|
قراءة في مذكرات سيمور هيرش
محمد الأزرقي
الحوار المتمدن-العدد: 6251 - 2019 / 6 / 5 - 18:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة في مذكرات سيمور هيرش محمد الأزرقي كرّس سيمور هيرش الفصول الثلاثة الأولى من كتابه للحديث عن اسرته ونشأته ودراسته ثمّ حصوله على عمل كمراسل في جريدة محلية اسبوعية. هاجر والداه من ليتوانيا وپولندا خلال وبعد الحرب العالمية الأولى. تزوّجا في شيكاگو ورزقا باربعة اطفال ولدوا على شكل توأمين، التوأم الأول بنتان. وبعد اربع سنوات ولد توأم آخر من صبيين. امتلك الوالد محلا لتنظيف الملابس وكيها يقع في منطقة فقيرة يسكنها الزنوج فقط في غرب مدينة شيكاگو. كان الصبيان يساعدان والدهما في المحل خلال عطل الأسبوع، وكان يصطحبهما للغداء وقضاء بعض الوقت في مسبح المنطقة صيفا أو لمتابعة لعبة بيسبول في الملعب المحلي. توفي الوالد في الصيف الذي تخرج فيه سيمور من المدرسة الثانوية وانتقل اخوه الى كاليفورنيا للدراسة الجامعية هناك، فتكفل هو برعاية أمّه وادارة المحل. انتسب لكلية حكومية للدراسة المسائية، وانتقل بتشجيع من أحد اساتذته الى جامعة شيكاگو لدراسة اللغة الإنگليزية. تمكن من ذلك بفضل مساعدة أمه وأحد العمال احيانا، حيث تناوب الثلاثة في ادارة المحل. حصل هیرش على أول عمل له في صحيفة اسبوعية، حيث أنيط به نقل اخبار نشاطات مركز الشرطة الرئيسي في المدينة. يذكر أنّه ذهب الى المركز وطلب نسخة من تقرير المحقق عن حادثة مقتل أحد الأشخاص السود. سمع صدفة الشرطي القاتل يتباهى بفعله، وكان الضحية قد فارق الحياة نتيجة إطلاقة واحدة في الظهر. أخذ التقرير وعرضه على أحد المحررين، الذي لم يبدِ أيّ اهتمام به. لا أحد يريد أن يلتفت الى ذلك التقرير عن الحادثة. ليس عنده دليل على أنّ جريمة قد ارتُكِبت، باستثناء ما قاله القاتل/الشرطي نفسه، وهو طبعا سينفي ما صرّح به. وعليه فقد وضع القصة جانبا. لم يحاول أن يجرّي مقابلة مع الشرطي الذي سمعه يتبجّح بإطلاق النار، ولم يحاول حتى الإتصال بالشرطي الآخر الذي كان مع القاتل في الدورية حينها. لم يرفع صوته احتجاجا في مكتب الصحيفة، وكتب يقول، "ملأني الحزن لضعفي وضعف مهنتي، التي قيّدت نفسها بالرقابة الذاتية بحجة المرونة. لقد كرهت هذين المفهومين منذ تلك اللحظة واخترت الطريق المغاير لذلك تماما." وهذا هو ما دفعه أن يكون صحفيا استقصائيا. غير أنّ "لعبته الكبرى في ميدان الصحافة"، كما وصفها، جاء وقتها حين كتب مقالة عن سكان امريكا الأصليين. استطاع بفعل أحد المواضيع التي تناولها أن يحدِث فرقا يتعلق بوظيفته كصحفي استقصائي، رغم أنّه لم يكن متأكّدا أنّ الموضوع نُشِر بشكل واسع في ولاية دَكوتا الجنوبية. أبدى اهتماما بتاريخ بعض قبائل سكان البلاد الأصليين في تلك الولاية، وبشكل رئيسي للوضع الشّاذ حسب اعتقاده في حينه. كانت ولاية دَكوتا الجنوبية الموطن الأصلي لحولي تسع قبائل من سكان أمريكا الأصليين، بما فيها قبيلتي شايان Cheyenne وأوگلالا سو Oglala Sioux المعروفتين بالزعامة البطولية، مثل رئيس القبيلة كرَيزي هورس، محارب قبيلة سو العنيد، الذي قاد ببسالة الهجوم ضد الجنرال جورج آرمسترونگ كَستر ووحدة الفرسان السابعة، حين اعترضهم في منطقة لتل بگهورن في شهر يونيو من عام 1876. يذكر هيرش انّه يوجد عدد محدود من سكان البلاد الأصليين ممّن يعملون في عاصمة الولاية، وليس هناك اهتمام يُذكر للمجلس التشريعي للنظر في ظروفهم، ويالها من محنة في أواخر عام 1962. كانت الأوضاع في مناطق تجميعهم القسري سيئة للغاية، إذ بلغت نسبة البطالة في بعض الحالات الى ما يقرب من 90% واشتداد الفقر وارتفاع حالات الإنتحار وكذلك ارتفاع نسب الإصابة بمختلف الأمراض، منها الإفراط في شرب الكحول. كانت المسألة تبدو له ممارسة للعنصرية، وأنّ ضحايا هذا التمييز خلافا لواقع الحال في شيكاگو، بعيدين عن الأنظار. وعليه أجرى بعض المقابلات بمعونة من أحد أخذه بسيارته الى مناطق تجمعاتهم. فعل ما هو مطلوب من أيّ صحفي، ولكن حسب ما أتيح له من الفرص والوقت. وهو يتذكّر بكلّ بوضوح إحدى قصصه عن العقبات التي يواجهها افراد قبيلة أوگلالا سو، وهي القصة التي وجدت طريقها للنشر في صحيفة شيكاگو تربيُن وهي من أكبر الصحف في المنطقة في حينها. ظهرت في أمريكا الشمالية حضارة النحاس وحضارة الصيادين بالبر والبحر ولاسيما حول البحيرات الكبرى بكندا والولايات المتحدة الأمريكية. كانوا يصنعون من النحاس آلاتهم بطرقه ساخنا أو باردا. لكنّهم لم يعرفوا طريقة صهره ولا كيفية صبّه في القوالب كما كان متبعا في العالم القديم منذ سنة 1500 ق.م. وفي المنطقة القطبية الشمالية مارس الامريكان الاصليون صيد الأسماك والحيوانات. وحين استعمرهم الأورپيون في القرن الخامس عشر الميلادي واجهوا تحديات كبيرة. ورغم أنّ البعض تعايش وتبادل التجارة مع المستعمر واستوعب تقنياته إلا أنّ المستعمر الأورپي استولى على أراضيهم وعمل على إبادتهم في كندا وأمريكا. وكانت تسمى هذه القبائل قبائل أوننداجو وموهوك وچيروكي. كما كانوا يعرفون جميعا باسم الهنود الأمريكيين أو الهنود الحمر. في كندا كان يطلق عليهم عادة شعب أبورجينال. حين وصل كريستوفر كولومبس عام 1492 أرضهم، كان عددهم يقدّر ما بين 40 إلى 90 مليونا. وحين جاء الإسپان وجدوا 50 قبيلة هندية في الغرب [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84]، بما فيها شعب بيبلو وكومانچي وبيمان ويمان، وكانت لهم لغاتهم المتنوعة. جلب الأورپيون معهم الأمراض كالجدري والحصبة والطاعون والكوليرا والتايفوئيد والدفتيريا والسعال الديكي والملاريا وبقية الأوبئة التي كانت تحصد ارواح السكان الأصليين. فمثلا، كانت السلطات البريطانية توزع عليهم الأغطية الحاملة للأمراض عمدا بهدف نشر الأمراض بينهم. أحد الذين فعلوا ذلك هو الجنرال جفري آمهرست، الذي سُمّيت احدى المدن باسمه. يفترض نموذج هجرات العالم الجديد أنّ نزوح سكان أمريكا الأصليين إليها كان من أوراسيا عبر جسر يابسة بيرنگيا الذي كان يربط شمال غرب أمريكا الشمالية ،ألاسكا الحالية بشمال شرق آسيا، سايبيريا عبر ما يعرف الآن خليج بیرنگ، بدأ قبل 16500 إلى 40000 عام تقريباً، وقت كان منسوب سطح البحر منخفضا أثناء العصر الجليدي. إستمر هذا النزوح لفترة غير معلومة المدى. كما تفترض النظريات أنّ السكان الأصليين نزحوا إمّا سيراً على الأقدام أو باستخدام قوارب بدائية على طول الساحل الجنوبي الغربي للمحيط الهادئ إلى أمريكا الجنوبية. انتشر الأمريكيون القدماء في الأمريكتين واستوطنوهما ليؤسسوا المئات من الأمم والقبائل ذات الثقافات المتباينة، وذلك قبل آلاف السنين من بدء استعمار الأورپيين للعالم الجديد في القرن الخامس عشر الميلادي. غير أنّ التقاليد الشفاهية للأمريكيين الأصليين تقول إنّهم قد استوطنوا الأمريكتين منذ بدء الخليقة، ويدعمون رواياتهم بالعديد من الحكايات التقليدية عن بدء الخلق. غير أنّ تحديد تاريخ الهجرة بالفترة من 40 ألف إلى 16500 سنة ماضية كان وسيظل عرضة لاختلاف علمي كبير. الشيء الوحيد المتفق عليه حتى الآن هو أنّ أصول الأمريكيين القدماء ترجع إلى آسيا الوسطى، وأنّ الانتشار الواسع في الأمريكتين تمّ في أواخر العصر الجليدي الأخير، أي منذ 16 ألف إلى 13 ألف عام من الآن. (نفس المصدر) أهم ما ذكره هيرش في فصله الرابع هو تعيينه مراسلا في وكالة الأسيوشيتد پرس لتغطية قضايا الحقوق المدنية في شيكاگو. لقد اتاحت له مهمته الجديدة فرص الإتصال واللقاء بالقس مارتن لوثر كنگ. كان ذلك خلال الأيام والليالي، التي جرت فيها تظاهرات صاخبة في الشمال ودعت للمقاومة. "كان كنگ عبقريا في معرفة نوايا الصحفيين واستطاع أن يميّزني وغيري ممّن اظهروا الموالاة للقضية. كان داهية في تفهّم الإعلام ودوره، وعليه فالأسيوشيتد پرس وأنا في نظره مهمون. فالأخبار التي ابعثها للوكالة تحتلّ واجهات العديد من الصحف الهامة، خاصة في المدن التي يوجد فيها توتر عنصري." في ليلة متوترة الأجواء في شيكاگو، تحدّث ووقع بصره عليه، فقال "كم هو صعب؟" ولوى بإصبعه نحوه وقصد أن ينتظره لأنّه يريد أن يفضي إليّه بالمزيد. كان يعرف أنّ تقارير كثيرة عن مسيرة تلك الليلة ستظهر في صحف صباح اليوم التالي. في الحقيقة بدأت الصحف تنشر نسخا اخرى لفترة ما بعد الظهر. ذكرَ، "وبعد حوالي عشر دقائق إنتحى بي جانبا واعطاني المزيد من المعلومات. ومن بعض تلك الإقتباسات اللاذعة، كان حول خيبة أمله بإدارة جونسُن لجعل شعلة القضية تتقد ليوم آخر." عندما يذكر موضوع حركة الحقوق المدنية الأمريكية، يخطر على البال مباشرة اسم قائد حركة الحقوق المدنية الأمريكية مارتن لوثر كينگ، الذي يُعتبر بطلا قوميا لدى غالبية الأمريكيين. إلا إنّه نفى عن نفسه دائما صفة البطولة وكان يذكر دائما أنّ الجماهير هي المحرك الأساسي لحركة الحقوق المدنية، الشباب والطلاب الذين خرجوا للشوارع، وعملوا بلا توقف بدون عنف وبلا انقطاع هم الذين صنعوا الظروف التي أتي فيها وصار بطلا أمريكيّا. [https://elaph.com/Web/NewsPapers/2006/1/120194.html]
شهدت الحركة مسارا جديدا في عام 1954 بقيادة كِنگ. وكان إعلان الرئيس تيودور روزفلت ينصّ على ضمان الحريات المدنية المتمثلة في حرية التعبير وحرية العبادة وحرية التحرر من الخوف وحرية التحرر من الحاجة. واستطاعت الحركة في اقل من 14 عاما بدء من عام 1954 حتى 1968، أن توجه الضربة القاضية لنظام الفصل العنصري. كانت البداية مع تحدي نظام ركوب حافلات النقل العام عندما رفضت امرأة سوداء اسمها روزا پاركز الانصياع لتعليمات سائق حافلة عامة بالنهوض ليجلس مكانها أحد الركاب من البيض، وتبع ذلك أن استدعى السائق رجال الشرطة بعد إصرار پاركز على عدم ترك مقعدها، وتمّ إلقاء القبض عليها بتهمة مخالفة القانون. كان للحادث اثر كبير في تأجيج مشاعر السود ضد الظلم والتمييز العنصري، فقاطع السود حافلات الركاب لمدة سنة. كما قام الطلاب بإعتصامات في عام 1960، بالإضافة إلى مسيرة واشنطن الكبرى التي ساهم فيها نصف مليون أمريكي أسود عام 1963 كانت من المؤشرات لبداية الفصل العنصري في الولايات المتحدة.
