|
توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ المغرب من التفسخ
المناضل-ة
الحوار المتمدن-العدد: 1539 - 2006 / 5 / 3 - 12:17
المحور:
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
ما زالت حركة عمال المغرب النقابية أداتهم الرئيسة، لحد الآن، في الدفاع عن مكاسبهم، وفي السعي إلى تغيير وضعهم. و قد دل إصرارهم وقوة ردهم على هجمات العدو الطبقي، منذ عقود، على ما يختزنون من قدرات عالية، قدرات متنامية رغم الدور السلبي لقياداتهم.
وتوجد هذه الحركة النقابية اليوم في وضع حرج أمام شدة واتساع هجوم أرباب العمل ودولتهم. فالضغط متزايد على الصعد كافة، من أجور وحماية اجتماعية وحريات، بينما النقابات متكاثرة و متنافرة. وهي علاوة على ذلك عرضة لحرب استئصال تجري منذ عقود بسلاح طرد النقابيين، وبالفصل 288 من القانون الجنائي، المجرم للإضراب، وُيعد لها سلاح اشد فتكا: قانون منع الإضراب.
كما تتضاءل قدرة النقابات على الوفاء لعلة وجودها، أي توحيد القوة العمالية للذود عن المكاسب وإغنائها، بقدر ما تنجح الدولة في جعل المنظمات العمالية أداة مساعدة على تدبير التوتر الاجتماعي، أي في دمجها المتعاظم في المؤسسات البرجوازية، وإشاعة أوهام "المصلحة المشتركة" بين الرأسمال والعمل.
ولا شك أن استشراء ظواهر العسف، وإلغاء الديمقراطية الداخلية، ونشوء فئة من ذوي الامتيازات، وحتى من المتاجرين بالنضال، كلها سلبيات تفاقم عجز النقابات نوعيا، وتقلص قاعدتها، وتشيع الياس من العمل النقابي.
لكن، مع هذا الوجه المقلق، بنظر كل مخلص للقضية العمالية، تبقى الحركة النقابية المغربية قوية برصيدها التاريخي، وبانغراسها الحالي، وبمقومات تطويرها الكثيرة والمتنوعة، وبما يكشف عنه الرد العمالي اليومي في أماكن العمل من قوة كامنة رغم عناصر الإضعاف الآنفة. هذا وجه الحركة النقابية المشرق ومبعث كل الآمال.
فإن كانت مصالح القيادات وحساباتها، البعيدة عن مشاغل القاعدة العمالية، قد مزقت الحركة النقابية شر تمزيق، فقد بادر الشغيلة، التواقون دوما إلى الاتحاد، إلى أشكال تنسيق لنضالاتهم، أشكال متباينة لكن يوحدها السعي إلى بناء القوة القادرة على إخضاع الخصم وانتزاع المطالب.
ورغم ما يكلف النضال العمالي من مضايقة وتشريد وسجن، وحتى تقتيل (اغتيال النعيمي في مسيرة عمالية إلى القصر عام 1992، اغتيال موناصير عام 1997، و ادريس الفريزي عام 2001 و3 من عمال حافلات رستم بالدار البيضاء في غشت 2000)، لا يكف العمال عن التوجه إلى النقابات، مثلما تشهد المزارع العصرية مؤخرا ببعض المناطق.
كما أن الحركة النقابية المغربية قوية بوجود تيار يساري، متعدد الألوان السياسية، مناضل من اجل انماء كفاحية النقابة وطابعها الديمقراطي، رغم ما يطبع قسما منه من نقص الفعالية بسبب تصوراته الخاطئة، او تعارض فعله مع مزاعمه.
هذه العناصر مجتمعة هي ما يجعل التمسك بالنقابات، والعمل لتطوير ادائها، وعلاج امراضها، وتوسيع امتدادها، وتحقيق وحدتها، واجبا اوليا لكل مناضل-ة من اجل تحسين اوضاع الكادحين على طريق تحررهم النهائي.
إن هذه المهمة تؤول، قبل أي كان، إلى مناضلي اليسار المنتسبين إلى قضية النضال العمالي، وهي مهمة أبعد ما تكون عن اختزالها في التشهير بالبيروقراطية النقابية. فالاكتفاء بفضح البيروقراطية لا يقل خطأ عن مسايرتها والسكوت عن جرائمها توخيا لمقاعد بالاجهزة. لا بل قد ينقلب هذا التشهير إلى مجرد غطاء لحجب العجز عن اتيان فعل خلاق في بناء النقابة، فعل استقطاب وحدات انتاج وقطاعات جديدة، وإطلاق نضالات وإنجاحها، وتجسيد التضامن الميداني، المادي والنضالي، وتكوين الكوادر النقابية، الخ.
إن انتقاد اوجه العطب والانحراف في النقابات هو عمل أشد المناضلين حرصا على تصليب منظمات النضال، والعدو لا يستفيد من النقد بل من استفحال السلبيات المنتقدة. لكن ليس اليسار النقابي جماعة نقدية تحترف التعليق على عمل غيرها، بل جسم مناضلين يعارضون نهج التعاون الطبقي مع البرجوازية بالتقدم ببديل نضالي متكامل فيما يخص المطالب وأشكال النضال والتضامن والتنظيم.
إن بناء اليسار النقابي ذاته يعني، في المقام الأول، ضخ دماء جديدة، ولا سيما الفتية والنسوية، في النقابات، وتسليحها بالفكر العمالي، فكر الكفاح من أجل تغيير شامل وعميق لنظام الاستبداد والاستغلال.
