أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - الصَبّار















المزيد.....

الصَبّار


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6239 - 2019 / 5 / 24 - 17:25
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الصَبّار رواية لسحر خليفة

الصبار رواية لسحر خليفة من اصدارات دائرة الاعلام والثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية ودار الجليل تقع على 223 صفحة من القطع المتوسط.

في الصبار وتتمتها عباد الشمس تقدم سحر خليفة صورة عن حياة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو وظروف الاحتلال ضمن مقطع زمني معين ومحدد، عمل روائي سلس يقطر الما ووجعا وهو يصور لنا معاناة ونضال شعبنا ضد الاحتلال واجراءاته العنصرية بصورة صادقة ومعبرة بعيدة عن صيغ التجميل والتزويق والتنميق.

تدور احدث الرواية في فترة السبعينيات من القرن المنصرم في فلسطين(نابلس) حيث تصور فيها سحر خليفة مظاهر الحياة الاجتماعية والانماط والقيم السائدة وتطرح للنقاش من خلال نص الرواية مشكلة وآفة اجتماعية مثلت ارقا وحالة من التوهان في صفوف الشعب الفلسطيني ونضاله؛ وهي موضع نقاش فكرة الرواية الاساسية ألا وهي فكرة العمل في المستوطنات الاسرائيلية وفكرة العمل تحت ارادة وامر ومصلحة ولحساب المحتل الاسرائيلي بشكل عام.

هذا طبعا دون ان تغفل الرواية عن مناقشة بعض الظواهر الاخرى السائدة في المجتمع او بعض الظواهر التي تتعلق بقيم مغيبة ومصادرة من المجتمع كحرية المرأة مثلا والحب والعمل في بلاد النفط او في بلد خارج الوطن واشكالية نظرة الداخل للخارج والعكس صفحة 107 ايضا، هذا بالاضافة الى اطلالة رائعة على كيفية التكني بالاسماء والالقاب في الحالة الفلسطينية مثل قصة اسم ابو العز وكيف جاء ومناسبة ذلك الاسم كما وردت القصة في الصفحات 127-130، اضافة الى طرح عديد من الاسئلة الشائكة والمعقدة والنابعة من الرحم المُعاش مثل :" من المسؤول عن عدم تصنيع البلد؟ من المسؤول عن تخلف العمال؟ لا ثقافة ولا تقنية ولا انتماء حقيقي للوطن" صفحة 133.

بطل الرواية اسامة الكرمي يعود لفلسطين عن طريق لم الشمل بعد ان فقد مواطنته بعد حرب النكسة في حزيران عام 1967 حيث كان يعمل في بلاد النفط ويدرس في الجزائر وسوريا. يعود الى ارض الوطن يتفاجأ بحالة من التماهي مع الاحتلال والتعاطي معه وكأنه امر عادي، تؤلمه تلك الحالة وتصبح موضع نقاش وحوار من زوايا ورؤى مختلفة:"

فمثلا تجد في الصفحة 74 رايا يقول: "كان الوف الفرنسيين يعملون في المصانع الحربية لهتلر.اتصدق؟".

وفي راي اخر تشكل لدى صاحبه من مواقف متعددة نجد تبريرا لهذا الموقف في الصفحة 86 يقول:" بعد ما رجعنا من الكويت اشتغلت بمعصرة زيتون. حاول ان يستغلني صاحب العمل بسبب قلة الاشغال. قرفت وتركت العمل عنده وحلفت ما ارجعله لو بموت من الجوع. بعدين اشتغلت سواق سرفيس على خط رفيديا نابلس وكانت الحالة مستورة. وسحبوا مني العرصات الرخصة . بدون سبب وحياة شواربك. وقعدت في الدار زي النسوان. وفي يوم كنت قاعد بالقهوة وايدي على خدي. كان في جيبتي70 قرش بالعدد. قال لي ابو النوف ما رايك ؟ الشركة الفلانية بحاجة لسواق...فكرت بالموضوع. قلتة يا زهدي يا ابو العيال بدل ما تهاجر وترتمي في بلاد الناس خليك في بلدك وحط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس...."

هذا عداك عن الوهم المتبادل في التواكل والاتكال بين ثنائية الخارج والداخل وايصال الناس والشعب الى هذا الحال من التوهان والضبابية للصورة وعدم وضوح الموقف؛ وهذا ما يتجلى بوضوح في الحوار الدائر في الصفحة 92:" سأله ابو صابر فجأة: وماذا في الخارج؟ اهناك بشائر حرب ام لا؟ طمني. قال اسامة، الاعتماد على الموجودين هنا. فالناس في الخارج يؤكدون بأن الاعتماد على الناس الموجودين هنا في الداخل".

هذا عداك عن تصاعد حدة الحوار الى ان يفضي الى مناكفة "ومعايرة" وتبادل الاتهام بين الخارج والداخل وهذا ما نلمسه في الصفحة107:" سمعت من العمة انهم طردوك من العمل في بلاد النفط. اصحيح هذا؟ توقف اسامة وضرب صدره بقبضته، تقصد لولا انهم طردوني من هناك ما عدت هنا، اليس كذلك؟ قل لا تصمت. اليس هذا ما تقصد؟
فسر كما شئت .
تفسيري الوحيد هو انكم تخلفتم عن الركب الثوري. الناس في الخارج يلاحظون هذا ويكتبون عنه.
يكتبون عنه ؟ دعهم يلاقوا ما نلاقي وسنرى اي الامراض ستظهر".

