شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 6274 - 2019 / 6 / 28 - 00:42
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 599 ، 13 جوان 2019
https://revcom.us/a/599/420-million-children-growing-up-in-war-zones-en.html
إنّها لإحصائيّات مرعبة : ينشأ 420 مليون طفل في مناطق حرب . هذا أكبر من مجمل عدد سكّان الولايات المتحدة . هذا تقريبا خمس الأطفال على هذا الكوكب و هم يعانون بلا تمييز و بنسب متفاوتة من الحروب و النزاعات ذات الصلة الوثيقة بالإمبريالية .
وفق دراسة مطوّلة نشرت حديثا ، " أوقفوا الحرب على الأطفال " :
- آلاف الأطفال في البلدان المضطهَدة لما يسمّى بالعالم الثالث يموتون نتيجة القتل و الدمار في خغضّ المعارك كلّ سنة . لكن أبعد من ذلك – مئات آلاف الأطفال سنويّا – يموتون جرّا التبعات غير المباشرة لهذه النزاعات : سوء التغذية و الأمراض و تراجع الرعاية الصحّية و فقدان الماء الصالح للشراب و مجارى الصرف الصحّي .
- ثلاثون بالمائة من الأطفال في أفريقيا و أربعون بالمائة في الشرق الأوسط يعيشون في مناطق نزاع ، متعرّضين للقتل و التشويه الجسدي و النفسي و الإختطاف و التجويع العمد و يواجهون مخاطر صحّية بالغة .
- في مناطق الحرب كاليمن و سوريا ، المدارس و البنية التحتيّة الصجّية يستهدفها قصف القنابل . و تمنع الفصائل المتحاربة قوافل المساعدات . و في مناطق النزاع في أفريقيا ن يصبح الأطفال نهشا لعمل الأطفال و للتجارة الجنسيّة .
لقد كان الموت و الدمار و التفكّك من العوامل الكبرى المغذّية لكارثة أزمة اللاجئين العالميّة . و الآن بلغ الأمر أنّ واحد من 200 طفل في العالم لاجئ . إنّه لأمر صاعق و مدمى للقلب . تنشأ أعداد كبيرة من الأطفال في ما يسمّى بالعالم الثالث في هذه الظروف ، هذا إن تمكّنوا من بلوغ سنّ الرشد .
هذه هي النشأة في ظلّ عالم تهيمن عليه الإمبريالية و تدمّره ... النشأة في ظلّ نظام وحشي مثلما هو غير ضروري .
صمت مطبق في الولايات المتحدة
هل تمّ نشر هذا التقرير ، أوقفوا الحرب على الأطفال " ، في وسائل إعلام الولايات المتّحدة ؟ لا . هل كان موضوع نقاش عام و غضب عام في أمريكا ؟ لا . هل طالب المتطلّعون للرئاسة من الديمقراطيين بوقف فوريّ للحروب غير العادلة التي تخوضها أمريكا في العراق و في أفغانستان و سوريا ؟ هل نادوا بإجراء تحقيق إستعجالي في إدارات أوباما و ترامب لتسليحهما و دعمهما السياسي للنظام العميل لهما بالعربيّة السعودية الذى يقصف المستشفيات و المدارس بالقنابل و يرتكب جرائم حرب أخرى في اليمن ؟ هل أنتم في حاجة حقّا إلى إجابة عن هذا السؤال ؟
هؤلاء السياسيّون جدّ صاخربين دائما حين يتعلّق المر بالتنديد ب " التطفّل " و " التدخّل " الروسيين في الانتخابات الأمريكية . لكن ماذا عن التطفّل و التدخّل المريكيين و تطفّل و تدخّل قوى إمبريالية غربيّة أخرى الذين يتسبّبون في تحطيم حياة و مستقبل ... 420 مليون طفل ؟
المنطق العنيف و اليد القاتلة
و إليكم هنا وفق التسلسل الأبجدي [ بالأنجليزيّة ] ، بكلمات التقرير " العشرة بلدان المصابة بالنزاعات الأسوأ للطفل ". و تذكّروا و أنتم تنظرون في هذه القائمة أنّ في خمسة من هذه البلدان (+) تخوض الولايات المتحدة حروبا أو هي منخرطة في تدخّل عسكري و في عمليّات عسكريّة ، أو تقدّم دعما عسكريّا و لوجستيّا حيويّين :
أفغانستان (+) ، جمهوريّة أفريقيا الوسطى ، جمهوريّة الكنغو الديمقراطية ، العراق (+) ، مالى ، نيجيريا ، الصومال (+)، جنوب السودان ، سوريا (+) ، و اليمن ، و اليمن (+) .
