أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد برازي - معامله المراه ككائن حي في الاسلام الجزء 3















المزيد.....

معامله المراه ككائن حي في الاسلام الجزء 3


محمد برازي
(Mohamed Brazi)


الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 02:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول القرآن: "وإن خفتم ألا تُقسِطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثُلاث ورُباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعولواذ (النساء 4: 3). إن تعدد الزوجات كان ظاهرة منتشرة في المجتمع الجاهلي أيام محمد مثله مثل الشعوب السامية آنذاك . وحصر محمد العدد بأربعٍ. وأما الإماء فسنعالجها في فصل مستقل. لقد فهم المفسرون القدامى الإذن الوارد في هذه الآية كأقصى ما يمكن تصوره في الزواج الشرعي: "ولا تنكحوا منهنّ إلا من واحدة إلى الأربع ولا تزيدوا على ذلك. وإن خفتم ألا تعدلوا أيضاً في الزيادة على الواحدة فلا تنكحوا إلا ما تخافون أن تجوروا فيهن من واحدة أو ما ملكت أيمانكم" . ويعود تعدد الزوجات إلى ذلك الصنف من الأحكام القرآنية التي لم تستطع إثبات وجودها في الشعوب الإسلامية. أغلب المسلمين متزوجون من زوجة واحدة. إنه ليست فقط العراقيل الاقتصادية التي تحول دون ذلك، بل لا ينبغي أن ننسى هنا الجانب الاجتماعي لهذه المشكلة. فزواج الرجل ثانيةً عار على عائلة زوجته الأولى. أضف إلى ذلك محاولات المسلمين المعتدلين تأويل هذه الآية بشكل يناسب متطلبات العصر. فقد ذهب قاسم أمين على سبيل المثال إلى أنه بوسع المسلم أن يستنتج من النساء 4: 3 تحريم تعدد الزوجات، لأن العدل الذي اشترطه القرآن لهذا الإذن لا يمكن تحقيقه . غير أن المسلم الملتزم، الذي يشعر نفسه مدعواً للدفاع عن كل ما ورد في كتابه الكريم وتبريره، يستشهد ب"القديم" و"الجديد" على الحكمة الإلهية الكامنة في تعدد الأزواج فيقول: إن تعدد الزوجات نظام قديم، ولكنه كان فوضى منظمة قبل الإسلام، وكان تابعاً للهوى والاستمتاع، فجعله الإسلام سبيلاً للحياة الفاضلة. والحقيقة التي ينبغي أن يعلمها كل إنسان إن إباحة تعدد الزوجات مفخرة من مفاخر الإسلام، لأنه استطاع أن يحل مشكلة عويصة من أعقد المشاكل تعانيها الأمم والمجتمعات اليوم فلا نجد لها حلاً إلا بالرجوع إلى حكم الإسلام وبالأخذ بنظام الإسلام" . إن الحجج والتبريرات التي يذكرها الكتاب المسلمون توحي بأن تعدد الزوجات لم ينص عليها إلا تكريماً للمرأة وإحساناً لها: "ماذا نصنع حين يختل التوازن ويصبح عدد النساء أضعاف عدد الرجال؟ أنحرم المرأة من نعمة الزوجية ونعمة الأمومة ونتركها تسلك طريق الفاحشة والرذيلة كما حصل في أوروبا من جراء تزايد عدد النساء بعد الحرب العالمية الأخيرة؟ أم نحل هذه المشكلة بطرق شريفة فاضلة نصون فيها كرامة المرأة، وطهارة الأسرة، وسلامة المجتمع؟ أيهما أكرم وأفضل لدى العقال أن ترتبط المرأة برباط مقدس تنضم فيه مع امرأة أخرى تحت حماية رجل بطريق شرعي شريف، أم نجعلها خدينة وعشيقة لذلك الرجل، وتكون العلاقة بينهما علاقة إثم وإجرام؟!" .

