فتحي علي رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 6255 - 2019 / 6 / 9 - 23:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الصعب جدا حتى ـ في كتاب واحد ,الإحاطة الشاملة بموضوع الجهاديين العرب والمسلمين من دون الإحاطة بمفهوم الجهاد في الإسلام ,طبيعته والهدف منه وشروطه وظروفه .ما يجعل من إصدار حكم قاطع ونهائي عليهم في مقال أو بحث يفتقد إلى كثير من الدقة والموضوعية .
وإذا كانت فرنسا التي تأذت أكثر من غيرها في أوروبا من أعمالهم , قد رفضت حكم الإعدام الذي أصدره العراق عليهم ,فكيف نجيز نحن كعرب أو مسلمين هذا الحكم عليهم ؟ وإذا كانت دولا غربية مثل بريطانيا أبدت ضرورة إعادة تأهيلهم وتثقيفهم فإن هذا يستدعي منا كباحثين عرب أن نتعامل معهم بكثير من التأني وأن نستمع ونطلع على وجهة نظرهم . و من حقهم الدفاع عن أنفسهم وعن عقيدتهم أيضا , وعن وجهة نظرهم للحياة والوجود.
ونحن هنا , ومن هذا المنطلق بالذات .من منطلق الحرص على الحياة الإنسانية بعيدا عن المواقف النظرية والسياسية نرى أنه لابد من محاكمتهم والحكم عليهم باعتبارهم مجرمين كونهم أنهوا فعلا حياة الآلاف من أمثالهم من بني البشرفي كثير من البلدان .
وإذا كانوا يستحقون المحاكمة بسبب العدد الكبير من عمليات القتل والذبح والتنكيل والاستبداد والسبي البشعة ,التي مارسوها ضد عشرات الآلاف في الشام والعراق (خاصة الإيزدييين ).فإننا إذا ما أضفنا لهذا الجرم جرائم أكبر نتجت عن كونهم كانوا ـ بشكل مباشر أو غير مباشر (كما يتصور البعض ) سببا في مقتل مئات الآلاف من السوريين والعراقيين ومحاصرتهم وتجويعهم والتنكيل بهم وتهجير الملايين منهم من قبل الأنظمة المجرمة .ويصبح من حقنا في الدفاع عن أنفسنا وعن شعوبنا وعن حق غيرنا من البشر في الحياة الحرة والكريمة .لهذا نرى أنه يتوجب علينا جميعا ,محاسبتهم ومعاقبتهم لارتكابهم فقط لتلك الجرائم فقط وأن تتخذ ضدهم أشد العقوبات وعدم محاسبتهم ومعاقبتهم سيؤدي الى فتح الأبواب لهم لأن يستمروا في ارتكاب مزيد الجرائم ؟ و نكون دون دراية منا مساعدين وشركاء في الجريمة الكبيرة غير المنظورة, والجرائم الصغيرة المرتكبة والموصوفة ؟
أما إذا أثبتنا أو ثبت لنا أنهم كانوا ومازالوا أدوات بيد أعداء العرب والإسلام والمسلمين و استخدموا ضد الإنسانية كلها كما ضد الثورات العربية وكانوا سببا رئيسيا في إفشالها وتدميرها ـ خاصة من الداخل . وكوننا كنا وما نزال كبشر أولا وثم كشعوب عربية موضع استهداف خاص ,منهم وممن يقفون وراءهم . لذا أرى أنه لابد من إصدار حكم نظري عليهم كخطوة أولى لوضع حد لإنتشارهم وانتشار أفكارهم .
بين العروبة والإسلام :
من يتابع مفهوم الجهاد بمعنى القتال من أجل نشر العقيدة يجد أن هذا المفهوم هو مفهوم حديث لاوجود له عند العرب قبل ظهور الإسلام .وحتى في فترة انتشار الإسلام الأولى كان مفهوم الجهاد مرتبط بمفهوم الفتح والغزو ونشر الدين ,ولم يكن ينظر إليه كفريضة كما هو اليوم لدى الجهاديين العرب . فإذا كانت فريضة الحج هي لمن استطاع إليه سبيلا ,فما بالنا بالجهاد والقتال الذي لا يقدر عليه إلا الشباب ؟
وتشير الدراسات التاريخية والنظرية أنه لم يصبح كمفهوم فقهي قابل للتداول الا على يد أحمد ابن حنبل عام 855 .م أي بعد أكثر من مئتي عام على ظهور الدعوة الإسلامية .ومن ثم توسعت على يد ابن تيمية في فترة الغزو المغولي والصليبي .ومن ثم أخذت منحى مختلف على يد الشيخ محمد عبد الوهاب في السعودية ومن بعده قام ابو العلاء المودودي في الباكستان بإعطائها بعدا سياسيا ومن ثم ارتكز سيد قطب وتقي الدين النبهاني على قراءات المودودي وحسن البنا على إعطاء الجهاد مفهوما عصريا يتناسب مع المواجهة مع الاستعمار .حيث أخذ مداه النظري والعملي على يد تلميذه الشيخ والعالم الكبير "شيخ المجاهدين الجدد " "عبد الله عزام " .الذي تربى على يديه وعمل على هدى تعاليمه كلا من الرجال الأشاوس أمثال ابن لادن وأيمن الظواهري وابو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني وأنصارهم .
