|
كلمة الرفيق الدكتور منير حمارنة، الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني، في المؤتمر التوحيدي للشيوعيين الأردنيين
منير الحمارنة
الحوار المتمدن-العدد: 1542 - 2006 / 5 / 6 - 10:01
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
(1-2) كلمة الرفيق الدكتور منير حمارنة، الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني، في المؤتمر التوحيدي للشيوعيين الأردنيين الجمعة 5/5/2006 أيها الضيوف الكرام الرفيقات والرفاق أرحب بكم اجمل ترحيب باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الاردني وباسم اللجنة التحضيرية لتوحيد الشيوعيين الأردنيين لحضوركم مؤتمرنا اليوم. هذا هو المؤتمر الوطني العلني الرابع للحزب الشيوعي الاردني، والذي تحول بفضل الجهود الدؤوبة والنضال المثابر من قبل الشيوعيين في مختلف المواقع داخل الأطر التنظيمية وخارجها، وخاصة بفضل جهود قدامى الشيوعيين الى المؤتمر التوحيدي للشيوعيين الأردنيين. ونحن على يقين بأن توحيد الشيوعيين ووحدة مختلف القوى الوطنية الأخرى وتماسكها قضية مطلوبة ومرحب بها جدا في بلادنا، خاصة في الظروف الحالية التي تتطلب اوسع اشكال الحشد للقوى الوطنية لمواجهة مختلف التحديات التي تهدد الاردن وجميع البلدان العربية. لقد بذل العديد من الشيوعيين جهودا متصلة على امتداد ما يزيد عن عامين للتغلب على حالة الانقسام والتشرذم، ايمانا منهم بان وحدة الشيوعيين كما وحدة مختلف القوى الوطنية الأخرى قضية شديدة الاهمية في الظروف الحالية، آخذين بنظر الاعتبار حجم واتجاه التغيرات العميقة الجارية في العالم، والافرازات والتحديات التي يفرضها هجوم العولمة الرأسمالية المتوحشة علينا وعلى العالم وما يترتب على ذلك من مهام واشكال من اصطفاف القوى محليا وإقليميا ودوليا. ويبدو ان حصة بلداننا ومنطقتنا من هجمة القوى الإمبريالية ومختلف اذرع العولمة الرأسمالية السياسية والاقتصادية والعسكرية ليست قليلة بمختلف المعايير. فالقوى الإمبريالية وقوى العولمة الرأسمالية تشن هجوما متصلا متعدد الاوجه سياسيا وعسكريا واقتصاديا من اجل فرض التبعية على جميع البلدان العربية وإخضاعها لقواعد ومتطلبات اقتصاديات السوق للاستيلاء على خيراتها واستخدامها بعد اجراء تغييرات جيوسياسية في تنفيذ سياستها الكونية التي تستهدف تعزيز القطبية الأحادية للولايات المتحدة الأمريكية، وصيانة مصالح وهيمنة الشركات الدولية العملاقة متعددة الجنسيات واجراء تغيير عميق في النظام الدولي السائد، وإعادة النظر بكل الاسس والقواعد التي تحكم العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بما في ذلك تغيير دور الامم المتحدة. وجاءت احداث الحادي عشر من أيلول لتعطي العدوانية الأمريكية واستراتيجيتها الكونية دفعة جديدة بحجة محاربة الارهاب وفي مقدمتها استخدام سياسة الضربات الاستباقية. وتحولت هذه السياسة الى سياسة "إرهاب الدولة" حيث تمارس واشنطن سياسة البلطجة على الصعيد العالمي. وتستند واشنطن في عدوانيتها ضد بلداننا على تحالفها العميق مع الحركة الصهيونية وحكام اسرائيل والى مجموعة من المشاريع والسياسات وفي مقدمتها مشروع الشرق الاوسط الكبير، الذي يستهدف إخضاع بلدان الشرق الاوسط للسيادة الاجنبية سياسيا واقتصاديا بقيادة تحالف واشنطن تل ابيب، مع ما يتطلبه ذلك من إمعان في مساندة ودعم عدوانية اسرائيل وبربريتها ضد الشعب العربي الفلسطيني، والتنكر للقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي. وفي إطار هذه الاستراتيجية الكونية شنت واشنطن عدوانها على العراق وجرى احتلاله، حيث يعاني شعب العراق في ظل الاحتلال من مخاطر الحرب الأهلية واحتدام الصراعات الطائفية والقتل على الهوية ومن مجازر وجرائم غير مسبوقة ولا يتوقف الأمر عند فقدان الأمن والاستقرار بل يواجه العراق مخاطر تقسيم البلاد وضرب الهوية الوطنية والتجاوز على قاعدة المواطنة، وتعرضه وخضوعه الى إرهاب اسود منفلت من عقاله يتهدد المنطقة بأسرها. وتتدخل واشنطن وغيرها من الدول الكبرى بشؤون المنطقة بشكل مكشوف دون مراعاة لأبسط قواعد احترام السيادة الوطنية، وتعمق التناقضات والخلافات بين بعض الدول العربية وتؤجج الصراعات بما يسمح بتوسيع تدخلها.... والوضع في لبنان والموقف