أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمينة النقاش - المفكر الذى قال لا كهنوت فى الإسلام فقتلوه














المزيد.....

المفكر الذى قال لا كهنوت فى الإسلام فقتلوه


أمينة النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 6293 - 2019 / 7 / 17 - 20:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى الثامن عشر من شهر يناير الماضى، مرت الذكرى الرابعة والثلاثون لإعدام المفكر الإسلامى الصوفى «محمود محمد طه»- 1909 -1985-الذى يعد واحدا من أبرز المجددين فى الفكر الدينى، ومن أكثرهم اهتماما بقضية تطوير التشريع الإسلامى، ليتوافق مع تطورات العصر، وبما يجعله قادرا على مواجهة المشكلات الطارئة التى تواجه المسلمين فى حياتهم المعاصرة. وربما من أجل ذلك تم إعدامه، بعد أن مثل نقيضا لحالة الدروشة الدينية التى تلبست الرئيس السودانى الأسبق «جعفر نميرى» فى آخر أيام حكمه، وقادته إلى رفض كل المناشدات الحقوقية العربية، لوقف تنفيذ حكم الإعدام فى المفكر الكبير.
وفى كتابه البديع «القرآن ومصطفى محمود والفهم العصرى» فند ملاحظات عابرة كان يكتبها فى مجلة صباح الخير مصطفى محمود، ثم جمعها فى كتاب تحت عنوان «القرآن محاولة لفهم عصرى». و فيه وصف الكتاب بأنه يؤرخ لتحول فى الفكر الإسلامى فى الشرق العربى، لا لأنه كما يقول « كتاب جيد» ولكن لأنه كتاب جرئ، وليست الجرأة على الخوض فى أمر من أمور الدين بمحمودة على كل حال، ولكنها إنما حمدت فى هذا المقام، لأنها تمثل ثورة على الجمود الفكرى، والعقم العاطفى الذى ضربه حول الدين، من يطيب لهم أن يسموا أنفسهم رجال دين. فقد جمد هؤلاء الدين، وحجروه، فى عصر اتسم بالسيولة، واحتشد بالحركة والحيوية والتجديد، فلم يبق سبيل إلى الانعتاق من أسر جمودهم غير الثورة، فلا كهنوت فى الإسلام.
ويشير» محمود طه» إلى أن عصور انحطاط المسلمين، هى وحدها من شهدت ظاهرة من يسمون أنفسهم رجال الدين التى تقترب من الكهنوت، وهى ظاهرة لاتزال قائمة تحت دعوى حماية الدين.وهو هنا يدعو إلى أن المسلم الحق الذى يجسد قيم الدين السامية والفاضلة هو وحده من يحمى الدين، بما ينطق به لسانه قبل لسان غيره.
وبرغم من أن المفكر محمود طه قد وصف الكتاب بأنه مجرد خواطر عابرة فجة، وينطوى على شطط الإفراط فى القول بغير علم فى أدق أمور الدين، هذا فضلا عن أن البشرية لاتحتاج إلى تفسير القرأن، بل تحتاج إلى تأويله، إلا أنه ثمن عاليا بضمير عالم، اجتهاد المؤلف، وشجاعته التى تصل إلى حد الثورة على التزمت والجمود.
فى عام 1967 أصدر محمود طه كتابه الهام «الرسالة الثانية من الإسلام». والكتاب المذكور ينطوى على رؤية شديدة الاستنارة لخدمة تطوير التشريع الإسلامى. فهو يذهب فى الكتاب إلى أن الإسلام قد جاء برسالتين، الأولى أوحى بها إلى الرسول فى المدينة وتتضمن فروع القرآن الكريم، التى يتوجه بها النص إلى المؤمنين والمنافقين، مثل «يا أيها الذين آمنوا» و «وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض» وغير ذلك. وكانت الثانية فى مكة، ويتوجه فيها النص إلى البشر جميعا فى أنحاء الكون، كما فى»يا أيها الناس» وفى « يا بنى آدم». وينتهى محمود طه إلى القول، أن التشريع الذى استند إلى الرسالة الأولى لم يعد صالحا لعالم اليوم، لأنه كان مُنَزَّلًا فى الظروف التاريخية والاجتماعية التى سادت المدينة فى القرن السابع الميلادى.
