|
الصراع بين المجدددين والمحافظين صراع السلطه في الكنسيه القبطيه الارذوكسيه!!!
محمد برازي
(Mohamed Brazi)
الحوار المتمدن-العدد: 6293 - 2019 / 7 / 17 - 20:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بدأ الخلاف بين متى المسكين والبابا شنودة منذ اللحظة التى ترك فيها (الأنبا شنودة) مغارة التوحد فى وادى الريان لقسوة الحياة، وربما أيضا للاختلاف فى الفكر والمنهج. و بداية الصراع كانت منذ واقعة إبعاد البابا ديمتريوس الكرام لأوريجانوس أحد أبرز مفكري الكنيسة عام 232م ومن مدرسي مدرسة الإسكندرية -مدرسة لاهوتية وفلسفية تابعة للكنيسة تولى أتباعها الحفاظ على الإيمان والعقيدة مثل أثناسيوس في مجمغ نيقية 325م- والكنيسة بدأت تأخذ منحى آخر مختلفا، وتعتبر قرارات البابا ديمتريوس ضد أوريجانوس أولى حلقات الخلاف بين الأكليروس -أي الكهنة والأساقفة- من جهة، والعلمانيين من غير الحاصلين على الرتب الكهنوتية، منذ تحولت الدفة من اعتلاء كرسي القديس مرقس من الدارسين والمديرين لمدرسة الإسكندرية إلى الرهبان من الصحراء. ففي عام 216م دعا «ألكسندر» أسقف أورشليم، و«ثيؤكتستوس» أسقف فلسطين، أوريجانوس لشرح الكتاب المقدس، فاعترض البابا ديمتريوس أن يعظ غير الكاهن -أوريجانوس- في وجود أساقفة، وطلب عودته للإسكندرية سريعا وأطاع مدير مدرسة الإسكندرية البابا. في المرة التالية حين ذهب لليونان مر بفلسطين وقرر الأساقفة رسامته كاهنا، واعترض البابا ديمتريوس لأن الذي رسمه ليس الأسقف المسئول عنه أي هو، ودعا لمجمع بالإسكندرية، ورفضوا رسامته كاهنا واكتفوا باستبعاده ولم يرض البابا فعقد مجمعا للأساقفة فقط عام 232م وعزل أوريجانوس من الكهنوت وأعلن أن تعاليمه لا تصلح. كانت الكنيسة القبطية تعاني مثلما عانت مصر خاصة في آخر 5 قرون بعد حكم المماليك ومن بعدهم الاحتلال العثماني، وظهرت حركة مدارس الأحد في مطلع القرن العشرين كمحاولة من رئيس الشمامسة «الأرشيدياكون» حبيب جرجس، لبث الروح داخل الكنيسة، حيث أسس حركة مدارس الأحد، والتي لم تعترف بها الكنيسة في البداية قبل أن تتبانها. ربما تكون حدة خلاف الأب متى المسكين مع البابا كيرلس السادس هي الأقوى إذا ما تم مقارنتها مع خلافه باقي البابوات، إذ صاحبها قرار بالتجريد من الرهبنة والكهنوت، إلا أن الأمر انتهى بعودته مرة أخرىبدأت العلاقة بين البابا كيرلس والأب متى المسكين منذ 15 مارس 1948، حيث أراد يوسف إسكندر (الأب متى) أن يترهبن بدير الأنبا صموئيل، والذي كان يشرف عليه في ذلك الوقت، بشكل مؤقت، القمص مينا المتوحد (البابا كيرلس) المتواجد في كنيسة مارمينا بمصر القديمة، فذهب إليه وقضى معه 3 أشهر، وكان في ذلك الوقت "أب إعترافه"، وكانت العلاقة جيدة للغاية.. في عام 1960 أصدر المجمع المقدس برئاسة البابا كيرلس السادس قرارا يقضي بعودة جميع الرهبان إلى أديرتهم وحرمان من يخالف القرار، وعندما علم البابا بتواجد القمص متى ومجموعته خارج دير السريان طلب منهم تنفيذ القرار فاستجابوا، إلا أن القمص متى ترك الدير مرة أخرى بعد خلافه مع مدبر الدير الراهب مكاريوس (مطران بني سويف الراحل الأنبا أثناسيوس) ، لينتقل