أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم ناصر - هذا هو زمن الجهل العربي المقدّس، زمن التديّن بلا ثقافة















المزيد.....

هذا هو زمن الجهل العربي المقدّس، زمن التديّن بلا ثقافة


كاظم ناصر
(Kazem Naser)


الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التداخل بين أديان عالمنا المعاصر أصبح حقيقة عالميّة لا يمكن إنكارها؛ ولهذا لا يوجد دين واحد يمثّل أغلبيّة سكان كرتنا الأرضيّة، ولا يستطيع أتباع أي دين بما في ذلك الأديان الكبرى، المسيحية والإسلام والهندوسية، أن يعزلوا أنفسهم عن بقية شعوب هذا العالم الذي أصبح شديد التعقيد والتداخل العلمي والثقافي والاقتصادي والديموغرافي؛ فأتباع الأديان السماويّة اليهودية والمسيحية والإسلام يشكّلون 55% من سكان العالم، والذين يؤمنون بفلسفات دينية كالهندوسية والبوذية وغيرهما، أو لا يؤمنون بأيّ دين يشكّلون معا 45%؛ وثلث المسيحيين يعيشون في أوروبا، وثلث آخر في إفريقيا، والثلث الآخر في آسيا، وثلث المسلمين يعيشون في شتى بقاع العالم كأقليات في دول غير إسلامية، والهندوس يعيشون في الهند ودول آسيوية أخرى وكأقليات صغيرة في مناطق مختلفة من العالم.
وكلّ دين ينصّ على أنّه الدين الصحيح ولا يعترف بالآخر، أو يعترف بالآخر ويشكّك في صحته ومصداقيته؛ فاليهودية لا تعترف لا بالمسيحية ولا بالإسلام، والمسيحيّة تؤمن بأن جميع الأديان الأخرى غير صحيحة أو خاطئة False Religions، وأن المسيح عليه السلام صلب فداء للبشريّة جمعاء وهو المخلّص لنا من سيئاتنا وشرورنا، وإن الإيمان به وبالديانة المسيحية هو الطريق الوحيد لتجنّب عذاب النار والعيش حياة أبديّة في الجنة؛ والقرآن الكريم يقول " إن الدين عند الله الإسلام" " ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين "، وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وأرسله الله لهداية البشرية جمعاء، والهندوسية تؤمن بتعدد الآلهة وتناسخ الأرواح، وبعض الأديان لا تؤمن بالبعث أو بحياة أخرى بعد حياتنا هذه، والملحدون واللاأدريون لا يؤمنون بهذا كله.
الأديان تتداخل في قيمها ونصوصها وما تدعوا الناس إلى اتباعه، والله سبحانه وتعالى يريد لمخلوقاته من أبناء آدم وحواء الخير والازدهار والوئام والتعايش البينيّ بتعاون واحترام وسلام. هذا ما تنصّ عليه الكتب المقدّسة، وبشرّ به ودعا إلى ممارسته الرسل والأنبياء والفلاسفة وروّاد الإصلاح الإجتماعي؛ ولهذا فإن التعصّب الديني سواء كان إسلاميّا، او مسيحيّا، أو يهوديّا، أو هندوسيّا، أو بوذيا إلخ، يتعارض مع إرادة الله ومع متطلبات حياة وسعادة الإنسان.
ولهذا فإننا نحن أبناء " آدم وحواء " الذين نعيش في هذا العالم الأرضي الحديث المتناقض في فهمه للدين والتديّن، وفي تضارب مصالحه وأهدافه نحتاج إلى فهم ديني تسامحي مستنير يرفض القوقعة والجمود، ويبارك إعمال العقل والمنطق في التعامل مع قضايانا، ويحترم اختلافاتنا العقائدية الايمانيّة والفلسفيّة والثقافية، ويؤمن بالعيش المشترك بين أتباع الأديان المختلفة، ويرفض التعصب وتكفير وإقصاء الآخر.
العالم العربي يعاني من التديّن الانغلاقي المصلحي النفاقي القائم على المظاهر، وعلى مجاراة الاستبداد بالإذعان للحاكم الفاسد الظالم وتحريم الخروج على طاعته، ويسمّيه البعض " بالصحوة الدينية " وهو من الصحوة والدين براء؛ الصحوة الحقيقية تعمل على تثقيف المواطنين وتعريفهم بحقوقهم، وتطالب بالعدل والمساواة بينهم، وتتصدى للظلم والظالمين، وتشجع العلم والابداع والتجديد الفكري والتفاعل مع شعوب العالم. هذه الموجة الدينيّة التي ارتدت عباءة الإسلام، وبدأت في السبعينيات من القرن الماضي كانت المولود الشرعي للحركة الوهابيّة السعوديّة المتزمّتة وبعض الأحزاب والحركات الدينيّة المستفيدة من الأنظمة التسلطيّة العربية والمتحالفة معها، والمعادية للتغيير الاجتماعي وللفكر القومي العربي والوحدة العربية، وكان وما زال لبعضها ارتباطات مشبوهة بأجندة أمريكيّة وصهيونيّة معادية للأمة العربية.
وعلى الرغم من ازدياد مظاهر الدين والتديّن الملاحظة في معظم أقطارنا، إلا ان الوطن العربي الآن أكثر تفكّكا وتمزّقا وتخلّفا حضاريا مما كان عليه، وإن نسب الانحطاط والفساد الرسمي والعام والجريمة بكل أنواعها ازدادت بشكل ملاحظ خلال العقود الخمسة الماضية من عمر " الصحوة الدينية"، والمرأة العربية ما زالت محرومة من حقوقها وتعاني من التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
والمضحك المبكي هو ان معظم الوعّاظ الرسميّين من موظفي وزارات الأوقاف والمساجد، أو المنتمين لأحزاب وحركات ومذاهب دينية والمتطوعين الذين نصّبوا أنفسهم " علماء وحماة للدين" ويعدّون بالملايين في دولنا العربية، لا يكفّون عن إعطاء المحاضرات والنصائح في الدين والأخلاق للعباد المساكين من أمثالنا، ويفعلون عكس ما يقولون ويدعون إليه، ويعانون من تصحر ثقافي علمي حداثي لا يؤهلهم " لهدي" وتثقيف المسلمين، ولا يمكّنهم من فهم ثقافات وأديان وقيم العالم الاجتماعية.
هذه الجماعات الدينية المتعصّبة المتطرّفة التي تقود ظاهرة التديّن الحاليّة تشوّه بأعمالها وأفكارها الإسلام، وتثير النعرات المذهبية والطائفية بين المسلمين، وبينهم وبين أتباع الأديان الأخرى، وتكّفر من لا يتفق معها في فهم الدين، وأبدعت في انتاج جهل علمي وثقافي مقدّس منشغل بتعميم كتب عذاب القبر والحسد والسحر، وبإصدار فتاوى شرب بول البعير، وزواج المسيار، وعلاج الأمراض الجسدية والنفسية بالشعوذة والنصب والاحتيال.
العالم العربي يمر في أصعب ظروف مرّ بها في تاريخه الحديث، وقادة وأنصار الجهل المقدّس لا يدركون أن القرن الحادي والعشرين هو قرن العلم والثقافة وتحطيم الحواجز الثقافية والمعلوماتية والجغرافية بين الشعوب، وإن الدول التي ترفض الإصلاح والتغيير والحداثة، وتقيّد العقل وتشجّع النقل، وتفشل في اشراك الشعب في الحكم واعطائه حريته لا تنتمي لهذا القرن، وسيفوتها قطار الحداثة، وستظل متخلفة وتعاني من فقر وجهل وانحطاط أخلاقي وانقسامات ونزاعات تبدأ ولا تنتهي كما يحدث الآن في وطننا العربي.
قادة ودعاة هذه " الصحوة الدينية " يركّزون على المظاهر والقشور ويتجاهلون حقائق الأمور، ويتمتعون بعقل جمعي ظلامي جعل من التخلف والجحيم نعيما مزيّفا ومن الجنّة والجمال جحيما حقيقيّا، وخلق حالة اجتماعية ودينية غير سويّة، فأصبحنا لا نستطيع أن نفرّق بين المتديّن المزيّف والمتديّن الحقيقي الطيّب الذي يخاف الله؛ فتراجعت قيمنا الطيّبة وأصبحنا لا نعرف من نحن ولا ماذا نريد.
لقد مللنا من المواعظ وتعبت عقولنا من فلسفة النقل والحفظ وشرح شرح الشرح المكرّرة! إننا نعرف ونحترم ونمارس ما أمرنا الله جل جلاله به، ولا نحتاج لمواعظهم ونصائحهم؛ ولهذا يجب علينا أن نتصدى لهم ولزمن الجهل المقدّس، زمن التدين بلا ثقافة الذي يحاولون فرضه علينا!