ويأتى الكتاب إلى جوهر دعوته الحداثية والتجديدية، حين يؤكد المؤلف بالبرهنة من النصوص، أن الإسلام الصحيح هو فى الآيات المكية التى تستند إلى أصول القرآن، وبها يكمن جوهر الدين الإسلامى وروحه وقيمه العاليا التى تدعو إلى حفظ كرامة الإنسان ووصون حياته، و إلى الرحمة والتسامح، وإلى المساواة بين المؤمن وغير المؤمن، إلى الحرية والعدالة، ومنها ينبغى التشريع بما يتوافق مع مقضيات التطور فى القرن العشرين.
تربصت قوى من سماهم «محمود طه» بجماعات الهوس الدينى بكتبه، أفكاره وحياته نفسها ومبادئ الحزب الجمهورى الذى أسسه، وتصدى لدعوته تلك، جبهة الميثاق الإسلامى- جناح حركة الإخوان المسلمين فى السودان- بقيادة حسن الترابى، ورهط من مشايخ الأزهر فى طليعتهم شيخه أنذاك «حسن مأمون» وتم حبسه واتهامه بالردة والكفر، وهى نفس التهمة التى قادته إلى الموت شنقا، لنقده الحاد لقوانين سبتمبر التى نفذت تطبيق الحدود على السودانيين، ووصفها طه بأنها تنسب زورا إلى الشريعة، ودعا إلى إلغائها لأنها تشوه الإسلام، وتذل الشعب السودانى وتهدد وحدته الوطنية، فاقيمت محاكمة هزلية حكمت عليه بالإعدام شنقا بمبررات صاغتها حركة الإخوان السودانية بقيادة حسن الترابى.
لن يذكر التاريخ سوى فى صفحاته السوداء من قتلوه باعتبارهم من عتاة المجرمين الفاشست، لكن افكاره واجتهاداته لتجديد التشريع الإسلامى، تبقى حاضرة بقوة منهلا لداعاة الاجتهاد والتجديد فى العالم الإسلامى، وعبرة لمن يريد أن يعتبر، أن خلط الدين بالسياسة هو استبداد وفاشية دينية جلبت المقاومة الشعبية التى أطاحت بمن قتلوه، والذين يتجمع نسلهم وأنصارهم الآن فى مليونيات فى الخرطوم تطالب بتطبيق الشريعة، وفى مسعى لإجهاض دعوى الحرية والتغيير التي يتوحد حولها الشعب السودانى.



#أمينة_النقاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة بأموال العرب!
- جورج حبش عاشقا
- حكاية المولودة مارى روزنتال
- .أمَّا بعد
- إخراج ركيك لمشهد خطير
- التشويش على الانتخابات الرئاسية
- ضد التيار: أسئلة الخيبة والرجاء
- أيقونته الفلسفية
- حركة النهضة جزء من الأزمة الراهنة
- أوهام محمود حسين السلمية
- ضد التيار: ألعاب خطرة
- من أين أستقى ترامب تعصبه ؟
- نداء إلى فضيلة الإمام شيخ الأزهر
- وحدة الإخوان مع الفلول
- الغائب الحاضر ناجى العلي
- قانون الكنائس فى قبضة المتطرفين
- فتنة الخطبة المكتوبة
- ضد التيار : جريمة لا تسقط بالتقادم
- الصمت علي الفساد.. فساد
- حكاية لمن يهمه الأمر


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمينة النقاش - المفكر الذى قال لا كهنوت فى الإسلام فقتلوه