ويضيف سيد قطب في تفسيره: رفي حالة عقم الزوجة مع رغبة الزوج الفطرية، يكون أمامه طريقان لا ثالث لهما:

أن يطلقها ليبدل بها زوجة أخرى تلبي رغبة الإنسان الفطرية في النسل.

2- أو أن يتزوج بأخرى ويُبقي على عشرته مع الزوجة الأولى. وقد يهذر قوم من المتحذلقين، ومن المتحذلقات، بإيثار الطريق الأول. ولكن تسعاً وتسعين زوجة (على الأقل) من كل مائة ستتوجهن باللعنة إلى من يشير على الزوج بهذا الطريق: الطريق الذي يحطم عليهن بيوتهن بلا عوض منظور - فقلما تجد العقيم وقد تبين عقمها راغباً في الزواج - وكثيراً ما تجد الزوجة العاقر أمناً واسترواحاً في الأطفال الصغار، تجيء بهم الزوجة الأخرى من زوجها، فيملأون عليهم الدار حركة وبهجة، وأياً كان ابتئاسها لحرمانها الخاص" .

ليس من السهل أن يعتقد المرء وهو يقرأ هذا النوع من الدفاع عن تعدد الزوجات، والذي يشبه شيئاً من التهكم بأن المفكر سيد قطب لم يكن يعرف ما هو التبني (Adoption) أو أن يسأل نفسه ما الحيلة إذا كان الرجل نفسه يعاني العقم!! أو أين تبقى علاقة الود والمحبة التي تربط الزوجين بعضهما ببعض!! إن العلماء والمفكرين المسلمين المحدثين لا يقفون في الدفاع عن التعدد عند "النص" "والواقع" فحسب، بل هم يحرصون على تأييد وجهة نظرهم من خلال ما سمعوا أو قرأوا من أفكار الأوروبيين - فيخبرنا الصابوني مثلاً: لقد اختارت ألمانيا (المسيحية) التي يحرم دينها التعدد، فلم تجد خيرة لها إلا ما اختاره الإسلام، فأباحت تعدد الزوجات رغبة في حماية المرأة الألمانية من احتراف البغاء، وما يتولد عنه من أضرار فادحة وفي مقدمتها كثرة اللقطاء. وتنقلنا ما قالت "أستاذة ألمانية في الجامعة" (دون ذكر أي مصدر): "إن حل مشكلة المرأة الألمانية هو في إباحة الزوجات. إني أفضل أن أكون زوجة مع عشر نساء لرجل ناجح على أن أكون الزوجة الوحيدة لرجل فاشل تافه. إن هذا ليس رأيي وحدي بل هو رأي نساء كل ألمانيا".

يدَّعي الأستاذ الصابوني أن مؤتمر الشباب الألماني في (ميونخ) بألمانيا عام 1948 أوصى بإباحة تعدد الزوجات حلاً لمشكلة تكاثر النساء وقلة الرجال بعد الحرب العالمية الثانية . وهذا هو العقاد يستشهد تارة بالفلاسفة وتارة أخرى بمن اشتهروا بنزعتهم العنصرية من الكتاب الغربيين لكي يبصّر القارئ بعالمية التعدد فيقول: "ويرى وسترمارك أن مسألة تعدد الزواج لم يفرغ منها بعد تحريمه في القوانين الغربية، وقد يتجدد النظر في هذه المسألة كرَّة بعد أخرى، كلما تحرجت أحوال المجتمع الحديث، فيما يتعلق بمشكلات الأسرة، فتساءل في كتابه المتقدم ذكره: "هل يكون الاكتفاء بالزوجة الواحدة ختام النظم ونظام المستقبل الوحيد في الأزمنة المقبلة؟ذ ثم أجاب قائلاً: "إنه سؤال أجيب على آراء مختلفة، إذ يرى سبنسر أن نظام الزوجة الواحدة هو ختام الأنظمة الزوجية، وأن كل تغيير في هذه الأنظمة لا بد أن يتأدى إلى هذه النهاية، وعلى نقيض ذلك يرى الدكتور ليبون Le Bon أن القوانين الأوروبية سوف تجيز التعدد، ويذهب الأستاذ أهرنفيل Ehernfels إلى حد القول بأن التعدد ضروري للمحافظة على بقاء "السلالة الآرية" ثم يعقب وسترمارك بترجيح الاتجاه إلى توحيد الزوجة إذا سارت الأمور على النحو الذي أدى إلى تقريره" . يمكن أن نلخص أهم الحجج المذكورة في مؤلفات الكتّاب المسلمين اليوم دفاعاً عن تعدد الزوجات وتبريراً لوجوده في أربع نقاط:

