أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إحسان عمر الحديثي - وزارتا التربية والتعليم العالي والبحث العلمي بين الواقع والدمج















المزيد.....

وزارتا التربية والتعليم العالي والبحث العلمي بين الواقع والدمج


إحسان عمر الحديثي

الحوار المتمدن-العدد: 6235 - 2019 / 5 / 20 - 23:55
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ان الوقوف على إصلاح عمل أي مؤسسة، يقتضي القيام باجراءات عديدة منها؛ دراسة واقع حال تلك المؤسسة والظروف المحيطة بها، وتشخيص نقاط الضعف وتحديد مكامن الخلل والقصور، والبحث عن عوامل القوة والتغيير والتطوير والتحسين فيها، وذلك كله من أجل وضع رؤية تستشرف المستقبل بكل وضوح وشفافية فالبداية الجيدة تقود دائما الى نتائج جيدة تتوافق وما خطط له وشرع بتنفيذه وتقويمه.
كانَ مقترح دمج وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي - ولايزالُ – في وزَارَةِ واحدةٍ من الموضوعات الَّتي تُثارُ بين حينٍ وآخر، بدعاوى مختلفة ومسوِّغات، لعلَّ هذهِ الورقة محاولَةٌ لوضعِ اليَدِ علَى أهمِّ مَا يمكنُ استشرافُهُ في هذا السياق، وسَيكونُ مَدَارُ الورقَةِ هوَ الإجابَة عن تسَاؤلٍ مفاده :
هل الدمجُ سيُفضِي علَى حَلِّ المشكلات التي يعاني منها قطاعا التعليم العالي والبحث العلمي من جهة، والتعليم العام من جهةٍ ثَانيةٍ، أو سيخلق ملفًّا معقدًا يؤثر مستقبلًا بصورةٍ سَلبيّةٍ على مسيرةِ التعليم في كلٍّ منهما؟
غيرُ خَافٍ عَلَى المَعنيّينَ أنَّ الملف التربوي مثقلٌ بمشكلاتٍ كثيرة وكبيرةٍ في الوقتِ عَينِهِ قد يعاني منها أو من بعضها التعليم العالي، ومن ثم فَأوَّلُ المشكلات التي يمكن ان تواجه عملية الدمج هي اتساع مساحة أو رقعة الأعباء والتحديات في عمل الوزارتين، ومن ثَمَّ ضياع الجهود الرامية إلى الإصلاح والتقدم الذي حصل في أداء كل منهما، وصولًا إلَى أنْ يصطدم موضوع الدمج والغاية منه مع برنامج الإصلاحات الذي تدعو له الحكومة في تقديم تعليم عالي الجودة للمواطنين، وعلى وفقِ هذا الأساس لن يبقى أيُّ مسوغ لدعوة بعضهم إلى دمج الوزارتين، ومع ذلك قد يكون من الأهمية بمكان الإشارة إلى الاختلاف بين التربية والتعليم العالي في عددٍ من مفاصل العمل، من شأن ذلك المساعدة في تقديم رؤية واضحة لصاحب القرار فيمَا يَخُصُّ إمكانية الدمج من عدمه وكالآتي:
أولًا: الوظيفة والمخرجات ؛ إذ يختلف التعليم العالي عن التعليم المدرسي (العام) ؛لكونِ التعليم العالي يهتمّ (بالتخصص) فالطالب يدرس مجالاً معينًا يؤهله لسوق العمل في أحد ميادين العمل بعد أن ينال إحدى الشهادات في تخصص معين في أثناء دراسته الجامعية، أمَّا التّعليم العام فيهتمّ (بالتنشئة) عن طريق تزويد الأفراد بالمعارف والخبرات التي من شأنها مساعدتهم في بناء الثقة بأنفسهم ، فضلًا عن تحمّل جزء من المسؤوليّة المجتمعية، ويعمل هذا النّوع من التّعليم على نقل الثّقافة المشتركة من جيل إلى آخر.
وعليه فقد تتشابه المظاهر ولكن تبقى (فلسفة التربية في تنشئة الأفراد هي غير فلسفة التعليم العالي في اعداد الافراد أنفسهم)
ثانيا: من حيث ضخامة الهيكل الوظيفي وحجم الموارد البشرية (الادارة والاشراف)
