|
الوجه الآخر للخلافة الاسلامية..أراجوزات الحكم
عماد فواز
الحوار المتمدن-العدد: 1549 - 2006 / 5 / 13 - 10:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
َعلَق عادة بأذهاننا تلك الدمية التي تسمى "الأراجوز" وهو يؤدي دوره البطولي في التمثيلية على رأس مسرح صغير ستارته تمتد إلى أسفل تخفي وراءها المحرك لذلك الأراجوز ، وهو غالبا صاحب السيناريو وله اليد الخفية المتمكنة في استخدام الدمى لإيهام جمهور المسرح بوجود حي لها .. وصفحات تاريخ البشرية مليئة بالأراجوزات ، وسنسبح معا إلى إحدى العصور كان فيها خليفة المسلمين مجرد أراجوز .. سنستقل معا "كبسولة الزمن" ونسافر بها إلى الوراء ، ولا تقلقوا فالسفر فيها مريح .. أنظروا ، ها قد وصلنا .. نحن الآن في عام 937م ، وها هو الخليفة "الراضي بالله" يتماطأ على عرش الخلافة العباسية .. حمدا لله أنه لا يرانا وإلا كان ذبحنا بلا محاكمة .. يا للثراء الفاحش الذي يتمرغ فيه هذا الخليفة ! .. أراهن أنه لا يستطيع رفع قبضته بما فيها من خواتم أو رفع رأسه بما عليها من جواهر ! .. يجلس إلى يساره صف من الوزراء قد دفعوا الكثير ليصلوا إلى درجة وزير ، وعليهم الدور الآن لينهبوا من أموال الخلافة والمسلمين وإن أدى هذا إلى إهمال شئون الدولة .. بينما ذلك الرجل الذي يجلس عن مقربة من الخليفة هو الأمير "ابن رائق" ، أمير واسط والبصرة والآن هو أمير الأمراء وبيده الكثير من مقاليد السلطة ومن بين سلطاته تولية الولاة وعزلهم .. الوضع لا يريحني فأنا أشتم رائحة صراع دامي على منصب إمرة الأمراء وهو يستحق الصراع بما له من سلطان وحكم .. سنجتاز بضع سنين إلى الأمام .. سبحان مغير الوجوه ! .. راح "الراضي بالله" وجاء "المستكفي" .. إنه منزعج وفي قلق شديد بعد أن أهانه الأمير "معز الدين" البويهي ، أمير دولة "بني بويه" أقوى دول الإمارات بفارس .. يا للخليفة المسكين ! .. لم يكد يهنأ بنعيم الخلافة حتى خلعه الأمير "معز الدين" وقبض عليه وأجلس بدلا منه "المطيع بالله" ، وهو في قمة الطاعة للبويهيين وقد عرف نصيبه من الخلافة "ألف درهم في اليوم" .. لا هذا كثير عليه .. يكفيه إذاً بعض الإقطاعيات اليسيرة ليعيش منها ، وهذا الكاتب الذي يجلس معه مشرف عليه .. أيها "المطيع" أنت الخليفة العباسي لكن بالاسم فقط ، فمازال الناس يعتقدون أن الخليفة العباسي هو حقا ظل الله على الأرض وإمام الحق كما أُفتي في عهد "أبو جعفر المنصور" ، لذلك ترك "البويهيون" اسم الخليفة يذكر في الخطبة وينقش على السَكّة بل جعلوه على رأس الجمع في الحفلات وكانوا يضعون بين يديه مصحف عثمان إظهارا لسلطته الدينية ، ويلبسونه بردة الرسول ويخاطبونه باحترام في الحفلات بلقب أمير المؤمنين ، وكان لدى البويهيين القدرة على عزل الخليفة في أي وقت وتولية غيره من أبنائه لذلك كان يلزم الخليفة الأدب معهم .. أشعر بسبب ما رأيته بالغثيان فدعونا نخطو السنين بحوالي 113 سنة وهي فترة