|
سمير الإسكندراني … يا غُصنَ نقا مكلّلاً بالذهب!
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 6292 - 2019 / 7 / 16 - 00:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
=============================
لم يعبأ بتحذيرات الأطباء بعدم الخروج من المستشفى، ووجوب الخضوع الفوري لجلسات الغسيل الكلوي. تحدّى الإعياء والخوار، وتحامل على جسده النحيل، متوكِّئًا على ذراع كريمته وذراعي، يجاهدُ الخُطواتِ العسيرة، من أجل لقاء من الصعب التضحية به، مع قداسة البابا تواضروس الثاني. وهل يُضحَّى بمثل هذا اللقاء؟! السبت 29 يونيو، وصالوني الشهري، الذي استضافه قداسةُ البابا في المقرّ البابوي، لأنه يناقشُ: “قيمة الوطن". غالبَ الإعياءَ وحكى لجمهور الصالون إن والده كان يصطحبه وهو صبيٌّ إلى مسجد بالغورية، لصلاة الفجر. يجلس الصبي "سمير"، يتأمل مصر في عهدها الذهبي. يدخل المسجدَ راهبٌ صليبُه مُدلّى جوار قلبه. يبحثُ عن صديقه الشيخ، فيجده يَؤمُّ المصلّين. يجلسُ الراهبُ في ركن المسجد، يُقلّب في أوراقه، ريثما ينتهي صديقُه من الصلاة. يتصافح الصديقان، ثم يخرجان معًا لمساعدة عائلات فقيرة بالحيّ. عائلة مسلمة تحتاج بعضَ المال لتزويج الابنة، وعائلة مسيحية تحتاج بعض المال لإكمال تعليم الابن. تلك كانت مصرُ، حين كانت القلوب نظيفة من الأدران. يتهدّجُ صوتُ "سمير الإسكندراني"، وتتعثّر الكلماتُ على أوتار الحنجرة التي صدحت بكل لغات العالم في حبّ مصر. ألتفتُّ إلى البابا معتذرةً: (قداسة البابا، الأستاذ سمير مريض جدًّا، لكنه أصرَّ على المجيء من أجلك. صلِّ من أجله!) فينهضُ البابا، ويضعُ يده الطيبةَ فوق رأس العليل، ويتمتمُ: “ربّنا يمدّ يد الشفاء.” يا قداسة البابا المعظّم، أكتبُ هذا المقال لأخبركَ أن اللهَ سمع صوتَك، وأنصتَ إلى صلاة قلبك. بعد ساعة سأكون في طريقي لمستشفى "عين شمس التخصّصي"، لأصطحبَ الأستاذ "سمير الإسكندراني" إلى بيته، بعد نجاح عملية جراحية دقيقة الأسبوع الماضي. كان المتصوّفُ العليلُ مُحِقًّا حين تمرّدَ على أوامر الأطباء، وتحدّى شراسةَ المرض، وشقَّ على نحوله وخوار قواه ليأتي إليكَ يا قداسة البابا. حدسُه أخبره أن في لقائك بركةً لأنكَ الأبُ الذي تحبُّ مصرَ وتحبُّ المصريين. لأنك وطنيٌّ، يا قداسة البابا، فأنت تعرفُ قيمةَ وطنيٍّ بحجم سمير الإسكندراني، الذي لقّن الموسادَ الإسرائيلي درسًا قاسيًا في إشراقة شبابه، فمنحه الزعيمُ جمال عبد الناصر لقب “ثعلب المخابرات المصرية”. الفنّانُ المصريّ العالميّ ابن الغورية الذي صدحَ صوتُه بقلوب جنودنا في جميع معاركنا، وفي ثورات تحرّرنا من أعداء مصر وأعداء الحياة. الوطنيون يعرفون قيمة الوطنيين. والعظماءُ يعرفون قدرَ العظماء. قبل ثلاثة شهور، في اجتماع فريق عملي بالأب الروحي للصالون، سمير الإسكندراني، كنّا نفكّر في (صالون يونيو). قررنا أن يكون موضوع ذلك الشهر هو: (قيمة الوطن). لأن يونيو، يبدأ بحدث تاريخي عظيم، وينتهي بحدث تاريخي عظيم. في غُرّته، دخلت العائلةُ المقدسة أرضَ مصرَ، فباركت كلَّ بقعة فيها. وفي