مع مجموعته إلى ببيت التكريس بحلوان، فأرسل إليهم البابا كيرلس كل من أسقف المنوفية الراحل الأنبا بنيامين، وأسقف جرجا الراحل الأنبا مينا لتسليمه خطاب شديد اللهجة يؤكد ضرورة تنفيذ قرار المجمع مهددا إياهم بالحرمان، ولكن الأب متى رفض وبالتالي رفض معه رهبانه، فطبق عليهم جميعا قرار المجمع بالحرمان. أكد كاهن كنيسة مارمرقس بالجيزة الراحل القمص صليب سوريال، أنه حاول التوسط لدى البابا قائلا له أن هذا القرار لا يشمل القمص متى وأبناءه، فرد البابا قائلا "لا كل الرهبان، القرار صادر من المجمع ولازم يرجعوا"، مؤكدا أنه جرت العديد من المحاولات لإرجاعهم دون جدوى. وبعد أن شمل قرار الحرمان القمص متى وأبناءه الرهبان، ذهبوا إلى صحراء وادي الريان حيث قضوا هناك 9 سنوات، وكان ذلك القرار أحد الأسباب في استبعاد القمص متى من الترشيحات بالانتخابات البابوية بعد رحيل البابا كيرلس عام 1971، حيث تقضي لائحة انتخاب البطريرك أن يقضي المرشح 15 سنة في الرهبنة، وعندما تم تجريده من الرهبنة لمدة 9 سنوات لم تحتسب هذه المدة ضمن سنوات الرهبنة. على الجانب الآخر، نفى تلميذ الأب متى، الأب باسليوس المقاري، وجود أي حرمان أو تجريد، مشيرا إلى أن البابا كيرلس أرسل للأب متى خطابا في "حوالي شهر فبراير" سنة 1966، يناديه فيه بلقبه الكهنوتي مؤكدا أن سبب الاستبعاد يرجع لوشاية البعض به لدى الحكومة متهمين الأب متى بأنه "شيوعي". إلا أن القمص أكد بنفسه على تجريده من كهنوته في عظة له عن الرهبنة عام 1975، قائلا "قعدت 10 سنوات مجرد من كهنوتي ومن رهبنتي وباسمي العلماني"، مضيفا "كنت أحس من أعماق قلبي ان اللي حاصل كان خطأ زمني"، لأنه كهنوته "مثبت من الله" – على حد تعبيره. عقب تجريده من الكهنوت، أصدر القمص متى المسكين من صحراء وادي الريان عددا من المؤلفات التي زادت من اتساع الفجوة بينه وبين البابا كيرلس، كان من بينها كتاب "الكنيسة والدولة"، والذي صدرت الطبعة الأولى منه عام 1963، ثم طبعات أخرى في عامي 1977، و1980، وقد تسبب ذلك الكتاب أيضا، في إتساع الخلاف مع البابا شنودة الثالث فيما بعد. ولم تكن الاعتراضات على محتوى الكتاب بقدر ما كانت في توقيتات كتاباته وإعادة طبعه، إذ أن الكتاب هاجم الخدمة الاجتماعية بالكنيسة ووصفها بأنها "تنازع الحكومة في كل الميادين" وأن ذلك سيحدث صداما لا مفر منه ما بين الكنيسة والدولة، وكان ذلك بعد أقل من عام من سيامة البابا كيرلس للأنبا صموئيل أسقفا "للخدمات الاجتماعية"، الأمر الذي اعتبرته الكنيسة تحريضا للدولة ضد الكنيسة، خاصة في ظل حكم شمولي مثل حكم جمال عبد الناصر. كما قال الكتاب بأن "الكنيسة بها من يفكر بفكر قسطنطين الملك الذي تولى حماية الإيمان بالسيف كحكم إسرائيل الأول" - على حد تعبيره. كما تضمن تحذير من "الاحتماء بكنائس أخرى قوية"، وذلك بالتزامن مع إرسال الأنبا صموئيل كعضو ممثل للكنيسة القبطية في مجلس الكنائس العالمي، حيث صدرت عدة منشورات في ذلك الوقت تؤكد أن ذلك المجلس يحرض الكنائس على خيانة أوطانها، وقد ورد ذلك في التقرير الذي رفع إلى البابا كيرلس من لجنة شكلها لفحص ما جاء في كل هذه المنشورات، ونشرت