لم تصبح هذه البلدان عفويّا " مناطق نزاع ". فلفترة طويلة من الزمن هيمنت عليها إقتصاديّا و سياسيّا و عسكريّا الإمبريالية، حتّى و إن كانت بلدانا مستقلّة شكليّا . و قد وقع إستغلال سكّانها لتحقيق الأرباح . كما وقع نهب مواردها لتكديس الثروات – فالمواد المنجميّة الكونغوليّة حيويّة لتزويد سلاسل إنتاج الإمبريالية . و كانت العديد من هذه البلدان مسرحا معارك في النزاع بين القوى العظمى و النزاع الجغرافي السياسي بين القوى الإمبريالية . و في جميعها ، كانت الذخائر تتدفّق من الولايات المتحدة و روسيا والمملكة المتحدة / بريطانيا و فرنسا و ألمانيا و الصين .
لكن لعلّ أحدهم قد يقترح ؛ مهما كانت هذه الأمور محبطة و محزنة ... فإنّها إلى تحسّن . كلاّ ! إنّ ال420 مليون طفل الذين يعيشون في مناطق الحرب اليوم هو ضعف ما كان عليه في 1989-1991 ، عندما إنتهت الحرب الباردة . و بين 2016 و 2017 فقط ، عدد الأطفال في هذه المناطق إرتفع بإضافة ثلاثين مليونا !
أ- غزوات إمبراطوريّة و حروب بالوكالة و الرسوم يدفعها الأطفال
لقد دمّر غزو العراق سنة 1990 قسما كبيرا من أنظة توزيع المياه و الصرف الصحّي . و لم يكفيها ذلك ، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سكّان العراق : فمُنع العراق من بيع النفط و من الحصول على موارد لإقتناء لوازم صحّية و غير صحّية . و بالنتيجة ، لقي 500 ألف طفل عراقي مصرعهم في تسعينات القرن الماضي . و غزت الولايات المتحدة أفغانستان سنة 2001 . و غزت مجدّدا العراق في 2003 – للإطاحة بنظام كان يعدّ خنجرا في خاصرتها و لجعل العراق محطّة إستراتيجيّة لبسط نفوذ الولايات المتحدة بالشرق الأوسط الغنيّ بالنفط .
لكن غوز العراق مرّتين و غوز أفغانستان لم يتمّا كما خطّطت لهم أمريكا . فقد تسبّبت في فوضى و غذّت كافة أصناف الحروب الأهليّة . و في 2017 في أفغانستان ، جُرح أو قُتل 3.179 طفلا ، و العديد منهم بفعل قنابل الولايات المتحدة و قصف طائراتها دون طيّار .
و في سوريا ، تخوض الولايات المتحدة حربا بالوكالة مع روسيا . بكلمات أخرى ، كلّ جانب منهما يقاتل بواسطة وكلاء للتقدّم بمصالحه المناطقيّة و العالميّة . فروسيا تساند النظام القمعي لبشّار حافظ الأسد ؛ و الولايات المتحدة تساند و تسلّح القوى الرجعيّة المحلّية في مسعى منها لإسقاط النظام . هذه الحرب حرب فظيعة . واليوم ثلث مدارس سوريا محطّمة و ربع الأطفال يتعرّضون لخطر إختلال في الصحّة الذهنيّة .