مما لاشك فيه أن هناك بَونًا واسعا في الهيكل الوظيفي، وتوصيف المهام بين القائمين على التربية والقائمين على التعليم العالي والبحث العلمي والسبب واضح وجلي، إذ إنَّ سياق كل منهما يختلف عن الاخر، فمثلا مهام الوكيل الاداري في وزارة التربية هي غيرها في التعليم العالي، وهذا الأمر ينطبق على كل مفاصل الهيكل الوظيفي الإداري في الوزارتين.
أمَّا عن حجم الموارد البشرية فلا يكاد أحدٌ يختلف على أنَّ أعدادها في وزارة التربية تفوق كثيرًا الأعداد في وزارة التعليم العالي، وتقدر الموارد البشرية في وزارة التربية بـنحو (9) تسعة ملايين بين تلميذ وطالب ومعلم ومدرس ومدير ومعاون ومشرف ومدرب إلى غير ذلك ، في حين ان العدد في التعليم العالي أقل بكثير.
ويمكنُ القَولُ باختصار : إنَّ نظام التعليم العالي يختلف من النواحي الإدارية والفنية بدرجة كبيرة عن نظام التربية، وسيصبح من الصعب إيجاد مسؤولين بدرجة عالية من الكفاءة والخبرة يكون بمقدورهم التوفيق في إدارة عمل الوزارتين، وسيكون الرهان على النجاح هنا صعبا إنْ لم نقل: إنه مستحيلٌ.
ثالثا: من حيث مراحل التعليم (النمو) ومناهج التدريس
1. التعليم العالي فيه ثلاثة مراحل متقدمة من حياة الانسان العقلية والوجدانية والمهارية والاستقلال، ويطلق على المرحلة الأولى : البكالوريوس التي يمضي فيه الطالب من أربع إلى خمس وست سنوات بحسب التخصص الذي اختاره، أمَّا المرحلة الثانية : فهي الماجستير التي يمضي فيها الطالب من سنة إلى اثنتين بحسب التخصص الذي اختاره أيضًا وبحسب نشاطه فضلًا عن نظام الجامعة، أمَّا المرحلة الثالثة : فهي الدكتوراه التي يمضي فيها الطالب من سنتين إلى ثلاث بحسب التخصص الذي اختاره وبحسب نشاطه وبحسب نظام الجامعة أيضًا، وفي نهاية المدة عليه تقديم رسالة بحثية تناقشه فيها لجنة من أساتذة الجامعة تقرر ما إذا كانَ يستحقُّ أن يمنح درجة الماجستير أو الدكتوراه في التخصص الذي اختاره من عدمه .
2. اما التعليم المدرسي(العام) ففيه ثلاث مراحل ايضا (الابتدائية، والمتوسطة، والاعدادية) وهي تمثل مرحلة الطفولة والشباب وغالبًا ما يعتمد طلبة هذه المراحل على غيرهم لتوفير احتياجاتهم المختلفة ويتلقون فيها معارف ومهارات أساسية في الحياة.
وعلى هذا الإساس فإن المناهج التعليمية ستختلف تمامًا بين التربية والتعليم العالي، في الإجراءات والتنفيذ والتأليف والإشراف الى غير ذلك، ومما ينبغي الإشارة إليه هنا شيوع النظام المركزي في وزارة التربية في حين تتمتع الجامعات بنوع من اللامركزية في هذا الجانب .
رابعا : من حيث التاريخ
من الاهمية بمكان الإشارة الى تاريخ تأسيس الوزارتين، إذ يعود تأسيس وزارة التربية إلى أول حكومة في تاريخ العراق الحديث سنة 1920 من القرن الماضي وكانت باسم وزارة المعارف والصحة، ثم أصبحت وزارة المعارف منفصلة عن وزارة الصحة في (10 ايلول سنة 1921) ، أمَّا التعليم العالي فكانت مؤسساته تتسم بالاستقلال ونموه قائمًا على أساس الحاجة التي تقتضيها المصلحة العامة فكانت البدايات مع دار المعلمين العالية لتأهيل المعلمين والمدرسين للتعليم وتلبية لحاجات التعليم وانتشاره، ومدرسة الهندسة التي كانت نواة لكلية الهندسة وكلية الحقوق إلى غير ذلك من الكليات ووالمعاهد والجامعات التي استمرت عملية استحداثها، إلى عام 1970 حيث صدر القانون رقم 32 الخاص بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،وكانت لعوامل النمو السكاني وزيادة الطلب على التعليم دور كبير في اتساع رقعة التعليم العالي وانتشاره في عموم المحافظات العراقية