فيما بعد كملحق في الطعن الذي تم تقديمه ضد ترشيح القمص متى بالانتخابات البابوية. كما أصدر الأب متى المسكين عددا من المؤلفات اللاهوتية التي أحدثت الكثير من الجدل وكان أولها وأشهرها كتاب "العنصرة" عام 1960، ثم كتاب "الباراكليت"، وكتاب "الكنيسة الخالدة"، كما أحدث كتاب "المواهب الكنسية" ضجة كبيرة، إذ أُرسل بسببه من مطرانية القدس شكوى للبابا كيرلس، تفيد بأن الكتاب قال إنه لا يوجد فرق بين الأسقف والقس في الكنيسة الأولى، مستعينا بنفس أدلة "الأخوة البلاميث" (طائفة بروتستانتية). طلب البابا كيرلس من كل من الراهب أنطونيوس السرياني (ثم أسقف التعليم الأنبا شنودة/ البابا شنودة الثالث فيما بعد)، والدكتور وهيب عطالله (ثم القمص باخوم المحرقي/ أسقف البحث العلمي الأنبا غريغوريوس فيما بعد)، أكثر من مرة وعلى مدى سنوات، كتابة تقرير عن هذه الكتب، ورغم اتفاق الإثنين (البابا شنودة والأنبا غريغوريوس) على وجود أخطاء فيها، إلا أن الإثنين اتفقا على عدم رفع أي تقرير للبابا حتى لا يتسبب في مزيد من الأذى للأب متى ولا يظن أحد أنهم يستغلون موقف البابا كيرلس، كما رأوا أنه كان محروما بالفعل في ذلك الوقت، فاتفقا على الرد على هذه الأفكار بشكل إيجابي دون ذكر ما جاء في كتب الأب متى بشكل مباشر حتى لا يؤخذ الأمر بشكل شخصي يحكي تلميذ مطران أسيوط الراحل الأنبا ميخائيل القس بولس بشاي أن المطران حاول في عام 1960 التوسط لدى البابا كيرلس للعفو عن القمص متى، وقابله قائلا له "أنا مستعد آخدهم في ديري (دير الأنبا مقار)"، فنظر إليه البابا كيرلس ولم يجيبه كعلامة للرفض. وعلى مدار عدة سنوات حاول أيضا القمص صليب سوريال التوسط لدى البابا كيرلس للعفو عن القمص متى، كان أولها عام 1965، حيث أرسل عدة خطابات للبابا، ورد شماس البابا كيرلس، سليمان رزق (فيما بعد أسقف دير مارمينا "الأنبا مينا آفامينا") في خطاب للقمص صليب قائلا بأن البابا "يتمنى حل المشكلة خوفا من فشل باقي الرهبان الموجودين معه" ، ورد أيضا البابا كيرلس مؤكدا أنه أعطى لهم فرصة أكثر من مرة للعودة وأنه لا يطلب من الأب متى أكثر الطاعة، مختتما خطابه قائلا: "الله قادر على أن يغفر للمسيئين إلى أنفسهم وإلى كنسيتهم" ويقول القمص صليب أنه عرض على البابا في مايو عام 1969، بأن يقوم الأب متى وأبناءه بتعمير دير الأنبا مقار، فأبدى من جديد استعداده لاحتضانه إذا عاد ومن جهة أخرى يروي تلميذ الأنبا ميخائيل أنه أثناء مقابلة المطران الراحل بالبابا قال الأخير له "فاكر الموضوع اللي كلمتني فيه من 9 سنين، لسة عند كلمتك ؟، أنا عايز أرتاح من جهتهم قبل ما أموت، فطلب الأنبا ميخائيل من القمص متى كتابة اعتذار للبابا، مضيفا "رفض الاعتذار لأنه كان عنيد جدا". وهنا يقول القمص صليب أن الأب متى كتب رسالة الاعتذار أخيرا بعدما ترجاه الأنبا ميخائيل وقام بعمل "ميطانية" (انحناء في الأرض) للأب متى، وقام المطران بشطب بعض العبارات التي كتبها الأب متى، وقدمها للبابا كيرلس الذي قابلهم بالترحاب قائلا "شبت يا ابونا متى"، فرد الأب متى: "ما البركة فيك"، فداس القمص صليب على قدمه قائلا "بلاش شقاوة"، وحاول القمص