جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 6225 - 2019 / 5 / 10 - 16:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جميل السلحوت
بدون مؤاخذة- اعتذار عائض القرني
اعتذار الدّاعية الاسلامي عائض القرني عن فتاويه السّابقة، يعطي براهين على مدى الخراب الذي ألحقه "فقهاء السّلاطين" بالعالمين العربي والإسلامي، ومدى تضليلهم للشّعوب من خلال تعميم الفهم الخاطئ للدّين، ونشرهم للفكر التّكفيريّ الذي ألحق الأضرار الفادحة بالشّعوب وأوطانها، وجعل من الأمّة أضحوكة بين الأمم الأخرى، وأغرقها في بحور الجهل والضّلالة والهزائم. وهل يشكّل هذا الاعتذار صحوة وتوبة عن اختطاف الدّين الإسلاميّ وتشويهه؟ أم هو بدعة وخدعة جديدة، يتطلّبها تطوّر الحياة المعاصرة، لكنّها لن تخرج عن دائرة السّياسة السّابقة؟ وهل سيتبع توبة القرني توبات أخرى لدعاة آخرين كان لهم دور بارز في تضليل الشّعوب؟
وبغضّ النّظر عن الأهداف من وراء هذه التّوبة، فالله وحده من يعلم ما في القلوب، إلا أنّ نظرة سريعة لبعض المستجدّات الإيجابيّة السّابقة لتوبة القرني، مثل السّماح للنّساء في السّعوديّة بقيادة السّيارات، وافتتاح دور للسينما، وإقامة حفلات أدبيّة وموسيقيّة وغنائيّة، فهذه أمور إيجابيّة رغم أنّها جاءت متأخّرة. إلا أنّ السّؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيتوب "فقهاء السّلاطين" ومنهم القرني عن فتاويهم الضلاليّة السّياسيّة التي ساهمت في قتل وتشريد الملايين، وهدم الأوطان؟ فقد ساهم ولا يزال كثيرون منهم في تضليل الرّعاع، ودفعوهم لقتل شعوبهم وتدمير أوطانهم كما حدث ويحدث في سوريّا، العراق، ليبيا، اليمن، الصّومال، السّودان، الجزائر، مصر وغيرها. وسبق للقرني أن ساهم في هذا التّضليل، ففي إحدى المقابلات التّلفزيونيّة معه، تحدّث عن الحرب على العراق قائلا بأنّه شارك وبعض "العلماء" في تلك الحرب بناء على طلب "وليّ الأمر"، وزعم بأنّه رأى معجزات ربّانيّة في تلك الحرب، ومنها " أنّ الرّصاصة التي كان يطلقها جنود الأعداء كانت ترتدّ من رؤوس جنودنا، لتقتل مطلقها!"
والقرني وأمثاله هم من غذّوا ويغذّون نار الفتنة الطائفيّة التّكفيريّة بين السّنّة والشّيعيّة، بعد أن أشعلوها سابقا بفتاويهم التي ما أنزل الله بها من سلطان بين المسلمين وغيرهم كالمسيحيّين والأيزيديين، الذين دُمّرت بعض كنائسهم ومعابدهم على رؤوس المصلّين، كما تمّ استرقاق النّساء واغتصابهنّ وبيعهنّ في سوق النّخاسة. فهل مثل هؤلاء دعاة للإسلام أم عليه؟ وهل سيتوب هؤلاء الدّعاة المتأسلمون عن خدمة الأجندات السّياسيّة للامبرياليّة العالميّة، التي شوّهت الاسلام والمسلمين أمام الرّأي العامّ العالميّ؟ وهل سيتّقون الله في دينهم وفي شعوبهم وفي أوطانهم أم سيستمرّون في طغيانهم؟ وهذا ما يجب الانتباه إليه والحذر منه.
10-5-2019
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