إن الناحية التأريخية التي جاءت على وفق رؤية قانونية حددت بموجبها مسارات عمل الوزارتين على أن يكون عملُ كُل واحدةٍ منهما بمعزلٍ وبشكلٍ مستقلٍّ عن الأخرى لتحقيق أهداف تنسجم وحاجات العراق التنموية والنهضوية، تشير إلى أنَّ الفصل هو الذي دفع باتجاه تحقيق تقدم ونجاح كبير للوزارتين.
خامسا: التجارب الدولية
((الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أَولَى بها)) ونستدل بهذا الحديث الشريف على أهمية تجارب الآخرين والإفادة منها، وفي هذا الصدد نجد عددًا غير قليل من الدول توجد فيها وزارة واحدة للتربية والتعليم العالي، الا ان ما ينبغي الاشارة اليه هنا ما يأتي:
1. ان الجامعات في هذه الدول تعمل بمبدأ الحريات الاكاديمية واستقلالها الاداري والمالي، وهي من تضع سياساتها وبرامجها التعليمية الى غير ذلك، على خلاف نظام عمل جامعاتنا في العراق، بمعنى أن اعباءً ومشاكلَ كبيرة سينوء بحملها من يتسنم قيادة الوزارة في حالة دمجهما معًا.
2. الاختلاف الكبير في النظام الوظيفي والفني ومواردها البشرية الذي اشرنا اليه في (ثانيًا)، فادارة الجامعات هي غير ادارة المدارس، وطلبة الجامعة غير تلاميذ رياض الاطفال والابتدائية والمتوسطة والاعدادية، وهنا قد نقع بمشكلات قد يكون النظام التربوي والتعليمي في غنى عنها.
3. فصل البحث العلمي عن التعليم العالي، فالدول التي فيها وزارة واحدة للتربية والتعليم، يكون لديها وزارةٌ أو مجلسٌ للبحث العلمي، وعملية دمج الوزارتين تقتضي التفكير مليًّا بتشكيل هيئة عليا للبحث العلمي ترتبط بمجلس الوزراء أو برئاسة الجمهوريَّة ، وهذا الأمرُ كانَ معمولًا به في ثمانينيات القرن الماضي.
وكما أن هناك ثَمَّة تجارب لوزارة واحدة للتربية والتعليم في كثيرٍ من الدول فان هناك عِدَّةَ تجارب أخرى لدول فصلت عمل الوزارتين، ولكل من الدول مسوِّغاتها في ذلك ممَّا يدعونا إلى التفكير مليا والاخذ بنظر الاهتمام الاسس القانونية والعلمية والموضوعية، فالواقع التربوي والتعليمي العالي لا يحتمل مزيدًا من الأعباء والتحديات التي قد يصعب تلافيها، ومشكلات قد تزيد الطين بِلَّةً.
إن الحلَّ الأمثلَ - من وجهةِ نَظَرنا- يكمنُ في إيجاد المجلس الوطني للتربية والتعليم العالي الَّذي يمكنُ أنْ يُمَثِّلَ حلقةَ الوصل بين الوزارتين، ويضمن للجميع تكامل العمل ومأسسته وتحقيق الأهداف المرجوة .



#إحسان_عمر_الحديثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقترح تشريع قانون المجلس الوطني للتربية والتعليم العالي والب ...
- تنويع التعليم في مرحلة التعليم قبل الجامعي (النّظامان: التطب ...


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إحسان عمر الحديثي - وزارتا التربية والتعليم العالي والبحث العلمي بين الواقع والدمج