|
أسباب التعتيم على النخب المتميزة و الصارمة
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6228 - 2019 / 5 / 13 - 01:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن أسباب التعتيم بنيوية و لها تكوين سوسيو - تاريخي و سوسيو - ثقافي في إطار سيرورة تاريخية وسياق جزائري و عربي متشابه و منها غلبة العقلية الجماعاتية و الحزبية و التنظيمية الضيقة و التراثية و ايضا الحداثوية ..
فيراد من المتميز الإنتظام مع تيار أو فكر أو تنظيم المؤيد و المساند غالبا إلا بعض الشرفاء...
أو هو لا يدعمك و لا يساندك و لو كان منحك كبير و واسع و عميق إلا إن أعلنت النخب الولاء و الإنحناء و التبعية و أعلنت أنت ذلك...
فالتنظيم غاية عندهم لا وسيلة و يفعل هذا جميع أو جل أفراد المجتمع و المعارضة و السلطة و الاسلاميون و العلمانيون و اهل الطرق و اهل العقل ..الخ..
كما يشترط منك المساند و الداعم لك كما قلت الولاء و تنميط عقلك أو إلغاءه و رهنه لجهة ما هو ينتسب إليها و إن رفضت فهو لا يدعمك أو فهو يعاديك و يكرهك و يتفه و يسفه ما تكتب..
أيضا من أسباب التعتيم خوفه و عشقه و تماهيه مع السلطة أو تماهيه مع المعارضة ملة و تفصيلا أو هو يراك خطرا على طموحاته و محرجا و فاضحا و مزعجا ..
و لأن خطابك الصارم يضعه وجها لوجه مع ذاته و دواخله و نفسه و عيوبه و تقصيره واتباع هواه..
أيضا من أسباب التعتيم أنك لو خالفته و قمت بنقد أصنامه و رموزه أصبحت عدوا و خصما..
أيضا من أسباب التعتيم صراحتك و صرامتك وحدة طبعك في عرض الحق فهو يشتغل بمدى تهاوي تميزك و فرادتك و قابليتك للإستلاب و الخضوع ..
و بعنوان التواضع يريد سحقك و باسم الإختلاف في الرأي و أي رأي يفعل هذا و يسوي الاعمى بالبصير ..
فهو يهتم بأسلوبك و نبرتك العالية و يملي عليك كيف تخاطب الضمير العقل و لا يشتغل بما تنتج و يمكن أن يفيد الأمة و الوطن
و أيضا من أسباب التعتيم المستويات العلمية و الفكرية و الثقافية الضحلة و ذهنية التقليد و انعدام التحرر العقلي و الفكري و المعرفي من سطوة التراث و سطوة الاخر..
و كذلك من بين أسباب التعتيم التعصب المذهبي و الطائفي و اللغوي و القومي و انفصال الاخلاق عن العلم و الفكر و المعرفة و منها أخلاق الإعتراف و العمل بالقول الحق و الحجة ..
و حمل هم و هاجس التغيير و أخلاق الصدق و النزاهة و تغليب الحقيقة على الهوى..
و كذلك مغالطة الناس بأن الرأي السديد هو رأي الأكثرية و غالبا ما يهملون أو يرفضون الإعتراف بأن الرأي الإنطباعي غير الصادر عن عقل ممنهج و علم و كسب علمي راسخ و وافر و متنوع و عميق و مؤسس و إحترافي..
وغالبا ما يحدث أن الناس يتعاندون و يقلد بعضهم بعضا و يهجرون الجيد لأنه يكسر أهواءهم و يحسسهم بمسؤولياتم و التكاليف الملقاة على عاتقهم ...
و ينبههم الى مخاطر حبهم للظهور و الزعامة و يكرهون الصريح و المباشر و الحاد و الصارم ..
و هم لا يكترثون بالمعقد و المركب و العميق من المسطور و المكلف و المتعب بل يصفونه بالمتعالي و الصعب و المبالغ فيه و النرجسي و النظري و التجريدي ..
و أن صاحبه يهمل أن الناس تخاطب بما يعقلون و يفهمون فاستوب النزول اليهم و تبسيط الكلام لهم ..
و يحكمون جميع أهواءهم تحت عنوان الإختلاف في الرأي مثلا ليستوي المفكر بغيرالمفكر...
و تحت عنوان المتأثر بالغرب و المغترب أو الإسلامي أو الشاذ عن الجماعة و المنحرف أو ناكر الإجماع و القطعيات و الثوابت و اليقينيات ..الخ ..
هكذا تتم الحملات الممنهجة ضد التمايز و الفرادة ..
او وابل من التهم من نوع ربما متشيع و الشيعة مجوس و غيرها من الدعاية المغرضة او مشتبه فيه تماما كما تفعل الأنظمة العربية ..
أو ربما تابع للنظام و استخباراته هذا إن كان من قام بتصنيفك هو ضد النظام كما يزعم..
فهو يعجز أن يجد لك ما يستبعدك و يسحقك إلا إشاعة تبعدك و تنتشر بين الناس مثل هذه التي ذكرت ليقصيك و يهمشك و يلطخ سمعتك..
