أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - سارتر وعبدالناصر














المزيد.....

سارتر وعبدالناصر


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 6253 - 2019 / 6 / 7 - 17:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سارتر وعبدالناصر

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-


يعد الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر صاحب فلسفة الوجودية من أبرز مثقفي العالم بعد الحرب العالمية الثانية، ويعود ذلك إلى فلسفته التي تجعل من الإنسان يستند على إرادته لقهر كل ما يعرقله، وبأنه هو العامل الأساسي لأي تغيير للوضع، وأيضا لدفاعه المستميت عن الحريات ورفضه لجائزة نوبل، ان علاقة سارتر بالعالم العربي وحكامه تحمل مفارقات، فهو من جهة من أشد المؤيدين لإسرائيل، وما يراه حق اليهود في إقامة كيان لهم في فلسطين، ومن جهة أخرى من أكبر المدعمين لحركات التحرر، خاصة وقوفه إلى جانب الثورة الجزائرية لدرجة إتهامه بالعضوية في شبكة جانسون المتكونة من مثقفين فرنسيين يساعدون الثوار الجزائريين، ويقودها الفيلسوف فرنسيس جانسون صاحب كتاب "الثورة الجزائرية-خارج القانون-" في عام1955 يفضح فيه إلى جانب زوجته كوليت السياسة الإستعمارية الفرنسية في الجزائر، ونشير إلى طلب تقدم به البوليس الفرنسي إلى دوغول بتصفية سارتر بسبب موقفه الداعم للثورة الجزائرية والجد مؤثر على السياسة الإستعمارية الفرنسية في الجزائر، لكن رفض دوغول ذلك قائلا "هل فرنسا ستغتال فولتير؟"، وبمعنى أنه من الصعب على فرنسا أن تنتج مفكرا مثل سارتر ذات الصيت العالمي.
فرغم دعم سارتر للثورة الجزائرية إلا أنه كان محل غضب الرئيس المصري عبدالناصر بحكم مساهمات سارتر في فضح السياسات القمعية لعبدالناصر في الستينيات، وكان يخصص في كل عدد من مجلته الشهرية "الأزمنة الحديثة" ملف حول مصر وسياسات عبدالناصر القمعية، ونشير إلى ان هذه المجلة أانشأها سارتر في 1945، وتحظى بمقروئية كبيرة جدا في العالم، وكان يساعده فيها الفيلسوف كلود لانزمان ذو الأصول اليهودية، والذي يعتبره الكثير داعما للصهيونية مثل سارتر، ونشير أن لانزمان أيضا من اشد الداعمين للثورة الجزائرية.
نشرت مجلة الأزمنة الحديثة في 1966 ملفا خاصا حول الصراع العربي-الإسرائيلي بمشاركة كتاب من الجانبين، لكن رفض أغلب الكتاب العرب المشاركة في الملف بدعوى مقاطعة كل ما هو إسرائيلي وإعتبارهم ذلك نوع من التطبيع، وهو ما أثر سلبا على وجهة النظر العربية، حيث شارك كتاب من درجات سفلى في الملف- حسب الصحفي المصري على السمان الذي كلفه سارتر بإعداد الملف-.
يقول المصري علي السمان صديق سارتر بأن رغم كل محاولاته إقناع سارتر أن عبدالناصر إشتراكيا يخدم الفقراء بسياساته، إلا انه كان يرى لا معنى لذلك إذا مست الحريات، فسارتر كان يؤمن بالمزج بين الإثنيتن في عالم منقسم أيديولوجيا بين من يعطي الأولوية للحريات على حساب العدالة الإجتماعية والعكس، فرغم أن سارتر له ميولات إشتراكية، إلا أنه يفضل الحريات عليها، ولهذا عادى عبدالناصر.
رفض سارتر زيارة مصر إلا بعد أن أقنعه صديقه علي السمان بذلك، فزار مصر في 1966 مع وفد يتشكل من صديقته سيمون ديبوفوار وعلي السمان وكلود لانزمان الذي رفضت السلطات المصرية مجيئه إلى مصر بحكم دعمه للصهيونية، لكنها قبلت به في الأخير بحكم تأييده ومساعدته للثورة الجزائرية، فتجول سارتر في مصر، والتقى بالعديد من الشخصيات، كما ألقى محاضرة في جامعة القاهرة حول المثقف في الغرب الذي يرى أنه يعمل حسب قناعاته، أما المثقف في العالم المتخلف فهو يعمل لخدمة قضايا بلده الإجتماعية والإقتصادية والسياسية لأنه لم يحقق لطموحات الإنسان في العيش الكريم على عكس الغرب، كما عرج في محاضرته إلى الصراع العربي-الإسرائيلي. توجت هذه الزيارة الشهيرة بلقائه بعبدالناصر، والذي أدى إلى تغيير سارتر موقفه منه، خاصة بعد ما لبى مطلبه بإطلاق سراح مثقفين يساريين قد أعتقلهم عبدالناصر، كما أعجب سارتر بالتجربة الإشتراكية لعبدالناصر، ولاحظ فيه صدقه في ذلك.
يعد سارتر من أشد المؤثرين بفلسفته الوجودية في المنطقة حيث تبناه الكثير وعلى رأسهم الفيلسوف المصري عبدالرحمن بدوي، وكذلك المفك الإيراني علي شريعتي الذي يقول في محاضرته "ثالوث العرفان الحرية والعدل" بأنه متأثر بروحانية الإسلام وإشتراكية ماركس ووجودية سارتر، ويرى شريعتي بأن هذه العناصر الثلاث يجب أن يتبناها كل إنسان ومثقف. انقسمت المواقف من سارتر في منطقتنا ما بين داعم له بحكم وقوفه إلى جانب الحريات وحركات التحرر ورافض له بحكم دعمه للصهيونية، فهل يحتاج مواطنو منطقتنا اليوم العودة إلى فلسفة سارتر، ويجسدونها على أرض الواقع لتحمل مسؤوليتهم وإعطائهم دفعا لتغيير وضعهم المتردي يوما بعد يوم بدل الإستسلام للقدر وللإستبداد؟.