من العلاقات السورية- اللبنانية ابرز مثال على ذلك. فالتدخل الأمريكي المفضوح في لبنان يمنع لبنان من التمتع بسيادته واستقلاله ويحول دون إقامة علاقات اخوية متوازنة بين سوريا ولبنان، ويستخدم الوضع المتأزم للضغط على سوريا وتعميق الانقسام الطائفي في لبنان وتهديد المنطقة بأسرها وزيادة الضغوط لفرض حل استسلامي للقضية الفلسطينية، وتوسيع قاعدة تطبيع العلاقات العربية الرسمية مع اسرائيل. وتقوم واشنطن بنفس الدور في السودان حيث تساهم في تعميق الصراعات المحلية طمعا في وضع يدها على الثروات البكر في هذا البلد. وان هجوم واشنطن المزعوم لإشاعة الدمقراطية وحقوق الانسان يستهدف توفير المناخات المؤاتية لتمرير سياسات وخطط القوى الإمبريالية وقوى العولمة الرأسمالية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وليس الدفاع عن حق الشعوب في التمتع بالحريات العامة وحقوق الانسان، هذه الحريات التي لعبت واشنطن دورا رئيسيا في مصادرتها في مختلف البلدان العربية والاسلامية وجميع الدول النامية بلا استثناء. علما ان النضال من اجل الدمقراطية و الحريات العامة كان وما زال مطلبا حقيقيا لشعوبنا، التي قدمت من اجله وما زالت الكثير من التضحيات. وعندما تأتي نتائج الممارسة الدمقراطية بما لا يتناسب مع الرغبات الأمريكية، فإنها تنقلب عليها بوسائل زجرية وغير انسانية كما هو الموقف مع الانتخابات الفلسطينية، يقينا ان الحرب ضد الإرهاب التي شنتها واشنطن قد فاقمت حالة الإرهاب في العالم، وحولت العمليات الإرهابية الى حركة عالمية، علما ان معظم الحركات الإرهابية نشأت في أحضان الدوائر الأمريكية، وفي حين تدعي واشنطن معاداتها والحرب ضدها فان الكثير من المحللين يؤكدون ان العديد من هذه الحركات وحتى اكثرها عدوانية تستخدم كأوراق بيد المحافظين الجدد في واشنطن، رغم ما تدعيه بعض هذه الحركات من معاداتها لسياسة أمريكا!!! أيها الضيوف الكرام الرفيقات والرفاق يعاني الأردن من أزمة مركّبة وعميقة سياسية واقتصادية واجتماعية، وان وعود وبرامج وسياسات الحكومات المتعاقبة، عمّقت هذه الأزمة وفشلت كلية في التصدي الحقيقي لها ومعالجتها. فمن الناحية السياسية، فانه من المعروف ان التحولات الدمقراطية التدريجية التي ابتدأت في البلاد مع عودة الحياة النيابية وإلغاء الأحكام العرفية والقوانين المحدة للحريات، كقانون مكافحة الشيوعية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، قد توقفت ثم أخذت تتراجع وذلك في اعقاب توقيع معاهدة او اتفاقية وادي عربة، وشهدت البلاد ردة حقيقية في مجال الحريات العامة وإشاعة الدمقراطية، وشهدت وما زالت معركة قاسية محتدمة حول هذه القضية وتفننت الحكومات المتعاقبة في اللجوء الى مختلف الوسائل، لمحاصرة الحريات العامة والحؤول دون تمتع الجماهير الشعبية بحقوقها الدستورية. الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وبعض الدول الغربية كانت وما زالت ترى في اتفاقية وادي عربة مدخلا للتطبيع الشامل مع اسرائيل سياسيا واقتصاديا وحتى أمنيا، رغم عدم تسوية القضية الفلسطينية، جوهر الصراع العربي- الاسرائيلي. ونحن نرى ان غياب التسوية العادلة للقضية الفلسطينية بموجب القرارات الدولية، وبما يؤمن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، الحق في إقامة الدولة الوطنية المستقلة على الارض الفلسطينية وذات السيادة وعاصمتها القدس العربية والحق في عودة اللاجئين، نقول ان غياب هذه التسوية وعدم ضمانها يشكل خطرا جديا على استقلال الأردن، حيث ترتفع اصوات جنرالات جيش العدوان بين الحين والآخر مطالبة بالوطن البديل في الاردن، وان سياسة التطبيع في ظل الإجراءات الاسرائيلية المجرمة وبناء الجدار العنصري، لا تشكل تعميقا للعدوان على الحقوق الفلسطينية فحسب، بل تهديدا جديا للأردن بسياسة الوطن البديل، وتعمّق التطاول الاسرائيلي المدعوم امريكيا على جميع العرب. لذلك فنحن نرى في مقاومة التطبيع دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني من جهة ودفاعا عن استقلال الأردن وأمنه من جهة ثانية ووسيلة فعالة لتعبئة دولية شعبية ورسمية للضغط على اسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي العربية المحتلة من جهة ثالثة. وفي ظل الصراع حول الموقف من