يطالعنا المؤلف في فصله الخامس بشرح بداية صدامه مع المؤسسة العسكرية، التي تكذب وتموّه وتغطي وتبرر ما تقوم به آلتها المدمرة في فيتنام. حدثت الأزمة الجديرة بالذكر في يوم 12 ديسمبر من عام 1966، حين أشار تحديدا الى وزير الدفاع روبرت مكنمارا ونائبه سيرَس فانس ومساعده الصحفي آرثر سِلفِستر. وصل هاريسُن سولزبَري من مجلة تايم الى هَنوي، فكان أوّل صحفي امريكي يُمنح تأشيرة دخول للبلاد منذ غزو رجال البحرية لفيتنام. كتب بعد يومين عن مشاهداته لأدلة عن قصف أمريكي واسع لهَنوي، استهدف بشكل واضح المدنيين. كان ردّ الپنتگون مباشرا وقاطعا بالإنكار التام لأيّ قصف داخل حدود مدينة هَنوي، وانطلقت إشاعات كرّرتها العديد من الصحف مفادها أنّ سولزبَري ومجلة تايم يقومان بدور العمالة الإعلامية للعدو. كان صاحبنا في طريقه الى مؤتمر صحفي "لمسؤولين أمريكيين" في العادة شخص أو إثنان من رفيعي المستوى ذكرا فيه جهلهما بما تحدّث عنه سولزبَري، وأنّ الضرر الذي اصاب المنشئات المدنية ناجم عن سقوط الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلقها دفاعات فيتنام الشمالية لاستهداف القاصفات الأمريكية. وهذه بطبيعة الحال كذبة يصعب "هضمها". كشف له ضابط كبير في الپنتگون اسمه كليرنس هِل سرّا عن معركة خاسرة وأنّ الجنرال، الذي قادها قد فُصِل بشكل سريع لأنّه رفض أن يفهم موضوع إمكانية ايقاع الفيتناميين لوحدة أمريكية في شرك. كان ذلك بحدّ ذاته مشكلة، وهو الذي جعله يتخذ قرارا عقيما للإيعاز لوحدة ثانية بالتقدّم نحو ارض المعركة على أمل التخفيف من حدّة المذبحة، لتقع هذه في نفس الفخّ وتتعرّض لخسائر فادحة. أخبره هِل بأنّ التغطية على الكارثة تضمنت ترقية الجنرال الفورية ونقله الى قاعدة عسكرية خارج فيتنام وفصلِه بعد ذلك. ورأی هيرش أنّ تلك الإجراءات كانت مهزلة محزنة. ثم يمضي المؤلف ليخبرنا أنّه اعتمد في كتابة تقاريره على مصادر المخابرات، التي اشارت الى أنّ الولايات المتحدة لديها صور التقطت من الجو تظهر الدمار الشاسع للمنشئات المدنية في فيتنام الشمالية. كما اخبِر بشكل محدّد أنّ ما يقرب من 59 منشأة مدنية قريبة من خطوط سكك الحديد في نواحي هَنوي قد تمّ قصفها، مع توفر الأدلة بأنّ العديد من القنابل لم تضرب اهدافها المرسومة. أظهرت الصور أنّ ثلاث قنابل فقط قد سقطت داخل محيط محطة قطارات هَنوي، لكنّ الصور كشفت ايضا وجود ما يقارب الأربعين حفرة خارج تلك المحطة. الإستنتاج الواضح هو أنّ أقلّ من 10% من القنابل قد اصابت اهدافها المرسومة. يتناول هيرش في الفصل السادس اهتمامه بموضوع الأسلحة الكيمياوية والجرثومية. كتب يقول، "لم يمضِ وقت طويل حتى عرفت أنّ امريكا ليست فقط تعدّ ابحاثا دفاعية في حالة هجوم روسي، كما يتكرر الإدعاء لإعداد اللقاحات المضادة والى غير ذلك، بل أنّه توجد دوافع قوية لتطوير الأسلحة الكيمياوية والجرثومية، التي يمكن أن تحدث تدميرا شاملا." نشر مقالة ضمنها قائمة تحتوي على اسماء 52 جامعة ومركز بحوث واساتذة وعلماء ممّن حصلوا على عقود عسكرية ارتبطت بحرب فيتنام. تحدث عن امكانية وقوع كارثة في حالة حدوث شيء ما قرب مراكز تطوير وانتاج تلك الأسلحة الفتاكة. حرّكت مقالته المشاعر فانطلقت تظاهرات الطلاب داخل الأحرام الجامعية للتنديد بذلك التعاون المخزي. استقال هيرش من وكالة الأنباء احتجاجا على عدم نشر تقاريره حول الموضوع، وأعدّ كتابا اصبح محتواه مادة للتحريض على مقاومة الحرب في فيتنام. بعد مرور خمسة عقود تقريبا على نهاية تلك الحرب، لا بُدّ من تذكير القارئ بحقيقة وجود ملايين الفيتناميين وآلاف المحاربين الأمريكيين القدامى وأسرهم، ممّن يعانون آثار الحرب الكيماوية التي شنتها الولايات المتحدة في فيتنام. لم تكترث قيادة أمريكا بمستقبل من سينجو من حربها في تلك البلاد، ولكي تمنع الثوار من الاستفادة من كثافة الأشجار كغطاء، ألقت القوات الأمريكية مواد كيماوية لتعرية الغابات وكشف تحركات الثوار والجنود الفيتناميين. إنّ العنصر الكيماوي المعروف باسم العامل البرتقالي يمثّل أحد أكثر التركات خزياً وعاراً للحرب ضد فيتنام، حيث إنه ما زال حتى الآن يسمّم الفيتناميين الذين تعرضوا له وأبناءهم يولدون بتشوهات خلقية، إضافة إلى عشرات آلاف الجنود الأمريكيين. رغم مرور هذه المدة الزمنية، فإنّ [http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/fbe9b2a4-d62f-4b58-b419-540a93638e2f] ثلاثة ملايين فيتنامي لا يزالون يعانون تأثيرات ذلك السلاح الكيماوي، ولعل نتائج تلك الحرب لا يمكن حصرها. نظرا لأنّ الولايات المتحدة لم تُعاقب على جريمة قصفها هيروشيما ونگازاكي بالسلاح النووي، فمن الطبيعي أن تستخدم الأسلحة الكيماوية والناپالم في فيتنام، وإذ لم تعاقب، فإنها كرّرت أفعالها في العراق، بل وأدخلت، قبل ذلك، الأسلحة الكيماوية في الحرب العراقية الإيرانية. جرّب هيرش حظه في السياسة عن طريق حملة انتخابات الرئاسة. أعجِب بما سمع حين ألقى السناتور عن ولاية منسوتا يوجين مكارثي خطابا مرتجلا عارض فيه الإفتراضات، التي كانت سائدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية حول سلطة الرئيس ليتدخّل عسكريّا اينما يشاء دون الرجوع الى الكونگرس. أثار موضوعا لا يزال ذا علاقة بأيامنا هذه، وهو الإصرار على أنّ المنصب لا يعود للشخص الذي يشغله بل الى "الشعب". "لدينا الآن سناتور رفيع المستوى وعضو عال في لجنة العلاقات الخارجية يُهاجم الرئيس، الذي ينتمي لنفس حزبه ويتهمه باتخاذ قرارات إنفرادية لتنفيذ حرب طاحنة. واكثر من ذلك أنّه مضى لتصوير تلك الحرب بأنّها لا اخلاقية." وهذا شيء لم يدر بخلد المؤلف أن يسمعه من سياسي أمريكي. أنّه ملمّ بالتاريخ وله الشجاعة والقدرة العقلية ويمتلك الكرامة. لاحظ أنّه القى خطابه بهدوء وابدى ثقة بنفسه واحتراما لذكاء من كانوا يستمعون اليه. لم يُبدِ استبدادا في الرأي، فتبدّدت شكوك هيرش وشعر أنّه اقدم على اختيار جيدٍ حين قرر أن ينضم للحملة كسكرتير صحفي. ذكر مكارثي أنّه قام بتكليف من جون كندي بزيارات لقادة امريكا اللاتينية الكاثوليك، خصوصا چِلي، ومن ضمنها تدبير تسليم حقيبة تحتوي على 50 ألف دولارا من ميزانية CIA لأحد القادة المناهضين للشيوعية. قام جِري إلر رئيس مكتب السناتور في الكونگرس بتسليم تلك الحقيبة شخصيا. لقد انزعج صاحبنا أكثر من تلك الأقاويل، فمن جهة حرّض ضد جاك كندي لتجاوز سلطته الرئاسية والتورط في فيتنام. وبعد خمس سنوات اصبح هذا الموضوع عنصرا اساسيا في حملته ضدّ لِندن جونسُن. لم يعتقد هيرش في السابق ولا فيما بعد أنّ لوكالة المخابرات المركزية يدّ في حملته، وليس لها علاقة بقراره لمنافسة جونسُن. طبعا لم يفصح للسناتور عن آرائه حول الوكالة، في الحقيقة لم يثر الموضوع اطلاقا خلال نقاشاتهما. حقق مكارثي نجاحا مشهودا في ولاية نو هامشر بتاريخ 12 مارس، إذ حصل على نسبة 42% من الأصوات باعتباره مرشحا من قبل الناخبين، الذين اضافوا اسمه الى قائمة الإقتراع write-in candidate. أدرك جونسُن أنّ حياته السياسية قد شارفت على الإنتهاء، لكنّه انتظر حتى يوم 31 مارس ليعلن أنّه لن يترشح ولن يقبل به حتى لو كلفه الحزب بذلك. قفز عندها بوبي كندي الى الحلبة وصرح أنّه سيكون معارضا عنيدا للحرب، كما كان مكارثي، الذي ثبطت همته وخارت عزيمته إثر ذلك، واستمر الحال على ذلك المنوال حتى بعد اغتيال كندي في كاليفورنيا. بدأ مكارثي يتصرف كسياسي يضع نيل اصوات الناخبين فوق الخيارات الأخلاقية. فمثلا الغى مكارثي سلسلة من اللقاءات والتجمعات الإنتخابية المخطط لها في المناطق التي يسكنها السود في مدينة ملواكي، دون التشاور مع سكرتيره الصحفي. وهو الأمر، الذي دفع هيرش لتقديم استقالته الفورية من الحملة بعد ثلاثة اشهر حافلة بالنشاطات والإجتماعات. وحين انعقد مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاگو، صاحبه الكثير من العنف والفوضى، وانتهى بقرار القيادة السياسية للحزب بترشيح نائب الرئيس هيوبرت همفري. علق هيرش على نتيجة ذلك المؤتمر بالقول، "برأيي أنّ مكارثي أفضل منه بكثير." طغت الحقيقة المرّة بفوز نِكسُن الجمهوري في الإنتخابات التي