صليب تلطيف الأجواء، وقال البابا للأب متى كلمته الشهيرة عند مصالحته لأبناءه: "حاللني"، وعاد الأب متى للكنيسة وقام البابا كيرلس بإعطائه "الشكل الرهباني" قائلا "متاؤس على على دير أبو مقار"، إلا أنه رفض الاسم وطلب أن يأخذ نفس الاسم الذي كان يحمله قبل الشلح، فاستجاب البابا كيرلس ونطق: "متى المسكين على دير أبو مقار".. البابا كيرلس السادس والإمبراطور يوليان رغم إنتهاء الخلاف، إلا الأب متى لم ينسى للبابا كيرلس ما فعله به عام 1960، ففي كتابه عن البابا أثناسيوس الرسولي الصادر عام 1981، (أي بعد إنتهاء الخلاف بـ11 عام)، شبه الأب متى المسكين البابا كيرلس بالإمبراطور الوثني يوليان حينما اضطهد اثناسيوس الرسولي. عاد الأنبا أنجيلوس، النائب البابوي بالولايات المتحدة الأمريكية، إلى مصر، الأسبوع الجاري، والتقى أمس، الثلاثاء بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا تواضروس الثاني، بالمقر البابوي لبحث مطالب كهنة وشعب أيبارشية شبرا الشمالية، التي كان يشرف عليها قبل انتدابه ليكون نائبا بابويا بأمريكا، وسط تكهنات بأن عودته بداية لعقد جلسات معه بخصوص ما تحدث عنه الشهر الماضي حول «الرمزية» في قصة آدم وحواء بالكتاب المقدس، إلا أن القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة نفى وجود هذا الأمر. البداية كانت مقطع فيديو لجزء من محاضرة للأنبا أنجيلوس، يتحدث فيها عن أن القديس أثناسويس أشار إلى أن الجنة التي كان يعيش فيها آدم وحواء كانت رمزية، وكان أثانسيوس تلميذ أوريجانوس، وهو من مؤسسي الرمزية في تفسير الكتاب المقدس بمدرسة الإسكندرية، وقال إنها «مكان كان يعيش فيه آدم عشرة مع ربنا». وأضاف أن هناك قصصا سردية وقصصا «ميثولوجيا» وهي نوع من الأدب والأساطير ليست وهما، بل أسلوب في الكتابة يشرح معاني عميقة، لكي يفهمها الإنسان البسيط.، ولا تطعن في فحوى القصة، ولا تؤثر في عمقها، والوحي الإلهي فيه قصص سرد وتاريخ وقصص ميثولوجيا كان سجالا قد دار بين الأنبا أنجيلوس والأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس حول كلام الأول، عبر حساباتهما الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، خلال فبراير الماضي حول كلام أنجيلوس في إحدى المحاضرات، مما جعل الأنبا رافائيل يرد عليه ورد الأنبا رافائيل، في منشور على فيسبوك، قال فيه إن «التفسير الرمزي للكتاب المقدس هو قراءة نصوص العهد القديم على ضوء إيماننا بالسيد المسيح. فنرى ظلًا للمسيح في كل قصة وكل شخص وكل حدث، دون إلغاء البعد الحرفي الحقيقي التاريخي. إلا إذا كان النص نفسه يتكلم بطريقة قصصية رمزية مثل سفر نشيد الأنشاد». ثم أضاف منشورا جديدا قال خلاله إن «آدم شخصية حقيقية، وليس كما يدّعي الملحدون أنه مجرد رمز أو أسطورة، أو كما يدّعي أصحاب نظرية التطور أن الإنسان أصله قرد». ثم في اليوم التالي كتب منشورا جديدا، قال خلاله إنه «يتكلم السيد المسيح عن تاريخية وحقيقة وجود كثير من شخصيات العهد القديم تأكيدًا لوجود باقي كل شخوص وأحداث العهد القديم». وأضاف «أكتب هذا الكلام لأنه يوجد اتجاه عند بعض الكنائس الأخرى يعتبر أن الإصحاحات