أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حسن العاصي - أن تختلف معي.. مؤسسة سيدة الأرض نموذجاً















المزيد.....

أن تختلف معي.. مؤسسة سيدة الأرض نموذجاً


حسن العاصي
باحث وكاتب

(Hassan Assi)


الحوار المتمدن-العدد: 6268 - 2019 / 6 / 22 - 15:28
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


تعرضت مؤسسة سيدة الأرض الفلسطينية والقائمين عليها وفي مقدمتهم الدكتور كمال الحسيني لانتقادات واسعة تجاوزت أعراف وتقاليد الاختلاف، وصلت حد التهجم الشخصي المباشر لرئيس المؤسسة والعاملين فيها، واستخدمت بحفلة الشتم والقذف أقذع الألفاظ وأفحش السباب وألصقت بهم أقبح العبارات، وقيل بالمؤسسة وبالحسيني ما لم يقله الإمام مالك بالخمر. جاء ذلك عقب قيام المؤسسة بتكريم الفنانة المصرية "إلهام شاهين" بتاريخ 13.6.2019 في القاهرة، بمناسبة مرور اثنا عشر عاماً على تأسيس المؤسسة وتعزيزاً لدورها في نشر الفنون والثقافة. وفي حفل أقيم بهذه المناسبة بعنوان "يبقى الفن رسالة إنسانية وطنية. وتبقى القدس عنوان الضمير العالمي. والقاهرة ضمير الأمة العربية" تم منح الفنانة شاهين درع المؤسسة، ومنحها لقب "سفيرة سيدة الأرض" وهو ما أثار حفيظة وضغينة وحساسية ومشاعر وغضب بعض الفلسطينيين، الذين أظهروا الكثير من السخط تجاه ما اعتبروه اختياراً غير صائب من مؤسسة سيدة الأرض، واستنكروا أن تقوم المؤسسة بتكريم فنانة مثيرة للجدل مثل إلهام شاهين، التي تنقسم الآراء حولها فلسطينياً وعربياً بين مؤيد تماماً ورافض بالمطلق. وأضاف الذين هاجموا المؤسسة والمشرفين عليها أن هناك الآلاف من النساء الفلسطينيات أمهات الشهداء والأسرى لم يحظوا بهذا الشرف العظيم الذي منحته المؤسسة لشاهين، لكنهم تجاهلوا التكريم التي قامت به المؤسسة في نهاية العام 2018 حين تم تكريم خنساء فلسطين أم الشهداء "أم ناصر" ومنحها لقب سيدة الأرض، وهي المرأة الوحيدة التي نالت هذا اللقب. وتناسوا تكريم الكثير من الشهداء الفلسطينيين وأسرهم من قبل المؤسسة، بل تقصدوا التجاهل والتغاضي عن مسيرة المؤسسة الزاخرة بالعطاء.
جاء تكريم الفنانة شاهين في سياق حفل نظمته مؤسسة سيدة الأرض لإطلاق مبادرة "فنانين العرب والعالم لأجل القدس" والغريب في الأمر أن معظم وسائل الإعلام قد تجاهلت المبادرة، وسلطت الضوء على التكريم فقط دون ذكر كلمة واحدة عن المبادرة المهمة التي تسعى لاستقطاب عدد من الفنانين العرب والعالميين من أجل نصرة قضية القدس، وقد استجاب فعلاً عدد منهم للمبادرة، وذلك إيماناً من سيدة الأرض بدور الفنانين الهام والمؤثر في قطاعات واسعة من المجتمع. ثم قامت المؤسسة في اليوم التالي بتكريم الفنان المصري محمد صبحي، ولم يأت أحد على ذكر هذا الحدث، وهو ما يشير إلى تجاهل متعمد يؤكد أن دوافع الذين قادوا حملة التشهير ضد مؤسسة سيدة الأرض لم تكن كما يدعون، بل هي مجرد ذريعة للإساءة للمؤسسة والعاملين فيها والنيل من شخصياتهم.
إرباك متعمد
تقوم مؤسسة سيدة الأرض بصفة دورية وكتقليد في كل عام باختيار فنان عربي لتكريمه ومنحه لقب "سفير سيدة الأرض" أي أن يكون هذا الفنان الذي تم اختياره سفيراً للمؤسسة في المحافل العربية والدولية وفي الملتقيات والندوات التي تقام، بصفته شخصية عامة، وهذا تماماً ما حصل مع إلهام شاهين، إذ اختارتها المؤسسة أن تكون سفيراً لها. لكن بعض الأصوات التي ارتفع صخبها، وكذلك بعض الأقلام التي أشهرت رماحها، لم تكن بريئة تماماً. حيث تم تزييف الحقائق وقيل أن المؤسسة منحت الفنانة شاهين لقب سيدة الأرض، وهو ما نفاه القائمين على المؤسسة نفياً قاطعاً، لكن البعض الذي حركتهم الضغائن والغيرة التي أثقلت صدورهم أخرجوا سيلاً من الحقد والغل فاض وسال حتى وصل حدوداً مست حرمة القائمين على المؤسسة، وتطاولت على سمعتهم وشرفهم ومكانتهم، بل تمت الإساءة إلى رجال مخلصين أوفياء للوطن، وكذلك تم توجيه إهانة لهم ولعائلاتهم. وزاد الأمر سوءًا حين نشرت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لشاهين وهي تتوشح علم السودان على أنه علم فلسطين، فوصل الهجوم عليها وعلى المؤسسة التي كرمتها مستويات قياسية.
بغض النظر إن اتفقت أو اختلفت مع أسماء الفنانين العرب التي تقوم مؤسسة سيدة الأرض باختيارهم لتكريمهم وتقوم به بصفة دورية كل عام، فإن هذا لا يعني أنك على صواب، ولا يمنحك الحق إلا في نقد الفكر والمعتقد وانتقاد الفكرة والثقافة وتحليل الرؤية ومقاربة المبادئ والمواقف بطريقة علمية وموضوعية تخلو من الشخصنة ومن الإسقاطات المزاجية، حيث لا مبرر أخلاقي ومنطقي يفسر هذا التهجم والتعرض لكوادر المؤسسة ومسؤولها، ويعلل الإهانات والشتائم والازدراء التي وجهت لسيدة الأرض وللدكتور الحسيني.

