|
مرسي ... جاوز الإخوان المدى
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 6268 - 2019 / 6 / 22 - 15:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أخي "مرسي" … جاوز الإخوانُ المدى!
إنّ للموتِ هالةً تُكلّلُ الراحلين بغُلالةٍ من الحصانة، تجعلك غير قادرٍ على تذكُّر خطاياهم. على الأقل هذا ما يحدث معي. رحمةُ الله، على السيد "مرسي العياط"، الذي لم أستطع أن أُلقّبَه بـ"الرئيس" في مقالٍ أو لقاءٍ أو كتابٍ، سواءً في عام حكمه، أو بعد سقوطه، ولا حتى بعد رحيله عن عالمنا بالأمس. منذ مقالي الأول عنه يوم تنصيبه، بعنوان: “هل يحكمنا المرشد؟"، والذي تنبأتُ فيه بأن المرشد هو الحاكمُ الفعليّ لمصر في عهد الإخوان وهو ما أسفرت عنه الأيام، وحتى مقالاتي الأخيرة عنه إبّان ثورة 30 يونيو الشريفة، بعناوين: “خطأ مطبعيٌّ جارٍ تصحيحه"، "خطأ مطبعيّ بالقلم الكوبيا"، ثم "خطأ مطبعيّ تمَّ تصحيحه" بعد سقوط الإخوان، ثم "مصر سيدة العالم"، الذي كتبته يوم جلاء الإخوان عن القصر، وبينهما مئاتُ المقالات التي تُناهضُ فاشية الإخوان وإرهابهم الدمويّ. على أنني للحقُّ قد بدأتُ معركتي مع الإخوان منذ عام 2005، وقت حصولهم على 88 مقعدًا في البرلمان المصري، ما أكّد حدسي بأن فيروس الإخوان قد بدأ ينتشر ويستشري ويستقوي داخل مفاصل الجسد المصري، ما أشعرني بالخطر الداهم الذي يقتربُ من بلادي حثيثًا. والآن، وقد رحل السيد مرسي عن العالم، فليس له عندنا سوى الترحُّم على روحه، كما يليق بنا كفرسانٍ نبلاءَ لا نبارزُ موتى، ثمّ النسيان التامّ، لأن حسابَه لم يعد في أيدينا، بل في يده العزيز الجبّار، خالقنا الذي لا يُسامح في دموع طفلة تيتَّمتْ، ولا حَزَن زوجة شهيد ترمّلتْ، ولا نزيف قلب أمٍّ ثكلتْ ابنها البطل يذود عن بلاده في جيش أو شرطة. لكنّنا إذ ننسى السيد مرسي، بعدما وضعت حربُنا معه أوزارَها، إلا أن حربَنا مع فصيل الإخوان لم تنته بعد، ماداموا ينفثون سمومَهم في الوعي المصري بأخسِّ الصور وأحطِّها، مُستغلّين الموتَ ذريعةً لتشويه الوعي العام بأغاليطهم التي بها وصلوا للحكم، وبسببها رحلوا عنه. منحوا السيد مرسي لقب: "شهيد"! ويا لها من كلمةٍ خفيفة على اللسان، ثقيلة في الدلالة. مُتناسين أنه، رحمه الله، قد صعدت روحُه إلى خالقها، وهو يُحاكَم بتهمة "خيانة وطن". بل جعلته الإخوانية اليمنية "توكّل كرمان": (آخر الأنبياء!)، في مقطع سرقته من الشاعر "نزار قبّاني" في رثاء جمال عبد الناصر، دون حتى الإشارة إلى المصدر، شأن لصوص الشعر. ولم تأتِ كرمان بجديد، فهي تُحاكي أربابَها الإخوان الذين سبقوها بتأليه الأصنام من البشر، فجعلوا من الإرهابيين "حسن البنّا"، و"سيد قطب" شهيدين مقدسي! وغير ذلك الكثير في عام الإخوان التعس بمصر 2012-2013. فهذا "محمد عبد الراضي" نائب الشورى، يقول: “النبيُّ فتح مكةَ فى رمضان، ومرسى فتح مصرَ فى رمضان”! وهذا "راغب السرجاني" يقول: “فوزُ مرسي آيةٌ من آيات الله. وزيارتُه