البروفسور رابح لونيسي



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجسيد الفعلي لمبدأ سيادة الأمة
- الثورة المضادة في مصر -درس للحراك الجزائري-
- معادلة الجيش والشعب ومواجهة رجال المال في الحراك الشعبي
- الحراك الشعبي-حرب نفسية في ظل صراع إرادات-
- مستقبل الحراك الجزائري-سيناريوهات وحلول-
- حراك شعب لإستعادة سيادته المصادرة
- تحويل الحراك إلى ثورة سلمية منتجة لنظام جديد
- شروط نجاح الحراك الشعبي في الجزائر
- بديل ثالث لخياري المقاطعة والمشاركة في رئاسيات2019
- فلسفة التاريخ في نجدة مستقبلنا
- ضرورة التحضير لما بعد رئاسيات2019
- تشكيك منظر للإرهاب في أركان الإسلام الخمسة
- مولود حمروش وفكرة إعادة البناء الوطني
- العنف السلطوي بين بن خلدون ومنظري الديمقراطية
- بوادر نظام ديمقراطي بديل في أوروبا
- فرحات عباس في ذكرى وفاته-مواجهة تشويه التاريخ الرسمي له-
- حسين آيت أحمد في الذكرى الثالثة لرحيله-أي مستقبل لإرثه؟-
- التفسير التاريخي لعلاقة الجيش بالسياسة في الجزائر(2)
- التفسير التاريخي لعلاقة الجيش بالسياسة في الجزائر(1)
- الرئيس هواري بومدين بين الإشتراكية والديمقراطية


المزيد.....




- بايدن: أنا صهيوني وفعلت للفلسطينيين أكثر من أي شخص آخر
- الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن مهاجمة سفينتين قبالة سواحل اليم ...
- إطلاق نار في مسقط يؤدي لمقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين
- قد تسكن البيت الأبيض إذا فاز ترامب.. من هي أوشا فانس؟
- أمريكا.. مديرة -الخدمة السرية- تكشف عن رد فعلها عندما علمت ب ...
- سلطنة عمان: قتلى ومصابون في إطلاق نار قرب مسجد.. والشرطة تصد ...
- الشرطة العمانية: مقتل 4 أشخاص وإصابة آخرين في إطلاق نار قرب ...
- أربعة قتلى بإطلاق نار في محيط مسجد بسلطنة عمان
- الشرطة العمانية: قتلى ومصابون في إطلاق نارفي مسقط
- الجيش الأميركي: الحوثيون شنوا هجمات متعددة على ناقلتي نفط


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - سارتر وعبدالناصر