التطبيع وفي ظل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية جرى تراجع واسع عن الكثير من المكتسبات الدمقراطية وجرى التضييق من جديد على الحريات العامة، وأخضعت البلاد لقانون الصوت الواحد الذي يعيدنا عشرات السنين الى الوراء ويبعث العشائرية والعائلية والطائفية والإقليمية بقوة، ويوجه ضربة كبرى لقاعدة المواطنة ويبعد البرلمان عن وظائفه الحقيقية في التشريع والرقابة. وتمت تراجعات كثيرة ومراجعات واسعة في قوانين الصحافة والنشر والتجمعات العامة والعقوبات، وكبر دور القضاء الاستثنائي، وبُعثت من جديد وقويت كذلك وبأساليب متعددة، مكشوفة وغير مكشوفة، قضية الرقابة على الصحافة واصبحت القضية الأمنية المحور الاساس لقضايا الحريات والدمقراطية، وباسمها جرى تعطيل ونسف كل محاولات ما سمي "بالإصلاح السياسي"، فتعطل العمل بالميثاق الوطني وتراجعت كل خطط ومحاولات التنمية السياسية بغض النظر عن الاسماء التي حملتها، وكان النفَس الأمني وراء كل مراجعات قانون الاحزاب وقوانين المنظمات الشعبية كقانون النقابات المهنية والجمعيات الخيرية، وكان وما زال واضحا ان الحكومات تسعى الى تحقيق معادلة شديدة الصعوبة، وهي تقرير السياسات الحكومية من جهة وتقرير ووضع سقف لنشاط مختلف منظمات المجتمع المدني بما يتنافى مع النصوص الدستورية الواضحة من جهة ثانية. هذه الحياة المدارة من قبل الحكومات تقضي على المناخ المؤاتي للتنمية السياسية، فإذا ما اضيف لها توسيع صلاحيات الحكام الإداريين وزيادة القيود على النشاط الجماهيري والعام، وتقييد حركة الاحتجاج الشعبي بحجج أمنية كذلك، يتضح مدى التدهور في الحريات العامة. وجرت محاولات واسعة لتضييق الخناق على مختلف منظمات المجتمع المدني وخصوصا النقابات المهنية، واما التضييق على النشاط الحزبي فهو اشد، اذ بجانب مختلف القيود القانونية والإدارية فان الأحزاب ممنوعة من العمل في اوساط الطلاب، وهذا امر يخالف منطق التاريخ... والحقيقة ان هذا المنع يستهدف فرض شيخوخة مبكرة على الأحزاب، فالجميع يعلم ان بذرة الحياة والنشاط السياسي تبدأ في الغالب الأعم على مقاعد الدراسة، وتشتد الرقابة الأمنية على نشاط الأحزاب وتتجدد الاستدعاءات لمنتسبيها من قبل الجهات الأمنية، ورغم ما اعلن من ان لا دور للموافقات الأمنية على التوظيف في الكثير من المواقع، فان هذا الدور يعود بقوة ولو بأشكال مواربة. وهكذا فان سلسلة التراجعات في مجال الحريات العامة وإشاعة الدمقراطية ومأسسة المجتمع والحياة العامة طويلة، ولكننا نؤكد ان القضية الأمنية التي بسببها يتم تهبيط سقف الحريات وتوسيع القيود على الحياة الدمقراطية وتعميق التجاوزات الدستورية، تعطي مردودا عكسيا على امن الوطن واستقراره، إذ تعمّق التناقضات وحالة عدم الثقة في المجتمع وتزيد من حالة القلق السياسي. فأمن الوطن لا تصونه الإجراءات الأمنية البوليسية فقط، بل كذلك التعبئة الوطنية الواسعة المستندة الى روح الدفاع عن الوطن وحمايته، يقينا ان حكامنا لا يفرّقون كثيرا بين السياسات الخاطئة ومعارضتها وبين الوطن. اما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فالأمور اكثر سوءًا وتعقيدًا عندما تم اللجوء الى صندوق النقد الدولي في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وجرى تحت إشرافه وبمراقبته وضع برامج التصحيح الاقتصادي، قيل آنئذ ان البرنامج يستهدف القضاء على الاختلالات المالية والنقدية وفي مقدمتها تخفيض عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات وتخفيض المديونية العامة وبما يساعد على الانتقال التدريجي للاعتماد على الذات. (يتبع)
#منير_الحمارنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألجوهر الحقيقي للاصلاحات المتوقعة في البلاد العربية
-
ألانظمة العربية بين حصارين
-
إحتدام معركة الحريات العامة في الأردن
-
خيوط سياسية بمسألة إقتصادية!
-
رحيل القائد الكبير
-
عشر سنوات على معاهدة وادي عربة
-
العدوانية الامريكية مصدر التهديد الأخطر للبشرية جمعاء
-
الانتفاضة ومأساوية الوضع العربي
-
قرار محكمة العدل الدولية يصفع التحالف الامبريالي – الصهيوني
-
رؤية الحزب الشيوعي الاردني حول المشروع الامريكي ((للشرق الاو
...
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|