقعية المرحلة فطغى عليها الرؤية السياسية للتعامل مع مفرزات الواقع الدولي والإقليمي، وفقدت بوصلة العمل الفلسطيني استقلاليتها وقوتها معًا التي عرف بها خلال عقود العمل النضالي الفلسطيني – العربي. وتراجعت التفاعلات اليقظة مع البندقية إلى تفاعلات مجتزئة وفق الحالة والأهداف السياسية، وتحول (الكفاح المسلح) إلى فعل خدماتي يستهدف خدمة الهدف السياسي لممارسه أو للقوة التي تمارسه بعيدًا عن الفهم العميق(التحرير) وهو نتيجة حتمية وطبيعية لتغيير الفهم العام في الوعي لمنظور إستراتيجي وتكتيك، حيث اصبح التكتيك والمراوغة التكتيكية هي الإستراتيجية الراسخه في الوعي العام للنخب وللعامة، وتحول الفدائي والمقاتل الصلب الذي كان يستهدف الوطن إلى محارب يتبنى شعارات المرحلة، وقوانين التفاعل مع الواقع الذي أثر فيه بشكل مباشر فكرة قبول دولة الكيان كواقع قائم، وتوقيع بعض الإتفاقيات والتفاهمات العربية – الإسرائيلية كما حدث في الأراضي المحتلة الفلسطينية عبر أوسلو، وكما حدث في الأردن عبر وادي عربة، وفي لبنان بعد حرب تموز وانسحاب قوات الاحتلال من الجنوب اللبناني، ومن ثم تحقيق بعض المكتسبات السياسية لبعض القوى التي كانت ترسل مقاتليها لداخل العمق الصهيوني، فأصبحت مقاومتها المسلحة مرتكزة على ردة الفعل من جهة، وداخل إطار حدودها التي تم رسمها بإرادة المحتل عبر ما ذكرناه سابق. وتراجع الفهم الشمولي للمقاومة العربية التي انحصرت في حزب الله اللبناني الذي تحول لحارس لبناني يقف كقوة ردع دفاعية عن حدود لبنان، وأيضًا انحصار العمل المسلح الفلسطيني في بقعة غزة كردة فعل على أي محاولة اعتداء صهيونية على غزة، وتحول حرة حماس من قوة مقاتلة لحزب سلطة يدافع عن مكتسباته السياسية في داخل العمق السياسي الدفاعي فقط، وترويض حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى التي تبنت نفس السياسات ونفس الإستراتيجيات الدفاعية.
من خلال هذا الفهم وهذه المفاهيم الجديدة أصبح هناك فارق شاسع بين الفهم العملي للمفاهيم الإستراتيجية التي تبنى الآن على الحفاظ على المكتسبات السياسية فقط من جهة، وديمومة القوى السياسية من جهة أخرى، دون الإرتكاز في الفعل على مفاهيم( التحرير) بما أن انسحاب قوات الإحتلال من جنوب لبنان يعتبر تحرير بالنسبة للمقاومة العربية، والإنسحاب من غزة تحرير بالفهم الفلسطيني، والتحول الشامل بالفهم التكتيكي الذي كان يقوم على بناء الإنسان لعملية التحرير، وتهيئة البيئة الكفاحية التأهيلية لعملية التحرير، والتي كانت أهم نتائجها كتكتيك مستحدث هو هدم الحافزية التحررية للإنسان الذي يعتبر أصل عملية التحرير، وارتباطه وثيق الصلة بالوعي الاقتصادي القائم على (الراتب، الحوافز، المخصصات، السلطة، المكانة، الوجاهة) وهي الحوافز والعوامل التي هدمت الجزء الأعظم من الإستعدادية التضحوية في داخل هذا الإنسان الذي كان لا يهاب حجم التضحية ونوعها.
لذلك فإن شعار التحرير لم يعد فعليًا شعار تحرري من صلب العقيدة الإيمانية بالتحرير بعيدًا عن اللغة الشعاراتية الخطابية التي نسمعها في المهرجانات والإحتفالات الجماهيرية أو الحماسية، ما يدور في الوعي الحالي بعيد كل البعد عما يدور في الواقع والوعي القديم، لذلك فإن القضية الفلسطينية لم تتراجع إستراتيجيًا في المطلبية الحاضنة لها، بل في ذهن المواطن العربي الذي اصبح يتقبل قبول فكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني سواء اقتصاديًا أو سياسيًا أو في أي مجالات من المجالات، بل في استقبال الوفود والقادة الصهاينة في البلدان العربية. فإن كان لازال هناك بعضًا من الحياء في التفاعل في تلك الحقبة فالمتوقع مستقبلًا أن ينجلي هذا الحياء ويتحول لوقاحة علنية كما يحدث في عًمان، في الإمارات، في البحرين، في قطر، في تونس الدول التي تبني علاقات غير مباشرة مع دولة الكيان عبر الزيارات والتعاون بأشكال شتى سواء رياضية أو اقتصادية أو ثقافيةة، بعدما قطعت مصر والأردن وم ت ف الطريق بعقد اتفاقيات مباشرة مع دولة الكيان، وكما يحدث في التفاهمات الواضحة والجلية بين حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية ودولة الإحتلال الصهيوني وإن كانت تتم عبر وسطاء أي بشكل غير مباشر، ولكن الشيء المباشر أن ما يدور حاليًا هو عملية تكاملية للإستراتيجية الجديدة وهي التفاوض غير المباشر في إطار مشروع متكامل يطل بقوة على المنطقة العربية، والقضية الفلسطينية التي تعتبر أهم مدخل لاستكمال حلقات هذا المشروع الذي يعتبر الإقتصاد سلاحه الفاعل والناجز كما تمثله دولة قطر حاليًا.
إذن فالفوارق تتسع في الوعي العام بين الفهم السابق للإستراتيجية المقاومة، وبين الفهم الحالي للإستراتيجية المقاومة التي تعتمد على معايير ومفاهيم مختلفة كليًا.



