ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 6256 - 2019 / 6 / 10 - 17:20
المحور:
المجتمع المدني
يُحكى أن الزعيم الشيوعي البلغاري تيودور جيفكوف أراد أن يغيّر من طبيعة الغجر في بلده وينقلهم من حالة البوهيمية إلى التحضّر والترقّي والمدنيّة. فأمر ببناء مجمّع سكني ضخم مع كافة ملحقاته الضرورية من خدمات (صحية، تعليمية، ثقافية، ترفيهية.. إلخ). وفرض على الغجر الانتقال من خِيَمهم إلى ذلك المجمّع والعيش فيه.
وفي يوم التدشين، حضرت وسائل الإعلام بكافة أنواعها لنقل الحدث الهامّ وبحضور كبار رجالات الدولة، إلاّ أنهم لاحظوا أن الغجر قد نصبوا خِيَمهم ما بين الأبنية السكنية!
اقترب أحد المستشارين من جيفكوف وقال له هامساً:
- لقد أنفقنا الكثير على هؤلاء الغجر لترقيتهم ولكن للأسف دون جدوى. وكما ترى، من الصعب تغيير نمط حياتهم. إن جيناتهم الوراثية ترفض التغيير الذي تنشده حيال هؤلاء الرعاع يا رفيق!
أجابه جيفكوف مبتسماً:
- ومن قال لك أنني أراهن على هذا الجيل يا رفيق؟ يقول ماركس: « الوعي الاجتماعي يحدده الوجود الاجتماعي» من المؤكّد أن أولاد هؤلاء وأحفادهم لن يكونوا بعقلية الآباء والأجداد. وسيتأثرون إيجابياً بالمتغيرات والمستجدات التي طرأت على حياتهم. ومع مرور الزمن، لن تجد الفروق الماثلة أمام عينيك الآن بين فئات المجتمع البلغاري.
مناسبة هذا الاستهلال، هو ردّي على بعض الأصدقاء الذين علّقوا على مقالٍ سابق لي يُعربون فيها عن يأسهم وتشاؤمهم من إمكانية إصلاح منظمومة القيم والممارسات الخاطئة لشرائح واسعة من الشعب السوري، تلك القيم التي ترسّخت في وجدانهم – كما يقولون - إلى الأبد، عبر عقود الاستبداد التي شوّهتهم، وبالتالي لا أمل بإصلاحهم إطلاقاً.
لا أيها الأصدقاء، إن دوام الحال من المُحال. سورية لن تبقى مزرعة للفاسدين والناهبين. سورية ستتغيّر نحو الأفضل بهمّة شرفاء هذا الشعب وحلفائه. وهذه سِنّةُ الحياة. وكما قال الراحل الكبير سعد الله ونّوس: «إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ».
حزيران 2019
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