جرت في نوفمبر، واستمرت بفوزه حرب فيتنام. كرّس المؤلف فصله الثامن لتسليط الضوء على الأسلحة الكيمياوية والجرثومية. نمى الى سمعه نفوق 6400 رأسا من الأغنام في شمال ولاية نيفادا. من الطبيعي أنّه كان علي بيّنة من رشّ الغازات السامة والمواد الكيمياوية الحارقة خلال حرب بلاده في فيتنام، فشرع بحثه الإستقصائي عن الموضوع. ساعده اصدقاؤه الجدد من داخل عالم CBW لفهم ما عرضه برنامج 60 دقيقة التابع لمحطة تلفزيون سي بي أس، فكتب مقالة لمجلة پروگرَسِف. لم تذكر محطة التلفزيون مَن صور المواقع ولا اماكن تواجدها، لكنّها ذكرت أنّ جزء من الفديو قد تمّ تصويره من قبل الجيش في مخزن العتاد في پاين بلف، وهو مبنى سرّي في ولاية آركِنسا. لم تشِر أنّه يوجد على الأقل 251 نفقا تحت الأرض للتجميد، وتُسمّى هذه الأنفاق "أكواخ" تقع في محيط منطقة پاين بلف، وتستعمل هذه "الأكواخ" لخزن العناصر الجرثومية وتجميدها. لم تذكر المحطة كذلك أنّه توجد اماكن لتجميع مئات القنابل زنة 750 پاوند خلال ساعات فقط لنشر الآفات المرضية حول العالم. كما انّها لم تورد شيئا عن حدوث 3300 طارئا خلال فترة ثماني سنوات في قاعدة فورت دِترِك، نجم عنها حالة عدوى اصابت اكثر من 500 رجلا، توفي ثلاثة منهم، إثنان بمرض الجمرة الخبيثة، كما ورد على لسانه. يمضي المؤلف فيخبرنا عن عرِض فلم أشدّ انتقادا في مطلع شهر فبراير عام 1969 إسمه الثلاثاء الأول من اعداد محطة أن بي سي. اعترف معدّوه بقيمة برنامج 60 دقيقة، واخبر المشاهدين سلفا وبشكل مباشر أنّ هذا البرنامج لم يُعدّ بالتشاور مع الپنتگون. عرض البرنامج شريطا يزيد القلب خفقانا عن مختبرات تُستعمل فيها الأرانب والفئران للتجريب. كما اظهر جرافات تدفع اغناما نافقة الى حفر كبيرة لدفنها قرب حامية دَگوَي پروفنگ. الأكثر اهمية، أنّ برنامج الثلاثاء الأول كشف أنّ وزارة الدفاع قد دفعت ملايين الدولارات خلال فترة 6 سنوات الى معهد سمثسونيان في واشنطن، لإجراء بحث حول نماذج هجرة الطيور الى جزيرة بيكر، التي تمتلكها الولايات المتحدة. وهي جزيرة مساحتها حوالي الميل المربع تبعد مسافة 1700 ميلا الى الجنوب الغربي من هَنَلولو. كان الهدف واضحا، وهو أنّ امريكا تبحث عن مكان آمن في المحيط الهادي كي تستعمله ميدانا لاختبار فاعلية الأسلحة الجرثومية، حسب قوله. توصّل هيرش الى حقيقة اكتمال البحوث عن هذه الأسلحة في مختبرات في مَليزيا واليابان وانگلترا وإيرلندا وكندا والسويد وقبرص واستراليا والمانيا وتايوان. كانت قاعدة فورت دِرِك هي المركز الأساسي لبحوث الأسلحة الجرثومية، حيث عمل ما يقارب من 120 عالما من حملة الدكتوراه في عام 1968، إضافة الى 400 شخصا آخر بدرجات علمية أقل. كما كانت توجد وفرة من العلماء الشباب الراغبين في الحصول على منح من اكاديمية العلوم الوطنية للعمل في مشاريع بحوث غريبة في قاعدة دِرِك. وهذه أكبرقاعدة فيها مختبرات تستعمل الكثير من الحيوانات وتقتلها اثناء التجريب. "اظهرت الإحصاءات أنً 720000 من الحيوانات التي تتفاوت بين خنازير غينيا والقرود قد قتلت خلال عمليات التجريب كلّ سنة." كما عرف، "أنّ الآلاف من الجنود والمتطوعين قد خضعوا للتجارب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لمعرفة أثر العناصر الحيوية على البشر،" من ضمنهم متطوعين بلغ عددهم 1400 شخصا بعثت بهم إحدى الكنائس لهذا الغرض. قالوا للشعب الأمريكي أنّ حفنة من الجنود جُنَّ جنونهم في قرية فيتنامية تدعى ماي لاي وراحوا يقتلون أهلها بوحشية مريعة بتاريخ 16 مارس من عام 1968. انتهى الأمر بسقوط ما بين347 الى 504 ضحية من النساء والأطفال والعجائز. تجدر الإشارة الى أنّ 20 أمرأة وفتاة، ممّن لم تتجاوز اعمارهن 10 سنوات، قد تم اغتصابهن من قبل [https://www.nytimes.com/2018/03/16/opinion/the-truth-behind-my-lai.html] الجنود قبل قتلهن. لم تكن تلك اول جريمة حرب يقترفها الجيش في فيتنام، لكنّها تجاوزت غيرها في وحشيتها وضخامة عدد ضحاياها وفشل القيادة، بما فيها قائد الوحدة النقيب أرنست مدينا، الذي عمل بإمرة اللواء صاموئيل كوستر، نزولا الى قائد الفصيل الذي ارتبط اسمه بالمجزرة الملازم وليم كالي. كان الجنود خليطا من البيض والسود والهسپانك، من أصول كوبية ومكسيكية وپورتريكية. قبل اسابيع من المذبحة وفي قرية اخرى صفع جندي فلاحا اعزل يملأ ماء من بئر القرية فوقع في البئر. سارع كالي واطلق عليه النار فارداه قتيلا وهو في قعر تلك البئر.
يتعقب المؤلف في فصله التاسع خيوط تلك القصة بالبحث عن أثر الملازم الأول، وليم كالي، مجرم تلك المذبحة. وجده في قاعدة بنِنگ في ولاية جورجا، وتمكن من الإطلاع على ملفه العسكري ودوّن نصّ الإتهامات التي وُجهت اليه. انتظره حتى عاد من نهار قضاه في نزهة بقارب طاف فيه على سطح بحيرة قريبة. وحين قابله وقدّم نفسه، كتب يقول "وجدت نفسي أمام شاب مهزوز خائف قصير القامة ونحيل شاحب الوجه، بحيث يمكن رؤية الأوردة الزرقاء على رقبته وعلى كتفيه. كانت قصته المبدأية صعبة على التصديق، بطولة للقتال في السلاح الأبيض وتبادل اطلاق نار كثيف مصحوبا بالقاء قنابل يدوية وقذائف مدفعية لدحر الشيوعيين الأشرار." قضى هيرش الليل بكامله معه يستمع ويدون ويسأل من حين لآخر. ما الذي جرى حقيقة؟ بتاريخ 16 مارس من عام 1968 وبأمر من اللواء فرانك باركر، الإبن، حملت ثمان طائرات مروحية وحدة چارلي المؤلفة من ثلاثة فصائل وحطت خارج قرية ماي لاي. بدأ الهجوم في الساعة 7 و35 دقيقة، حين تقدم فصيلان ثم تبعهما الفصيل الثالث. لم يعر سكان القرية من النساء والأطفال والشيوخ انتباها كثيرا، لأنّ الأمريكيين مرّوا من هنا من قبل. كانت الأمهات تعد الرّز لوجبة الفطور، ولم تكن هناك نيران قناصة ولا وجود للفيتكونگ. بدأ افراد الفصيل الاول بتجميع سكان القرية. وفجأة وبدون أيّ استفزاز طعن أحد الجنود شيخا بحربته وعاجله جندي آخر بطعنة قاتلة في الظهر قضت على حياته. سحب نفس الجندي رجلا من الحشد يبلغ من العمر 40-50 عاما ودفعه الى الخلف حتى وقع في بئر الماء، وسحب من [https://www.fifthestate.org/archive/270-march-1976-2/lai-massacre/] حزامه قنبلة يدوية M26 وسحب صمامها والقاها في البئر. ثمّ دخل الجنود وقائدهم كوخا يستعمله القرويون للعبادة وقتلوا الموجودين جميعا من النساء والأطفال والشيوخ واحدا إثر الآخر برصاصة في الرأس وهم راكعين للصلاة. أمّا افراد الفصيل الثاني، الذي هاجم القرية من ناحية الشمال فقاموا بقتل الفلاحين المذعورين الذي احتموا باكواخهم، وبعد أن فرغوا من ذلك قاموا بقتل حيواناتهم. قام افراد الفصيل الثالث بقتل كلّ من حاول الهروب مستعملين الرشاشات التي توضع عند ابواب الطائرات المروحية. صاح النقيب أرنست مدينا، "اقتلوهم جميعا ولا تتركوا احدا منهم." تعثرت احدى النسوة فعاجلها جندي بوابل من بندقية M16، فخرت صريعة مضرجّة بدمائها. كما ابيدت على يد افراد الفصيل الثالث مجموعة من النساء والأطفال والشيوخ تنفيذا للأوامر. حين ركض البعض للإحتماء في خنادق للوقاية، لاحقهم الجنود والقوا عليهم القنابل اليدوية. خرجت إحدى النسوة من الكوخ تركض فزعا وهي تحمل طفلها الرضيع فاصبحت هدفا للرماية، وحين سقطت على الأرض تقدّم جندي نحوها ووضع رصاصة في رأس الطفل. أمسك ضابط امرأة من شعر رأسها وفجّر رأسها برصاصة من مسدسه عيار .45 calber "ادفعوا بهم الى الخندق،" أمر قائد الفصيل الملازم وليم كالي، الإبن، ثمّ شرع باطلاق النارعليهم وتبعه الآخرون، والقي عدد من القنابل اليدوية لإكمال المهمة. تبيّنت معجزة وقت قام طفل عمره سنتان حيا من بين اکداس الموتى وهو سليم ويبكي. حين ركض باتجاه الأكواخ المحترقة أمسك به كالي، ورماه داخل الخندق وصلاه بزخّ من الرصاص من مدفعه الرشاش ليتأكّد أنه لن يقوم حيّا هذه المرة. كما استعمل جندي بندقيته M16 ليوقف عويل طفل آخر يبلغ من العمر 3-4 سنوات وهو يحتضن جثمان امّه فاهتز جسمه النحيل. استعمل آخر حربته ليمزق ظهر طفل شدّ قميص امه وهو يحاول أن يرضع ثديها. كما اغتصبت فتاة بعمر 13 عاما بشكل وحشي من قبل عدد من الجنود، أطلق آخرهم الرصاص عليها. بحدود الساعة 8 و40 دقيقة انتهى كل