ب- مبيعات أسلحة الولايات المتحدة و الدمار الشامل في اليمن
تقف الولايات المتحدة على قمّة مصدّري الأسلحة في العالم .و بيع الأسلحة وسيلة ضخمة تضمن بها نفوذها و سيطرتها على ألنظمة التي تخدم مصالحها المناطقيّة و العالميّة . و كانت العربيذة السعوديّة أهمّ مشترى للأسلحة الأمريكية بين 2014-2018 . فالشرق الأوسط منطقة مفتاح في العالم – لنفطها و للتجارة العالمية و لطرق النقل – و العربيذة السعوديّة بنظامها الإضطهادي و التيوقراطي بيدق تحكّم مفتاح في الهيمنة الإمبراطوريّة للولايات المتحدة على الشرق الأوسط و في مواجهة إيران .
إنتفاضة و حرب أهليّة في اليمن تضع موقع العربيّة السعوديّة في خطر و بالتالى أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر للتقتيل .
في اليمن تقترف العربيّة السعودية جرائم حرب لا عدّ و لا حصر لها. و قد وثّق موقع جريدة " الثورة " على الأنترنت ، الأزمة الإنسانية الأكبر في العالم و التي تقف وراءها الإمبريالية . و تقوم العربيّة السعوديّة بمعدّل 14 ضربة جوّية يوميّا. و تتعرّض المستشفيات و المصحّات و الدارس و حافلات نقل التلاميذ و البنايات السكنيّة و الأسواق و محطّات البنزين و المصانع و المزارع غلى الهجوم و القصف بالقنابل و التدمير و خمس مدارس اليمن ما عادت مستعملة ، و ما يقدّر بمليوني طفل يمني خارج المدارس . و في سنتي 2016-2017 وحدهما ، جاع 113 ألف طفل حدّ الموت ، أو مات بسبب سوء التغذية و أمرضا قابلة للعلاج ، مثل الكوليرا .
ت- تذكير من الولايات المتحدة : إتفاقيّات حول التسلّح لا تعنى شيئا حينما تتداخل مع المصالح الإمبرياليّة
يبرز تقرير " أوقفوا الحرب على الأطفال " مسألة أن بيع الأسلحة إلى بلد كالعربيّة السعوديّة التي تقترف تجاوزات ضد الإنسانيّة و في حقوق الإنسان ( مستهدفة المدنيّين و الأطفال في اليمن ) غير قانوني في ظلّ ما تنصّ عليه إتفاقيّة بيع السلاح لسنة 2014 . و إعتبارا مصالحها و بفجاجة ، رفضت الولايات المتحدة التوقيع على الإتفاقيّة .
و يلفت التقرير كذلك النظر إلى الغام الأرضيّة وهي من أسلحة في المعارك الأكثر عدم تمييز في العصر الحديث فهي تضع في خطر خاصة حياة الأطفال و المدنيين في المناطق الآهلة بالسكّان . و الحقيقة هي أنّ الولايات المتحدة – نتحدذث عن إدارات كلينتون و بوش و أوباما و ترامب – لافضت بصرامة التوقيع على منع الألغام الأرضيّة المضادة للأشخاص سنة 1999 . لماذا تواصل أمريكا تكديس ثلاثة ملايين لغم أرضي؟ لأنّه حسب إدّعائها ، الولايات المتحدة تحتفظ لجيشها بحقّ إستخدام هذه ألسلحة في نزاع حدودي بين كوريا الشمالية و كوريا الجنوبيّة . لا يهمّ الثمن الإنساني .
--------
هذا عالم يصرخ من أجل الثورة ، من أجل ثورة للإطاحة بهذا النظام الإمبريالي ، ثورة شيوعية تشيّد عالما يكون فيه رفاه الأطفال مثمّنا ... و تكون فيه ذات وجود تقسيم عالمي بين حفنة من البلدان الغنيّة من ناحية و بلدان فقيرة تعيش فيها معظم الإنسانيّة قد وقع تجاوزه...عالم أين يكون الإستغلال و الإضطهاد قد زالا...عالم يمكن للأطفال أن يترعرعوا و يزدهروا فيه كجزء من المجتمع الإنساني العالميى الذى تكون لهم مساهمة فيه .
المراجع :
Stop the War on Children: Protecting Children in 21st Century Conflict, Save the Children International, 2019 (https://www.stopwaronchildren.org/report.pdf)
Trends in International Arms Transfers, 2018, Stockholm International Peace Research Institute, 2019 (https://www.sipri.org/sites/default/files/2019-03/fs_1903_at_2018.pdf)
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