وفي خضم تصاعد حدة النقاش وتباين الرؤى المتعددة حول موضوع العمل في المنشآت الاسرائيلية او تحت سلطة وامر المحتل تبزغ على سطور الكتاب ابجدية مهمة ومحط تقدير وتلخيص للموقف برمته وللحالة الفلسطينية في الارض المحتلة في تلك المرحلة بشكل عام، وهذا ما نجده بوضوح على ظهر الصفحة 91 :"مرض. غبار. عدم وضوح في الرؤية . للصورة اكثر من بعد واحد، بعد الهزيمة والاحتلال. احتلال هذا ان انحلال؟ سيان يا بلدي سيان".

تمرّ عدة اسابيع على تواجد اسامة في الداخل، ولم يستطع تنفيذ اي من مخططاته ومهامه. كان يؤمن ايمانا لا جدال فيه بانه يجب مهاجمة ونسف باصات شركة ايجد التي تنقل العمال كي يكف العمال عن عملهم ودورهم المشؤوم صفحة 95.

تبدأ اولى مخططات اسامة الكرمي(بطل الرواية)بالظهور في الصفحة171 عندما يقرر ان يطعن ضابطا اسرائيليا بخنجر في منتصف سوق البلد وعلى مرأى من الجميع وهروبه وسط الجموع وهو ملثم بكوفية والده البيضاء، وفعلا هذا ما حصل.

ورغم تخفيه بكوفية والده البيضاء الى ان جنود الاحتلال يستدلون عليه ويقتحمون منزله بحثا عنه صفحة 177 ويعيث الجنود في البيت فسادا وتخريبا.

يلتجىء اسامه ومجموعة من الرفاق الى الجبل ويعتكفون به ويقررون ان يهاجموا باصات شركة ايجد بالقنابل :
قال اسامة : " العمال ارهبوهم فقط، لا تضربوا بالمليان صفحة 193" وهذا ما يحدث على ظهر الصفحة 194؛ ينهمر الرصاص وتنفجر قنبلة بالقرب من الشاحنة فتتناثر الشظايا في كل اتجاه وتنفجر الاطارات ودارت الشاحنة حول نفسها والعمال يصرخون. وفتح احدهم الباب والقى بنفسه. وتبعه اخرون...وصاح اسامة اضرب الباص الثاني. وانهمر الرصاص وتطايرت الشظايا وانفجرت الاطارات. وتوقفت الباصات الاخرى في المسافات البعيدة واستدارت وولت الادبار...".

يتفشى الخبر بين الناس كالنار في الهشيم :" الفدائيون هاجموا باصات العمال، معركة بين الفدائيين والجنود في منطقة دير شرف، اصابة بعض العمال، واستشهاد بعض الفدائيين، ومقتل بعض الجنود، ولا احد يعرف بقية التفاصيل" صفحة 204. ومن عند هذا السؤال والاستفهام المطروح في هذه الصفحة( لا احد يعرف بقية التفاصيل) تترك الرواية الاسئلة مفتوحة على نهايات متعدد وتترك المجال لان تعود بعض شخصيات الرواية لان تكمل المشوار في الجزء الثاني"عباد الشمس" .

لا تخلوا الرواية من بث وتصوير لبعض الافكار والمعتقدات الثورية في تعبير كامن من قبل الكاتبة عما يدور بخلدها من افكار ومعتقدات مستقاة من رحم الواقع ومن طبيعة البيئة المعاشة ومن تراكم ضغوط وتجارب اثرت في طبيعة وبنية وتفكير البشر تحت الاحتلال ومنهم الكاتبة نفسها، كل هذا طبعا رغبة منها لاحداث التغيير المطلوب في المجتمع من اشاعة قيم الحرية والتمرد والثورة والاستقلال (وقد يكون لتجربة الكاتبة الشخصية اثر كبير في ذلك) :"كان اسامة يعتقد ان لو عادل خرج من المنطقة والتقى بالرفاق في الخارج لاختلف الوضع. فهذه المنطقة المحصورة بين النهر وسياج العدو باتت تشكل خطرا جسيما على الفكر الثوري في المنطقة . لقد استوعبوهم ، أبطروهم، وغسلوا ادمغتهم بالاكاذيب والليرات"صفحة 96.

بقي ان نقول لقد نجحت سحر خليفة في رائعتها الروائية الصبار في ان تجسد لنا معنى الوطن وان تتغنى بكل ذرة تراب فيه دون ان تنسى ان لكل ذرة تراب معنى وحكاية، واحسنت كل ذلك وابدعت حين اوجزت كل تلك الافكار والمعاني فيما ذهبت اليه عندما قالت في سطور هذه الرواية:"
كل حبة تراب في هذا الوطن لها قيمة...
كل حبة تراب لها معنى...
كل حبة تراب هي قصيدة ....




#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهوض في زمن الركود؛ بكر ابو بكر نموذجا
- وداعا يا ذكرين
- رحلة لم تكتمل
- سنكون يوما ما نريد؛ محمود درويش
- موسم الثلج الحار
- شوارع المخيم
- ثمناً للشمس
- يهوذا الاسخريوطي والزواف
- وزير إعلام الحرب
- باب الرحمة
- بين ابو علندا وفرنسا
- ثلاثون قضية استخبارية وأمنية في اسرائيل
- ماجد ابو شرار؛ مسيرة لم تنتهي بعد
- وجدة في الوجدان 2-2
- وجدة؛ مدينة الالفية وعاصمة الثقافة العربية
- صورة الشهيد في رواية الجرمق
- كيف يولد التاريخ في فلسطين؟ -النصوص الدينية نموذجا-
- كيف تُبنى الامم؟
- -فتح- في يوميات مقاتل 2-2
- فتح في يوميات مقاتل


المزيد.....




- العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب ...
- وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات ...
- احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر ...
- طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا ...
- الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
- بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
- Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى ...
- بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول ...
- إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
- روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - الصَبّار