شيء. لقد تمّ اعدام ثلاث مجموعات كبيرة من المدنيين ولوّثت آبار القرية بجثث القتلى وابيدت حيوانات الفلاحين واحرقت اكواخهم بما فيها. انسحبت فصائل وحدة چارلي بعد اكمال مهمتها لتبدأ مجزرة اخرى في قرية تالية اسمها ماي خي فقتلت 90 من الفلاحين الأبرياء وعوائلهم. وجد محققو الجيش فیما بعد قبورا جماعية في ثلاثة مواقع وقدّر أنّ فيها بقايا 450- 500 ضحية أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ، الذين قتلوا في ذلك اليوم. ما كانت اخبار مذبحة ماي لاي ترى النور لولا شهادة الجندي الأول رونلد رايدنأور البالغ من العمر 22 عاما، وهو من سكان مدينة فينكس في ولاية اريزونا. كان مسؤولا عن واحد من اربعة مدافع رشاشة تنصب عند بابي كلّ طائرة مروحية. كتب رايدنأور، بتشجيع من معلمه في المدرسة الثانوية، رسائل عن الجريمة المروعة الى عدد من المسؤلين الكبار، بما فيهم الرئيس نِكسُن. شعر الجيش أنّ سمعته في خطر فقام بفتح تحقيق واستجوب 36 شاهدا. واخيرا وبتاريخ 17 مارس من العام التالي، وُجهت اتهامات رسمية لأربعة عشر ضابطا، أهمهم اللواء صاموئيل كوستر والعميد جورج يونگ والعقيد أورن هندرسن والرائد فردرِك واتِك والنقيب تومَس وِلِنگهام والنقيب أرنست مدينا. في شهر يونيو اسقِطت تهم التغطية والتعتيم عن يونگ واثنين آخرين من الضباط. وفي شهر يناير من عام 1971 اسقِطت التهم ضدّ كوستر وواتِك وثلاثة آخرين عن مسؤولية العلم بقتل 20 مدنيا. إلّا أنّ كوستر قد خفضت رتبته الى عميد وسُحب منه "وسام الخدمة المتميزة." في شهر فبراير من عام 1970 وجّهت الإتهامات رسميا الى النقيب تومَس ولِنگهام، قائد فصيل برافو، من قبل الجيش بالقتل غير المتعمد لـ 20 مدنيا فيتناميا. أمّا كالي، فقد وُجّهت إليه الإتهامات في آخر دقيقة لغرض احالته للقضاء العسكري لقتل 109 مدنيا. أجريت المحاكمة العسكرية في قاعدة بَنِنگ، وصدر العفو عن جميع المتهمين، باستثناء كالي، الذي حكمت عليه المحکمة بالإقامة الجبرية في منزله. قضى كالي ثلاث سنوات منها، ثمّ اصدر الرئيس نكسُن عفوا عاما عنه. بعد أن فرغ المؤلف من اجراء مقابلة مع كالي واخرى عرضية مع ضابط طيار قاد مروحية خلال عامي 1966 و1967، وجد صعوبة في نشر ما كتب عن المذبحة في كافة وسائل الإعلام العامة. وفي الوقت الذي عقد فيه البرلمان البريطاني جلسة لمناقشة ما جرى، كان الصمت يلف الدوائر الأمريكية، الرسمية والإعلامية، التي بدت غير مبالية بما جرى أو سارعت لنشر الأكاذيب لتغطية الحدث المرعب. أتهِم هيرش "بعدم الإخلاص للوطن" أو انّ عمله الصحفي ليس إلا محاولات متعاطفة مع الجهات الشيوعية ويجب مقاطعة ما يكتب وعدم نشره، أو دعوته للمشاركة في ندوات التلفزيون العامة. الأ أنّ ذلك لم يثنِه عن المضي في استقصاء حقيقة ما جرى. كرّس الفصل العاشر لمقابلة أول من نشر اخبار المذبحة وبعض الشهود ومن شاركوا فيها. سافر من اجل ذلك في انحاء البلاد المختلفة، الى لوس انجلس واريزونا ويوتا والى نو جرزي ثم انديانا والى نو جرزي ثانية، الخ لمقابلة افراد من وحدة چارلي، سيئة الصيت. وهو الذي اقنع پول ميدلَّو، الذي كان بأمرة الملازم وليم كالي وقتل عددا كبيرا من ضحايا مذبحة ماي لاي، أن يحضر الى نو يورك لمقابلة تلفزيونية بثتها محطة سي بي أس وادارها مايك وَلاس. اعترف ميدلَو ببرود ظاهر بما اقدم عليه من قتل للأطفال والنساء والشيوخ، فسبب صدمة للمواطنين. وهو ما قالت عنه أمّه الفلاحة من قرية نائية في ولاية إنديانا شاكية، "اعطيتهم ولدا غِرّا، فاعادوه اليّ قاتلا شريّرا" جدير بالذكر أنّ ميدلَّو هذا انفجر لغم تحت قدمه اليمني في صباح اليوم التالي لتنفيذ المذبحة، فبُتر ذلك القدم. يمضي المؤلف ليقول، "إنّ مقالاتي الخمسة حول المذبحة هي التي رشحتني لنيل جائزة پولِتزر لعام 1970 لأهمية التقارير العالمية. وهو امتياز نادر لأيّ صحفي مستقل. كما حصلت على جائزة جورج پَولك، التي اسبغها عليّ فريق من زملائي لتميزي في ميدان الخدمة الصحفية. كما حصلت على جائزة وِرث بِگِم. وهكذا نلت الشهرة ومعها نلت المزيد من المال، الذي مكّنني من دفع مقدمة لشراء بيت صغير في واشنطن." ومع ذلك، " لا زلت اعاني من نفس الحيرة حتى بعد حصولي على جائزة پولِتزر. أین انشر ما اکتبه، واین اجد عملا؟" في الذكرى الخمسين لوقوع تلك المأساة، كتبت احدى الصحف العربية تعليقا حول الموضوع قالت فيه، [https://www.alyaum.com/articles/567510/] إنّ مذبحة ماي لاي تمثل بالنسبة لجيل كامل من الأمريكيين والأوروپيين والآسيويين نموذج الوجه الأمريكي القبيح. كتبت مجلة تايم الامريكية عقب إماطة اللثام عن تفاصيل المذبحة تقول، "تحمّل الضمير الأمريكي وطأة الاحساس الثقيل بالذنب عما حدث في ماي لاي، أمر لا فكاك منه". لكنّ القضية تطلبت ست سنوات أخرى قبل أن يفرّ الأمريكيون أخيرا في هلع من سايگون على متن مروحيات من على اسطح ثكنات السفارة الامريكية في أبريل عام 1975بعد أن خسروا 58 ألف قتيلا. وقعت أمريكا القوة العظمى في مستنقع الهزيمة والخزي والعار وهُزمت في حرب عصابات في واحدة من جبهات الحرب الباردة على يد عدو فقير تكنولوجيا، تكبد على حدّ قول الصحيفة، ما يتراوح بين مليونين وأربعة ملايين فيتنامي . بدأ المؤلف يلاحق الشهود ويتابع ليس فقط تفاصيل ما جري بل ايضا محاولات التستر على ماذا جرى. أدرك أنّ القادة في ماي لاي وغيرها من مناطق فيتنام اختاروا سلوكا واحد تكرّر المرة تلو الأخرى خلال تلك الحرب. وهو النظر الى قتل المدنيين ليس باعتباره جريمة وبدأ التحقيق باعتباره جريمة حرب وتحمل المسؤولية المهنية عن تنفيذها، بل النظر الى المذبحة باعتبارها مخالفة لقواعد الإشتباك، ومعاقبة من ارتكب مثل هذه الجرائم الكبرى على أنّها مخالفة لتلك لقواعد. بدأ بإعداد كتاب عن هذا الأمر. وفي وسط ذلك حصل على موافقة تأشيرة لدخول فيتنام الشمالية، وهو الأمر الذي حدا بصحيفة نو يورك تايمز أن تخطب ودّه ليوافيها بتقاريره عمّا كان يجري هناك. كان أوّل صحفي غربي يُسمح له بالدخول الى هَنوي منذ زيارة هَريسُن سولزبَرگ في اواخر عام 1966، وهو الذي كتب تقارير بالغة الأهمية عن آثار الحرب على فيتنام الشمالية في تلك الفترة. طار هيرش الى هَنوي في اواخر شهر فبراير من عام 1971. في الحقيقة، "كان هدفي الطموح هو أن اكتب عن الحرب غير المتكافئة واوضح كيف أنّ شعبا صغيرا ليس لديه قوة جوية يقف وجها لوجه ضدّ دولة عظمى ويحقق عليها انتصارا." لنتأمل لحظة تلك الحرب التي بدأت حقيقة بتاريخ 1 نوفمبر 1955 واستمرت لغاية 30 ابريل .1975 بلغت خسائر الفيتناميين خلال سنوات الحرب الثماني: • مليونا قتيل • 3 ملايين جريح • ما يناهز 12 مليون لاجئ. أما الأمريكيون فقدرت خسائرهم بـ: • 57 ألف قتيل • 153303 جريحا • 587 أسيرا بين مدني وعسكري تم إطلاق سراحهم بعد الإنسحاب الأمريكي عام 1975. • [https://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/5e657dea-6641-4aa9-9f19-f980f446cc4c] • من المعروف أنّ التورط الأمريكي بدأ قبل الإعلان الرسمي لأوّل مرة عن وصول لجان التدريب والإستشارة العسكرية في عهد إدارة كندي واستمرفي ادارة جونسُن وبلغ أوجه في إدارة نِكسُن، حين امتد القتال الى لاوس. وانتهت الحرب بانسحاب القوات الأمريكية بتاريخ 30 ابريل عام 1975، وكان جيرالد فورد هو الرئيس في ذلك الحين. لقد ارادت امريكا أن تحتل الفراغ الذي تركته قوات فرنسا المهزومة في معركة ديان بِيان فو عام 1954. قاتلت فرنسا معارك شرسة كان وقودها ابناء مستعمراتها في شمال افريقيا من الجزائر والمغرب ومن وسط غرب افريقيا، خاصة من غينيا وبنين والسنِگال وساحل العاج . فعلى سبيل الحصر ساهمت الوحدات العربية التالية في تلك المعركة: • الكتيبة الأولى، الفوج الأول المشاة الجزائرية. • الكتيبة الثالثة، الفوج الثالث المشاة الجزائرية. • الكتيبة الخامسة، الفوج السابع المشاة الجزائرية. الكتيبة الأولى، الفوج الرابع المشاة المغربية [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8] يُعتبر هيرش ثاني صحفي غربي حصل على تأشيرة دخول الى فيتنام الشمالية، وامضى سنة تقريبا وهو يكتب تقاريره ويبعثها من