نهايته أشعل المصريون ثورتهم الشريفة، ليطّهروا أرضَ مصر من دنس الإخوان. قبل ألفي عام، دخلت العذراءُ البتولُ أرضنَا الطيبة حاملةً فوق ذراعها طفلَها القدسيَّ، كلمةَ الله، الذي سيغدو مع الأيام رسول السلام يجول يصنع خيرًا. وقبل سنواتٍ ستٍّ، انتشر جيشُنا العظيمُ ليحمي ظهرَ المصريين في ثورتهم ضدَّ لصوص الأوطان. اتفقنا على "الوطن"، وتبقّى أن نختار ضيفَ شرف بحجم "الوطن”. تلاقت عيناي مع عيني سمير الاسكندراني، وابتسمنا. كأنما يقرأ أفكاري، وأقرأ أفكاره. هتفنا في صوت واحد: “قداسة البابا تواضروس"! هو الذي قال: “وطنٌ بلا كنائسَ، خيرٌ من كنائسَ بلا وطن.” هو الذي قابل رؤوساء العالم وكبار الرموز، رافعًا اسم مصر في أعلى العلا. (مصرُ تحمي أبناءها الأقباطَ، فاستريحوا. وتوقّفوا عن دسّ أنوفكم في شؤون بلادنا.) حكمتُه ووطنيته جنَّبت مصرَ عقوباتٍ دوليةً، ومنعت تدخّل الغرب في شؤون بلادنا؛ لئلا يضيعُ الوطنُ، مثلما ضاعت أوطانٌ من حولنا. وفي مصر، علّم أبناءه الأقباط المسيحيين، كيف يُحبّون أشقاءهم الأقباطَ المسلمين، وكيف يُحوّلون المحنَ الطائفية التي يصنعها أعداءُ الوطن، إلى فرصة لتضامّ الأشقاء المصريين معًا، مسلمين ومسيحيين ضد عدوّ واحد هو الإرهاب. الكنائسُ بيوتُ الله تحميها المساجدُ. ورنيُن الجرس يتناغمُ مع صوت المؤذن في أنشودة إيمانية تصعدُ إلى الإله الواحد، لكي يباركَ هذا البلد الأمين، الذي أمَّنَه قرآنُنا: (ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين)، وباركه إنجيلُنا: (مباركٌ شعبي مصر.) "سمير الإسكندراني"، أيقونةُ هذا الوطن، (يا غصنَ نقا مكلّلاً بالذهب/ أفديكَ من الرَّدى بأمّي وأبي)، حمدلله على السلامة يا حبيبي وحبيب مصر. كلّ الشكر للدكتور "محمود المتيني"، عميد كلية الطب جامعة عين شمس، الذي أمر بعلاج الفنان الكبير فورًا، دون بيروقراطية الإجراءات، فأنقذه من تفاقم المرض. وكل الشكر للصديق لواء طيار/ "قدري الزهيري"، الذي أوصل "سمير الإسكندراني" للدكتور المتيني. وشكرًا لنقابة المهن الموسيقية التي ستُكملُ المشوار. وطوبى لمصرَ التي لا تنسى فرسانَها. و“الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.” ***
#فاطمةـناعوت #مصر
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيادة الرئيس … انقذْ لنا مجمعَ مسارح العتبة!
-
إمام مسجد … يدعو لنُصرة الأقباط
-
موعدنا 30 يونيو!
-
ماذا تنتظر؟
-
الوطنُ …. عند السلف الصالح
-
برقياتُ محبة للبابا تواضروس … من المسلمين
-
لماذا مصرُ استثنائيةٌ؟
-
مرسي ... جاوز الإخوان المدى
-
طاووسُ الشرقِ الساحر
-
لا شماتة في موت مرسي … ولكن...
-
حول قِبطية چورج سيدهم!
-
محاولةٌ أخرى للتنفّس
-
عيد ميلاد جورج سيدهم
-
سهير، آنجيل … ماتَ معهما … كلُّ شيء!
-
1 يونيو … عيدًا مصريًّا
-
محمد عبده يُشرقُ في سماء الأوبرا القاهرية
-
كتابٌ … يبحثُ عن مؤلف!
-
أنا أفريقية وأفتخر!
-
أطفالُ السجينات ... فوق كفِّ السيدة الجميلة
-
محمد ممدوح … صمتُه كلامٌ!
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|