|
الإسلام والإعلان العالمي لحقوق الأنسان.
عادل محمد العذري
الحوار المتمدن-العدد: 6246 - 2019 / 5 / 31 - 02:53
المحور:
حقوق الانسان
عند الحديث عن حقوق الإنسان، يتبادر الى الذهن الوثيقة التاريخية المتعلقة بحقوق الإنسان الصادرة عن الجمعية العامة في الأمم المتحدة والمعلن عنه في باريس بتاريخ 10 - ديسمبر - 1948م، بموجب القرار (217)، والتي ترجمة الى أكثر (501) من لغات العالم. في هذا المقال نسلط الضوء على بعض بنود تلك الوثيقة، مع بعض ما ورد في القيم الإسلامية العالمية وكيف تم انحراف الأمة عن تلك التعليمات. جاء في ديباجة تلك الوثيقة الاعتراف بالكرامة المتأصلة للإنسان والمتعلقة بحقوقهم المتساوية على أساس من الحرية والعدل والسلام، وان تناسي أو تجاهل تلك الحقوق أدى الى ازدراؤها وقد افضيا الى الهمجية التي اذت الضمير الإنساني، ونتج عنها الاستبداد والظلم، الذي يتعرض لها الفرد في حرية القول والعقيدة، وكذلك في شتي مناحي الحياة السياسية والاجتماعية. واعتبرت تلك الوثيقة ان البشرية تمثل اسرة واحدة. وهو ما يتفق مع روح السياسة الإسلامية، باعتبار ان الإسلام دين الكرامة الإنسانية، والإسلام الذي نتحدث عنه ونؤمن به هنا نقصد به الدين ذات صفة الوحدانية، فلا يوجد دين اخر للبشرية، كما لا يوجد إله أخر لها، وان بقية المسميات ما هي الا عبارة عن ملل مختلفة بمسميات متباينة، كاليهودية والنصرانية. كما قال تعالي: " إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ – آل عمران –آية-19 ". واكد على الكرامة الإنسانية بقوله تعالى: " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا-الإسراء –آية-70 ". ففي هذه الآية الكريمة توضح شمولها للإنسان والبشر عامة دون تفريق مع التمييز أنه في الإسلام كانت البعثة خاصة، أما الرسالة عامة. للنظر في مواد الوثيقة التالية المصدر موقع الأمم المتحدة: http://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights/index.html. المادة 1: يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء. المادة 2: لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته. المادة 3: لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه. لنتأمل كيف عبر الإسلام عن المساوة الإنسانية ، ليتحرر الانسان من كل ضل للعبودية ، ويتحرر من ذل الحاجة والمسألة، ويطلب حقه في المساوة ، ويجاهد لتقرير هذا الحق حتى يناله، ولن يقبل عنه بديل، فقد قرر وحدة الأصل والدم ، فليس هناك دم عادي ودم سيد، أو من يدعي ان الدماء التي تجري في عروقه ليست من دماء العامة، كما ان الله لم يخلق احد من راس وآخر من قدم قال تعالي : " فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)- الطارق آية -5-6-7". وقال ايضاً: " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ – غافر-آية 67 ". وفي هاتين الآبتين ينتفي ان يكون انسان أفضل بطبعتيه من آخر، فليس هناك جنس او شعب بأصله وتكوينه أفضل من غيره. اقر الإسلام شرف أي انسان، مكتسب بصفته الفردية والشخصية، وذلك بفضل ما يقوم به من اعمال الصلاح والخير في مجتمعه، وليس بالانتساب الى أسرة أو قبيلة أو أي جهة مهما كانت صفتها، ووعده بالحياة الطيبة. قال تعالي: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ – النحل- آية-97". لا يقيم الإسلام أي اعتبارات للعرقية او اللغة والألوان والأعراف، وانه لا فرق بين عربي وأعجمي إلا مجرد اختلافات شكلية عرضية. وان التقوى هي المعيار الوحيد عند الله مصداقاً لقوله تعالي: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ –الحجرات-آية-13". والخطاب لعامة الناس في الآية فلا فخر أذاً باللون أو بالانتساب لأي عشيرة أو قبلية، فالاختلافات ليس إلا آيات تدل على قدرة الله في خلقه كما قال تعالي: " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ-الروم – آية -22 ". قد يقول قائل نعيش اليوم في وطن متغير، تتنازعه الحروب وهو نموذج لواقع إسلامي في اليمن، فما مدي تقييم الواقع مع تلك المبادئ؟ مما لا شك فيه أن الاستبداد السياسي المغلف بالغطاء الديني المنحرف أ والمستغل للعاطفة الدينية الجياشة لدى افراد المجتمع، يمررون المعتقدات الباطلة والفاسدة والتي ليست من الدين، ويهدفون الى تدمير بنئيه المجتمع وزعزعة ثقتهم بالدين فيصرفون الناس عن تلك المبادئ السامية الى فتن داخلية تطيح بوحدتهم الداخلية وهويتهم الوطنية، وتمزق الامة وهم بذلك يعتقدون انهم يحسنون صُنعا. ولو تمثلوا قول نبيهم في الإعلان العالمي لحقوق الانسان في حجة الوداع والذي ينبغي ان ينقش بما الذهب، عندما قال: المادة -1: أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا. أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. المادة-2: أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى. المادة-3: أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه. المادة-4-: فلا ترجعن بعدى كفارً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، وفي رواية الشيعة كتاب الله وعترتي. وهناك مبادئ أخري تتعلق بالاقتصاد وحقوق المراءة والإرث والدم، ولكن اكتفينا هنا بهذه البنود. لنوجه سؤال الى أهل الفكر الضال من الشيعة والسنة اين أنتم من هذا الإعلان الحقوقي في الفكر الاسلامي الذي سبق الغرب بقرون عديده!!!
#عادل_محمد_العذري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمن بين منزلة شرعية من لا يتفقون ومنزلة الولاية.
-
جُمهوريات الوطن العربي بين واقع اليوم وأحلام الغد .
-
غياب الدور الجماهيري عن ممارسة السلطة يجسد طغيان الحاكم السي
...
-
في سبيل فكر إنساني يخلصنا من الطغيان المتجدد
-
تساؤلات مشروعة عن الأحداث تبحث عن إجابات بين منطق العلم وتفس
...
-
كيف أرى في سبيل الله بعين سبيل الفلسفة؟
المزيد.....
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|