1- يدّعون أن عدد النساء في العالم يفوق عدد الرجال، حيث تجاوز نسبة أربع إلى واحد . فإن تعدد الزوجات أحسن حل لهذه المشكلة.

2- يحتجون بأن فترة الإخصاب في الرجل تمتد إلى سن السبعين أو ما فوقها. بينما هي تقف في المرأة عند سن الخمسين أو حواليها، فلا بد من التعدد، لأن عمران الدنيا بالتكاثر والانتشار .

3- يتحدثون عن حالات واقعية مثل رغبة الزوج في إرواء الوظيفة الفطرية (أي العلاقة الجنسية) مع رغبة الزوجة عنها لعائق من السن أو من المرض. فالتعدد هو الحل الوحيد لهذه المشكلة .

ويضاف إلى تلك الحالات الخاصة التي تبيح تعدد الزوجات حيض المرأة إذا طال، ولا يسع الرجل أن يجامعها، أو اشتياق الرجل البالغ إلى "النكاح" والذي لا يمكن شفاؤه بامرأة واحدة، فيحتاج إلى أكثر من زوجة لإراحة النفس . إن الإسلام قد أباح لمثل هؤلاء الرجال تحقيق أمنيتهم في إطار شرعي لكيلا يكلمهم تضليل الشيطان . أما محمد رشيد رضا فلا يذكر حالات خاصة، بل ينطلق من كيان أو طبيعة الرجل التي تجعله من المستحيل أن يكتفي بامرأة واحدة .

4- ورابعاً مشكلة العقم. والذي يقرأ ما يقول به الكتّاب والعلماء المسلمون في العصر الحديث وهم يأتون بمشكلة العقم عند المرأة ويشرحونها نصراً لدعواهم بأن للتعدد حكماً لا يسبر غورها، يلاحظ أن العقم أقوى حجة لديهم. ولا نستغرب ذلك، إذ الولد أو دوام النسل هو سبب وجود النكاح الذي يعني الوطء، ويستعمل بمعنى الزواج مجازاً كما رأينا في الأبواب السابقة. وإذا درسنا سيرة رسول الله، نرى أن المسلم ليس بحاجة إلى الاستشهاد بالمشاكل الاجتماعية أو بالحالات الخاصة أو بما أقره "مؤتمر ميونخ" وما قالته أستاذة ألمانية لتبرير تعدد الزوجات، فإن محمداً الذي يقول عنه القرآن: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" (الأحزاب 33: 12) خير مثال على أن تعدد الزوجات سنة مؤكدة وليس فقط مباحاً. إذ "قال رسول الله: ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا" . والسنة كما هو المعروف هي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية "ومن جهل بها فليس له مرشد في غياهب الشك". ويروى عن هذا المرشد قوله: "فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً" .

لقد حاول المسلمون المعتدلون الذين لاحظوا ما للشريعة من عيوب ونقائص إصلاح النظام الديني وتوفيقه مع متطلبات القرن العشرين. وكانت المحاولة الأولى من هذا القبيل ما قام به المصلح والمفكر الكبير جمال الدين الأفغاني (1837-1937) ونصح عدم تطبيق هذه الآية لاستحالة "العدل" إذا كان للرجل أكثر من امرأة.