لذا لايمكن وضع المسألة الراهنة في مكانها الصحيح إلا من خلال معالجتها في سياقها التاريخي والسياسي ومن ثم الفقهي والنظري .وهذا يستدعي طرح الموضوع من ثلاث زوايا .
أولا :كما ظهرت في التاريخ القديم (من الناحية النظرية والفقهية )ثم كيف أصبح لها فهما مختلفا في فترة المواجهة مع الاستعمار الأوروبي المباشر ,وفهما آخر في فترة المواجهة مع إسرائيل والاستعمار الأمريكي أو الأصح الاستعمار الحديث .وأخيرا الفهم المدمر الذي ظهر في سوريا والعراق على يد داعش وجبهة النصرة .خاصة فيما يتعلق بالمواجهة مع الأنظمة العربية والمنظمات الأخرى الاسلامية التي تختلف معها في الرأي .
فبعد أن خرجت القوات العسكرية الأجنبية من بلادنا (باستثناء إسرائيل ) انتقلت مهمة الجهاد ضد الحكام خاصة العرب .حيث ثبت أن عملية التحرر والسيادة والإصلاح غير ممكنة فكان الجهاد والقتال بالنسبة لهم هو الحل .وكما كتب "حسن أبوهنية " في كتابه الجهادية العربية ,فإن هذه الفكرة تنامت في فترة انتقال الأنظمة العربية إلى الدكتاتورية العسكرية ثم انتشرت وعمت حتى غدا الجهاد فريضة على كل مسلم ومسلمة ليس لقتال وذبح ومقاتلة الحكام العرب وأدواتهم ومناصريهم فحسب ,بل لذبح الناس الأبرياء والعزل إن خالفوا أوامرهم وعقيدتهم وقناعاتهم .
ثانيا :الجهاد كما تجلى نظرياً :
ثمة إشكاليتان ما تزالا موضع جدل بين المنظرين والمؤرخين العرب تتعلق الأولى بأسبقية العروبة على الإسلام والثانية بدورالجهاد في توحيد الأمة العربية . ونحن هنا لن ندخل في حيثياتهما وتشعباتهما الكثيرة ـ على أهميتها الراهنة .لكن باعتقادي لا يمكن ان ينكر الدور الذي لعبه الدين الإسلامي في توحيد هذه الأمة وفي نشر لهجة قريش .التي أرى أنها بات اللهجة السائدة بعد اللهجة الأرامية .وباتت تسمى وتعتبر(كما بين الدكتور محمد بهجت القبيسي ) لغة القرآن ,لغة عامة لجميع العرب وولكثير من المسلمين , وبالتالي ساهمت في نهضتهم وتقدمهم.ومن هنا ولهذا برز الخلاف حول دور الجهاد في نشر الإسلام في البلدان العربية كما في غيرها من دول العالم .وبروز أكثر لدوره في توحيد ووحدة القبائل العربية في شبه جزرة العرب وفي بلاد الشام والعراق ومصر .
وهنا أجد نفسي أميل للموقف الذي طرحه د."محمد عمارة " في كتابه العرب والتحدي .بعد أن أثبت أنه كان للمسيحيين واليهود العرب الذين كانوا موجودين في بلاد الشام ومصر والعراق دور حاسم في هزيمة كل من الفرس والبيزنطيين(خاصة في فتح دمشق وأغلب بلاد الشام وتسليمها لأخوانهم أهل الحجاز دون قتال . وبا لتالي في تسهيل عملية حكم العرب المسلمين ( عرب الجزيرة العربية والحجاز ) لهذه البلدان العربية المكونة من قبائل عربية ( عاربة أو مستعربة ) التي كانت تحكم من قبل الفرس والبيزنطيين . وبالتالي في حكم عرب الجزيرة للبلدان التي كانت تحتلها تلك القوميات في بلاد فارس وبلاد ماوراء النهر .ومن ثم لتبني سكانها الإسلام . ولقد أكد باحثين إسلاميين كثر مثل ابن عساكر وابن خلدون ومحمد شحرور وخليل خليل وغيرهم أنه لم يكن للجهاد الدور الحاسم في نشر الدين الإسلامي في تلك البلدان إلا لكسر شوكة القوات العسكرية لتلك الأمبراطوريا ت الأ يلة إلى الانهيار(خاصة بعد حروبها بين بعضها البعض ) وبما أن الدين الجديد كان مقنعا أكثر من الديانات السابقة فلقد جرى تبنيه من قبل سكان تلك البلدان العربية والأقاليم غير العربية دون قتال أو ترهيب .