فلسفة الاختلاف
أن تختلف معي فهذا حقك، أو أن لا أروق لك فهذا شأنك. لك كل الحق أن تكون مختلفاً عني في المظهر والجوهر، في الفكر والموقف والرؤية، في الذوق والاهتمامات، وكذلك الأمر في سائر شؤون الحياة. لكن اختلافك عني ومعي لا يجعلك على صواب، ويجعل مني مخطئاً. حقك في اختيارك الاختلاف لا يعطيك الحق أبداً أن تشتمني وتقدح وتذم وتفبرك الأحداث وتزور الوقائع وتنتقص مني. بل أن اختلافنا يجب أن يوفر فرصة كي يستفيد كلانا هن هذا الاختلاف لاكتشاف أشياء لم نكن نعلمها، ولاكتساب خبرات جديدة، ولرؤية الأمور بطريقة مختلفة.
‏ قديماً قال الفيلسوف اليوناني "سقراط" موجهاً كلامه لرجل جميل المظهر وقف يتبختر متباهياً بثوبه ويتفاخر بهندامه ومظهره، فقال له جملته الشهيرة "تكلم حتى أراك".
اليوم تعاني مجتمعاتنا العربية من انقلاب في المفاهيم وانسحال أخلاقي مريع، أصبحت معه الكلمة غير مسؤولة، والمواقف تمليها الحسابات الشخصية والتحالفات غير المبدئية، والاصطفاف شللي، واختلط الحابل بالنابل، الصالح والطالح، والشغول بالكسول.
إن المشكلة لم تكن يوماً في الاختلاف، لكن في إدارة هذا الاختلاف. ليس عيباً ولا شيئاَ غير عادياً أن يختلف معك الآخرون، لكن أن تتم شخصنة هذه الاختلافات ثم يقوم البعض بشتمك وعائلتك ويتم التشكيك في انتماءك ونبل غايتك، فهذا فعل قبيح لا يمكن أن يصدر عن إنسان عاقل ومسؤول. فالاختلاف أزلي كما هو الاجتهاد أزلي، وكذلك المبادرة والابتكار. ومن يرغب في إغلاق باب الاجتهاد والمبادرة، يرتكب خطيئة اصطناع الوفاق والاجماع المزيف اللذان لا وجود لهما.
الاختلاف جعل من بعض المبدعين والعلماء والمفكرين والأدباء والفلاسفة متميزون حيث برز كل منهم في قطاعه، فيما الآخرون الذين فضلوا السلامة والتوافق مع الأداء الجمعي طواهم النسيان. وحين ينام الكسالى المتكيفون ملء الجفون، نجد أن النشطاء يسهرون ويتدبرون ويخططون ليوم عمل شاق قادم.

