|
أمن الدولة اعتقلت باحثاً رفض قتل المزيد
عماد فواز
الحوار المتمدن-العدد: 1545 - 2006 / 5 / 9 - 09:54
المحور:
حقوق الانسان
هذا الموضوع نعرض فيه لحالة بعيدة كل البعد عما يهدد النظام ورئيس النظام ووزير داخلية النظام وأولادهم ، لحالة فكرية كنا نظن أن أمن الدولة أبعد منها بعد السماء عن الأرض ، لكن في مصر ليس لأمن الدولة مسافات ، ولا مستحيلات ، القضية تتلخص في خلاف فكري ، انتهى بالمخالف إلى الاعتقال والتعذيب والزج به إلى وادي النطرون ، وهو ما يؤكد ما قلناه من قبل أن هذه الدولة يحكمها جهاز أمن الدولة دولة شاخت حكومتها وعجز وسلم إرادته وحياة المواطنين إلى الداخلية ، كما يؤكد أيضاً أن هذا البلد ليس به أية مؤسسات ، وأن قيادات هذه المؤسسات شخصيات من ورق ، شخصيات تابعة ، وبلا رائحة ، سوى رائحة الفساد والجهل فمنذ عامين أو أكثر ، بعدأن حصل الباحث متولي إبراهيم متولي صالح على درجة الماجستير في الشريعة والقانون من جامعة الأزهر ، أعد عدة بحوث في الفقه ليشتبك بها مع المفكرين في الحياة الثقافية ، عكف وقرأ وحلل وبحث ، وانتهى إلى قناعة أرضته ، وذلك في قضيتي قتال المرتد وزواج المسلمة من الكتابي ، قد تكون قناعاته التي توصل إليها مخالفة للقناعات السائدة والمتفق عليها ، وقد تكون غير صحيحة ، لكنه في النهاية أجتهد وبحث وحلل ، وللمجتهد . على حد قول الفقهاء . حسنة لو أخطأ لاجتهاده ، وعلى الأكثر علم ومعرفة منه أن يقرأ ما توصل إليه ومراجعته ، وتوضيح الفساد في التدليل أو القصور ، أو التقصير أو التأويل فيما كتبه وتوصل إليه ، وهنا ينشأ الحراك والنقاش الفكري الذي يعود على الباحثين والمثقفين وعامة الناس بالنفع والفائدة . ولأن هذا ليس ثمة الحياة الجامعية والفكرية والثقافية في مصر ، ولأننا لا نعرف سوى المصادرة والتفكير والعاملة والخيانة ، زج بالباحث إلى أمن الدولة . - أنت بقى العلامة متولي ؟ - أنا باحث . - باحث عن أيه ؟ - حضرتك بعتلي ليه .. خير ؟! - علشان الكلام الفارغ اللي أنت كتبته ده !! - دي دراسة علمية ، من حقك تقبلها أو ترفضها . بعد مناقشة كبيرة يتخللها نظرات ازدراء واستخفاف من ضابط أم الدولة للباحث ، انصرف متولي وصور عدة نسخ من دراسته وأرسلها للكتاب والباحثين وعلماء الدين ، لكي يطرح فكرته للمناقشة ، ويوضح أساتذته الصواب والخطأ في المنهج والاستدلال والقياس ، وحتى في كيفية استخدام الشواهد وتفسيرها ، سواء من القرآن أو السنة النبوية المشرفة ، ونسى الباحث جلسته مع ضابط أمن الدولة ، واعتقد أن استدعاءه كان على سبيل المناقشة وأن الضابط من المهتمين ، لكن لم يمر يومان إلا وفوجئ في 18 مايو 2003 بطارق الفجر يكسر باب الشقة ويقتحمها هو ورجاله ، يقلبون ويفتشون ويكسرون في جميع الغرف ، وجمعوا كل أوراقه وحملوه إلى مقر الجهاز . - أنت بقى من الكفار . - أعوذ بالله ، مين قال كدة ؟! - أنت .... - أبداً . - أنت مش مشعجبك الدين الإسلامي . - لا إله إلا الله . - أه أعمل فيها بقى درويش يا .. انتصف النهار والكلام نفس الكلام ، أنت كافر ، أنت تزدري الدين الإسلامي ، أنت بتعمل على هدم الدين ، وهو ينكر وينفي ويقسم أنه مثل جميع المسلمين يؤمن بالله ورسوله وكتابه ، وبسنة الرسول ، وبإجماع الصحابة ، لكنه باحث يحاول أن يجتهد ، قد يصيب وقد يخطئ وله أجر وثواب على الاجتهاد ، وانتهى اليوم واليوم التالي ، واختفى متولي ولم يظهر مرة أخرى ، وبعد شهرين من اقتحام منزله واعتقاله ، أحيل لنيابة أمن الدولة في 3 يوليو 2003 ، ووجه له وكيل النيابة التهمة المحررة في محضر الضبط وهي ازدراء الدين الإسلامي ، وحررت الواقعة كقضية تحت رقم 1086 / 2003 أمن دولة عليا . وبعد ثلاثة أشهر من التحقيقات ، تأكدت