السعودية: إسراءٌ، وعودته إلى مصرَ: معراجٌ”! وهذا الشيخ "هاشم إسلام"، يصفُ المتظاهرين ضد الإخوان بـ"الخوارج"، ويطالب بتوقيع "حدّ الحرابة" علينا، وهو تقطيع السيقان والأذرع من خلاف! وهذا "رشاد البيومي"، نائب مرشد الجماعة، يصف كُتّابَ الرأي المناهضين للإخوان بأننا نحملُ في قلوبنا "حقدًا دفينًا وعداءً سافرًا للإسلام والمسلمين، يصلُ حدَّ "الكفر"! وهذا "عادل عفيفي"، رئيس حزب الأصالة، يُطالب بالقبض على الداعين للتظاهر ضد الإخوان لأننا "قوى الشرّ الجبانة"، التي تستفزّ "القوى الوطنية الإسلامية الشريفة". ووصفنا "بالكلاب"، التي عواؤها لا يضرُّ قافلة تسير! وهذا الشيخ "المحلاوي"، وضع لنا "النبراسَ" الذي سنسيرُ عليه مع مرسي، طوال مدة حكمه، قائلا إن: "انتقاد الرئيس ومعارضته حرامٌ! وطاعته فرضٌ مثل الصلاةِ، وواجبةٌ كطاعة الله ورسوله! وبأن حكمَ الإخوان هو حكمُ الله"! وهنا أدركنا أن "الإخوان"، لا يمثلون "الإسلامَ" وحسب، كما أوعزوا للبسطاء، بل يمثلون "الله" ذاتَه، حاشاه، وتعالى! أخي المرحوم مرسي، حين انتفضنا ضدكم، لم نكن "كلابًا"، كما قال عفيفي، ولا "خوراجَ" كما زعم إسلام. وحين أسقطناك لم نخرج عن مِلّة الإسلام، كما قال البيومي. ولم نرَ في طاعتك طاعةً لله ورسوله ولا صلاةً، كما أوعز المحلاوي. ولم نرَ في اقتناصك حكم مصر فتحًا لمكةَ، ولا إسراءً ولا معراجًا، كما رأى السرجاني. أخي الراحل مرسي، لو كنتَ عاقبتَ أولئك "الضاليّن المُضلّين"، بما قالوا من زور وبهتان وتجرؤ على الله، لربما كان لديك الآن في قلوبنا شيءٌ من الذكر الطيب، ينفعكُ اليوم في آخرتك. لأن مواقفَ المرء جزءٌ من حسابه. لكنك يا عزيزي مرسي تركتَ الإخوان يجاوزون المدى في ظلمهم وتجبّرهم وتخريبهم وعي البسطاء وتشويههم تاريخَ مصرَ. تركتهم يزدرون الشعب ويهينون الوطن، ويصنعون آلهةً بشرية من دون الله، حاشاه. ومازالوا بعد رحيلك في غيّهم سادرين. "أخي جاوزَ الظالمون المدى”! “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
Facebook: @NaootOfficial Twitter: @FatimaNaoot
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طاووسُ الشرقِ الساحر
-
لا شماتة في موت مرسي … ولكن...
-
حول قِبطية چورج سيدهم!
-
محاولةٌ أخرى للتنفّس
-
عيد ميلاد جورج سيدهم
-
سهير، آنجيل … ماتَ معهما … كلُّ شيء!
-
1 يونيو … عيدًا مصريًّا
-
محمد عبده يُشرقُ في سماء الأوبرا القاهرية
-
كتابٌ … يبحثُ عن مؤلف!
-
أنا أفريقية وأفتخر!
-
أطفالُ السجينات ... فوق كفِّ السيدة الجميلة
-
محمد ممدوح … صمتُه كلامٌ!
-
الصحوةُ من الصحوة … وارتزاقُ الأصفار!
-
محمد عبده وطلال … يراقصان صِبانا
-
شافت الصليب قالت: والمصحف مانا واخدة تمنه!
-
الطريدة
-
كونوا طيبين … حتى تطيرَ بالوناتكم!
-
دموعي … بين يدي الأبنودي
-
القيامة … البابا … رمضان … النقشبندي
-
مصرُ التي … على صفحة العائم
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|