هَنوي. زار المناطق التي تعرضت للقصف الشديد وقابل عددا من المسؤولين الكبار في حكومة فيتنام الشمالية، خاصة ممّن شاركوا في مباحثات السلام في باريس. كما قابل بعض الأسرى من الطيارين الأمريكيين وعدد من الدبلوماسيين الأجانب في العاصمة. كان شديد الحذر فيما كتب ولم يعطِ فرصة لأحد أن يستغل وجوده لأغراض الدعاية. لقد رفض مرارا أن يكون ضيفا على إذاعة هَنوي واكتفى بمقابلاته وملاحظاته واسئلته ومناقشاته مع المسؤولين الحكوميين. يذكر أنّه في احدى المرات امضى 15 ساعة "وأنا اناقش ها فان لو وهوانگ تونگ،محرر صحيفة الشمال الرسمية والذي انضم الى صفوف الثوار وهو في سن 17 عاما، وجهة نظر هَنوي حول محادثات السلام في باريس. لم يكن هناك تظاهر بأنّهما زوّداني باقتراح جديد للسلام، بل حقيقة اعطياني معلومات مباشرة. كان ها فان لو ضمن الوفد لتلك المفاوضات وذهب وعاد ليشترك في المفاوضات مباشرة مع الوفد الأمريكي برئاسة هنري كِسِنجر. فحوى ما علمته هو أنّ الحكومة الفيتنامية في الجنوب، التي ترأسها في حينه نِگوِن فان ثو، يجب أن تسقط قبل الشروع بأيّة مفاوضات جادة حول السلام. أعطتني المناقشة فهما ممتازا لطلبات الجانب الآخر الأساسية." بعد كشف ماي لاي وفضح التستر عليها وعلى التحقيقات العسكرية بشأنها، انصرف في الفصل الثاني عشر للكتابة عن تكوين الغيوم برش المواد الكيمياوية في الجو لإحداث العواصف لعرقلة تحركات العدو وعدم كشف الطائرات المغيرة حتى لا تراها بطاريات المدفعية وتستهدفها بصوارخ ارض جو. كما بدأ يتابع التقارير عن قيام وكالة المخابرات المركزية بتاسيس شبكات لتهريب المخدرات في جنوب شرق ىسيا. وتابع ايضا الغارات الجوية لتدمير السدود في فيتنام الشمالية وانطلاق تلك الغارات من مطارات سرية في لاوس. واستطاع من اجراء مقابلة مع ثلاثة اسرى ممّن افرجت عنهم هَنوي لدواع سياسية محظة. اضف الى ذلك أنّه تبين له وجود ثلاث قضايا خلقت خلافات داخل وكالة المخابرات الأمريكية، التي كان على رأسها رچرد هِلمز، الذكي المعروف الذي دخل شبكة المؤسسة الحكومية في واشنطن. القضية الأولى هي معرفة هيرش بموضوع رفع الغواصة السوفياتية الغارقة وهي تحمل ثلاثة رؤوس نووية المستقرة في قاع المحيط الهادي، في عملية خُصص لها مبلغ 750 مليون دولارا، في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تستقطع من ميزانيتها المبالغ المخصصة لتوفير الحليب لطلبة المدارس العامة. والمسألة الثانية كانت عن وجود عملية اسمها عملية الفوضى، وهي مشروع سري وافقت على تنفيذه الحكومة عام 1967 لجمع المعلومات الشخصية عن المتظاهرين المناهضين لحرب فيتنام، وغيرهم من المنشقين. ومثل هذا النشاط يتعارض مباشرة مع مهمة وكالة CIA وميثاقها، الذي يمنع بشكل واضح تدخلها في الشؤون الداخلية أو ممارسة أيّ نشاط لها داخل الولايات المتحدة. المسألة الثالثة هي جهود وكالة المخابرات المركزية الحثيثة لتقويض حكومة سلڤادور أيندي في چِلي، وهو اشتراكي لم يخًف أو يخفف من نقد سياسات واشنطن الخارجية. غير أنّ انتباه روزِنثال كان مركزا على فضيحة ووترگـَيت فطلب من هيرش أن يلتفت اليها. وعن الموضوع الثالث ضمن اهتمامات هيرش المشار اليها اعلاه، علقت احدى المجلات العربية بالقول إنّ سلڤادور ايندي المرشح الرئاسي عن الحزب الاشتراكي في چِلي، أُنتخب بالأغلبية عام 1970، مما تسبب في قلق بالغ في واشنطن بسبب سياساته الاشتراكية العلنية والموالية لكوبا. فوّضت إدارة نِكسُن، بإيعاز من الرئيس نفسه، المخابرات المركزية بأن تشجع قيام انقلاب عسكري ليحول دون تنصيب أيندي، لكن الخطة لم تنجح. ظلت العلاقات الأمريكية الچِيلية شبه متجمدة أثناء حكم أيندى، بعد التأميم الكامل لكلّ مناجم النحاس المملوكة جزئياً للولايات المتحدة وللفرع الچيلي لشركة ITT الأمريكية، وعدد من المصالح الأمريكية الأخرى. زعمت الولايات المتحدة أنّ الحكومة الچيلية بخست قيمة تلك المصالح حين قيّمتها للتعويض عن التأميم بخصمها ما رأته تلك الحكومة "أرباح زائدة عن الحد". ولذلك، طبقت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية ضد چِلي. وقامت وكالة المخابرات المركزية بتمويل اضرابات مناهضة للحكومة خلال عامي 1972 و 1973، وحملة دعاية مضادة سوداء في صحيفة إل مركيوريو. وفي 11 سبتمبر 1973، لقي أيندي مصرعه أثناء انقلاب عسكري دموي قام به القائد الأعلى للجيش أوگوستو پينوشَيه، الذي أصبح رئيسا للبلد. وثمة وثيقة كشفت عنها المخابرات المركزية الأمريكية في عام 2000 بعنوان "أنشطة الـCIA في چِلي" أوضحت أنّ الولايات المتحدة عملت، من خلال وكالة المخابرات، على الدعم النشط لـطغمة عسكرية بعد الاطاحة بالرئيس الشرعي وأنّها جعلت من العديد من ضباط پينوشَيه عملاء بمرتبات لدى المخابرات أو القوات المسلحة. [https://www.marefa.org/%D8%A7%D9] سجّلت واشنطن پوست ورئيسها بِن برادلي سبقا صحفيا حين قام مراسلاها الشابان بوب وودوَرد وكارل بِرنِستين بالكشف عن فضيحة ووترگـَيت وبالتالي اسقاط الرئيس رچرد نِكسُن. شعرت نو يورك تايمز، التي تعدّ نفسها الصحيفة الأولى في البلاد، بالإحراج، وطلب رئيسها أيب روزِنثال من مراسله في مكتب واشنطن، ساي هيرش، أن يضع حرب فيتنام وهوسه بها جانبا وينصرف لمتابعة موضوع الفضيحة. قبل الأخير المهمة صاغرا وبدأ بحثه الإستقصائي وكتب العديد من المقالات، التي نشرت التايمز 40 منها. إدّعى هيرش، "أنّ تلك المقالات قرّبت مؤشر الإتهامات نحو نِكسُن،" لكنّه عرف جيدا أنّ مفاتيح الفضيحة كانت حقا في أيدي وودوَرد وبِرنِستين. بدأت فضيحة ووترگـَيت بعد إعادة انتخاب الجمهوري رچرد نِكسُن رئيسا للولايات المتحدة، وفوزه على منافسه الديمقراطي هيوبرت همفري. بتاريخ 17 يونيو 1972 تم اعتقال أشخاص اتهموا بالسطو ووضع أجهزة تنصت سرية في مكاتب الحزب الديمقراطي داخل مبنى ووترگـَيت بواشنطن، وتسجيل 65 مكالمة لأعضاء الحزب. في البداية أدين خمسة أشخاص حين اتهموا بأنّ لهم علاقة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، كما أدين شخصان آخران في القضية بتهمة "التجسس والشروع في السرقة". ثم توسع التحقيق لاحقا بعد كشف صحفيي جريدة واشنطن پوست بوب وودوَرد وكارل بِرنِستين عن وجود علاقة بين قضية السطو والتجسس والشروع في السرقة ومحاولة التغطية عليها من قبل جهات رسمية كوزارة العدل، ومكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة المخابرات المركزية والبيت الأبيض.
في مارس 1973 أرسل جَيمس مكورد، وهو أحد المدانين السبعة، رسالة إلى قاضي المحكمة اشار فيها إلى تورط جهات كبرى في القضية ليشمل التحقيق بعد ذلك طاقم البيت الأبيض، مما دفع الرئيس نِكسُن في 30 أبريل 1973 إلى إقالة اثنين من كبار مستشاريه بسبب علاقتهما بالقضية. وفي 17 مايو من نفس العام بثت جلسات الاستماع في القضية على التلفزيون، مما أدى إلى تدهور شعبية نِكسُن. كشفت التحقيقات الخاصة بالفضيحة أنّ لجنة التحقيق طالبت بأشرطة مسجلة لكنّ الرئيس نِكسُن رفض تسليمها مبدأيّا، لكنّ البيت الأبيض سلم الأشرطة بعد حذف بعض المقاطع منها مدعيا أنّها حذفت عن طريق الخطأ. اتهمت وكالة المخابرات المركزية بعرقلة التحقيقات بحجة أنّ "المقاطع المحذوفة تتضمن أشياء تمس أمن البلاد"، وفي 30 يونيو 1974 تم الكشف عن محتويات الأشرطة كاملة. أقرت المحكمة العليا بعدم دستورية استخدام الرئيس سلطته التنفيذية لحجب أجزاء من الأشرطة، وأدين بثلاث تهم، هي "استغلال النفوذ، وعرقلة مسار القضاء، وعدم الانصياع له"، إضافة إلى تهمة "الكذب على مكتب التحقيقات الفدرالي"، حيث اعتبره القضاء مشاركا في القضية. بدأ الكونگرس مناقشات لعزله. [https://shar.es/amnXzt via @AJArabic]
في حوار تلفزيوني مع الصحفي البريطاني ديفد فروست، أقر نِكسُن بـ"الأسف الشديد" لما حدث. لكنّ فصول القضية لم تنته بالأسف، فأعلن نِكسُن استقالته من منصبه في 8 أغسطس 1974. وإضافة إلى استقالة نِكسُن وإدانة 48 شخصا، فقد الحزب الجمهوري 5 مقاعد في مجلس الشيوخ و49 مقعدا في مجلس النواب لصالح الديمقراطيين، وإجراء تغييرات تتعلق بتمويل الحملات الانتخابية وجعلها خاضعة للرقابة الفدرالية.
