|
هُبل في كردستان .. كوميدي في بغداد-!!.
سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 1543 - 2006 / 5 / 7 - 12:00
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ليس من الغريب أن يجمع العراق الجديد و بعد أن حرّره الأمريكيون و التحالف ، من أبشع نظام عرفه التاريخ ، يجمع في السلطة القوى الأكثر تطرفا ، و لا يعني هذا أنه لا توجد استثناءات ، و لكننا نتحدث عن الأغلبية ، سواء من الشيعة أو السنة العرب و السنة الأكراد و حتى السنة التركمان ، فأغلبية هؤلاء الموجودين في أعلى هرم السلطة ، يكرهون اللبرالية و الديمقراطية و يكرهون الحداثة و يكرهون الغرب و يكرهون الولايات المتحدة تحديدا. حتى الأكراد ـ الذين يزعمون أنهم لبراليون ـ يكرهون أمريكا و ما قامت به ، لأنهم كانوا كزعامات يمتصون دماء الشعب الكردي و بدون محاسبة من أحد ، أما بعد التحرير ، فالسرقة و النهب و توزيع المناصب ، أصبح مسألة حديث للشارع و للمواطن البسيط ، بعد أن كانت من أحاديث المجالس الرئاسية فقط . إن بلدا خرج من خمس و ثلاثين عاما من طغيان البعث ، و ثمانين عاما من أنظمة طائفية متعاقبة ، جعلت العراق "كدولة" اسما بدون حقيقة ، ففي هذه الدولة يوجد العربي و الكردي و التركماني و الشيعي و السني و المسيحي و الصابئ و الأيزيدي ، لكنك لن تجد "المواطن العراقي" ، و طالما كان المركز "بغداد" بهذا الضعف و طالما كانت الأطراف هي الأقوى ، فإن الهوية العراقية ، و التي تتمحور حول بغداد ، ستضعف بمرور الوقت و تنتهي بحرب الأقاليم ، و المؤكد أن إقليم بغداد سيعود في النهاية ليحكم الأطراف . و لكن المسألة هنا أننا لا نريد أن يحدث هذا عبر وسائل طويلة المدى و مكلفة ، بشريا و ماليا ، و لكن لا بد من رسم صورة واضحة للنظام الجديد و توزيع السلطات و بقانون واضح و محدد و صعب التأويل ، فالقانون القابل للكثير من التأويلات ، مهزوز و ينتهي دائما بحلول وهمية تكون أقرب إلى القنابل الموقوتة ، على الولايات المتحدة تقوية المركز لسبب مهم ، هو أن العراق المفتت سيقوي الأطراف المتطرفة ، فدولة كردية متطرفة قوميا و مذهبيا في الشمال ، و جمهورية "القاعدة" في الغرب و شمال الوسط من العراق ، و الجنوب الغني و الواسع "جمهورية إسلامية تؤمن بولاية الفقيه" ، و هنا تتصارع هذه الدويلات في بغداد "المركز" بهدف السيطرة ، لأن من يحكم بغداد يحكم العراق . أما إذا اضطرت الأطراف الثلاث إلى الاحتكام إلى المركز "بغداد ـ من الملاحظ أن السني و الشيعي و الكردي الساكن في بغداد أكثر اعتدالا من غيره"، سيضطرون إلى التخفيف من طموحاتهم المتطرفة و يمكن حينئذ أن يدخل العراق في قائمة الدول اللبرالية الديمقراطية. كان العراق محكوما منذ نهاية الستينات و حتى ألفين و ثلاثة ، بنظام يؤمن بكل شيء ، إلا العراق ، و كان العراقي يُقتل و يذبح و يسجن ، و يعيش في أفقر حال ، بينما خيرات العراق توزع على "الفلسطيني" و "الأردني" و "المصري" و حتى "الباكستاني" و "الماليزي" ، و هكذا فقد كان العراق محكوما من أقلية طائفية و استحواذها على السلطة بعد صراع عنيف مع مكونات الشعب العراقي الأخرى . تاريخيا ، كانت بغداد دوما تحكم الفروع و الأطراف ، صحيح أنها كانت تضعف لفترات ، لكنها كانت دوما تفرض نوعا من الطاعة ، و منذ أيام البابليين و الآشوريين تحدثنا الأخبار و الآثار أن عواصم العراق القديم "بابل" و "نينوى" ، تبسط سلطتها على العراق الحالي ، و إن على وجه التقريب ، و عندما قامت القبائل العربية بفتح العراق ، في عهد عمر ، كان من الطبيعي أن يسيطر الفاتحون على العراق الحالي بالكامل ، بل إن الأكراد ـ و هم سنة ـ لا زالوا يفخرون أنهم أسلموا في عهد عمر ، و حتى في العصر العباسي و المغولي و المملوكي ، ثم العثماني و التحرير البريطاني ، كانت المنطقة الشمالية الكردية ـ أعني شمال العراق ـ تابعا للمركز . مشكلتنا نحن أكراد العراق ، أن الأحزاب السياسية من شوفينية قومية ـ كالإتحاد و البارتي ـ و الإسلامية الطائفية ـ الإخوان "يككرتوو" و السلفيون ـ أنها تريد الإيمان بكل شيء إلا الهوية الوطنية العراقية ، لعلمهم أن هذه الهوية ستكون السبب في خلق إنسان حقيقي ، يدرك أنه صاحب حقوق ، و لا يستطيع هؤلاء امتصاص دماءه ، لذلك تسعى هذه الأحزاب إلى خلق وهم أو مجموعة أوهام ، من العداء القومي "الكردي ـ العربي" و المذهبي "السني ـ الشيعي" و الديني "الإسلامي ـ المسيحي الأيزيدي ..الخ" ، و بدون الأوهام ، تنتفي الحاجة إلى هؤلاء الدجالين. لقد تعمدت الإدارة الكردية خلال التسعينات ، محولة نعمة الحماية الغربية إلى نقمة ، و حتى الآن ، في تجهيل الشعب الكردي و بحجة "الحفاظ على الهوية القومية" ، حيث قامت الإدارة المحلية بفرض لغتين كرديتين "السورانية و البهدينانية" و حذف اللغة العربية أو جعلها غير ذات فعالية ، و للعلم فإن الطالب و بمجرد أن ينهي تعليمه الثانوي ـ هذا إذا أنهى الثانوية ـ و دخل الجامعة أو المعهد ـ هذا إذا دخل ـ يجد نفسه بالقواميس و المعاجم و المصادر "العربية و الإنكليزية و الفارسية و الفرنسية" ، أما اللغة الكردية بشقيها أو اللهجتين ـ السورانية و البهدينانية ـ فلا أثر لها ، و هكذا جعلوا من الطالب "حمارا" بحجة الهوية "القومية" ، و كان باستطاعتهم ـ أعني الإدارة الكردية ـ تدريس اللغة الكردية إلى جانب العربية ، و القيام بحملة ترجمة لآلاف الكتب و المصادر و المعاجم إلى الكردية ، لكن المسألة واضحة و لا تحتاج إلى كبير جهد لتدرك أن المسألة لا تعدو كونها ، إرادة دكتاتورية ، و إذا قرر الدكتاتور في أربيل أي شيء ، فلا يمكن الاعتراض على الإرادة الإلهية . ألم يقم رئيس وزراء "أربيل" باستقبال نــــــائبــــــــه ، على الحدود التركية ، لمجـرد أن الســـــيد النــائب ينتمي إلى الدم المقدس !! فهل رأيت في أي دولة في العالم رئيس وزراء يستقبل نائبه ؟!! إنها ذات السلطة التي جلبت الدمار للشعب الكردي ، و