|
مناقشة حول كتاب المناهج المدرسية بين استثمار الرأسمال البشري وهدره
نزهة الرملاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6283 - 2019 / 7 / 7 - 01:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نزهة الرملاوي: مناقشة حول كتاب المناهج المدرسية بين استثمار الرأسمال البشري وهدره للكاتب الصحفي مهند عبد الحميد.. الهدف من طرح الكتاب بندوة اليوم السابع حول تحسين المناهج وتحرّرها، والسؤال الذي طرح نفسه تلقائيا هو: أثناء طرح الكاتب لأفكاره وخلاصة نتائجه، لماذا تحوّل النقاش وبدأ يتمحور حول الدّين؟ لقد ابدع الكاتب مهند عبد الحليم حين طرح الفكرة.. فكرة التغيير والتّحرر من الكثير من القيود الطائفية والحزبيّة والدينية والتّعنت الفكري في المناهج الدراسية، واستثمار الطلاب (ثروتنا) في تعلّم الأفضل، ولكن ما الذي حول هذه الندوة إلى ما يشبه حوارا عقائديا؟ من وجهة نظري وقد كنت من الحاضرين والمتابعين لما يطرح من قبل الأستاذ الصّحفي ومن الذين ردّوا عليه.. قد لاحظت ما يلي: لقد أخفق الأستاذ مهند في طرحه لفكرة عدم تعلم الدين الإسلامي وإقصائه عن التعلّم في المدارس، وفي الوقت نفسه طالب بتعليم الدين المسيحي واليهودي بما اننا نعيش في مجتمع متعدّد الأديان.. وهنا كان الكاتب متناقضا.. فهل يُدرس الدّين الإسلامي في المدارس اليهودية مثلا..او في المدارس المسيحية الخاصة بالمسيحيين ولا يوجد بها طالب مسلم؟ مع أن المدارس بدأت تُدرّس التعاليم المسيحية، في الحين نفسه كان الطالب المسيحي لا يمتحن بمادة التربية الاسلامية، وذلك عدل. النقطة الثانية وكما ذكرت سابقا..ما هدف الكاتب من خلال توصياته الأخيرة والتي نادى من خلالها بعدم تدريس الدين وعدم خلطة باللغة العربية؟ ..كيف لا تختلط آيات القرآن الكريم، وتُبنى عليها القيم والدّروس والعبر كدلائل شرعية وبراهين قويّة على ما يكتب، ولغة القرآن هي اللغة العربية؟ وتعاليم ديننا الحنيف هي المرجع الأخلاقي والإنساني للمسلمين الذين يطبقونه.. فكان لا بد من دلائل دينية قوية لاثبات تلك التوجهات الأخلاقية والتعامل الإنساني مع الآخر. والأمر الآخر أن أسلوب الكاتب في عرض توصياته.. كان واضحا.. وكأنه يريد أن يوصل لنا وللقراء أن تعليم الدين الإسلامي في المناهج هو أساس تخلف هذه المناهج، وعدم مواكبتها للعصر وللعلوم وللأبحاث، كيف يكون ذلك؟؟ وأول آية نزلت في القرآن الكريم في سورة العلق ( إقرأ)؟ فكيف لك أن تُلغي من حثّنا وأمرنا بالقراءة والكتابة والتُدبر بآيات الله، والتّفكر بملكوته..والقرآن كان انطلاقا للعلماء والفلاسفة والمجتمعيّين والباحثين والمثقفين، ومن ثم رفع القرآن الذين أوتوا العلم درجات.. لماذا ؟ لأنهم لا يتساوون بالجهلاء الذين لا يقرؤون ولا بتدبّرون ولا يبحثون، لقد فتحت آيات القرآن آفاقا للعلوم والتكنولوجيا الحديثة ..ولا غرابة في ذلك.. فعندما بدأ علماء المسلمين الأوائل رحلة الحضارة..