"الحنجرة العميقة" هو بطل فضيحة ووترگـَيت الذي سرب المعلومات الخاصة بها للصحفيَين بوب وودوَرد، وكارل بِرنِستين، اللذين تابعا القضية لصالح صحيفة واشنطن پوست ابتداء من يونيو 1971، وأطلقت عليه وسائل الإعلام الأمريكية هذا اللقب لسنوات طويلة. لكنّ شخصيته الحقيقية ظلت مجهولة حتى وفاته عام 2005 حين كشِف عن هويته، ويدعى مارك وِليَم فِلت. كان فِلت مسؤولا في مكتب التحقيقات الفدرالي، وأنّه كان المصدر الرئيسي في الكشف عن الفضيحة، حسب تأكيد الصحفي بِرنِستين لاحقا. وجدير بالذكر أنّ الوثائق الخاصة بالفضيحة التي حصل عليها وودوَرد وبِرنِستين قد بيعت إلى جامعة تكسَس في مدينة أوستن بمبلغ 5 ملايين دولارا في 8 أبريل 2003. لعل ابرع وصف طرحه هيرش للمستشار والوزير كِسِنجر أنّ، "الرجل يتنفس كذبا، بل أسؤا من ذلك." يخبرنا المؤلف في فصله الرابع عشر أنّه امضى غالبية وقتيه في صيف عام 1973 وخريف عام 1974 في متابعة ثلاث قضايا اخرى تحمل بصمات كِسِنجر. وهي القصف السري لكمبوديا وقضية تزوير سجل غارات طائرات B52 على ذلك البلد، ونشاطات فريق البيت الأبيض من السباكين، وعمليات وكالة المخابرات المركزية السرية ضدّ حكومة الرئيس أيندي في چِلي. يتفاخر أنّه ساعد على طرح هذه القضايا أمام الرأي العام، ووجد معلومات جيدة تصلح لتكون عناوين بارزة في الصحف ووضع عددا من المسؤولين، الذين ارتكبوا اعمالا محظورة، أمام مسؤولياتهم. ثمّ يمضي للإدّعاء، "وهو ما ساعد على جعل إدارة نِكسُن غير قابلة على الإستمرار." كيف إذن افلت كِسِنجر من أيّة عقوبات؟ كيف تمكّن أن يفلت من كثير من الأعمال المشينة، التي قام بها الرئيس نِكسُن ومساعدوه الكبار؟ ولعل السؤال الأهم، لماذا انتخب الأمريكيون نِكسُن لفترة رئاسة ثانية عام 1972، رغم فضيحة ووترگـَيت وغيرها من الأهوال والفضائح؟ الحقيقة أنّ نِكسُن قد فاز بفارق 20 مليون صوتا على خصمه الديمقراطي وحصل على ثقة كافة الولايات وتأييدها، باستثناء ولاية ماسَچوسِت والعاصمة واشنطن. طرح بنجامِن براون عددا من الأسباب والمبررات لهذا [https://constitutioncenter.org/blog/why-watergate-didne28099t-affect-the-1972-election] الفوز الكاسح والقى باللائمة على الإعلام الذي لم يقم بدوره المطلوب في البحث والتمحيص بعد بروز الدلائل عن السطو على مكتب الحزب الديمقراطي في مبنى ووترگـَيت. السبب في رأيه أنّ الصحف كانت تخشى أن يُحرم مراسلوها من دخول البيت الأبيض. کما اطلِقت حملة مسعورة ضدّ مرشح الحزب الديمقراطي جورج مكگفرن، الذي لاحقه الإعلام بوصفه لِبراليا ويساريا متطرفا جدّا، تفتقر حملته الإنتخابية الى حسن التنظيم، الذي تميزت به حملة نِكسُن. أضف الى ذلك، نشر تقارير عن أنّ نائبه تومَس إيگلتُن خضع في ذات الوقت للعلاج النفسي بسبب حالة الكآبة التي كان يعاني منها، فاستدعى الأمر ترشيح سارجنت شرايفر بديلا عنه في آخر لحظة. لعل الأهم أنّ بوب وودوَرد وكارل بِرنِستين وكاثرِن گرام، ناشرة صحيفة واشنطن پوست، هم الذين توفرت لديهم المعلومات، لم ينشروا تفاصيل فضيحة ووترگـَيت حتى انتهت الإنتخابات بوقت قصير. "لو كان وودوَرد و بِرنِستين قد سجّلا سبقهما الصحفي مبكرا، لما اعيد انتخاب نِكسُن عام 1972،" بحسب ادّعاء براون. وبدلا من ذلك استمرت دراما ووترگـَيت تلعب على المسرح الأمريكي لمدة سنتين أخريَتين لغاية استقالة الرئيس في شهر اغسطس عام 1974. بعد أن فرغ المؤلف من فصله الرابع عشر الذي كرسّه للحديث عن هنري كِسِنجر، جعل فصله الخامس عشر للحديث عن النشاطات غير القانونية لوكالة المخابرات المركزية للتجسس على المواطنين الأمريكيين المناوئين لحرب فيتنام وغيرهم من اعضاء المنظمات المتمردة المطالبة بالمساواة وبالحقوق المدنية. تطرق هيرش الى مقالته، التي "اثارت غضبا وفزعا واسعين في اوساط الشعب لممارسة وكالة المخابرات المركزية CIA عمليات التجسس داخل البلاد. وترتب على ذلك قيام تحقيقين كبيرين من قبل لجان الكونگرس للبحث عن ادلة جديدة لتلك التجاوزات. غير أنّ ضغوطات الكونگرس من أجل الإصلاح قد جوبهت بعناد حاد من قبل إدارة فورد، التي قادها مدير مكتب الرئيس دونلد رامسفيلد ونائبه دِك چَيني، اللذان عملا ما بوسعهما لحماية الوكالة، التي مهمتها ممارسة نشاطاتها السرية للتجسس وجمع المعلومات حول العالم، منذ تأسيسها عقب الحرب العالمية الثانية." الحقيقة هي أنّ سجل العمليات السرية القذرة للوكالة المذكورة في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي لم يكن يدعو إلى الفخر. لقد دبرت وكالة المخابرات المركزية إنقلابات وإغتيالات في أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. لكنّ ضمير الكونگرس لم يستيقظ إلا بعد أن طالت العمليات القذرة نوابا منه في فضيحة ووترگـَيت، التي أطاحت بالرئيس الأمريكي رِچَرد نِكسُن في عام 1974.
بعد تلك الفضيحة المدوية التي تجسس فيها الرئيس على خصومه السياسيين، كثف الكونگرس تحقيقاته حول العالم الخفي لعمليات البيت الأبيض السرية تحت إشراف لجنة چرچ، التي سميت باسم السيناتور فرانك چرچ. حققت اللجنة في مجموعة واسعة من الانتهكات التي ارتكبتها السلطة التنفيذية بما في ذلك عمليات التجسس الداخلي ضد مواطني الولايات المتحدة، ورسمت اللجنة صورة غير قانونية عن أنشطة نفذت دون رقابة من المحاكم أو الكونگرس.
أمام سيل الفضائح، التي هزت العالم كله، أصدر الرئيس جيرَلد فورد في عام 1976 الأمر الرئاسي رقم 11905 الذي منع فيه الولايات المتحدة من تنفيذ إغتيالات أو إنقلابات سياسية، وكلِفت لجان الكونگرس بالإشراف علي عمليات المخابرات الأمريكية وعلى رأسها العمليات السرية. مهّد ذلك لقانون عام 1980 الذي أقره الكونگرس وأجبر به البيت الأبيض علي تقديم تقارير عن جميع برامج التجسس إلي لجنة الاستخبارات الجديدة التي أنشئت للمراقبة والمتابعة والمحاسبة. تعقد هذه اللجنة اجتماعاتها في الغرفة S407، وهي غرفة بلا نوافذ تقع في القسم العلوي من مبني الكونگرس ولا يمكن الوصول إليها إلا بمصعد واحد أو سلم ضيق وجهزت الغرفة بأجهزة متطورة لمكافحة التنصت من الخارج. هناك يلتقي أعضاء من الكونگرس وكبار العسكريين وشخصيات مؤثرة في السياسة الخارجية بجانب رجال وكالات الاستخبارات والهدف مناقشة أدق الأسرار وأكثرها أهمية في البلاد ووضع برامج التجسس الخارجية. ولكن ما أن وصل [HTTPS://AKHBARELYOM.COM/NEWS/NEWDETAILS/2578778/1] جورج بُش الإبن إلى البيت الأبيض ومعه نائبه دِك چَيني حتى عادت الشرعية للعمليات السرية ولم تعد أجهزة الاستخبارات في حاجة للتحايل على القانون بحثا عن تمويل لتلك العمليات، فأعلى سلطة في البلاد تشجعها وتدعمهما وتتسر عليها. يختتم المؤلف فصله هذا بالقول، إنّ كولبي اعترف في مذكرة رفعها للرئيس فورد بمناسبة اعياد السنة الجديدة، أنّ وكالته قد فتحت ملفات لجمع المعلومات عن حوالي 100 ألف مواطنا أمريكيا. بعد تركيزه على قضية تجسس وكالة المخابرات المركزية على آلاف المواطنين، انتقل المؤلف في الفصل السادس عشر ليغطي دور الوكالة في قضايا محاولات اغتيال زعماء أجانب ابتداء من فترة الستينات. ضمّت القائمة لومومبا في الكونگو وناصر في مصر وقاسم في العراق وسوكارنو في اندونيسيا وأيندي في چِلي، وعلى رأس القائمة بطبيعة الحال فيدل كاسترو. كان هؤلاء ابطال تحرر وطني في بلدانهم ممّن اعلنوا مناهضتهم لمطامع الدول الإستعمارية ومطامحها للتحكم في اقتصاد بلدانهم واخضاعها سياسيا. كما كتب هيرش عن تعاون الوكالة والبحرية الأمريكية في مشروع لانتشال غواصة نووية سوفياتية غارقة من قاع المحيط. كما نشر مقالة "ذكرت فيها أنّ البحرية الأمريكية كانت تنفذ عمليات تجسس داخل المياه الإقليمية للإتحاد السوفياتي طيلة 15 عاما على الأقلّ. كانت مهمتها المبدأية أن تتنصت على خطوط الإتصالا ت (الكيبلات) تحت سطح البحر ومراقبة تحركات غواصات الأسطول السوفياتي." من المعروف أنّ الحرب الباردة وما تمخّض عنها من عمليات التجسس بين القطبين بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، وبلغت ذروتها إبان ستينات القرن الماضي. أسقط الاتحاد السوفيتي طائرة تجسس أمريكية من طراز U2، كانت في مهمة لتحديد إذا ما كان السوفيت يوجهون صواريخ بإتجاه الولايات المتحدة. إستبعدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للرئيس الراحل، دوايت أيزنهاور إمكانية إسقاط طائراتها المعقدة التقنية، والتي يمكنها التحليق على ارتفاع 70 ألف قدم. إلا أنّه في الأول من مايو 1962 اختفت الطائرة أثناء التحليق فوق روسيا، واعتقِل الطيار فرانسِس پاورز. جعل القائد السوفيتي، نِكيتا خروچوف، حطام الطائرة معرضا عاما، وبعد تلك الإهانة أجبِر أيزنهاور على الاعتراف بأنّ أمريكا كانت تتجسس. بعد ثلاثة أيام من اجتماعه بالرئيس الكوبي فيدل كاسترو، لأول مرة، توجه خروچوف للمشاركة في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر عام 1960.