الأولى من سفر التكوين حتى قصة إبراهيم ليست أحداثًا تاريخية، والأشخاص المذكورون ليسوا أشخاصًا حقيقيين، بل مجرد رموز أو أسماء وهمية». ثم بعدها رد الأنبا أنجيلوس، في بيان مطول، يوضح ما يقصده خلال المحاضرة، إلا أنه تمت إزالة المنشور من على الصفحة الخاصة به على موقع فيسبوك، ولم يتبق منه غير بعض النسخ المصورة». ثم بعد ذلك أوضح الأنبا رافائيل، في منشور جديد، كيف أنه تحدث مع الأنبا أنجيلوس، وأكد تمسكه بالإيمان المسلم من الآباء، وأنه لا يقصد إطلاقًا إلغاء حقيقة وجود الفردوس ولا تاريخية شخص آدم، وأحداث سفر التكوين، وكل الكتاب المقدس، إلا الأجزاء التي لا تحتمل إلا التفسير الرمزي مثل سفر النشيد. عدها طالب كمال زاخر، منسق التيار العلماني القبطي، مجمع أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بوقف السجال على مواقع التواصل الاجتماعي في أمور تخص العقيدة، وأن تناقش في مكانها. الأنبا أنجيلوس خلال المحاضرة والحديث عن الرمزية في الكتاب المقدس يمثل تيارًا يسعى للتجديد والتطوير داخل الكنيسة، بينما الأنبا رافائيل الذي تشدد في حرفية النص يمثل تيارًا محافظا داخل الكنيسة، وهذان التياران السجال بينهما مستمر منذ قرون داخل الكنيسة القبطية، منذ خلاف البابا ديمتريوس الكرام، مع العلامة أوريجانوس أبرز معلمي مدرسة الإسكندرية التي نشأت خلال القرون الثلاثة الأولى للمسيحية داخل الإسكندرية، واعتمدت على تراث طويل من الفلسفة اليونانية، وأسهمت في تأسيس علم اللاهوت والتفسير ومواجهة الأفكار والهرطقات التي تخرج بين الحين والآخر. ثم بعد ذلك تجدد هذا الصراع في التاريخ المعاصر بين الأب متى المسكين، الذي يمثل امتدادا لأوريجانوس ومدرسة التفسير الرمزي، والبابا شنودة الثالث الذي بدأ ثوريا، وهو شاب علماني ومال للجانب المحافظ بعد جلوسه على كرسي القديس مرقس. وأخيرا بين الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط والأنبا أغاثون مطران مغاغة والعدوة، فالأنبا بفنوتيوس -أحد الأصوات المجددة نادى بالإصلاح الكنسي في نهاية عهد البابا شنودة- أصدر في ديسمبر 2016 كتابا بعنوان «المرأة والتناول»، يرفض فيه منع النساء من «التناول من الأسرار المقدسة في فترة الدورة الشهرية»، وهي نفس الدعوة التي أطلقها الأب متى المسكين عام 2000، وكان يرى أن فكرة المنع من ممارسة الأسرار أثناء تلك الفترة أو بعد الولادة، «عادة يهودية لا تمت للمسيحية بصلة». لكن الصوت المتشدد ظهر سريعا من خلال رد الأنبا أغاثون على كتاب بفنوتيوس بدراسة وصف فيها كتاب «أخيه في الخدمة» -أي الأنبا بفنوتيوس- بـ«البدعة»، وهو «اتهام خطير لا تطلقه الكنيسة عبر تاريخها على أي شخص إلا بعد مراجعته، وعقد مجمع لمناقشة أفكاره»، وبالفعل اعترض البابا تواضروس وقتها على هذا الوصف. ثم ظهر الأنبا أغاثون مجددا خلال زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس الأول، في نهاية أبريل الماضي لمصر، حين أصدر بيانا يرفض فيه اتفاق «نسعى جاهدين لعدم إعادة سر المعمودية» بين كنيستي الإسكندرية وروما ووقعه البابوان تواضروس وفرانسيس، ووصف معمودية الكاثوليك بأنها «غير