أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - تحديات العمل الإنساني














المزيد.....

تحديات العمل الإنساني


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6244 - 2019 / 5 / 29 - 18:01
المحور: المجتمع المدني
    



بقدر ما يثير الحديث عن «العمل الإنساني» مشاعر التعاطف والتضامن في المجتمعات المتقدمة، فإنه في الوقت نفسه يثير الكثير من الهواجس والمخاوف لدى الأطراف المختلفة في منطقتنا، بما فيها الدول الكبرى والمنظمات الدولية الحكومية وشبه الحكومية، إضافة إلى الحكومات والجهات الرسمية، ولكل تبريراته وحججه، فالأولى تحاذر من محاولة الحكومات استثمارها وتوظيفها في الصراع السياسي وحجبها عن معارضيها، والحكومات تخشى من استثمارها لأغراض خارجية بهدف التحكّم بمسار الصراع وتوجيهه، ومثل هذه الهواجس والمخاوف جعلت الأطراف المختلفة تنظر أحياناً إلى من يتوجّه للعمل الإنساني بعين الريبة والحذر، إنْ لم يكن الشك والاتهام أحياناً.
وتندرج تحدّيات «العمل الإنساني» في دراسات السلام وحلّ النزاعات، وهو حقل مهم من حقول العلوم الاجتماعية الذي لم يأخذ حظّه مثل الاختصاصات الأخرى، على الرغم من أن منطقتنا الأكثر حاجة إليه، بسبب الأعداد الهائلة من النازحين واللاجئين وضحايا النزاعات الدينية والطائفية والإثنية والحروب والصراعات المسلحة، تلك التي تعاظمت أعدادها في ظلّ ارتفاع شأن العصبيات ما دون الدولة وما قبلها، وهو الأمر الذي زاد من سوء الأوضاع المعيشية.
وإذا كان العمل الإنساني مفهوماً في البلدان المتقدمة، ويجري توقيره واحترامه، فإنه في بلادنا ما زال يثير علامات استفهام مختلفة، فبعض الحكام لا يقيم وزناً له وللعاملين فيه، وبالمقابل لا يقيم الباحثون والأكاديميون والعاملون في هذا الميدان أي اعتبار لصنّاع القرار، وبدلاً من التصالح بين المواطن والدولة، وبين صاحب القرار والمواطن، ترى في أحيان كثيرة أن الهوّة تتّسع والفجوة تزداد بينهما، فضلاً عن سوء الأوضاع الإنسانية.
لقد وضع القانون الإنساني الدولي قواعد عامة، إلّا أن المشكلة تواجه من يريد تطبيقه في ظلّ غياب وسائل التنفيذ، فضلاً عن عقبات السيادة التي تقف حجر عثرة أحياناً أمام المساعدة الإنسانية، بما فيها تقديم التسهيلات للعاملين في الحقل الإنساني.
في «مركز عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية» في «الجامعة الأمريكية في بيروت» وخلال ورشة عمل نوقشت فكرة أساسية تتعلّق بتحديات العمل الإنساني، في ظلّ تدهور الأوضاع الإنسانية في العديد من دول المنطقة، وتأثيراتها في العالم العربي ككل. فكيف السبيل إلى ذلك في ظل إشكاليات السيادة وما طرأ على مفهومها من تطور منذ مؤتمر هلسنكي لعام 1975 حول «الأمن والتعاون الأوروبي» الذي حضرته 33 دولة أوروبية وأمريكا وكندا، ولا سيّما باعتماد قاعدة حقوق الإنسان والتدخل الإنساني كجزء من مسؤولية المجتمع الدولي في ظلّ انتهاكات سافرة وصارخة؟ إلّا أن تطبيقات هذه المسألة وُظّفت لأغراض سياسية من جانب القوى المتنفّذة، وخصوصاً الولايات المتحدة، بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الكتلة الاشتراكية، التي استخدمت «مبدأ التدخل الإنساني» في إطار ازدواجية المعايير وانتقائية السياسات، وكان نموذجها الصارخ «احتلال العراق».