#كاظم_ناصر (هاشتاغ)       Kazem_Naser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - حميدتي - تاجر الجمال والأغنام وثورة السودان
- لأحمد الجار الله نقول ... الشعب الفلسطيني علمك الصحافة وفشل ...
- الشيخ البحريني المتصهين
- الدول العربية العميلة المشاركة - بورشة البحرين - فقدت الحياء ...
- ما الذي سيجنيه الحكّام العرب من تآمرهم مع أمريكا وإسرائيل عل ...
- الرئيس الراحل محمد مرسي وظلم دول الاستبداد والفساد العربيّة
- المرأة الجاهلة تنتج جيلا جاهلا معرقلا للحداثة والتطور
- فلسطين تباع علنا والفصائل منشغلة بخلافاتها وانقسامها وأكاذيب ...
- جوهر الأديان واحد، ولا تفرّق بين أبناء آدم وحواء!
- الأنظمة الإقليميّة العربيّة المتهاوية ومستوى وعي الشعب
- كيم جونغ أون .. الرجل الذي تحدّى عنجهيّة وجبروت أمريكا
- مجلس التعاون الخليجي .. 38 عاما من الفشل
- الأردن: أزمات سياسيّة واقتصاديّة وأخطار متزايدة
- مؤتمر البحرين للخداع الاقتصادي والسياسي وتمرير - صفقة القرن ...
- الهجمة الأمريكيّة الصهيونيّة الحاليّة للسيطرة على العالم الع ...
- انفجارات الفجيرة: دلالات وآفاق


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم ناصر - هذا هو زمن الجهل العربي المقدّس، زمن التديّن بلا ثقافة