بدأت مناقشة ظاهرة تعدد الزوجات منذ بداية القرن العشرين في الأوساط المتحررة، وما تزال تثور حولها موجة سخط وغضب. لقد عالج الكتّاب العرب هذا الموضوع في مؤلفاتهم التي لا تقل عن الدراسات الاجتماعية الأوروبية صرامة في الانتقاد للمجتمع، أمثال الكاتبة المصرية نوال السعداوي والأستاذة المغربية فاطمة المرنيسي.

وما يتصل بالوضع القانوني لتعدد الزوجات في العالم الإسلامي فإنه يقع تحت معاقبة القانون في تركيا وتونس. وصدر في مصر سنة 9791 قانون جاء بقيود إضافية للتعدد تمهيداً لإلغائه نهائياً، وذلك بإيحاء من زوجة الرئيس الراحل أنور السادات. وقد سمّاه الأصوليون المسلمون "قانون جيهان السادات" وقد نص هذا القانون على أن للمرأة أن تطلب الطلاق فوراً وتحتفظ بالمسكن إذا تزوج زوجها امرأة ثانية في حالة حملها . وهناك من يرى تفسير آية التعدد تفسيراً عصرياً خروجاً على الله .
نكاح المتعة

يختلف نكاح المتعة عن الزواج العادي، في أن من يتزوج زواج متعة لا يُقدم على حياة زوجية ولا دوام النسل، بل الغرض الوحيد من ورائه تحصيل رالمتعةذ في إطار رشرعيذ. أما العاقد فيكون في الغالب من بقي مدة طويلة خارج بلده لسبب من الأسباب، فيتزوج امرأة بشكل مؤقت. وتُحدد مدة الزواج في العقد الذي يُفسخ بترحال العاقد.

وتدلنا الأحاديث الواردة بشأن نكاح المتعة على أن محمداً أباحه لأصحابه لا سيما أثناء الغزوات. غير أننا نرى عمر بن الخطاب من أشد المعارضين للمتعة حيث قال: رإن رسول الله أذن لنا المتعة ثلاثاً ثم حرمها. والله! لا أعلم أحداً يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة. إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله أحلها بعد أن حرمها. وفي رواية نقرأ أن محمداً حرمها. غير أنها موضع خلاف بين الفقهاء، إذ رُوي عن عمران قوله: "تمتعنا على عهد رسول الله فنزل القرآن. قال رجل برأيه ما شاء".

وبغض النظر عن الخلافات في تفاصيل "المتعة" عند المذاهب السنية بإمكاننا القول أنها تساوي الزنا، بينما جعلتها الشيعة صنفاً من أصناف الزواج الشرعي. ولكن هذا لا يعني أن لا يوجد في الفقه السني ما له طابع المتعة، وإن لم يسموها "متعة". فقد يحدث مثلاً أن يتفق الرجل مع المرأة بصورة إضافية إلى عقد النكاح، ويلزمان أنفسهما بالطلاق عند انتهاء المدة التي اتفقا عليها.

وبما أن المذاهب السنية أجمعت على نسخ المتعة وتحريمها بناء على أحاديث مروية عن محمد. نريد معالجة الموضوع في الفقه الشيعي. إن مشروعية نكاح المتعة في (رأي الشيعة) ثابتة في القرآن والسنة، وما رُوي عن أئمتهم المعصومين. أما دليلهم القرآني فهو: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأُحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة ولا جُناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، إن الله كان عليماً حكيماً. ومن لم يستطع منكم طَوْلاً أن ينكح المحصَنات المؤمنات، فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض، فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصَنات غير مسافحات ولا متخذاتِ أخدانٍ. فإذا أُحصنَّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب، ذلك لمن خشي العنتَ منكم، وأن تصبروا خير لكم، والله غفور رحيم" (النساء، 4: 42 و52).