إنهم يخافون النخب العنيدة و المتميزة أن تلقي عليهم بالظل فيختفون و يفقدون مواقعهم الرمزية أو المادية أو السياسوية أو الدينية..
فيهابك و يخشاك الجامعي و غير الجامعي و العوام و شيوخ زعامات الدين و اللغة و المنافحين عن القيم بشوفينية لا عن علم و بينة..
إن النخب المتميزة تفزع السلطة و المعارضة عل حد سواء و الإعلام و الرجال و النساء و هواة كتابة الأدب و القصة و الشعر و الخاطرة و الفكر و الفلسفة و الحداثة و المحافظين و التقليديين..
و الطرق الصوفية و الزوايا و التكايا و جميع السماسرة لأنها تعترض طريقهم و وجودها محرج لهم..
كما أن الخوف من إلتفاف الناس حول هذه النخب جعل تجار الدين و الوطنية و اللغة و الحداثة و العلمانية يفضحهم خطاب النخب القديرة و الصريحة و المتميزة..
بل تعريهم وتسحب منهم مواقعهم و منازلهم و امتيازاتهم و تهددها..
كما أن الإعتدال و الصراحة لهما كلفة باهظة يدفعها أصحابها أمام المجتمع والسلطة على حد سواء..
كما أن الوضع الثقافي السائد له دوره في تشكل حالة التخلف هذه..
كما يغلب على الناس تمسكهم بتقافة القطيع و خصي الفحل و الإحتكام إلى منطق الكثرة و مدح الناس على أساس من الهوى و المجاملات ..
و استدراجهم للتنظيم و الجماعة فقط بدل إنزالهم منزلة فوق التوظيف السياسوي و المصلحي ...
فهم لا يؤيدون بعقلهم و علمهم بل بأهوائهم حتى إذا تعرض تنظيم الواحد لنقد عالم و متبصر سفهوا الناقد و نالوا منه و اجتمعوا عليه مع خصومهم في الطرف الاخر و النقيض ضده..
من يواجه من النخب الصادقة اليوم إنما يواجه السلطة و المجتمع معا..
أشكرمن حفزت عندي الرغبة في كتابة هذا التعليق و نشره لعله يفيد..
أقل واجب على من هم معي يتابعون ما أكتب هو تعميمه بصفة واسعة و تلكم مقتضيات ديناميكية نشر الافكار و تبسيطها و تعميمها تعميما واسعا نشرا للتنوير و الوعي ..
لعل الله ينفع بها الناس و يتعلمون أن الفكر موقف و علم و عمل و ليس إعجاب عابر و انبهار منقضي ..
بل ليس موقف يتخذ باسترخاء و متعة و ينتهي في اللحظات و يتلاشى و يزول ..
إنه إنفاق من الصحة المال و الوقت و صيانة لكرامة النخب من التسول والحاجة..
فكثير من النخب تتألم في صمت و تعفف و يكتفي المار في أحسن الأحوال بالثناء و الشكر بكلمة طيبة لا نقلل من قيمتها طبعا..
لكننا نعيب أن لا تتحرك الناس لحماية هذه النخب في المعاقل التي ضربت فيها و تضررت هي و عائلاتها حتى تستمر في العطاء..
لقد قال أحد الأئمة الفقهاء قديما " لو كلفت بصلة ما تعلمت مسألة "..
11
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله و الأنسنة بين ناسوت العدم و لاهوت الكهنوت
-
معنى الجوع و الظمأ عند النخب القديرة و المتميزة و الشريفة..
-
بوصلات المعرفة ..ليبنيز يدق ناقوس الخطر قبل ثلاثمئة سنة خلت
-
في اللامذهبية : فضفاضية الشعار و انغلاق النسق التلفيقي
-
كيف تم التخطيط و التنظير للاصلاحات التربوية في الجزائر الساب
...
-
في الطريق الثالث الهجين ..
-
الحراك الشعبي في الجزائر هل تسيس الجهاز القضائي (الجزء الأول
...
-
كيف لا يضرنا من ضل اذا اهتدينا ..
-
الخطأ و الوهم من عمى المعرفة ..
-
كن أنت و لا تكن إلا أنت ..
-
في الكتابة ...
-
في الرحيل و الهجر
-
يا مستدلا مباشرة بالحديث النبوي تشهره كالسيف
-
علمانية و حداثة عربية كلعب الذراري ..
-
الروج عربي و البيرة فرانساوية ...علمانية الغرائز المنفلتة
-
في الإيمان و الإلحاد : أسئلة الشك في منظومة العدم و اليقين ا
...
-
التناقض الإيراني منزلة المعارضين للحكم عربيا عند إيران
-
في سجن العقل بعنوان جزأرة الإسلام
-
المشتغل بالفلسفة و الفيلسوف و المتفلسف
-
النظام التربوي الجزائري الراهن و تدريس الأدب و اللغة العربية
المزيد.....
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
-
سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها
-
سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق
...
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|