استنبطوا من القرآن منهجا توجيهيا مرشدا أوصلهم لنواة الأبحاث في الفضاء وعلى الأرض، وحسبوا أعمالهم خالصة لوجه الله وإسعاد البشرية، فكانت مخترعاتهم وعلومهم والحضارة العربية الإسلامية.. نواة الحضارة الغربية الحديثة التي كانت تحت الاستبداد والقهر الكنسي، حينما كانت تحارب الكنيسة العلماء والشعراء والفنانين، فطالب الأوروبييون بفصل الدين عن الدولة، وعلى العكس كان الدّين الإسلاميّ يقوّي من عزائم العلماء المسلمين، فيغدقهم الحكام بالجوائز والأموال والهبات..ليواصلوا المهام ويثبتوا إعجاز الله في الخلق البشري والتحرر الفكري من التبعيّات.. لذا انشأت هذه الاختراعات الرائدة التي بين ايدينا اليوم، التي تواكب احتياجات الإنسانية أو تدميرها في بعض الأحيان، وانظر الفرق بين من ينطلق من الفرض الديني للتعلم، وانت تعلم أن الدين الإسلامي جعل العلم فريضة على كل مسلم و (مسلمة) وقد وضعت كلمة المسلمة بين قوسين لأن الكاتب تعرض لقضايا المراة المسلمة وحقها في التعليم والميراث..من هنا أرفع صوتي عاليا..وأقول أن الاسلام رفع مستوى المرأة وكرّمها وساوى بينها وبين الرجل بثلاثة أمور.. العمل، والعبادة والعلم، وها هي تصل إلى أعلى المستويات السياسية والاقتصادية والفكرية..ولم يحد الدين من ذلك، ودراستها للتعاليم الدينية لم يحدّ من طموحها، بل بالعكس ازدادت ايمانا بعدالة الله واختيار العلم كفريضة عليها، لتكون أما لمستقبل مشرق واعد.. وبالنسبة لميراث المرأة الذي ذكره الكاتب ..فلقد حدّد القرآن نصيبها وفق عدد الورثة ونوعهم..لماذا؟ بما أن الدين كرم المرأة فقد جعل نفقتها ونفقة الأولاد والبيت على زوجها.. لذا كان له ضعف ما كان لأخته، حتى يلبّي احتياجاتهم الأسرية مما ورث...وليس إنفاق المرأة على بيتها واجب عليها..لذا يعتبر الإسلام نفقتها صدقات وحسنات تؤجر عليها، لذا استوصى الاسلام بالمرأة خيرا وكرمها..عكس الديانات الأخرى التي كانت تمتهنها وتحطّ من قدرها..أو كما كانت عليه حالها العصور السابقة كالعصر الجاهلي مثلا. وبما أني معلمة للتربية الدينية، لم ألحظ في المناهج ما يفرق بين المسلم وأخيه من أهل الذمة (المسيحيين واليهود) هم أهل الذمة، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، إلا إذا نقضوا العهود المتفق عليها..واعتبر الاسلام أن من ينكر الايمان بالرسل والكتب السّماوية الأخرى ..كافرا..فالايمان بكتب الله ورسله من أركان الايمان.. لذا أوصانا القرآن الكريم ونبينا بحفظ أماناتهم، ورد الظلم عنهم، ومشاركتهم بأفراحهم وأتراحهم، وهذا ما نراه ونعمل به في مجتمعنا الفلسطيني. أما بالنسبة للبس الحجاب الذي ذكره الكاتب..أريد أن أطرح سؤالا.. لماذ ينظر دائما إلى حجاب المرأة المسلمة وكأنّه غول .. جنّي أمام الناظرين..وينتقدوه.. في الوقت ذاته هو فعلا رمزا للعفة والطهر؟ كيف..؟ هل سألتم أنفسكم مرّة لماذا تدخل المرأة المسيحية إلى الكنيسة وهي تغطّي شعرها؟ ولماذا تلتزم الراهبات بالزيّ السّاتر لجسدها كله وتغطي شعرها؟ لماذا تلتزم المرأة اليهودية أيضا بالزيّ السّاتر لجسدها وتغطّي شعرها؟ وانظر إلى الهندية وغيرها كالمرأة في اوروبا فقد كانت تغطي شعرها..بشال وقبّعة..وووو وهنا أعيد السؤال، لماذا أقحم الكاتب زيّ المراة وميراثها وعملها في البيت بتغيير المناهج؟ الإسلام لا يجبر أحدا باعتناقه، وعندما فرضت الجزية كانت من أجل حماية المسيحيّين واليهود في ظلّ الدولة الاسلامية المقامة، والجزية عبارة عن جزء يسير من المال..