ومن المؤسف أن نقول أن استخدام كلمة الغزوات ونشر الإسلام بحد السيف أساء ومازال يسئ للدين الإسلامي أكثر مما يصب في مصلحته كعقيدة سمحة .وأنا شخصيا أستغرب كيف يباهى البعض بفكرة نشر الدين بحد السيف . أليس من المستغرب تقبل هذه الفكرة ؟ حيث لايوجد أصحاب أي دين في العالم يدعون لنشره بحد السيف سوى هؤلاء الجهاديين .(وليس المسلمين ) ألا يتناقض هذا مع فكرة أن الدين الإسلامي هو دين الحق ومع ما ورد في القرأن أن ادعوا للدين بالحكمة والموعظة الحسنة .بدليل أن الدين الإسلامي انتشر في أكثر من ثلثي البلدان الإسلامية (في جنوب وجنوب شرق ووسط أسيا وشمال إفريقيا ووسطها ..) دون قتال وبدليل أن الإسلام ينتشر حتى اليوم في كثير من بلدان العالم القوية عسكريا مثل روسيا وأمريكا وأوروبا دون قتال ودون إرهاب ولابحد السيف . مما ينفي أي دور للجهاد ليس في نشر الدين الإسلامي فحسب , بل وبصورة خاصة أي دور له في توحيد الأمة العربية أو نهضتها أو تحررها .
وهذا مايمكن اعتباره مقدمة تمهد لبحثنا, ووبما يجعلنا نؤكد على الدورالدعوي الذي تبناه الأزهر وحزبي الأخوان المسلمين وحزب الدعوة الشيعي . ونقف ضد الدور السلبي الذي تبناه كثير من المسلمين الذين روجوا للجهاد والقتال في سبيل نشر الدعوة والدين وحتى للتحرر . يكفي أنه بات يظهرنا كسفاحين وقتلة ويجعل الناس في العالم كله تحذر منا .
ومن الملفت للنظر أن عبد الله عزام وتلامذته اعتبروه بمثابة .فريضة كالصلاة والصوم على كل مسلم ومسلمة أن يؤديها وهو أمر لم يكن واردا على الأطلاق في الدراسات الفقهية .وهذا ما يجعلنا نستبق القراءات النظرية والبحثية والفقهية الدينية التي ترى أن هذا الفرض ليس من الإسلام في شيئ ولا يمت له بصلة , باعتبار أنه فرض في شروط محددة . لمواجة المعتدين والمحتلين (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل مااعتدى عليكم ..وقاتلوهم حتى تخرجوهم من دياركم .وقاتلوهم حتى لايكون بينكم فتنة ...) لنقرربالتالي أن اعتبار الجهاد كفريضة هو بدعة مستحدثة (كما رأى ذلك عدد من علماء الأزهر ومشايخ السعودية )وكل بدعة هي في النار ,كونها لاتسئ للدين الإسلامي في العمق والجوهر .بل تلحق به كعقيدة وبالمسلمين أينما كانوا أضرارا فادحة .أما فيما يتعلق بالعرب موضوعنا الراهن فهو بمثابة كارثة حلت على هذه الأمة وعلى البشرية بأسرها .
ثالثا الجهاد كما صار عمليا ونفذ على أرض الواقع :
لا أحد ضد مقاتلة ومحاربة المعتدين أينما كانوا ومواجهة الذين يحتلون أراض غير أراضيهم وبكل الوسائل يعتبر أمرا مشروعا ومبرر في كل العقائد والقيم الإنسانية .