وشملت الحوارات ضرورة تمييز العمل الإنساني عن العمل السياسي والأيديولوجي، وإذا كانت مساعدة الضحايا هي الهمّ الأساسي، فلا ينبغي النظر إلى خلفياتهم الفكرية وانحداراتهم الدينية وآرائهم ومعتقداتهم، وهذا يتطلب أيضاً إقامة علاقة متوازنة بين الحكومات والمعارضات، فالعمل الإنساني ليس من وظيفته الوقوف مع المعارضات مثلما لا يدخل في اختصاصاته معاداة السلطات، وإنما هدفه تأمين وصول المساعدات الإنسانية المادية والمعنوية إلى الضحايا والمناطق المنكوبة، وبالطبع سيكون من واجبه أيضاً الحفاظ على استقلاليته المالية والسعي لردم الهوّة بين العمل الإغاثي والعمل التنموي.
إن تكلفة تهرؤ النسيج الاجتماعي باهظة في بلادنا، خصوصاً باستمرار ظواهر التعصّب ووليده التطرّف، وإذا وصل هذا الأخير إلى السلوك، فسيصبح عنفاً باستهداف الضحايا بالتحديد، ويصير العنف «إرهاباً» إذا ضرب عشوائياً، وهنا ينبغي مواجهة مكامن العنف البشري بجميع أشكاله، والبحث في سياسات تنموية بديلة عمّا هو قائم، لأن استمرار الحال على ما هو عليه سيؤدي إلى المزيد من تصدّع كيانية الدولة الوطنية، خصوصاً بتراجعها عن الاضطلاع بوظائفها الرئيسية، فضلاً عن صعود إرادات الجماعات السياسية وارتفاع سقف مطالبها في ظل الاستقواء بالميليشيات على حساب إرادة الدولة التي أخذت تتراجع. ولعل الكثير من البلدان العربية عاشت، وبعضها لا يزال يعيش، هذه الحال: اليمن وليبيا وسوريا وقبلها العراق والسودان والصومال وفلسطين بالطبع، وإنْ كان الاحتلال هو السبب الأساسي وراء ذلك.
وإذا كانت المنظمات الدولية لا تلبّي الحاجات الإنسانية، فإن معالجة الحكومات هي الأخرى ظلّت محكومة بالأجندات الخاصة والمشاكل الإدارية والبيروقراطية، لأن المواطن ليس هو الأولوية لديها، وإنما الأمن ولا سيّما «أمن النظام»، فالأزمة ليست بالغذاء والدواء، بل بالأوضاع الإنسانية التي خلقتها، وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية على صعيد المستقبل لجهة السلام المجتمعي والدولي وقضايا العنف والإرهاب، وهو الأمر الذي يقتضي لمن يريد التصدّي لمثل تلك المهمات تطمين مختلف الأوساط على عدم انحيازه لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، حيث يتلخّص هدفه في الجانب الإنساني، وحينها يستطيع كسب ثقتها من جهة، وثقة المواطن من جهة أخرى.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «ألغاز إرهابية»
- «عدالة» لاهاي!
- العراق: تفاعلات القوة ومعادلات التوازن
- حوار الكرد والعرب.. «القوة الناعمة»
- حرّية المعتقد:ضوء على وضعية المسيحيين في المشرق العربي
- الهوّية والتنوّع: الواقع والمستقبل
- العراق بين إشكاليتين - دويلات داخل الدولة وأزمات داخل الأزمة
- الاجتهاد في الإسلام والوعي بالتاريخ
- الاستثمار في التربية على السلام واللّاعنف
- نخشى العسكر أم «نلوذ» بهم؟
- عبد الرحمن اليوسفي - -الإجماع- حين يكون استثناء
- أخلاقيات التضامن الإنساني
- النساء والتطرّف
- «إسرائيلية» الجولان
- من يقرأ الدين بطريقة خاطئة سيتوصل إلى حاضر ومستقبل خاطئ
- مأزق ال «بريكست»
- اليسار والسترات الصفراء
- الأكراد و«حوار العقلاء»
- أتحفظ على مصطلح -المكوّنات- فالدولة هي اتحاد مواطنين أحرار ل ...
- أمريكا اللاتينية.. من اليمين إلى اليسار والعكس


المزيد.....




- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان ...
- أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
- بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
- بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - تحديات العمل الإنساني