هدّد الزعيم السوفيتي، الذي كان يؤمن بأنّ الاشتراكية هي المستقبل وأمريكا بحاجة لكبح الجماح، في كلمته بـ"دفن" أمريكا. إعتقد كنَدي بأنّ مهمة إدارة الحرب البادرة وهزيمة السوفيت تقع على عاتقه، وهذا ما بدا جليا في كلمته أثناء توليه الرئاسة في 20 يناير 1961. من أبرز ما جاء فيها "لتعلم كلّ أمة سواء ارادت لنا الخير أو الشر أننا سوف ندفع أيّ ثمن ونتحمل أيّ عبء ونواجه كلّ مشقة، ونؤيد كلّ صديق ونعارض كلّ عدو، [https://arabic.cnn.com/world/2014/06/06/cold-war-5-things-you-might-not-know] لضمان بقاء ونجاح الحرية." مع قيام رائد الفضاء، يوري گگارِن، بالطيران إلى الفضاء الخارجي والدوران حول الأرض لمدة ساعة و48 دقيقة في 12 إبريل 1961، خشي قادة أمريكا من العجز عن حماية الشعب، واعتقد البعض أنّ من يمتلك القدرات لإرسال بشر للفضاء قادر على وضع روؤس نووية هناك. وحول ذلك الإنجاز قال خروچوف، "الآن لندع الدول الرأسمالية محاولة اللحاق." تفجرت أزمة بفضول مستشار في وكالة المخابرات الأمريكية لدى مشاهدته ملاعب كرة قدم على ساحل كوبا في سبتمبر 1962، فعلق قائلا، "الكوبيون يلعبون كرة البيسبول والروس كرة القدم،" وهذا ما دعا للإعتقاد بوجود قواعد روسية في الجوار. صادق كنَدي على تحليق طائرة تجسس U2 فوق كوبا، بعدما طلب أدلة مقنعة خشية تكرار سيناريو خليج الخنازير، واقتنع بالصور التي قدمت له بأنّ السوفيت ينصبون صواريخ في كوبا. تخوف الرئيس الأمريكي الراحل من أنّ حياة 30 مليون أمريكي في خطر، بعدما قدمت له وكالة المخابرات تقريرا موجزا عن المناطق الأمريكية التي تقع ضمن نطاق أيّ هجوم نووي محتمل من الأراضي الكوبية. بتاريخ 22 أكتوبر 1962، اعلن الرئيس حظرا على كوبا، وخاطب العالم قائلا بأنَ أسلحة دمار ضخمة وبعيدة المدى تهدد أمريكا. وعندما أرسلت روسيا 22 سفينة باتجاه كوبا، اعتقد البيت الأبيض أنّها المراحل الأولى لحرب عالمية ثالثة. في اللحظات الأخيرة غيّرت السفن السوفيتية اتجاهها، وللمرة الأولى أقر خروچوف بوجود صواريخ سوفيتية في كوبا، مؤكدا بأنّها لأغراض دفاعية بحتة، ووعد بإزالتها حال تعهد الرئيس الأمريكي بعدم غزو كوبا. خصص المؤلف القسم الأخير من هذا الفصل لتغطية موضوع آخر. نُقِل عن صحفي التايمز الراحل جِمي برسلين قوله، "إنّ عصابات الجريمة المنظمة يقودها 9 ايطاليين ويهودي واحد." وهذا ما جعل هيرش يعد تحقيقا صحفيا وينشره في اربعة اجزاء عن ذلك اليهودي المسمى كورشاك. "ما كنت اتابع ضابط مخابرات رفيع المستوى، بل شخصا مدفونا بعمق داخل الدوائر الرسمية في واشنطن، ولا يتوقف عند نشر موضوع ينتقده، بل يسعى لإيجاد طرق اخرى لممارسة نشاطاته. في الحقيقة، كان هدفي أبعد من المحامي كورشاك، صانع الصفقات لدى الشركات الإحتكارية، التي ساعدته ووفرت له الحماية." تطرق هيرش في الفصل السابع عشر الى ثلاثة كتب ألفها عن كِسِنجر بعنوان "ثمن السلطة". كان الكتاب الثاني عن اسقاط طائرة الركاب الكورية فوق الساحل الشرقي للإتحاد السوفياتي وعنوانه "تدمير الهدف". أمّا كتابه الثالث فخصصه للحديث عن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي، الذي وضع له عنوان "خيار شمشون". ذكر عن الكتاب، "إنّ ما كشفته حول حجم ترسانة اسرائيل النووية اصبح القصة الرئيسية في صحيفة التايمز منذ أن نزل الكتاب الى الأسواق في خريف عام 1991. لكنّه سرعان ما اصبح واضحا أنّنا نواجه قوة اسرائيل ونجابهها، لإنّ نظرة تحليلية لدور امريكا منذ رئاسة دوايت أيزنهاور ومن جاء بعده من الرؤساء، هو الإذعان وتحاشي مجابهة اسرائيل بخصوص سلاحها النووي السري. خبت جذوة الإقبال على شراء الكتاب في الجانب الغربي من نو يورك، حيث محل سكنى العديد من اليهود، بعد أن اتضحت الرسالة التي يعبّر عنها الكتاب. وهي رسالة لا يريد أن يسمعها إلّا النادر من اليهود." وبصدد هذا قالت مجلة "ذا ناشنال إنترِست" الأمريكية إنّ البرنامج النووي الإسرائيلي هو الأكثر غموضا حول العالم، [http://beta.masrawy.com/news/news_press/details/2017/4/17/1062693] مشيرة إلى أنّ اسرائيل تمتلك برنامجا نوويا قويا رغم مخزونها النووي المحدود. وأضافت المجلة الأمريكية، أنّ السلاح النووي الإسرائيلي يهدف إلى ردع الدول المعادية من شن هجمات كيميائية وبيولوجية ضدها، وأوضحت أنّ إسرائيل سارعت إلى الانضمام للنادي النووي في خمسينيات القرن الماضي، وكان رئيس وزراء الاحتلال دَيفِد بِن گوريُن مهووساً بتطوير البرنامج النووي للدولة العبرية، لأنّه رأى أنّ امتلاك السلاح النووي للدولة الصغيرة، التي بدأت على أساس فقير، مسألة وجودية. اضافت المجلة إنَ بِن گوريُن أصدر تعليماته لمستشاره العلمي، إرنست دَيفِد بيرگمَن، بقيادة الجهود النووية السرية لإسرائيل، وتأسيس وترأس لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية. أقام شمعون پيريز، الذي تولَّى بعد ذلك منصبي رئيس الوزراء والرئيس الإسرائيلي، اتصالات مع فرنسا، لإقامة مفاعل نووي كبير يعمل بالماء الثقيل ومحطة لإعادة معالجة البلوتونيوم تحت الأرض، وبني المفاعل في ديمونة في صحراء النقب.هذا وكشف تقرير عن رسالة بريد إلكتروني خاصة بوزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولِن پاول، تمّ تسريبها في سبتمبر 2016، تحدث پاول فيها عن امتلاك تل أبيب ترسانة من 200 سلاح نووي. كرّس هيرش الفصل الثامن عشر للحديث عن بدء عمله في مجلة نو يوركر ومن ثم قضاء أربع سنوات في اعداد كتاب وفيلم وثائقي عن الرئيس جون كنَدي، الذي تمّ اغتياله في مدينة دَلاس في ولاية تكسَس عام 1963. صرف المؤلف الكثير من الوقت للتحقيق في نشاطات وكالة المخابرات المركزية ودورها الفعال في تنفيذ محاولات اغتيال زعماء اجانب في كوبا وامريكا الجنوبية وفي افريقيا. لم يُتهم جاك كنَدي مباشرة بالتصديق على الإغتيالات (الأوامر المباشرة باغتيال كاسترو)، لكنّ المؤلف اشار الى بوبي، اخيه ووزير العدل في حكومته، بالمساهمة والتصديق على محاولة اغتيال خلال اجتماع سرّي. "كان بوبي منسقا للعمليات السرية في كوبا وساهم بشكل متفرد في اجتماع لاستخدام عصابة جيانكانا، للحصول على حبوب سامة لقتل كاسترو. كما أنّ لديه معرفة أنّ هوفر قد حذر الرئيس اثناء تناول غداء معه من قضية تسجيل المكالمات الهاتفية التي يجريها مع عشيقته جودي أكسنر، وقت كانت لها ارتباطات بعصابة جيانكانا المذكورة. قطع كنَدي إثر ذلك التحذير كافة اتصالاته مع أكسنر. وبعد 6 اسابيع صدّق بوبي على امر الحصول على الحبوب السامة لاستخدامها في كوبا." ومع ذلك، فقد حقد عليه الناجون من الغزو الفاشل لكوبا، وعزوا الفشل الى تخاذل الرئيس كنّدي وتخليه عنهم في اللحظات الحرجة. وقد يكون لذلك علاقة بقضية اغتياله بعد اشهر. كان مخطط عملية الغزو يقوم على البدء بضرب أهم القواعد الجوية الكوبية قبل يومين من عملية الإنزال بطائرات تحمل شعار الطيران الحربي الكوبي ويقودها طيارون كوبيون. ثمّ يليها توجيه ضربة ثانية لتلك القواعد الجوية في صبيحة يوم الإنزال، بهدف شلّ حركة الطيران الكوبي وتمهيد الطريق للتدخل، ومن ثم ضرب الجسور البرية والحديدية في هَفانا والمناطق المجاورة. فضلت أمريكا في تلك الفترة البقاء بعيدة عن أضواء العملية، والتظاهر بأنّ العملية منظمة من قبل القوات المسلحة الكوبية وليست بتوجيه من الخارج. كان من المفترض أن تنطلق الطائرات من القاعدة الجوية الأمريكية في نِكراگوا وأن يتم التمويه لانطلاقها أمام وسائل الإعلام. بدأ بتاريخ 15 أبريل الهجوم السابق للإنزال بالقاذفات الأمريكية B26 على مطارات كوبا وأحياء هَفانا وسَنتياگو والعديد من المناطق المجاورة، وبدت الغارة الأولى وكأنّها نجحت في تحقيق اهدافها، كما ظن قادة العملية. ولكن في الحقيقة قبيل العملية كانت قيادة الجيش الثوري في كوبا قد غيرت مواقع العديد من الطائرات إلى مطارات احتياطية. رغم إخفاق العملية في أولى غاراتها إلا أنّ الرئيس كنَدي لم يلغ خطة الإنزال بل أصدر قرارا بإلغاء الغارة المقررة قبيل الإنزال. بدأ هذا الإنزال من السفن المتواجدة على شواطئ كوبا ليلا واستمر حتى فجر 17 أبريل. انتشر المئات من المرتزقة على الشواطئ بعد إنجاز الإنزال واتجهوا إلى الداخل، حيث كان لهم بالمرصاد المِليشيات الشعبية التي قاومت بعنف في محاولة لمنع هذه المجموعات من التقدم، وكسب الوقت لحين قدوم قوات الجيش الثوري. ومع ظروف غياب الدعم الجوي، ونفاذ الذخيرة، إنسحبت القوات الغازية إلى الشاطئ. حاولت سفن الدعم القريبة من الشاطئ إخلاء تلك القوات، إلا أنّها لم تفلح في جهودها. انتهت بذلك عملية خليج كوچينوس، أو خليج الخنازير بالفشل الذريع. كان من نتيجة هذه العملية [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8] أنَ الجيش الثوري الكوبي قد أسر 1179 شخصا من مجموعات الإنزال واستولى على خمس دبابات ثقيلة (شيرمان) وعشرات من الأسلحة الفردية .... "تبيّن من التحقيق مع الأسرى أنّهم جميعا من أنصار الرئيس السابق پاتيستا وصرحوا بأنّ المخابرات الأمريكية هي التي تولت تدريبهم لوقت طويل. كان لفشل العملية صدمة حقيقية للقيادة الأمريكية، وللرئيس الأمريكي جون كنَدي ذاته." كرّس هيرش فصله التاسع عشر والأخير للحديث عن امور عدة لعل ابرزها تأليفه لكتاب عنوانه (سلم القيادة) الذي فضح فيه جرائم التعذيب الوحشي للمعتقلين العراقيين في (سجن أبو غريب). ولكن مثلما حصل مع كشفه فضيحة ماي لاي، التي لم ينجم عنها وقف حرب فيتنام ووحشيتها، لم يفلح كتابه عن فضيحة أبو غريب في ايقاف الحرب في العراق ولا الحدّ من وحشيتها. في الذكرى الخامسة عشر للغزو الأمريكي للعراق، فتح واحد من أشهر معتقلي )سجن أبو غريب( سيء السمعة خزانة