نيابة أمن الدولة العليا ، أن متولي لم يزدر الأديان أو الدين الإسلامي ، وأنه مجرد باحث ، أجرىبحوثه إلى ما يخالف السائد ، فقررت إخلاء سبيله ، اعتقد متولي أنه بهذا القرار قد استيقظ من الكابوس ، وأنه بالفعل هذه البلاد يحكمها القانون وأن القضاء له الكلمة العليا في البلاد ، وظن بسذاجة أنه سيخرج من سراي النيابة إلى منزله إلى أولاده وزوجته ، يدخل الحمام يزيل وسخ شهور الكابوس ، ويغير ملابسه ، ويلتقط أنفاسه ، لكن للأسف الكابوس كان أقوى من الحلم ومن الواقع ومن القانون ومن القضاة ، فخرج من النيابة إلى وادي النطرون مرة أخرى ، ليس بتهمة الإزدراء كما سبق واعتقل ، بل بموجب قرار اعتقال من حبيب العادلي شخصياً ، فاللواء حبيب العادلي وزير الخارجية الذي يحارب الإسلاميين ، أصبح هو المدافع عن العقيدة وصحيح الدين ، فلا متشدد سالم من زبانية أمن الدولة ولا حتى المجتهد ، الكل تحت وصاية وسلطة معالي الحبيب العادلي وزير داخلية الحزب الوطني . أسرة متولي دهشت للقرار ، فرفعت زوجته وطفله 14 سنة عدة التماسات إلى جميع الرءوس الموجودة في الحكومة والحزب الوطني ووزارة الداخلية ، ولما تأكد أن الرءوس غير متوفرة ، لجأت إلى القضاء تتظلم وتطالب بالبراءة ، وبالفعل قضى القضاء المصري العادل . كما سبق وفعل مع آلاف من المعتقلين . بعدم شرعية الاعتقال ، وأمر بالإفراج عنه وفوراً ، ولأن الحبيب العادلي ورجاله في أمن الدولة ليس له كبير يوجههم ، لم ينفذوا قرار القضاء ومرت الشهور والسنوات ، وحصلت الأسرة على أكثر من خمسة قرارات قضائية ، ورفض أمن الولة تنفيذها ، فهي مثل سيد قراره لها قانونها الخاص ، وقرارات وأحكام القضاء تسري فقط على العامة من الناس ، وليس عليهم ، ما هو الحل ؟! هل يستسلم متولي ؟! هل تصمت زوجته وتعتبره مفقوداً أو شهيداً !! في 11 يونيو الماضي فاض الكيل بمتولي ، فأعلن عن اعتصامه واضرابه عن الطعام ، وعملت زوجته بإضرابه ، فأخذت طفلها إلى نقابة المحامين وأعلنت ، الاعتصام والإضراب عن الطعام تضامناً مع زوجها الغائب في وادي النطرون بقرار من أمن الدولة ، واشتركت مع سائر زوجات وأمهات المعتقلين بالنطرون في مظاهرات إدانة النظام والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين . بعد المظاهرات بعدة أيام ، وتحديداً في يوم 28 يونيو الماضي ، اقتحم ضابطان من ضباط أمن الدولة ، منزل الغائب في النطرون ، وكما فعلوا في المرة الأولى وهو حاضر ، فعلوا في الثانية وهو رهين اعتقالهم ، كسرا وحطما وقلبا وفتشا ، وسبا ولعنا . - خد يا ولد . - نعم ؟! - أنت ابن متولي . - أه . - قول لأمك إن مشيت في المظاهرات تاني هنقلعها ملط في الشارع وهنرميها في المعتقل !؟. ومرت السنوات وخرج متولي من المعتقل بالتحديد يوم 7 ابريل الماضي ليعدل عن شذوذه الفكري، حاذفا من حساباته الأبحاث العلمية ويفكر فى لقمة العيش مثل باقي المصريين.
#عماد_فواز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموت يعشش داخل معتقل وادي النطرون :
-
قلب نظام الحكم
-
أمن الدولة تقتل المعتقلين بالأمراض داخل السجون !
-
عزرائيل الطريق الوحيد لتداول السلطة في تاريخ الوطن العربي
-
قراءة فى دفتر وزارة الداخلية ومختليها العقليين
-
كل شبر في أرض مصر صالح للزراعة .
-
قراءة في احتجاجات عمال مصر
-
التعذيب والموت والانتحار في سجون وادي النطرون
-
مؤامرات النظام المصري لتدمير المجالس القومية المتخصصة
المزيد.....
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
-
قرار المحكمة الجنائية الدولية: هل يكبّل نتانياهو؟
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
-
كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|