الجهاديين العرب يسقطون ذلك على أعداء الله والدين .وهنا يبرز الانجراف من هم أعدء الله والدين على أرض الواقع والفعل ؟هل هم الأمريكان أم الروس أم الاوربيين والصينيين واليابانيين والفرس والترك أم الناس أجمعين كونهم لايتقيدون بأوامر الله ولايعملون بها ؟
وماهي أوامر الله ؟ من يقررها ؟ وماهو الدين الحنيف دين معاوية أم دين علي (كما فهمه كلا منهما ) دين الشيعة أم دين الخوارج , دين الشيعة شيعة قم أم شيعة النجف . دين السعودية أم دين الأزهر؟ دين البوطي أم دين الشحرور ؟ ومن إعطي صلاحية تعريف ماهو الدين الصحيح ؟ وماهو الجهاد الصحيح .ومتى يكون فرضا ومتى يكون فرض عين , ومتى يكون أهم الفرائض ؟ ومن يحق له تعيين وتحديد شروطه ومتى يتم البدء به ومتى يتوقف , في كل زمان ومكان ؟ وكيف؟وضد من ؟ هل ضد الكفارأم الغزاة ؟ وهؤلاء إذاكانوا مسلمين هل تجوزأم تتوجب مقاتلتهم ؟وهل هم كمسلمين قادمين من بلدان إخرى يحق لهم مقاتلة مسلمين في سوريا أو العراق ؟وهل يجوز استخدام الجهاد ضد الناس البسطاء والفقراء وغير المتفقهين ,,إلخ .
كما يعرف الواعين فعلا لامور الدين انزل الله كتابه وتركه للمشرعين والمفسرين والفقهاء والله جل جلاله ليس حاضرا بجلاله في كل وقت ولايظهر في كل زمان ومكان نحتاج فيه إليه ليقول لنا ما يجب أن نفعله وما لا يجب ,ومن يجب أن نقاتل ومن نهادن .وهكذا (كما قال علي كرم الله وجهه عن القرآن " حمال أوجه "
فقام كل واحد ممن سموا لاحقا بالأئمة والمفسرين بتفسيركتاب الله وتكييفه حسب وعيه وإدراكه أو حسب ولاءاته القبلية أو الطبقية .وهكذا انقسمت الناس إلى مذاهب وملل ونحل وطرق . وهذا ما كان منذ بداية ظهور الدين ومازال مستمرا .وهذا مايجب أن يعرفه ويعيه كل إنسان في العالم وبخاصة المسلمين والعرب . أن النضال والجهاد استنادا للنصوص يجري تفسيره وتحريفه وتكييفه أرضيا ,حسب الجهة المفسرة وحسب الوعي الخاص لكل فرد .
انحراف البوصلة :
ابرز مثال على انحراف البوصلة الداخلية ثم على استقامتها ثم على كسرها كان الشيخ الجليل عبد الله عزام .( ونحن هنا لن نتعرض لحياته الشخصية وسيرته النضالية وكتاباته ومواقفه مع أن هذا يستحق كتابا خاصا ) بل سنتوقف عند نقطة محددة .فهوكفلسطيني طرد من أرضه ووطنه يفترض به أن يقاتل ضد ويعبأ الناس والمسلمين على محاربة الغزاة الصهاينة وليس السوفييت في أفغانستان .ولقد كانت هذه المفارقة تؤرقه منذ بداية حياته إلى مماته وكانت برأيي سببا في استشهاده ( غيلة هو وولديه في سيارة فوق جسر على طريق إلى المسجد في بيشاور ) ,فبعد أن اكتشف أن جهاده ونضاله ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان صب في المحصلة لمصلحة أمريكا ,وأدرك أنه وكل المجاهدين العرب والسعودية خاصة لم يكونوا سوى أداة بيد الأمريكان . رفض التفاوض مع الحكومة التي فرضتها أمريكا بعد هزيمة السوفييت وتقريرهم الانسحاب , ثم بدأ يدعو ويحض المجاهدين العرب والأفغان على الجهاد وإعداد العدة للقتال من أجل تحرير فلسطين .وهنا كان لابد أن يقتل .ليتسلم الراية من بعده ابن لادن والظواهري .إلخ فتغييب "عزام "كان بسبب أنه سعى لإعادة توجيه البوصلة في الاتجاه الصحيح كي يستمر المجاهدين العرب والمسلمين في السير في الاتجاه الغلط .وهذا ماحصل من يومها وحتى اليوم .
اعتقد أن لا أحد يمكنه أن يجادل في أن أمريكا وجدت في السعودية والسلفيين والجهاديين العرب والإيرانيين ( الهزارة )أفضل وقود تستخدمه لمقاتلة وهزيمة الاتحاد السوفييتي (الشيطان الأصغر) , وبأنه كان لهذه الهزيمة دور حاسم في هزيمة الاتحاد السوفييتي كقوة عسكرية وسياسية وايديولوجية .مما كان سببا في سيادة القطب الواحد الأمبريالي المتوحش على العالم ككل . وهذا ما انعكس سلبا على حركات التحرر الوطني والقومي العالمية وبخاصة العربية والفلسطينيية .مع أنه لو استخدمت تلك القوات والإمكانيات في مواجهة إسرائيل لغيرت وجه المنطقة كله وموقع ومكانة العرب والشعوب العربية .