قانونية وغير صحيحة وباطلة». ورغم أن البيان بين كنيستي روما والإسكندرية، كان النص فيه «قررنا عدم إعادة سر المعمودية» إلا أن ضغوط الأساقفة المتشددين داخل المجمع المقدس وأنصارهم على مواقع التواصل الاجتماعي غيرت إلى هذا النص الذي أمسك العصا من المنتصف أيضا وأصبحت «نسعى جاهدين لعدم إعادة سر المعمودية»، وبعدما نشر موقع راديو الفاتيكان البيان بالعبارة القديمة، تفهمت كنيسة روما الضغوط التي تعرض لها البابا تواضروس وعدلت النص. الأنبا أغاثون يقوم حاليا بدور الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس السابق، رجل الكنيسة الأقوى في عهد البابا الراحل شنودة الثالث، الذي اشتهر بمحاضرات «تبسيط الإيمان الأرثوذكسي»، ومواجهته لأفكار الطوائف الأخرى. ويصف كمال زاخر الصراع بين المجددين والمحافظين داخل الكنيسة بأنه صراع بين «المثقف والسلطة»، وأوضح أن السبب فيه الانقطاع المعرفي الذي مرت به الكنيسة عقب الانشقاق في مجمع خلقدونية، والتحول من اللغة اليونانية، وهي اللغة التي كتب بها آباء الكنيسة الأوائل والتحول للغة القبطية، ثم اللغة العربية فيما بعد، والاعتماد على الترجمة من لغات وسيطة مثل الإنجليزية. صراع المثقف والسلطة ظهر في الخلاف بين أوريجانوس الأستاذ بمردسة الإسكندرية والبابا ديمتريوس، ثم مجددا بين الأب متى المسكين والبابا شنودة الثالث. المراجع:
1-كتاب "أبونا متى المسكين: السيرة التفصيلية" - إعداد رهبان دير القديس أنبا مقار - الطبعة الأولى 2008 - صـ51. 2-كتاب "أبونا القمص متى المسكين.. السيرة الذاتية" (التي دونها بنفسه) - الطبعة الثالثة 2011 - صـ34. 3-كتاب "أحداث كنسية عشتها.. وعايشتها" بقلم: القمص صليب سوريال – تقديم البابا تواضروس الثاني– صـ126. 4-كتاب "أبونا متى المسكين: السيرة التفصيلية" - إعداد رهبان دير القديس أنبا مقار - الطبعة الأولى 2008 - صـ175. 5-من عظة "الرهبنة دعوة إبراهيمية" – ألقاها الأب متى المسكين في 25/8/1975 6-كتاب "الكنيسة والدولة" للأب متى المسكين - الطبعة التاسعة - صـ24 7-طعن تم تقديمه من قبل بعض كهنة الإسكندرية وبعض العلمانيين إلى قائممقام البطريرك الأنبا أنطونيوس ضد ترشيح القمص متى المسكين للبطريركية عام 1971
#محمد_برازي (هاشتاغ)
Mohamed_Brazi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اِكتشاف التوقير
-
من هو: يزنيك ده كولب في «الله» أو «البدع»
-
محمَّد بن اسحق و مذاهب المنانيَّة
-
الكنسيه الاولى و الخلافات فيها
-
النقاوة
-
كنائس في الهرطقة و غنوصية النقولاويين
-
الإشادة بالأطفال المُتْعِبين
-
الإشادة بالأطفال المُتْعِبين الجزء 2
-
الإشادة بالأطفال المُتْعِبين الجزء 3
-
الإرشاد التنموي الجزء 2
-
الإرشاد التنموي
-
معامله المراه ككائن حي في الاسلام الجزء 7
-
اوطاخي و هرطفته
-
بالأفعال وليس بالأقوال
-
بالأفعال وليس بالأقوال الجزء 2
-
عبادة العذراء عند الكاثوليك و الأرثوذكس
-
الطفل الماديّ
-
شاشات الانعزال عند الاطفال
-
شاشات الانعزال عند الاطفال الجزء 2
-
شاشات الانعزال عند الاطفال الجزء 3
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|