ذكرياته، ليروي قصصا مروعة عن التعذيب والإهانة الجسدية والنفسية والجنسية التي عاصرها وزملاؤه داخل السجن. وقبل سنوات تسربت صور مخيفة لتعذيب السجناء العراقيين في السجن الذي ادارته الولايات المتحدة، هزت العالم وتسببت في فضيحة للجيش الأمريكي. قرر علي القاسمي، أحد أشهر سجناء أبو غريب، أن يفتح أبواب ذاكرته، ليروي قصصا عن الإهانات التي تعرض لها نزلاء هذا المعتقل القريب من العاصمة العراقية بغداد. وقال القاسمي إنّ كافة المعتقلين داخل السجن "تعرضوا لانتهاكات وتعذيب وإذلال جنسي وإهانة واغتصاب وكثير من الأشياء السيئة". بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أصبح (سجن أبو غريب،) الواقع قرب بغداد، المكان الرئيسي لاحتجاز العراقيين المتهمين بجرائم ضد قوات التحالف الغربي، ومورست وراء جدرانه أعمال التعذيب والقتل. ولا يبدو أنّ الطفولة ولا الكهولة تشفع عند السجان في (أبو غريب)، فكل من كان فيه منتهك حسب رواية القاسمي، الذي أضاف: "رأيت طفلا اغتصبوه أمام أبيه. كان محققو الشركات يرتكبون جرائم شنيعة". القاسمي كان صاحب الصورة الأكثر شهرة في (سجن أبو غريب،) التي تظهره معلقا كشبح ومربوطا بأسلاك التعذيب بالكهرباء، ويقول إنّ جروحه النفسية أعمق من الجسدية. وأردف: "هناك جروح غائرة بالنفس صعب على الإنسان أن ينساها مهما طال الزمن". عرضت وكالة "رابتلي" إفادات وشهادات لضحايا آخرين كانوا نزلاء في السجن، تحدثوا خلالها عن الانتهاكات وأساليب التعذيب الوحشية التي تعرضوا لها. وكشف المعتقلون السابقون الذين لم تكشف الوكالة هوياتهم، عن الاضطرابات النفسية ومشاعر الخوف، التي يعانونها حتى الآن. وتحدث أحدهم عن التعذيب الجسدي الذي تعرض له والإذلال النفسي والجنسي، وعمليات قتل المعتقلين واغتصاب الأطفال التي كانت تتم دون سبب أو إدانة، وعلى مرأى من الجميع. طالب بعض ضحايا السجن بضرورة توفر مراكز إعادة تأهيل نفسية، تمكنهم من نسيان الظلم الذي لاقوه بعد الإفراج عنهم، وتوفر العناية اللازمة لهم ولجميع المعتقلين السابقين. [https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1032201] نقلت صحيفة دَيلي تِلگراف البريطانية عن الجنرال الامريكي انتونيو تابوگا، الذي اجرى التحقيق في انتهاكات (سجن ابوغريب) أنّ من الصور التي يطالب مجلس الحريات المدنية الافراج عنها ويحاول الرئيس بَراك اوباما منعها، هي تلك التي تحتوي على مشاهد جنسية فاضحة وانتهاكات واغتصابات، وقال انه يدعم قرار الرئيس اوباما بمحاولة منع الافراج عنها لأنّها تعرض حياة الجنود الامريكيين للخطر. وتظهر صور عملية اغتصاب لسيدة عراقية معتقلة، فيما تظهر صورة اخرى مترجما مصريا يحمل الجنسية الامريكية وهو يغتصب معتقلا شابا اخر، فيما تظهر صور اخرى انتهاكات جنسية واضحة تصور عمليات ضرب وانتهاكات جنسية للمعتقلين بأدوات مثل اسلاك، وانابيب فسفورية وما شابه ذلك وكلها في سجن ابوغريب الرهيب في العراق. جاءت التفاصيل الجديدة عن حجم التعذيب الذي مورس في (سجن ابو غريب) من تقرير الجنرال تابوگا، الجنرال الامريكي السابق الذي اجرى التحقيق في انتهاكات (ابو غريب). وكان التحقيق في تلك الإنتهاكات عام 2004 قد تضمن اتهامات بالاغتصاب الا انّه لم يكشف عن وجود صور. وقال الجنرال تابوگا الذي تقاعد عام 2007 انه يدعم قرار الرئيس اوباما، مضيفا أنّ الصور "تظهر التعذيب والاغتصاب واشياء اخرى غير لائقة". [http://www.almadenahnews.com/article/18417] ليس بخاف أنّ التعذيب الأمريكي في السجون لم يقتصر على (أبو غريب) بل مورس في الفلوجة والرمادي والكاظمية وتكريت والموصل والبصرة، وغيرها من مدن العراق الأخرى، فما الذي حصل لفرق التعذيب في تلك السجون؟ من العجب العجاب أنّ التفاتة العدالة الأمريكية اقتصرت على (سجن ابو غريب) فقط، ومع ذلك كانت التفاتة منقوصة. وقف عدد محدود من العسكريين أمام المحكمة، وضمت قائمة هؤلاء ما يلي: 1. مَيگن أمبول. اعترفت بالذنب لاتهام واحد فقط. فصِلت من الجّيش ولم تقضِ أيّة محكوميّة في السّجن. كانت واحدة من حريم گارنر، وتزوّجها بعد إطلاق سراحه. 2. العريف جَفال ديفز. إعترف بالذنب ضمن تسوية قبل الظهور أمام المحكمة. حُكِم عليه بالسّجن لمدة ستة أشهر قضى منها ثلاثة أشهر تقريبا في السّجن العسكريّ. 3. لندي انگلاند. حوكمت مرّتين ووجدت مذنبة وفق أربع مخالفات حُكم عليها بالسّجن 36 شهرا والفصل من الخدمة. أطلق سراحها بعد انقضاء نصف من مدة محكوميّتها. وهي واحدة من الحريم المحيط بالمجرم گارنر، وکانت تبدو حاملا وقت المحاكمة. 4. نائب الضابط إيفان فردرك الثاني. حكم عليه بالسّجن 8 سنوات والفصل من الخدمة مع تخفيض الرّتبة. أطلِق سراحه بعد أن أمضى ثلاث سنوات في سجن عسكريّ. 5. چالز گارنر. وجد مذنبا وفق 9 من أصل 10 تهم. حُكِم عليه بالسّجن لمدة 10 سنوات وتخفيض رتبته الى جندي وحرمانه من التّقاعد وفصله من الخدمة العسكريّة. قضى في السّجن 6 سنوات تقريبا من محكوميته. كان هذا من اقسى المعذبين وأحاط نفسه بحريم من المجندّات الأمريكيّات، ظهر معهن في "حفلات التعذيب." عمل قبل التحاقه بالجّيش حارسا في أحد السّجون المدنيّة، وعُرِف عنه ساديّته وعنصريّته المكشوفة. 6. سبرينا هارمن. وُجدت مذنبة وفق 6 من اصل 7 تهم. حُكِم عليها بالسّجن 6 أشهر وتخفيض رتبتها الى جنديّة وفصلها من الجّيش بعد انقضاء مدة محكوميتها. وهذه واحدة اخرى من حريم گارنر. 7. الرئيس ستيفن جوردن. هو الضّابط الوحيد الذي اتّهم بإساءة معاملة المعتقلين. لم تثبت عليه التّهم الثمانية، لكنّه اتّهم بمخالفة التّعليمات حول عدم الحديث عن مجريات التّحقيق، أو بالأحرى التعذيب، ووبّخ لذلك. تمّ في عام 2008 تبرئة ذمته ورُفعت كافة الإتّهامات والتّوبيخ من ملفه. 8. العميدة جنِس كارپنسكي. خفّضت رتبتها الى عقيد بأمر من الرئيس بُش نفسه. وُجّهت اليها اربع اتهامات ووجدتها لجنة التّحقيق مذنبة في تهمتين من أصل أربع تهم تتعلق بالتّحايل على اللجنة والسّرقة من أحد المتاجر! 9. العقيد تومَس پَپاس وُبّخ وغُرّم وأزيح عن القيادة لاستعمال الكلاب داخل غرف التّحقيق. 10. الرئيس جَري فِلبوم وُبّخ وأزيح عن قيادة وحدة الإنضباط العسكري رقم 32 لدورها في الفضيحة. 11. جَرمي سِفيتز أقرّ بذنبه وفق اتفاق مسبق جرى مقابل عدم احالته للمحاكمة، شرط أن يشهد ضدّ العسكريّين الآخرين المتّهمين بالفضيحة. حُكم عليه بعدم مغادرة مبنى وحدته لمدة سنة وفُصِل بعدها من الجّيش لسوء سلوكه وخُفّضت رتبته العسكريّة. [http://www.cnn.com/2013/10/30/world/meast/iraq-prison-abuse-scandal-fast-] وماذا عن ستيفن ستيفانوفچ، الذي تدرّب مؤلف كتاب (العواقب)على يديه وتعلم منه أساليب التّحقيق/التّعذيب وأجاد فيها باعترافه؟ أوصى اللواء أنتونيو تاگوبا، الذي انتدِب للتّحقيق في فضيحة (أبو غريب) وفي التّجاوزات في افغانستان، بتوبيخ ستيفانوفچ وسحب بطاقة الأمن منه وانهاء عقد عمله. غير أنّ توصيات اللواء المذكور قد وُضِعت جانبا من قبل إدارة بُش - چَيني- رامسفيلد، واستمر هذا الشّخص بعمله حتى تاريخ 26 أبريل من عام 2004. لم تتمّ إحالته الى محكمة عسكريّة باعتباره مدنيّا متعاقدا مع شركة كاكي. وانسحب الأمر على كافة متعاقدي الشّركة المذكورة. يختتم المؤلف فصله الأخير بالدعم الذي وفرته امريكا للإسلام السياسي، وهو أمر ليس بجديد فقد كانت امريكا ودول الغرب عموما قد ساندته كجزء من سياسة الحرب الباردة ومقاومة الأفكار الشيوعية واليسارية التي تطالب بالإستقلال والتحرر والعدالة والحرية. الا أنّ تلك المساندة صارت وباء على المنطقة في قارتي آسيا وأفريقيا. "ما من إقليم أو دولة دخلها الإسلام السياسي إلا واستحالت خراباً، انظروا إلى الجزائر وليبيا وتونس ومصر واليمن والسودان والعراق وسورية ونيجيريا ومالي وتشاد وبنغلاديش، ويمكن إضافة تركيا إلى القائمة، وغيرها. [https://www.al-akhbar.com/Opinion/269426] د. محمد جياد الأزرقي أستاذ متمرس، كلية ماونت هوليوك قرية مونگيو، ماسَچوست، الولايات المتحدة 5/6/ 2019 [email protected]
#محمد_الأزرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كتاب لن نصمت
-
قراءة في كتاب چومسكي -وداعا للحلم الأمريكي-
-
قراءة في كتاب چومسكي عن الإرهاب الغربي
-
العواقب: مذكرات محقق أمريكي
-
قتل أسامة بن لادن ومسالك الجرذان في سوريا
-
قراءة في كتاب تفعيل الديمقراطية لمعالجة ازمات الرأسمالية
-
قراءة في كتاب عصر التنمية المستدامة
-
لورنس الآخر
-
لورنس الآخر: حياة روبرت أيمز وموته
-
ألسباق للفوز بما تبقي من المصادر الطبيعيّة
-
دور حكايا الساحرات الخيالية في النمو النفسي والعقلي للأطفال
-
قراءة في كتاب ألمسألة ألأخلاقيّة وأسلحة الدّمار الشّامل مقار
...
-
غرباء مألوفون
-
التملص من جرائم التعذيب في السجون الأمريكية
-
الأمل الوهم - أوباما والصراع العربي الصهيوني (الحلقة الثالثة
...
-
الأمل الوهم - أوباما والصراع العربي الصهيوني (الحلقة الثانية
...
-
الأمل الوهم - أوباما والصراع العربي الأسرائيلي (الحلقة الأول
...
-
الأمبراطورية الصهيونية الأمريکية- الحلقة الرابعة
-
الأمبراطورية الصهيونية الأمريکية - الحلقة الثالثة
-
المرأة في الدخيل الجائر من التراث - الحلقة الأولی
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|