ورُوي عن أبي عبد الله (جعفر الصادق، الإمام السادس للشيعة الاثني عشرية) قوله عن نكاح المتعة: "أحلها الله في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي حلال إلى يوم القيامة". فقال أبو حنيفة ذات يوم: ريا أبا جعفر، مثلك يقول هذا وقد حرمها عمر ونهى عنها؟ذ! فقال: "وإن كان فعل". قال: "إني أعيذك بالله من ذلك أن تحل شيئاً حرمه عمر". قال: فقال له: "فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول الله (ص)، فهلم ألاعنك أن القول ما قال رسول الله (ص)، وأن الباطل ما قال صاحبك". قال: فأقبل عبد الله بن عمير فقال: "يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن". قال: فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءه وبنات عمه.

وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: "سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة، فقال: أي المتعتين تسأل؟ قال: سألتك عن متعة الحج، فأنبئني عن متعة النساء أحَقٌّ هي؟ فقال: سبحان الله، أما قرأت كتاب الله عزّ وجلّ؟ "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" فقال أبو حنيفة: والله فكأنها آية لم أقرأها قطٌ.

وفي رواية مرفوعة من علي أن أبا حنيفة قال لأبي جعفر محمد بن النعمان صاحب الطاق: يا أبا جعفر ما تقول في المتعة، أتزعم أنها حلال؟ قال: نعم. قال: فما يمنعك أنه تأمر نساءك أن يستمتعن ويكتسبن عليك؟ فقال له أبو جعفر: ليس كل الصناعات يُرغب فيها وإن كانت حلالاً، وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم. ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ، أتزعم أنه حلال؟ فقال: نعم. قال: فما يمنع أن تقعد نساؤك في الحوانيت نابّذات فيكتسبن عليك؟ فقال أبو حنيفة: واحدة بواحدة، وسهمك أنفذ. ثم قال له: يا أبا جعفر، إن الآية التي في "سأل سائل" تنطق بتحريم المتعة، والرواية عن النبي (ص) قد جاءت بنسخها. فقال له أبو جعفر: يا أبا حنيفة، إن سورة "سأل سائل" مكية، وآية المتعة مدنية، وروايتك شاذة ردية. فقال له أبو حنيفة: وآية الميراث أيضاً تنطق بنسخ المتعة، فقال أبو جعفر: قد ثبت النكاح بغير ميراث، قال أبو حنيفة: من أين قلت ذاك؟ فقال أبو جعفر: لو أن رجلاً من المسلمين تزوج امرأة من أهل الكتاب ثم توفي عنها ما تقول فيها؟ قال. لا ترث منه، قال: فقد ثبت النكاح بغير ميراث، ثم افترقا.

وحجة المذاهب السنية في نسخ "المتعة" (بجانب الأحاديث التي تطرقنا إليها) الآية: رقد أفلح المؤمنون .. الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين" (المؤمنون 32: 5) غير أن الشيعة تزعم أن هذه الآية مكية ونزلت قبل إباحة المتعة. ويبدو أن التفسير الشيعي ينسجم مع الواقع التاريخي أكثر، لأن لنا شواهد عديدة في مجموعات الأحاديث (المعتبرة لدى السنة) لم يبح فيها محمد نكاح المتعة فقط، بل أمر به أصحابه. وفي رواية عن جابر بن عبد الله أن المتعة تكون للأبد. يخبرنا ما ورد في مسند أحمد بن حنبل: "أنزل الله من الرخصة بالتمتع، وسنّ رسول الله فيه". يتضح لنا من الأخبار أن أصحاب محمد عانوا صعوبة بالغة في فهم هذه الرخصة وتوفيقها مع مبادئ الأخلاق السائدة حينذاك، كما نعرف ذلك من قول عمر.

