أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - بين ثلاث معتقلات (الحلقة الثالثة)...














المزيد.....

بين ثلاث معتقلات (الحلقة الثالثة)...


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 6261 - 2019 / 6 / 15 - 02:10
المحور: سيرة ذاتية
    


بين ثلاث معتقلات (الحلقة الثالثة).....
في عام 1970 ، ان لم تخني الذاكرة، وجه رئيس مجلس السلم العالمي نقدا لاذعا للحكومة العراقية متهما اياها بالاعتقال التعسفي للمعارضين السياسيين وتعريضهم للاضطهاد في السجون العراقية. وردا على هذا الاتهام اعلن احمد حسن البكر ان اتهام رئيس مجلس السلم لا يستند الى بيانات صحيحة فالعراق الجديد، حسب قوله، لا يحتجز في سجونه الا المتهمين بالجرائم الجنائية وان جميع سجون العراق خالية من السجناء السياسيين، وانه يدعو رئيس مجلس السلم العالمي لزيارة العراق للتأكد بنفسه من واقع خلو السجون العراقية من السياسيين.
ربما كان تصريح البكر مزايدة غير محسوبة العواقب، وانه لم يتوقع قبول رئيس مجلس السلم لدعوته لزيارة عاجلة لبغداد، او انه لم يكن فعلا على دراية بما يجري في سجون العراق في كافة محافظاته، وان نائبه صدام حسين الذي كان يهيمن على ادارة هذه الملفات كان يحجب عنه تفاصيل تعامل القوى الامنية مع التنظيمات السياسية المناوئة والمنافسة لسلطة البعث في الشارع العراقي.
كل شيئ جرى بصورة مفاجئة لادارة معتقل الفضيلية وللمعتقلين السياسيين الذين صحوا ذات يوم ليسمعوا نداء بالاستعداد لمغادرة المعتقل والتوجه الى مديرية الامن العامة وفق قوائم تم اعدادها من قبل المديرية تشمل اسماء جميع المعتقلين السياسيين في الفضيلية ما عدا من جرى لصق تهم جنائية بهم.
وهكذا ودعنا معتقل الفضيلية لتنقلنا سيارة عسكرية الى مديرية الامن العامة التي فرضت علينا بعد وصولنا اليها، اجراءات شكلية تضمنت المطالبة بوجود كفيل يوقع على اوراق اخلاء سبيلنا، ومن لم يجد كفيلا، سمح له بتنظيم كفالة يوقعها زميل له من المعتقلين، ومن تعذر عليه حتى هذا الامر اكتفى رجال الامن بتهديده لفظيا بالعقاب القاسي ان هو عاد الى ممارسة النشاط السياسي.
بعد خروجنا من الاعتقال قرر بعض من الذين عززت المعتقلات علاقتهم الاحتفال بهذا الحدث في احد مطاعم ابو نؤاس. فكنت انا وابي وابو شروق واخرون، ربما من بينهم من يقرأ مذكراتي ويسامحني على عدم ذكر اسمه بسبب ضعف ذاكرتي، خاصة وان المسافة الزمنية بين ما اكتبه الان وبين ما كان في ذلك الوقت كبيرة. وعلى وقع اغاني المطعم معززة بترديدنا لأغنية الشهيد ابو شروق المفضلة "يا عزيز الروح يا بعد عيني، شنهو ذنبي وياك ما تحاجيني" استذكرنا ايام الاعتقال، لا كفترة مأساوية من حياتنا بل كتجربة غنية أكدت لنا من جديد بأن " شمٌر بخير" وشمٌر كانت تعني لنا الحزب الشيوعي العراقي.
كنٌا ندرك ان حريتنا ظرف مؤقت فرضته مصادفات محددة لذا تعين علينا التزام الحذر، ولكن هذا لم يمنع من استمرار لقاءاتنا. وعندما ازداد الضغط عليٌ في الجامعة من قبل الاتحاد الوطني لطلبة العراق الى الدرجة التي اصبحت تؤثر على مستوى دراستي، صارحت ابو شروق برغبتي في مغادرة العراق للدراسة في الخارج وقد أيدني في قراري واقترح علي، بما ان الوقت للتقديم على زمالة اصبح ضيقا، أن أقدم طلبي للحصول على زمالة عن طريق الحزب من خلاله، ونجحت مساعيه فغادرت الى الاتحاد السوفيتي في عام 1972 لاكمال دراستي الجامعية والاستمرار في الدراسة حتى حصولي على الدكتوراه في العلوم الزراعية عام 1986 .