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ورسائل الأمن
- مؤتمر البحرين عوار فلسطيني
- ثلاث حكومات في الربيع
- اليسار السوداني يقود ثورة فعلية
- المقاومة مشروع متكامل
- حصاد اليسار... التجمع الديمقراطي الفلسطيني
- حكومة فصائلية متطلب حالة أم هروب
- حرب نفسية في المواجهة مع دولة الكيان
- السودان في اتجاه معلوم
- اقليم ليس متمرد
- الظاهرة الطبيعية في انطلاقة الجبهة الشعبية
- ليسوا مطبعون بل منفذون
- رأفت النجار لا أعرفك ولكني أعرفك
- خطاب الرئيس محمود عباس بين القديم والجديد
- روسيا وتركيا في سوريا
- هدنة الوهم أم وهم الهدنة
- القضية الفلسطينية على موائد التاريخ والحلول
- ماذا بعد الرئيس محمود عباس
- المجلس الوطني الفلسطيني مدخلات ومخرجات
- سوريا واستراتيجية الرد


المزيد.....




- إغلاق المخابز يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ومقتل وإصابة أل ...
- هل يهدد التعاون العسكري التركي مع سوريا أمن إسرائيل؟
- مسؤول إسرائيلي: مصر توسع أرصفة الموانئ ومدارج المطارات بسينا ...
- وزارة الطاقة السورية: انقطاع الكهرباء عن كافة أنحاء سوريا
- زاخاروفا تذكر كيشيناو بواجبات الدبلوماسيين الروس في كيشيناو ...
- إعلام: الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات صارمة على السفن التي ...
- الولايات المتحدة.. والدة زعيم عصابة خطيرة تنفجر غضبا على الص ...
- وفاة مدير سابق في شركة -بلومبرغ- وأفراد من أسرته الثرية في ج ...
- لافروف يبحث آفاق التسوية الأوكرانية مع وانغ يي
- البيت الأبيض: ترامب يشارك شخصيا في عملية حل النزاع الأوكراني ...


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - المقاومة بين الإستراتيجي والتكتيك