والظاهر في الروايات الشيعية أن ليس هناك تحديد عددي لمن يريد "متعة النساء". رعن أبي عبد الله قال: ذكر له المتعة أهي من الأربع؟ فقال: تزوج منهن ألفاً فإنهن مستأجرات". وأما تعليل نكاح المتعة عند الشيعة فمن الغرابة بمكان. إذ يقولون إنه أُبيح للرجل لكي يحافظ على عفافه إن كان أعزب: "عن الفتح بن يزيد قال: سألت أبا الحسن عن المتعة فقال: هي حلال مباح مطلق لمن يغنيه الله بالتزويج (أما) من لم يغنه (الله) بالتزويج فليستعفف بالمتعة، فإن استغنى عنها بالتزويج فهي مباح له إذا غاب عنها". والإشارة هنا بالاستعفاف إلى الآية 6 في سورة النساء، غير أنها لا تتصل بموضوع المتعة كما تعترف به أشهر وأقدم التفاسير الشيعية. ومن الغريب أيضاً أن نقرأ بأنه لا يجوز متعة كل النساء، إذ هناك شروط وأوصاف للمرأة يجب توفرها. فالشرط الأول أن تكون المرأة مؤمنة وعفيفة رعن أبي جعفر أنه سُئل عن المتعة فقال: إن المتعة اليوم ليس كما كانت قبل اليوم إنهن يومئذ يؤمنَّ واليوم لا يؤمنَّ فاسئلوهن. عن أبي سارة قال: سألت أبا عبد الله عنها - يعني المتعة - فقال لي: حلال، فلا تتزوج إلا عفيفة، إن الله عز وجل يقول: "والذين لفروجهم حافظون" (المؤمنون 32: 5). فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك. ومن أراد أن يتزوج امرأة زواج المتعة ولا يعرف أهي عفيفة أم لا، فعليه "أن يتعرض لها، فإن أجابته إلى الفجور فليست عفيفة". وعن محمد بن أبي الفضيل قال: سألت أبا الحسن عن المرأة الحسناء الفاجرة، هل يجوز للرجل أن يتمتع منها يوماً أو أكثر؟ فقال: "إذا كانت مشهورة بالزنا فلا يتمتع منها ولا ينكحها".

وأما شروط المتعة فهي اثنان. أجل مسمى وأجر مسمى. عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ قال: تقول أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه (ص)، لا وارثة ولا موروثة، كذا وكذا يوماً. وإن شئت كذا وكذا سنة، بكذا وكذا درهماً. وتسمّي من الأجر ما تراضيتما عليه، قليلاً كان أم كثيراً. فإذا قالت: نعم فقد رضيت، فهي إمرأتك وأنت أولى الناس بها. قلت: فإني أستحي أن أذكر شرط الأيام. قال: هو أضر عليك. قلت: وكيف؟ قال: إنك إن لم تشترط كان تزويج مقام ولزمتك النفقة في العدة، وكانت وارثة ولم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة.

يقول الفقهاء بعدم جواز "التمتع" من النصرانية واليهودية، عن الحسن التفليس قال: "سألت الرضا، أيتمتع من اليهودية والنصرانية؟ فقال: التمتع من الحرة المؤمنة أحب إليَّ، وهي أعظم حرمة منهما".



#محمد_برازي (هاشتاغ)       Mohamed_Brazi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معامله المراه ككائن حي في الاسلام الجزء 2
- الحياة الروحية
- الاهتداء و العبور
- ها أنا أصنع كل شيء جديداً
- معامله المراه ككائن حي في الاسلام
- التوبة
- معتقدات الصابئة بالعواقب والكواكب
- كيف ينتقل الانسان من العيش في الجسد الى العيش الروحي
- معنى الصابئة مع بعض مترادفاتها
- المعمودية والولادة الروحية
- الكنسيه
- رساله الى المسيحين اليوم
- ما هي الصابئة أو المندائية
- الخطيئة المُتعمَّدة
- الصراع الروحي في الانسان
- الشيعه المندائيَّة أو المندعيَّة
- الرهبان و المصليانيّة أو جماعة المصلّين
- ظهور التعفُّفيَّة أو حركة المتعفِّفين في المسيحيه
- العالم الغنوصي و الفكر الديني وتطوّراته
- سبب الخلاف في الطبيعتين بين الارذوكس و باقي المسيحيين


المزيد.....




- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...
- قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي ...
- قائد الثورة الاسلامية: ينبغي صدور أحكام الاعدام ضد قيادات ال ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد برازي - معامله المراه ككائن حي في الاسلام الجزء 3