|
في ذكرى النكبة .. مخططات لتهجير سكان عكا وتهويدها
نبيل السهلي
الحوار المتمدن-العدد: 6231 - 2019 / 5 / 16 - 18:20
المحور:
القضية الفلسطينية
في الوقت الذي يحي فيه الفلسطينيون الذكرى الحادية والسبعين للنكبة ،تسعى إسرائيل في تسابق مع الزمن إلى تهويد مدينة عكا وكسر التركز العربي الكثيف في أحيائها القديمة ، حيث ارتفعت خلال الفترة الأخيرة وتيرة شراء البيوت والمحال العربية بشكل غير قانوني وملفت للغاية ، في وقت تستمر فيه سياسة التمييز العنصري ضد السكان العرب أصحاب الحق ،وعلى كافة المستويات التعليمية والصحية والاقتصادية ، لتهجيرهم إلى خارج مدينة عكا .
من المعروف أنه قد بقي في داخل المناطق التي أقيمت عليها إسرائيل في أيار/ مايو من عام 1948 نحو (151) ألف عربي فلسطين؛ تجمع القسم الأكبر في منطقة الجليل الفلسطيني ومنها مدينة عكا على الساحل الفلسطيني الجميل. ويقطن في مدينة عكا خلال العام الحالي نحو (63) ألف نسمة، من بينهم (40) ألف مستوطن يهودي و (23) ألف عربي. أي أن المدينة تعتبر مختلطة من حيث السكان العرب واليهود. ويتمركز العرب في عكا القديمة بنسبة تصل إلى (100) في المائة .
في مقابل ذلك يقطن السكان اليهود في الحي الشرقي من مدينة عكا ، وفي شمالها بنسبة تصل إلى حوالي (75) في المائة، واللافت أن رئيس بلدية عكا وغالبية مؤسساتها التابعة للحكومة الإسرائيلية هم من المستوطنين اليهود، لذا يعاني سكان عكا العرب من تمييز عنصري، الأمر الذي أدى إلى قلة عدد المدارس العربية واكتظاظها في المدينة ، فضلاً عن فلة عدد النوادي الخاصة بالعرب ،ناهيك عن ضعف الخيارات للعربي بفعل سياسة التمييز العنصري المتبعة ضد العرب في المدينة.
لكن رغم التمييز العنصري الواضح ضد العرب في عكا، يلحظ المتابع تقدماً ملحوظاً للعرب في المدينة على المستوى الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة نظراً لإصرار أهل المدينة على مواجهة سياسات التهويد والتشبث في أرضهم ، فمعظم المحال التجارية في عكا القديمة ومركز عكا هي ملك للعرب، كما أن العرب في مدينة عكا حصلوا في السنوات الأخيرة على معدل نتائج في امتحانات الثانوية العامة أعلى بـنحو (12) في المائة مقارنة بالطلاب اليهود في المدينة.
وفي مواجهة الصمود العربي في المدينة، تقوم السلطات الإسرائيلية باستجرار مجموعات من المستوطنين اليهود بين فترة وأخرى للاعتداء على العرب في مدينة عكا بغية تهجيرهم وإحلال اليهود عوضاً عنهم للإخلال بالتوازن الديموغرافي بدايةً وتهويد المدينة بشكل كامل في نهاية المطاف .
ويمكن الجزم بأن بريطانيا عبر احتلالها لفلسطين بمسمى الانتداب خلال الفترة الممتدة من عام 1920 إلى أيار من عام 1948 ، ساندت العصابات الصهيونية في السيطرة على الساحل الفلسطيني ومنها مدينة عكا، حيث تم طرد غالبية قرى أهالي القضاء خلال نكبة فلسطين الكبرى في أيار من العام المذكور. ومن بين تلك القرى التي تم تدميرها قرية شعب ، وقرية البروة وهي قرية الراحل الكبير الشاعر محمود درويش، فتناقص مجموع سكان مدينة عكا من العرب أصحابها الأصليين ليصبح نحو ثلاثة آلاف بعد النكبة مباشرة. وبفعل الزيادة الطبيعية ارتفع سكان مدينة عكا العرب ليصل إلى خمسة آلاف في عام 1965، وبفعل سياسات الإجلاء الإسرائيلية القسرية بقي مجموع العرب ثابتاً في مدينة عكا حتى عام 1973. ثم ما لبث ان ازداد بفعل الخصوبة العالية عند النساء العربيات؛ حتى وصل مجموعهم إلى نحو ثلاثة وعشرين ألف عربي في العام الحالي 2019، وقد شكل ذلك هاجساً لأصحاب القرار والمخططين في إسرائيل ، فتوالت المخططات الإسرائيلية حتى يومنا هذا بغية طرد أهالي عكا العرب لفرض ديموغرافيا تهويدية قسرية .
ساهم أهالي عكا في كافة مراحل العمل الكفاحي الفلسطيني ضد الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية التي كانت نواة الجيش الإسرائيلي بعد عام 1948 ، وخرجت مظاهرات كبيرة في شوارعها إثر إعدام البريطانيين لثلاثة رموز فلسطينيين ( يوم الثلاثاء الحمراء) في عام 1929، وهم محمد جمجوم ، عطا الزير، فؤاد حجازي. و من الأسر العريقة العكية المعروفة: آل الشقيري (ومنهم الشيخ اسعد الشقيري وابنه احمد الشقيري اول رئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطيني ، وآل بيضون، وآل السعدي (ومنهم عبد الفتاح السعدي رئيس بلدية عكا السابق واحد ابرز سياسييها)، وآل اليشرطي (ومنهم المهندس خالد اليشرطي احد قادة الكفاح الوطني الفلسطيني) وآل شبل، وآل النجمي، وآل فضة، وآل كنفاني (ومنهم الأديب الشهيد غسان كنفاني)، وآل الجراح، وآل كتمتو، وآل حبيب حوا، وآل عزام، وآل طوبي، وآل بوري وآل قطران والقائمة تطول.
لم تكن الاعتداءات المتكررة على العرب في مدينة عكا وعلى معالمها التاريخية سوى حلقة من رزمة مخططات تستهدف إفراغ المدينة من أهلها العرب في نهاية المطاف بغية تهويد الزمان والمكان وتطبيق فكرة يهودية الدولة عبر طرد الأقلية العربية واحتلال ما تبقى من ارض بحوزة الفلسطينيين في عكا وغيرها من مدن فلسطين وقراها .ولحماية عروبة مدينة عكا والتواجد العربي فيها في مواجهة مخططات التهويد والتهجير الجديدة،لا بد من دعم عربي سياسي ومادي لتثبيت العكيين في أرضهم حتى إزاحة أبشع نوع من أنواع الاحتلال التي مرت على فلسطين عبر تاريخها الطويل.
#نبيل_السهلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعبوية المتفاقمة في الغرب وآثارها المستقبلية
-
تحديات الحكومة الفلسطينية القادمة
-
لاتزال الصهيونية شكل من أشكال العنصرية
-
الاسرلة في فكر عزمي بشارة
-
مسعى إسرائيلي لاعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية المطلقة على
...
-
صفقة ترامب والسلام الاقتصادي..السلام الاقتصادي ركيزة صفقة ال
...
-
متى تعتذر بريطانيا من الفلسطينيين؟
-
وكالة اونروا على كف عفريت
-
إسرائيل واغتيال العقول العربية
-
محاولات إسرائيلية لفرض ديموغرافية قسرية في القدس
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|