حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 6274 - 2019 / 6 / 28 - 02:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما أغربها من أمة عربية ، وأغرب بها من أمة ، يصاب المتأمل لحال شعوبها بقدر كبير من الذهول ، وتضيع خيوط عقل المهتم بهموم مجتمعاتها ، في زحمة غيوم أجوائها المزدحمة بالظواهر بالسلبيات الفاضحة والقبائح المؤرقة لكل من يحاول سبر أغوارها ، أو المغامرة بالبحث في مسببات كل ما ألم بها ، وبصور درامية لاتخلو من سخرية ، من نكبات التشتت التصدع في كل شيء ، ومصائب التباعد والتنافر وفي كل المجالات ، إلى درجة صدقت فيهم معها المقولة الشهيرة : "اتفق العرب على ألا يتفقوا" القولة التي استجلبت عليهم حمولتها المتخلفة - رغم أنهم أمة واحدة تعبد إلاه واحد وتتوجه لقبلة واحدة -الفرقة والتشتت في كل ما هو هام ومصيري، وفرضت عليهم الخوض في تافه القضايا والإنشغال بسخيف الأمور ، كأمر مواضيع حجاب المرأة ورضاعة الكبير وتفخيد الرضيعة ، التي طفحت في مجتمعات الأمة مند قرون عديدة ، ومناقسة هامشي الأحداث الهامشية ، كما حدث مؤخرا مع وفاة مرسي الذي استثمر أنصاره وخصومه خبر موته في تصفية حساباتهم الضيقة على وسائل التواصل الاجتماعي .
لقد آن الأوان لهذه الأمة ، بل أصبحت مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى ، إن هي أرادت أن تخرج من ظلال التعتيم ، وتضمن كرامتها ، وتفرض احترام تواجدها بين الأمم الحُرة ، وتضع بصمتها في التأريخ ، ويسمع العالم الحر صوتها ، بأن توقظ في شعوبها شعلة التوحد ، وتشعل فيهم جدوة التآخي ، الذي لن يتم بالدعاء الذي لا يصنع النصر ، كما يقولون ، ولكن بتوطيد العزم على رأب الصدع ، وتجاوز ثقافة الفرقة ، وتعزيز حظوظ التحالف والإلتام ولم الشمل ، وبنبد الصراعات الخفية ، التي ظاهرها مذهبي وباطنها سياسي/زعامات، التي يصبح معها الدين مجرد ورقة سياسية ، تستعمل للسيطرة على الدولة والمجتمع ، بعيدا عن القضايا الأخلاقية التي جاء الدين من أجلها ، والتي قلما يُهتم بها سياسيو في الأمة العربية والإسلامية ، ويعمل سياسيوها على صنع من مقولاتها المجافية للأخلاق ، وأمثالها المخاصمة للفروسية والنُبــْـل ، كما فعلوا مع المقولة المشؤومة ""اتفق العرب على ألا يتفقوا" التي تستدعي الإحباط والهزيمة ، العجز والتكاسل والتقاعص عن هزم قابلية التشتت والتصدع ، وتكرس تضارب التوجهات ، وتنافر الرغبات ، وتفاقم ثقافة الاختلاف والفرقة والشقاق ، وغيرها من النقائص التي صنعت منها الأمة أسبابا معلبة تقذف بها فى وجوه بعضها البعض ،وهم يهدرون أزمانا طويلة وثمينة في الانبهار بأخلاق شعوب العالم المتقدم ، ولا يخصصون لحظة واحدة في محاولة ليكونوا مثلهم ، وكأن صلاحياتهم قد انتهت ..
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