ومن المؤسف مع ذلك أن نجد بيننا حتى اليوم من يفتخر بدور الجهاديين الإسلاميين الأفغان في هزيمة المعسكر الإشتراكي .دون أن يدروا أنهم بذلك يعطونهم مجدا لايستحقونه (فهم لم يكونوا سوى وقود لآلة جبارة تقودها الأمبريالية والصهيونية ) ماجعلهم يتباهون ويتطاولون ويتعدون عليهم ويحرفون النضال العربي والعالمي عن وجهته الرئيسية والفعلية (مواجهة الأمبريالية ) .
ومن المعروف أن هؤلاء المجاهدين الذين كانوا قيد الاعتقال والمحاكمة في السجون السورية والعراقية قد جرى الإفراج عنهم في سوريا ( حوالي سبعين ألفا من المجاهدين والمجرمين ) في نهاية عام 2011 وهو ماتم تحقيقه في تمثيلية هروب المجاهدين العرب من سجن أبو غريب في العراق .وهو ماتم استخدامه في مصر كذريعة لتسلم السيسي الحكم .
فبعد أن كادت الحركة الثورية المدنية والسلمية أن تسقط تلك الأنظمة في كل من تونس ومصروسوريا والعراق ظهر الجهاديين الإسلاميين فحرفوا البوصلة عن اتجاهها الصحيح , فبدلا من أن تكون كما هي وكما كانت وكما تزال ويجب أن تكون ,ثورة من أجل الحرية والكرامة والسيادة والديمقراطية , وبدلا من أن يقفوا في صف الجماهير العربية الثائرة تحولوا ا إلى أداة بيد تلك الأنظمة التي يصفونها بالعميلة والمأجورة والكفارة لسحق ثورات الشعوب العربية .حيث حولوها من حرب ضد انظمة عميلة استبداية فاسدة وفاشلة إلى حرب بين انظمة استبدادية وقوى جهادية ظلامية , فجرت التغطية على جوهر الثورات العربية التقدمي والديمقراطي للبطش بالجماهير الشعبية وقتلها وتجويعها وتهجيرها بذريعة أنها بيئة حاضنة لهم وثم جرى حرف الثورة عن اتجاهها الصحيح (الذي قامت من أجله ).
ونشير هنا أن كثيرا من الرافضين لتلك الأنظمة الدكتاتورية والعسكرية سواء من جميع اليساريين والتقدميين العرب أومن مختلف الاقليات الدينية مثلا في سوريا العلويين والدروز والمسيحين وجدوا انفسهم مؤيدين لها خوفا من سيطرة المنظمات الظلامية على بلدانهم وتجنبا تحويل نسائهم وبناتهم إلى سبايا لأبو محمد الجولاني والزرقاوي ومغول وتتر بلدان وسط أسيا . والأخطر من كل هذا وذاك استخدمت الأعمال الإرهابية لتلك القوى الجهادية من قبل حلفاء تلك الأنظمة في إيران وتركيا وقطر والسعودية ومن ثم من قبل حزب الله وإيران وروسيا وأمريكا حجة وذريعة مناسبة كي توطد نفوذها وتحتل أراضي في سوريا والعراق واليمن ,أو كي توقف الدعم الغربي للحركات الثورية خوفا من استفادة القوى الجهادية من ذلك الدعم فأصبحت مكافحة ومحاربة الإرهاب هدفا رئيسيا لكل من الأنظمة وروسيا وإيران وإسرائيل وأمريكا وأوروبا ( واصبحت مواجهة الارهاب أولوية على إسقاط النظام أو تغييره في سوريا كمثال ),وباتت مواجهتها المزعومة بديلا عن مواجهة الأنظمة المجرمة والفاسدة والمستبدة والمبددة للثروات العامة , وعن دعم الحركات الديمقراطية ـ في ذات الوقت غطاء لدعم تلك الأنظمة الفاسدة والمجرمة .مما ساهم في بقائها وإفشال ثورات الشعوب .
ماذا كانت النتيجة العملية الحاصلة على أرض الواقع ؟سحقت الشعوب والثورات العربية وتبددت ثرواتها ودمرت بلدانها .في حين ظلت تلك القوى الخارجية متحكمة ومتنفذة .
فتحي رشيد .7/ 6 / 2019
#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