|
في أسباب هزيمة يونيو 1967
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6252 - 2019 / 6 / 6 - 20:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
واحد وسبعون سنة مرت على النكبة ، واثنتا وخمسين سنة مرت على النكسة ، حيث فقد العرب وفي ظرف ستة أيام ، ثمانين الف كلومتر مربع ، سيناء ، الضفة الغربية ، غزة ، الجولان ، وبيحرة طبرية . وإذا قارنّا النتائج التي تولدت عن الهزيمة ، وهي نكسة امة ، ونكسة شعب ، بسبب هزيمة الطبقة البرجوازية التي لم تخض ابدا الحرب ، بالنتائج الخطيرة التي ستترتب عن صفقة القرن ، حيث يجري عن قدم وساق المخطط الخياني لتصفية ما بقي من آمال ، ولو خجولة ومحتشمة للقضية الفلسطينية ، وبمشاركة فعالة لأنظمة الخليج العربية ، ومصر ، وامام التراجع الخطير لكل فصائل منظمة ( التحرير الفلسطينية ) التي راهنت على سراب مؤتمر مدريد منذ سنة 1982 ، وسراب مؤتمر أسلو منذ 1991 ، وانتهى المسلسل المسرحية بسقوط تسعين بالمائة ما أراضي الضفة بيد الاحتلال ، في حين ان العشرة في المائة المتبقية ستسقط بالصفقة ، وليتم ردم كل آمال في العودة ، وفي القدس التي أضحت عاصمة الدولة الصهيونية ، وفي توطين اللاّجئين بدول تواجدهم ، وهضم الجولان ، وبحيرة طبرية ، ومزارع شبعا ... ومحو كل تطلع نحو حل الدولتين ، باكتفاء خونة رام الله بحل الحكم الذاتي ضمن سيادة الدولة العبرية .... لخ ، فان كل المعطيات تجمع على قرب نهاية صراع كان يسمى في ما مضى بالصراع العربي الإسرائيلي ، وليتحول من بعد ، ويتم اختزاله بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، بعد ان نفضت الأنظمة العربية الخيانية يديها عن قضية الشعب الفلسطيني . فهل وعت القوى الثورية الحقيقية ، والجماهير العربية الشعبية ، حقا أسباب الهزيمة ، ام ان الحال هو استمرار لسابقه ، بسبب تكلس العقلية العربية ، خاصة الأنظمة التي تاجرت بالقضية الفلسطينية ، ووظفتها لتأبيد الدكتاتورية والاستبداد ، باسم الدفاع عن فلسطين المفتري عليها . في السؤال افتراض يُطرح كما لو كان امرا مسلما به ، وهو الوعي المغيب لذا القوى الثورية ، بالأسباب الحقيقية التي أدت الى هزيمة يونيو 1967 . وفي رأيي المتواضع ، أننا اليوم بحاجة حقيقية وملحة الى ادراك هذه الأسباب ، والى وعيها . فليس صحيحا انها معروفة من جميع القوى الثورية ، ومحددة تحديدا واضحا من قبلها ، لذلك فللجواب على هذا التساؤل لا بد من تجزئته الى سؤالين : السؤال الأول ويتعلق بتحديد الأسباب التي أدت الى الهزيمة النكسة ، والسؤال الثاني يتعلق بالدور الذي تضطلع به القوى الثورية ، في السير على طريق التجاوز الحقيقي لأسباب الهزيمة النكسة في ضوء تحديدها ، التحديد العلمي الصحيح . وابادر الى القول جوابا على الجزء الأول من السؤال ، بانه من المؤسف والمؤلم في آن ، ان القوى الثورية العربية ، وحتى الطليعية منها ، لم تقف كلها الوقفة التقدمية الحقيقية ، التي على أساسها تستطيع ان تحدد الأسباب الموضوعية والذاتية ، التي أدت الى الهزيمة النكسة في يونيو 1967 . أقول ذلك برغم الكثرة من الكتب ، والدراسات ، والندوات ، والمؤتمرات التي كرست لهذا الموضوع ، ذلك ان البحث في هذا الموضوع بالذات ، يندرج بالحقيقة في سياق البحث في طبيعة حركة التحرر الوطني العربية ، والقوى الطبقية المكونة لها ، والقوى الطبقية التي تضطلع بدور القيادة فيها ، والمهمات المطروحة امامها ، والتطابق او انعدامه بين هذه المهمات ، وبين القوى الطبقية القيادية فيها . ولا نعتقد ان القضية تتعلق بالجانب الموضوعي ، إذا صح التعبير ، من هذه الأسباب ، أي بالدور الكابح الذي مارسته الامبريالية ، والصهيونية ، والرجعية العربية الخائنة ، والأدوات التي استخدمتها هذه القوى لقمع حركة التحرر العربية ، ومنع تطورها ، وضرب إنجازاتها ، بما في ذلك عن طريق استخدام العدوان العسكري الغاشم كما حصل في 5 يونيو 1967 ، على يد إسرائيل ، ذلك ان الكثير من حركات التحرر الثورية في العالم ، قد تعرضت لما تعرضت له ، وتتعرض له حركة التحرر الوطني العربية من هجوم معاد . ولعل ابرز مثال على ذلك ، الحرب الامبريالية التي شهدتها الفيتنام ، انقلاب الشيلي في سنة 1973 ضد سلفادور الندي بتخطيط من واشنطن ، بل لم يستطيع كل هذا النوع من التدخل والعدوان ، حتى عندما بلغ شراسته ، ان يقمع ثورة مثل الثورة الفيتنامية . فلماذا نجح العدوان ان يوقع في حركة التحرير الوطني العربية هزيمة نكراء ، وهزيمة في العمق من نوع هزيمة نكسة 1967 ؟ إذن المسألة تتعلق بالدرجة الأولى بالجانب الذاتي من الأسباب ، وهو يتأكد في كون القيادة الطبقية لحركة التحرر الوطني العربية ، لم تكن آنذاك ، وليست هي الآن القيادة الطبقية المؤهلة للسير بالحركة الثورية العربية الى نهايتها ، ونهايتها في عصرنا الراهن عصر الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية ، هي بالضرورة انجاز الثورة الاشتراكية ، وهي مهمة تعود الى الشعب ، والى الجماهير الشعبية العربية وحدها دون غيرها . ان هذا التناقض بين المهمات المطروحة اليوم امام حركة التحرر الوطني العربية المعاصرة ، وبين القوى الطبقية التي تضطلع بإنجازها ، هو أساس الازمة في حركة التحرر الوطني العربية ، الازمة المزمنة التي لا يمكن ان تحل ، الاّ بحل هذا التناقض . هنا يكمن السبب الحقيقي لهزيمة 5يوينو 1967 وما سبقها ولحقها ، من هزائم في حركة التحرر الوطني العربي . وان أي بحث لتحديد أسباب الهزيمة التي أدت ، وستؤدي الى مختلف النكسات التي لا نزال نشهدها مع صفقة القرن ، لا ينطلق من هذا التحديد ، هو بحث عقيم ، وخارج الاطار الصحيح لمعالجة هذه المسألة . إذا كان هذا هو جوابي على الشق الأول من السؤال ، فان جوابي على الشق الثاني منه ، يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى ادراك القوى الثورية العربية ، لحقيقة الازمة الراهنة في حركة التحرر الوطني العربية ، هذا الادراك الذي بدونه تبقى كل المعالجات لأسباب الهزيمة والهزائم الأخرى المتوالية ، معالجات سطحية غير ذات جدوى ، وغير ذات صلة بالموضوع الحقيقي . واعترف بمرارة ان الذين يدركون جوهر هذه المسألة هم قليلون ، ولذلك سوف نظل الى فترة طويلة ، نعاني ما نعاني منه الآن في الوطن العربي ، واحداثها الجسام ، وحتى التفاصيل منها كافية للدلالة على ذلك . أخيرا اريد ان أقول كلمة الخص فيها ، وبها الفكرة الأساسية التي ينبغي التوقف عندها بجدية وبعمق : المطلوب بإلحاح وبدون تأخر ولا تأخير ، وبحزم ، وبمسؤولية استثنائية ، من القوى الطليعية في حركة التحرر الوطني العربية ، قبل سواها ، ان تعمل من اجل ان يصبح الوضع الذاتي داخل الحركة الثورية ، متطابق مع الظروف الموضوعية في البلدان العربية الناضجة للتغيير . هذا التطابق الذي ينبغي توفيره ، لكي يحصل التغيير الجذري بالاتجاه الذي يتفق مع المهمات الموضوعية المطروحة ، امام حركة التحرر الوطني العربية ، وانّ أي تخلف عن تلبية هذه المهمة ، أي التغيير الجذري في الأوضاع الذاتية باتجاه تصحيحها ، سيعطي للقوى المعادية فرصا اكثر ، وامكانيات اكبر ، لكي تتابع هجومها ، ليس فقط على مكاسب حركة التحرر الوطني العربية ، بل على الحركة نفسها في وجودها ، لأنه سيقدم للقوى اليمينية في الحركة ، القوى المساومة فيها ، الفرص لكي تذهب في مساوماتها الخيانية بعيدا حتى النهاية . ففي مثل هذه الظروف ، وفي مثل هذه الحالة ، حصلت الخيانة في مصر ، وما حصل في مصر حصل بالأردن ، حصل بعُمان ، ويحصل بدول الخليج ، ويحصل من خونة رام الله ، وخونة غزة من التآمر على ما بقي من القضية الفلسطينية ، بالهرولة وبتشجيع صفقة القرن .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض ( المعارضة ) تنهش لحم الامير هشام بن بعدالله العلوي
-
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
-
La visite du conseiller principal du président Donald Trump
...
-
شروط الإمام المفتي في السعودية
-
عصر الشعوب / Le temps des peuples
-
خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم
...
-
10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال
...
-
جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
-
الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D
...
-
تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
-
ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال
...
-
مسيرة الرباط الثانية
-
الحركة النقابية المغربية
-
الجيش
-
تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال
...
-
تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
-
لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟
-
تقرير المصير
-
هل المغرب فعلا مقبل على هزّة شعبية ؟
-
تنظيم وقفات احتجاجية امام قصور الملك -- النقد الذاتي --
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|