ماذا بعد
أن تختلف عني ومعي فهذا شيء، والعدل والصدق والموضوعية والنزاهة في قول الأشياء وتوصيفها أمر آخر مختلف تماماً. فربما تكون فيلسوفاً متبحراً في المعارف، أو نابغة في العلوم، وقد تكون منافساً وخصماً شرساً معانداً، لكنك حين لا تكون صادقاً شريفاً ومستقيماً، وحين تفتري وتكذب وتفبرك، ولا تجد سوى الشتم والسب وسيلة لتعلن اختلافك، حينها تفقد احترامك وقيمتك ولا تصون كرامتك لأنك تقول المنكر وتدافع عنه. إن تعارض المصالح والكراهية والتعصب الأعمى والمواقف المسبقة سمات تجعل من بعض الأفراد لا يرون سوى الافتراء والنفي والاستعداء ويظنون أنهم يقبضون على الحقيقة.
من حقك ان اختلفت مع سياسة مؤسسة سيدة الأرض أو مع القائمين عليها أو مع بعضهم، أن تعلن وجهة نظرك وتدافع عن رؤيتك، لكن بشرط أن تكون موضوعياً حكيماً في إدارة اختلافك، وأن تقدم المصالح العامة على المنافع الشخصية، ودون كذب وافتراء وتزوير، دون توجيه شتائم وإهانات لأحد، دون التشكيك بانتماء ووطنية أحد.
فإن شكلت النجاحات التي حققتها مؤسسة سيدة الأرض عبر مسيرة اثنا عشر عاماً ضيقاً لبعض الفاشلين الهامدين، فإنه من الظلم والحمق جلد المؤسسة واستجرارها كي تتحمل جريرة إفلاس الأخرين.
إن الجانب الأكثر لؤماً ومكراً في طمس الصدق والإنصاف والموضوعية هو أن تقوم في إقصاء وإزالة الأسباب والمعطيات وإنكار العوامل والتغاضي عنها، وتسليط الضوء والتركيز فقط عن النتائج. علينا جميعاً أن نتعلم آداب الاختلاف وسلوكياته، وأن نصدر أحكامنا بمعايير موضوعية ونزاهة تسمو فوق رغباتنا وهوانا لربما يرتفع منسوب إنسانيتنا قليلاً.



#حسن_العاصي (هاشتاغ)       Hassan_Assi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المونوفيجن الفكري.. أزمة العقل العربي
- حدائق الحيوان البشرية.. حين تغيب الإنسانية
- لَيْ الأعناق في صراع الأعراق.. عنصرية الفلسفة
- حول قصيدة النثر
- أوطان خارج التاريخ.. جدران الكراهية
- أرنا وجهك يا حنظلة
- التبصير للتقدير والأصول في سحر الوصول بارانويا السياسة
- قلاع الاستبداد ومطارق الفساد.. تصنيع الرعب واختلاس العقول
- طوفان الوباء.. صناعة الكراهية والشقاء
- السطوة الأمريكية على القوة الذكية عالم للأثرياء
- الموجة الرابعة للرأسمالية.. صراع طبقي معاصر
- الحريق الكبير.. المهمشون قادمون
- تراجيديا الثقافة العربية ولغز المثقف المزيف
- الإمبريالية الجديدة.. ما بعد العولمة ما بعد الحداثة
- الانسداد الفكري لأزمة اليسار.. جمود عقائدي في واقع متحول
- مبادرة جدارية سيدة الأرض لمئة عام
- القوة الخشنة للثقافة.. الخاصية الفلسطينية
- في تجاهل العرب لفلسطين يا سعد.. سعيد لم يهلك بعد
- مهجة البساتين
- في فقه التشريع.. تضامن أم تطبيع؟ الحج إلى رام الله


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حسن العاصي - أن تختلف معي.. مؤسسة سيدة الأرض نموذجاً