انظروا إلى الجزية ( الضرائب) الباهظة التي ندفعا في ظلّ الحكومات..وفي ظلّ الاحتلال وخاصة في القدس..ندفع آلاف الشواقل لنبقى.. لم أقرأ في المنهاج أنه كان ضدّ المفكّرين.. وعلى العكس أنا أرى..أن المنهاج ينادي بالعدالة والمساواة وتكريم المرأة ..والحث على طلب العلوم والاهتمام بالتجريب والاثبات والبراهين من خلال آيات القرآن الكريم وكما فسرها المفكرون الإسلامييون باعتدال، دون تزمّت.. ومن خلال الآيات العلمية التي تثبت ذلك.. الحديث يطول..والأسئلة تتكاثر: استاذ مهند..كيف تريد من واضعي المناهج الابتعاد عن تدريس المادة الدينية وتعتبر التمسك بتدريسها وإقحام الآيات والأحاديث الشريفة مع اللغة العربية سببا في تدني مستوى القراءة وعدم تمكن الطلاب منها؟ ..كيف تقترح ذلك من خلال سبع وصايا توصيها، وقراءة القرآن تحسن لفظ الكلمات، وتثبّت مخارج الحروف، وتشفي من التأتأة وغيرها من صعوبات التعلّم والقراءة، ورسم الحرف وقراءته يعلّم الكتابة ويُحسّن الأداء ( علّم الإنسان ما لا يعلم)..(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) أضف إلى ذلك أن الإسلام جعل العلماء ورثة للأنبياء، وذلك يدل على مكانتهم الرفيعة عند الله. اعرف أني أطلت بحديثي هذا ..وأدرك جيّدا أنّي وجّهت حديثي لكل الفئات الدينية والسياسية والحزبية..واعترف اني لا أنتمي لأيّ حزب أو طائفة..إلا أنني كتبت ما يشبه الرد على توصيات كتبها الصّحفي الأستاذ مهند عبد الحميد، على كلّ حال.. يجب على المثقف من وجهة نظري المتواضعة، أن يكون موضوعيّا وحياديّا في نقده..يذكر الحسنات، ويُذكّر بالمساوئ مع إيجاد حلول مقنعة لها، ولا بهمّش أو يُلغي المُعتنق الدّيني للآخر أثناء طرحه للموضوعات، وأن يدرس بعمق نواتج آرائه وخلاصة أبحاثه.. وذلك لا يعني أني لا أؤيّد تغيير المناهج أو تحرّرها، بالعكس تماما، لقد احترمت فكرة التغيير للأفضل، لا للأسوأ.. ونحن نعلم أن الاحتلال يعمل على يهودية الدولة..وها نحن نرى البعض ينادي بفصل الدين عن المعاملات والمبادئ والأخلاق والإنسانية الإسلامية..كيف؟..والدّين نواة التعامل والأخلاق؟؟ وكأن الكاتب يريد أن نستثمر الرأس مال البشري( الطالب) ونعلّمه ونوجّهه ونقوّم سلوكه ونقيّم أداءه العلمي والأدبي، النظريّ والشّفهيّ، بعيدا عن الدّين، وأن نستغل كلّ طاقاته وإبداعاته وتفكيره دون موروث أو انقياد او تعلّم لمبادئ الدين.
#نزهة_الرملاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جولة في الرحلة الأبهى لمحمود شقير
-
عطر الماضي
-
جميل السلحوت على ناصية المواجهة
-
النرجسية في قصائد ريتا عودة.
-
عادل سالم يتوق إلى الماضي ويحن إلى المستقبل
-
رواية مسك الكفاية وتاريخ مضى
-
قراءة في -جريمة نصف زرقاء-
-
رواية لنّوش والتّربية الحديثة
-
خذلان الشتاء والحزن الدائم
-
قراءة في كتاب (كرمة) للكاتبة خولة سالم
-
البلاد العجيبة بين الواقع والخيال
-
رواية -الهروب- ومعاناة الفلسطينيّين
-
قبض على ظبي المستحيل.
-
رواية فانتازيا والغرائبيّة
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|