|
التطرف الديني وضرورة الاهتمام بالناشئة المغربية
سامر أبوالقاسم
الحوار المتمدن-العدد: 1549 - 2006 / 5 / 13 - 11:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الناس في كل أقطار العالم، بالنظر إلى عملية التنشئة الاجتماعية، يشتركون على مستوى مطالب النمو العامة، لأن مثل هذه المطالب غالبا ما يكون مشتقا من أساس حيوي أو نمو فسيولوجي، أما ما يتعلق بمطالب النمو الخاصة، فهذه هي التي يعمل على تحديدها الإطار الثقافي العام الذي يرجع إلى طبيعة وشكل البيئة التي ينشأ فيها الفرد. والدين في كل أقطار العالم، هو عبارة عن مجموعة من المبادئ والمواقف والأحكام والأساليب العامة، التي تهدف إلى تنظيم العلاقات، ولا يمكن للدين أن يشكل تصورا أو رؤية لطريقة العيش والانتظام، إذا لم يكن هناك فهم إنساني عميق ودقيق بمعطيات وتفاصيل وجزئيات الواقع المنظر له. وهو السبب الذي يؤدي إلى وجود بون شاسع بين "إسلام متطرف" و "إسلام مهادن" و"إسلام معتدل" على سبيل المثال لا الحصر. وهذا ما لا يدعو إلى الاطمئنان، إذ لا أحد بإمكانه القول بأن ثمة استقرار في بنية التفكير والتحرك لجماعات التيار السياسي الديني، ولا أحد بإمكانه الحديث عن الاستقرار على مستوى المنظومة السياسية والدينية، بالرغم من الإجراءات المتخذة منذ 16 ماي 2003 إلى الآن، على اعتبار أن النقاش الصاخب الذي يعرفه المغرب بخصوص العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والدينية، من قبيل: حقوق المرأة، الحجاب، مدونة الأسرة، العلاقة بين الإسلام والغرب، العولمة والمجال السياسي والديني، الإرهاب والتطرف، العلمانية، موقع الدين في المنظومة التربوية التعليمية، التشكيك في مفاهيم مثل الحرية والديمقراطية، ... إلخ. هذه الأمور، بالرغم من كونها تحيل على درجات التفاعل الحاصل على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، فإنها تدعونا اليوم ـ في إطار الاعتناء والاهتمام بالناشئة المغربية، وفي إطار الوعي بأن الخبرات الأولى التي يكتسبها الفرد تقوم بدور كبير في الخبرات اللاحقة ـ إلى التساؤل حول كيفيات تركيز الجهود وتكثيفها لإتاحة الفرص الممكنة والمتاحة لهذه الأجيال الصاعدة، ولتمكينها من تفادي السقوط في براثين ومستنقعات التزمت والتحجر والانغلاق والتعصب والتطرف، حتى تكون قادرة على الانخراط الفاعل في واقع محيطها العام. وفي هذا الإطار ينبغي التركيز على: • الاهتمام بالتكوين السليم لضمير هذه الناشئة اللاشعوري، لأنه يساعد على التكيف الاجتماعي، وعلى تجنب الشحن بالمعتقدات التي تؤدي إلى التعصب أو أساليب الحرمان المختلفة أو الاتجاهات الخلقية التي لا تنتمي إلى العصر الذي يعيش فيه الفرد، فهذه الأمور كلها تسبب بشكل كبير وفظيع في تفكيك النظام العام للشخصية. لذلك ينبغي العمل على جعل هذا الضمير اللاشعوري خاليا من الإفراط والتفريط، إذ كلما كانت مكونات الضمير اللاشعوري مقاربة لقيم الحياة الواقعية، ساعدت الفرد على السلوك الاجتماعي القويم والحياة الهادئة الخالية من الكبت والحرمان. • الاهتمام بالتنمية السليمة لميول ونزوع هذه الناشئة، لأنها تساعد على الربط بين الفرد والأسرة كمجال ضيق لتحركاته وبين مجال النشاط الطبيعي للبيئة التي يوجد فيها، وعلى تعلم سلوك الأخذ والعطاء بين الأفراد والجماعات، وعلى احترام رغبات الآخرين، وعلى تنمية الشخصية الاجتماعية لدى الأفراد. • الاهتمام بالتربية على كل أشكال وأنواع التعاون والتضامن، التي تساعد على إثارة الانتباه إلى ما يحدث في المحيط، وعلى ممارسة الاشتراك في تحقيق الأهداف المجتمعية العامة، وعلى إتاحة الفرص لممارسة أساليب السلوك الواقعي، وعلى خلق فرص وإمكانيات اكتساب اتجاهات إيجابية إزاء المؤسسات الاجتماعية والجماعات والنظم. • الاهتمام بإنضاج القدرات العقلية والإدراكية، التي تساعد على إدراك المعاني المجردة كالحق والواجب والمساواة والعدل والحرية والتضامن والتسامح ...إلخ، وهي كلها مفاهيم رئيسية تعمل على تيسير عمليات التكيف الاجتماعي. إن أمر هذا الاهتمام، بالقدر الذي هو ملح وضروري في وقتنا الراهن، بالقدر الذي يشكل واجبا غير قابل للتفريط على الدولة والمجتمع معا، ومن ثمة على جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية ـ وعلى رأسها المدرسة الوطنية ـ أن تنهض وتطلع بالمهام الموكولة إليها في إطار تحقيق المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.
# سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس بزشكيان: على الدول الاسلامي التعاون ووضع الخلافات جان
...
-
هل أحاديث النبي محمد عن الجيش المصري صحيحة؟.. الإفتاء ترد
-
المكتبة الخُتَنيّة.. دار للعلم والفقه بالمسجد الأقصى
-
“خلي أطفالك مبسوطين” شغّل المحتوي الخاص بالأولاد علي تردد قن
...
-
قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|