كما أن بناء النقابات العمالية، وضمنها اليسار النقابي، وثيقي الارتباط بتنظيم الكادحين غير العمال، بالمدن والقرى. ثمة بالمجتمع جماهيرالكادحين الخارجة من نطاق النقابات بفعل اتساع البطالة والهشاشة وشتى صنوف تدبر العيش خارج قطاع الانتاج المنظم. انها قاعدة شعبية عريضة محرومة من الحقوق الاولية ومدفوعة إلى اليأس، .يجب بناء أشكال تنظيم خاصة بها تضعها في موقع الحليف للحركة النقابية.
ولا يقف النضال العمالي عند حدود تحسين شروط بيع قوة العمل، فالغاية القصوى هي التحرر من الاستغلال، أي القيام بثورة اجتماعية تدك اسس النظام الرأسمالي ودولته لإقامة مجتمع المنتجين المتشاركين بحرية. إنها غاية لا غنى لبلوغها من منظمة سياسية ثورية تحقق استقلال العمال عن الطبقات المالكة، أي ترقى بهم من تابع لأحزاب قد تكون معارضة لكنها برجوازية (لا يخرج مشروعها الإصلاحي عن نطاق الرأسمالية القائمة) إلى فاعل سياسي قائم الذات ساع إلى أهدافه الطبقية الخاصة به. و تنبع الحاجة إلى هكذا حزب يطيح نظام الاستبداد والاستغلال من استحالة تخلص ضحايا هذا النظام (عمال ونساء وشباب وعموم وفقراء المدن والقرى) منه بمراكمة التحسينات الجزئية، لأن جذر المشكل يكمن في التملك الخاص لوسائل الإنتاج والتبادل والدولة المطابقة له.
تتمثل وظيفة هذا الحزب في قيادة الفعل الجماعي الواعي للاغلبية الكادحة ضد الاقلية المالكة، بأن يضم أفضل عناصر الطبقة الكادحة، ويلف حوله بثقة ويقين أوسع الجماهير، ويجسد ويعبر بوضوح عن إرادة النضال، ويدل الجماهير الكادحة على سبل ووسائل خلاصها.
وقد رفعت أفواج من ثوريي المغرب راية هذه المهمة التاريخية منذ عقود، لكن الواقع ما زال ينطق بالحاجة الماسة إلى إنجازها. فعمال المغرب لا حزب لهم، ويدل العقد الأخير من مسار اليسار الجذري على تعثر السير نحو الحزب المطلوب إما بمراوحة المكان، أو حتى التقهقر. لذا يمثل تقييم محاولات بناء حزب عمالي ثوري بالمغرب إحدى منطلقات النقاش الضروري حوله. وهو نقاش لا ينفصل عن نقاش واسع وصريح من أجل توحيد الرؤية حول حقيقة أزمة الحركة النقابية، وسبل حلها، بتواز مع مواصلة مراكمة تجارب نضال نقابي على أسس كفاحية وديمقراطية .
إنها مهام المناضلين-ات الذين لا يكتفون بادعاء انهم اشتراكيون حقيقيون بل يطابقون الفعل مع القول. والتقدم في تحقيقها هو الذي يفتح، دون سواه، بوجه كادحي وكادحات المغرب، أبواب مستقبل آخر غير تعفن الوضع وصعود القوى الرجعية الرامية إلى إلقائه قرونا إلى الوراء
#المناضل-ة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة نقابة التعاون مع ارباب العمل ودولتهم ومهام النقابيين ال
...
-
توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ
...
-
25 ابريل 1974: «ثورة القرنفل» بالبرتغال
-
الحزب الاشتراكي الديمقراطي و الاتحاد الاشتراكي: دلالة الاندم
...
-
حصيلة 6 سنوات من ميثاق التربية و التكوين: التلاميذ بكلميم يق
...
-
التعليم ليس بضاعة...دفاعا عن التعليم كخدمة عمومية
-
وفاة ثاني قادة الاتحاد المغربي للشغل التاريخيين:محمد عبد الر
...
-
مركب النسيج بفاس (كوطيف) : دروس هزيمة عمالية
-
الى أين يهوي -البرنامج المرحلي-؟ماذا بعد الإفراج عن المجرمين
...
-
حدث قبل 30 سنة انقلاب فيديلا العسكري: إرهاب دولة ضد الأرجنتي
...
-
بمناسبة الذكرى الخمسين لاغتيال المناضل الشيوعي المغربي عبد ا
...
-
ماذا تبقى من تيار القاعديين(البرنامج المرحلي) بجامعة مراكش؟
-
فرنسا :الحركة ضد عقد التشغيل الأول تدخل منعطفا
-
حزب المؤتمر الوطني الاتحادي: من أين؟ والى أين ؟
-
أضاليل هيئة بنزكري حول قتلانا في فاس
-
مؤتمر الرابطة الشيوعية الثورية (فرع الأممية الرابعة بفرنسا)
...
-
فرنسا : حركة احتجاجية ضخمة ضد عقدة العمل الأول
-
قبل 50 سنة فبراير 1956: تقرير خروتشوف السري
-
مقابلة مع ستالين بيريز بورخيس-نقابي فنزويلي
-
نصر الكادحين الاكيد
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة
/ المنصور جعفر
-
حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
/ إرنست ماندل
-
العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري
/ أندري هنري
المزيد.....
|