سلطة "البويهيين" الشيعيين واستبدادهم بالخلافة الإسلامية .. هذا هو الخليفة "القائم بالله" يجلس في نشوة الانتصار ظنا منه بأنه قد أنقذ الخلافة العباسية من شر "البساسيري" البويهي الذي كان يدعو نحوا من سنة على منابر بغداد للخليفة "المستنصر بالله" الفاطمي الشيعي ، فاستنجد الخليفة "القائم" "بضغرل بك السلجوقي" فزحف على بغداد وانتصر على "البساسيري" وقتله وأنهى صفحة "البويهيين" بالعراق ، وأصبحت الخلافة الفعلية في يد "السلاجقة" السُنيين وهم عند حسن ظن الخليفة بما يقدمون له من هدايا نفيسة ، وبرغم أن أمراءهم قد حلوا محل الأمراء "البويهيين" وأن السلطة كاملة من نصيب "السلاجقة" إلا أن المودة قامت بينهم وبين الخليفة الذي حدد شغله الشاغل في ترميم قصوره . بعد نحو ستة وثلاثين عاما نجد "سنجر السلجوقي" في صراعاته مع إخوته على السلطان والممالك وقد زادت انقساماتهم واشتدت حروبهم مع بعضهم البعض ، سنعبر من بداية هذا الصراع سبعا وستين سنة فاعلين مثلما فعل الخلفاء فلا دخل لنا بصراعهم وحروبهم ولا بنشر الفزع في البلاد ولن نبالي مثلهم حتى بغزو الصليبيين للبلاد الإسلامية في الشام .. ها هو الخليفة "الناصر بالله" الرابع والثلاثون من الخلفاء العباسيين يجلس في حيرة وخوف ، وأمامه رسوله في يده رسالة خطيرة أملاها على الكاتب بنفسه إلى إمبراطور المغول "جنكيز خان" ، والخليفة يتذكر وسط حيرته نجاح "الخوارزميين" في سداد ضربات قوية متوالية على رأس الدولة "السلجوقية" بعد دعوة منه لتحرير الخلافة والخلفاء ، والآن يوشك "الخوارزميون" أن يحلوا محل "السلاجقة" ببغداد لذلك كتب "الناصر بالله" رسالة إلى "جنكيز خان" يدعوه فيها إلى تحرير الخلافة العباسية والخلفاء العباسيين من "الخوارزمية" . لا تفعلها يا خليفة المسلمين ! .. لقد فعلها وبعث برسالته إلى المغول .. قبل أن تتساقط دموعي سنقلع من هنا إلى الأمام .. لا تتوقفي هنا يا كبسولة الزمن ! ، فالمغول يجتاح الآن الخلافة العباسية ويحرر رقاب المسلمين من أجسادهم ويلطخ بدماءهم الأرض العربية عبر بلادها .. لا أتحمل هذه المأساة فلنعد الآن إلى الحاضر وكفى بها رحلة شاقة . ويكفينا ما نراه في واقعنا !
#عماد_فواز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات ابن معتقل مصري
-
قراءة في دفتر وزارة الداخلية والمختلين عقليا!
-
أمن الدولة اعتقلت باحثاً رفض قتل المزيد
-
الموت يعشش داخل معتقل وادي النطرون :
-
قلب نظام الحكم
-
أمن الدولة تقتل المعتقلين بالأمراض داخل السجون !
-
عزرائيل الطريق الوحيد لتداول السلطة في تاريخ الوطن العربي
-
قراءة فى دفتر وزارة الداخلية ومختليها العقليين
-
كل شبر في أرض مصر صالح للزراعة .
-
قراءة في احتجاجات عمال مصر
-
التعذيب والموت والانتحار في سجون وادي النطرون
-
مؤامرات النظام المصري لتدمير المجالس القومية المتخصصة
المزيد.....
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|