زارني الشهيد عبد الكريم احمد (أبو شروق) في موسكو وتعرفت من خلاله هناك بالممثلة العراقية المعروفة ناهدة الرماح (احدى بطلات النخلة والجيران)، فاصبحنا ثلاثة اصدقاء نلتقي ليس فقط لمناقشة هموم الوطن بل ولنقضي ساعات جميلة فيها النكته والمرح. أذكر مرة اننا، أنا وابو شروق، زرنا الفقيدة ناهدة الرماح في قسم داخلي كانت تقيم فيه، وبينما غادرت هي غرفتها لتغسل اكواب الشاي، لمح ابو شروق وجود باروكة نسائية معلقة على في مكان ما في الغرفة، فقام ولبسها، وكان جالسا وظهره الى الباب، لذا تفاجأت ناهدة عند دخولها مع اقداح الشاي فسألتني اين ابو شروق ومن هذه الفتاة التي معك؟ فضحكنا جميعا وعلقت ساخرا "كيف يمكن ان يمر هذا المشهد المسرحي على ممثلة قديرة مثلك يا ناهدة".
قررنا يوما انا وناهدة الرماح وابو شروق ان نقضي امسيتنا في مطعم (بودابيست) الذي كان يقع مقابل تمثال مايكوفسكي في مركز موسكو تقريبا. تمتعنا هناك بعزف موسيقي جميل ادته الفرقة الموسيقية التي تعمل في المطعم والتي كانت تعزف اضافة الى الاغاني الكلاسيكية الجميلة المناسبة للرقص البطيئ، اغاني تتطلب من الراقصين مهارة في الحركة. راهنت ناهدة على ان يطلبها للرقص احدهم، بعد ان اعتذرنا انا وابو شروق من اداء هذا الدور. ولما لم يتقدم احد لطلبها خاطبتنا بحزم "شوفو، اذا محد منكم يكوم وياي راح اكوم اركص لوحدي" فتعين على احدنا ان يرافقها الى الرقص، وكنت انا.
تركت ناهدة حذائها بكعبه العالي تحت الطاولة وتقدمت نحو صالة الرقص حافية. ومن حسن الصدف ان الفرقة الموسيقية عزفت اغنية فيها المزيج من اللحن الروسي والشرقي، مما وفر فرصة كبيرة لناهدة كي تظهر مؤهلاتها في الرقص فكانت لوحة جميلة انسجمت فيها المعزوفات الموسيقية مع حركات ناهدة الرشيقة مما اثار اعجاب الحاضرين الذين تركونا في المنتصف متنحين جانبا واكتفوا بالتصفيق لنا.
يحضرني في استذكاري لتلك الساعات الجميلة ما قاله الكاتب البرازيلي جورج امادو من اننا، حتى في احلك الظروف، حتى في ايام العبودية، يجب ان نحتفل ونفرح، ذلك لاننا لا يمكن ان نحافظ على الامل دون ان نفرح ونعزف الموسيقى ونرقص. قول امادو هذا يصلح لمواجهة كل اشكال العبودية سواء تلك التي سادت بمضمونها السياسي او تلك التي تسود اليوم بمضامين جديدة هي خليط من السياسة والدين والقومية والطائفية.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين ثلاث معتقلات (الحلقة الثانية)...
- بين ثلاث معتقلات (الحلقة الاولى)...
- عثرة في الدبلوماسية الايرانية ام رؤيا منقوصة في السياسة الخا ...
- تغريدات امريكية في غابة التويتر
- الثورة السودانية وخياراتها الصعبة
- قلف المراكب لا يثنيها عن الابحار
- حوارات فكرية من اجل اشتراكية بضفاف واقعية
- المدنيون وسياسة التحالفات
- مفارقات العدوان الثلاثي على سوريا
- العلاقات الصينية السورية
- الحدث الايراني بين الافتعال والواقع
- ترامب ولعبة خلط الاوراق
- انقلاب القصر
- كردستان بين الطموح والواقع
- الموقف الامريكي من الاتفاق النووي مع ايران
- مغزى زيارة الملك سلمان لموسكو
- منعطفات جديدة في السياسة الامريكية
- الملك عاريا
- تأملات تسبق الانتصار
- الانفصاليون وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - بين ثلاث معتقلات (الحلقة الثالثة)...