حين واتت الفرصة لهذا الشعب أن يقرر مصيره ، قرر الحزبان البعثيان "الإتحاد و البارتي" إدخال هذا الشعب في مذبحة و إراقة دماء لا هدف لها إلا الحفاظ على الكرسي ، و عندما عثر الطالباني على كرسي له في بغداد ، ترك المنازعة مع البرزاني ، و راح يطلق النكات "الرئاسية" و كأننا لم يكن ينقصنا إلا رئيس يتنكت على حساب معاناتنا ، و لو كنت أملك شركة من شركاته أو جزءا بسيطا من راتبه ، لكنت بمثابة "الرئـيس عــــادل إمام" ـ مع إحترامي الكامل للفنان العبقري عادل إمام. و المصيبة أن الرئيس يسخر و يلقي النكات في وقت يذرف العراقيون دموع الدم لما ينالهم من إرهاب البعث و العبث ، كان الأجدر بالطالباني أن يبكي لشعبه ، لكن الرجل لا يعرف غير الدكتاتورية ، فقد ضحك من الأكراد حين كانوا يذبحون بعضهم البعض ، فكيف الآن و هو غارق في التسبيح بحمد "الرئاسة". و رب سائل يسأل: ما علاقة هذا بموضوعنا عن المركز و الأطراف ؟!! نجيبه: أن العلاقة وثيقة ، فنحن لا ندري ماذا يريد الحزبان ، و ذيلهم الإسلامي الطائفي ، فهما يصران على "كردستان" و خلق دولة داخل الدولة ، و أن يكون لهم ، دستور و رئيس ـ هــــبل ـ و جيش و حدود و علم ـ ثم في الوقت نفسه يأكلون من خيرات العراق و نفطه ، إن سياستهم هي أشبه بامرأة تريد الزواج من رجلين و تريد أن تحمل لقب "حرم السيدين فلانان" ، فلا نحن دولة ، و لا نحن عراقيون ، و الهدف الستراتيجي الواضح هو: إفشال المشروع الأمريكي ، و التعاون مع الزرقاوي لخلق حرب أهلية مدمرة ، و خلق وهم شيعي بأن أمريكا ضدهم و مع مشروع القوميين الأكراد "البعث الكردي". لا نريد الطالباني و لا البرزاني ، نريد حكم ديمقراطي أمريكاني ، هذا ما يريده الشعب الكردي ، و بريمر الذي رفضه بعض العراقيين العرب ، نريده حاكما عسكريا على إقليمنا. E-mail: [email protected] Website: http://www.sohel-writer.i8.com
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيعة نائمون .. و الرئيس يحاور ..؟!!
-
الشيخ الترابي و -غسلينا الوسخ-!!
-
العراق و الحلف -القومي الدّيني- الشّرير..-
-
اعتذار -للعفيف الأخضر- .. و لكن ؟!!
-
ساجدة الريشاوي و -الرجال العين-!!
-
-العفيف الأخضر-.. لكل حصان كبوة !!
-
الهجوم على دور العبادة القبطية .. نتيجة -ثقافة-!!
-
الحكيم .. و -السقيفة الثانية-!!
-
العراقيّون و الدّجل السياسي !!
-
رجال الدين .. بين العزلة و التسلّط ..!!
-
المسلمون يهينون -النبي-... فمن يقاطعهم ؟!!
-
إيران و .. الدور القذر !!
-
أخطاء و جرائم .. نظرة للواقع العراقي .
-
جواد المالكي و ((البصاق على الذات أو .. الكوميديا المبكية))
...
-
العراق .. و الأحزاب المفخخة !!
-
متى نتعامل .. -بالمنطق العراقي-؟!!
-
حياتي و 11 سبتمبر - الفصل الرابع و الأخير
-
حياتي و 11 سبتمبر - الفصل الثالث
-
حياتي و 11 من سبتمبر
-
حياتي و 11 من سبتمبر
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|