أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صاحب الربيعي - المثقف والدين














المزيد.....

المثقف والدين


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1542 - 2006 / 5 / 6 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك قدر من التشابه بين منظومة القيم لثقافة والدين، فكلاهما يحتكم لمنظومة قيم الخير والشر في إصدار الأحكام والقيام بالمهام، لكن في الأولى يُخضع المثقف الأحداث والأزمات والظواهر الاجتماعية لمنظومة العقل بغرض الكشف عن مسبباتها لطرحها على شكل الأسئلة تبحث عن الحلول. في حين الثاني يحتكم للأقدار والأحكام الميتافيزيقية في إصدار أحكامه وتفسيراته، للأحداث والأزمات والظواهر الاجتماعية.
من هنا جاء التعارض، فالمثقف يرى الدين عبارة عن نظام روحي هام لضبط سلوكيات وممارسات البشر غير الشرعية وتنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع، فسلطة الدين لها فعل أكبر من سلطة القانون الوضعي في ضبط سلوكيات وممارسات البشر غير السوية.
ويعارض المثقف بعض الأحكام والنصوص الدينية المتعارضة مع الواقع المعاصر لما تسببه من إعاقة لسُبل التقدم والتطور الاجتماعي، ويطالب بتعطيلها ليكون الدين أكثر انسجاماً مع الواقع المعاصر. كما يطالب المثقف بفصل الدين عن الدولة، لأن الأول من خاصة السماء والبشر والثاني من خاصة البشر والدولة.
ولايجوز إقحام الشؤون الروحية بالشؤون الدنيوية تحاشياً لتداخل سلطاتهما أو تعارضها، فالوطن للجميع وبغض النظر عن الدين والعرق والجنس، والدين من خاصة كل مجموعة فيه لأنه معتقد روحي بين إنسان وربه، وتشكل كل المجموعات سكان الوطن ومسؤوليتهم تقع على عاتق الدولة.
إن المثقف الحقيقي هو الذي يؤمن بالرأي والرأي الأخر وبحرية الأديان وممارسات الشعائر والديمقراطية...وبكل الآراء التي تحرر الإنسان من التبعية والاستبداد، فإن كان الدين مشرعاً للوحدة وليس للتفرقة في المجتمع (وهو كذلك في مبادئه الصحيحة) أصبح ركناً أساسياً من السلطة العليا في المجتمع وبالتالي عنصراً فعالاً في بناء الدولة المعاصرة.
وبخلافه فإنه يتعارض ومهام الدولة الراعية للشؤون الدنيوية للبشر التي يجب أن تنأى هي الأخرى بنفسها عن التدخل في شؤون الدين، باعتباره الراعي لشؤون البشر الروحية وخارج عن مهامها الأساس.
يعتقد ((روسو))"لايكفي أن يكون للأمة دين، وأنما يجب أن تتحد قيم الدين في عقول البشر مع قيم الحياة الاجتماعية وألا تسبب الدين في شق وحدة الإدارة العامة. إذ لايكفي أن يعمل الدين على تنشئة وصناعة البشر الصالحين، وأنما يهتم بشكل أساسي بصناعة وتنشئة المواطنين الصالحين وبذلك يقع على الدين مسؤولية مواجهة الأهداف الاجتماعية التي تؤكد وحدة الدولة ليجد مبرراً لوجوده في دعم هذه الوحدة".
إن الدين الساعي لبث الفرقة وإثارة النعرات المذهبية بين البشر، يسهم في خلق الفوضى والاضطرابات الاجتماعية التي تؤدي لانتهاك حقوق وممتلكات الأفراد والجماعات. وبهذا يجعل الدين من نفسه جهة تعارض مهام وتوجهات الدولة الراعية لحقوق وأرواح وممتلكات المواطنين. فسعير الصراعات المذهبية بين المجتمعات في العالم أسفرت عن حصد أرواح الكثير من البشر، وتسبب بالمزيد من الخسائر في الممتلكات وأضعفت هيبة الدولة.
ومن مهام المثقف الحقيقي التصدي لتلك التوجهات الداعية لإقحام الدين في السياسية بغرض إثارة الفتن والنعرات المذهبية لإضعاف الأواصر والوشائج بين البشر، فالمثقف يفهم مبادئ الدين على أنها مبادئ تدعو للوحدة والسلام والمحبة بين البشر ويتصدى لمساعي وعاظ السلاطين الذين يتخذون من الدين متراساً لإطلاق النار على المخالفين لهم من فئات المجتمع.
يعبر ((محمد مهدي الجواهري)) عن تلك الفتن والنعرات بين المذاهب قائلاً:
"لاتنسَ أنك من أشلاء مجتمع.........يدين بالحقد والثارات والخطل
يستفز اليوم أمس على غده...........على المذاهب والأديان والنحل".
وبما أن المثقف الحقيقي ينتمي للسلطة العليا في المجتمع، فإنه يجد من مهامه التصدي لكل التوجهات (السياسية، الدينية، والاجتماعية) الداعية لاستغلال العامة من الناس وزجهم في صراع دموي من أجل تحقيق أطماع فئة خاصة وعلى حساب مصالح المجتمع. كما أنه يفهم مبادئ الدين الحقيقية على أنها مبادئ محبة وسلام وخير للبشر لا مبادئ للفرقة والشقاق والتناحر بينهم. وحين يتصدى المثقف لتلك التوجهات غير الإنسانية فإنه لايتصدى للدين ذاته، وأنما يتصدى لوعاظ السلاطين الذين نصبوا من أنفسهم وكلاء الله في الأرض لتحقيق مصالحهم الذاتية!.
يلخص ((عبد الحسين الأزري)) تلك الحالة من الشقاق في بيت من الشعر قائلاً:
"جرَّ الشقاق علينا كل نائبة.........فلم يعد معه صبر ولا جزع".
وصفوة القول أن المثقف الحقيقي ليس معارضاً للدين، وأنما معارض لتوجهات القائمين عليه الساعين لحرفه عن مبادئه الصحيحة الداعية للحب والسلام والخير بين البشر.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن الرسم
- مواصفات المترجم
- فن الترجمة
- الصداقة والعداء في الوسط الثقافي
- علاقة المثقف بالكتاب والمكتبة
- الكاتب وعالم العزلة
- الصفوات والمجتمع
- علاقة المثقف بالمجتمع
- دور المثقف في الحراك الاجتماعي
- دور المثقف في التربية والتعليم
- فن النقد في الثقافة
- العلاقة المأزومة بين الكاتب والناقد
- مهام النقد
- النقد وسعة العلم
- ماهية النقد
- الروح والإبداع
- أقطاب المعرفة
- الاستقلال الفكري
- المثقف الدجال
- منتجو المعرفة


المزيد.....




- قائد حرس الثورة الاسلامية اللواء سلامي: حزب الله فخر العالم ...
- تونس.. وفاة أستاذ تربية إسلامية أضرم النار في جسده (صورة)
- هشام العلوي: أية ديمقراطية في المجتمعات الإسلامية ؟
- تعداد خال من القومية والمذهب.. كيف سيعالج العراق غياب أرقامه ...
- وفد الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة يدعو لحماية المنشآت ال ...
- ولد في اليمن.. وفاة اليهودي شالوم نجار الذي أعدم -مهندس المح ...
- ماما جابت بيبي..أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على ال ...
- ماما جابت بيبي.. متع أولادك بأجمل الاغاني والاناشيد على قناة ...
- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...
- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صاحب الربيعي - المثقف والدين