أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الطريدة














المزيد.....


الطريدة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6223 - 2019 / 5 / 7 - 13:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




تلك خطّة الله لبني الإنسان. أن نتعدّدَ ونتحابَّ، ونختلف ولا نتخالف. “ولو شاءَ اللهُ لجعلكم أمّةً واحدة". فكيف نشاءُ، نحن البشر الضعفاء، غيرَ ما يشاء الله.
حين تخرجُ عن مِظلّة الإنسانية وعن ناموس الحق والخير والجمال، وتمارسُ الإرهاب والقتل وهدر الدماء، فلا يحقُّ لنا أن نسألك حينئذٍ: "أيَّ دينٍ تعتنق؟" لأن العقائدَ لم تنزل إلا للإنسان، وفقط. فإن لم تكن بشرًا، فأنت غيرُ مُكلّف وغير مُعتقِد. أنت كائنٌ حيٌّ لا دينَ له.
ذو الضمير الحيّ، لا يحتاجُ إلى قانون لكي يسلكَ سلوكَ الصالحين. هو صالحٌ لأنه يود أن يكون صالحًا، حتى وإن عاش وسط اللصوص والقتلة. وأما القانونُ فقد صُكَّ لتهذيب من لا ضميرَ لديه يردعه عن الخطأ. فماذا لو غاب الضميرُ وغاب القانونُ؟ يسقط المجتمع في هوّة الانحطاط السحيق.
الطّفلُ الصّغير تعلّم أن يهتف: "الله"؛ كلّما رأى زهرةً جميلة، أو فراشة ملوّنة، أو إن فاجئتَه بلعبة يتمنّاها! مَن علّمه أن يهتف باسم "الله" حين يبصرُ الجمالَ أو حين يشعر بالرضا؟ إنّه الإيمانُ الفطريّ بأنّ الجمال المُطلق هو الله!
"الحبُّ" هو الذي يفصلنا عن الهمج والحوشيين والأجلاف، ولا أقول عن "الحيوان". لأن الحيوان يحبُّ، والنباتَ كذلك يحبُّ. الحبُّ يجعلنا بشرًا مستحقين لقب: "إنسان". ومَن تعلّم أن يحبَّ اللهَ، لابد قد يتعلم كيف يحبُّ صنعَ الله.
الضميرُ هو المايسترو الأعلى الذي يقود أوركسترا سلوك الإنسان، وينظم خطواتِه، فتخرج الجملةُ الموسيقية متناسقةً عذبة، لا نشاز يفسدها. السلوكُ الرفيع موسيقى ونغم. والحوشيةُ والغلاظة نشازٌ مقيت.
تعلّم الإنسانُ مبكّرًا كيف يكبُرُ، ويشبُّ، ويشيبُ، ويهرم، لكنه أغفل أن يأخذ من طفولته قطعةً من البراءة، تحميه في رحلته الطويلة، نحو الشّيخوخة.
العقلُ يضبط ميزانَ القلب؛ فيجعله لا ينحازُ للقريب والنسيب، بل للأكفأ وإن كان غريبًا. والقلبُ يضبطُ ميزانَ التحيّز العِرقي والعَقّدي والأيديولوجي، فيدفعنا لأن يكون ولاؤنا وانتماؤنا للإنسانية بكاملها؛ دون عنصرية ولا تحيّز.
رحلة الإنسان فوق الأرض لن تستقيم إلا بمعرفة أنفسنا، ومعرفة الآخر. تلك المعرفةُ التي تنطلق من، وتصبُّ في، معرفة الله ذاته، جلّ وعلا.
متى نتعلم المبدأ الأساسي لكل الأديان: أننا سندخل الجنة بجميل أعمالنا، ونظافة ألسننا، ونقاء قلوبنا، وسلامة أرواحنا، وإحساننا إلى الناس.
أن نسمو عن أنانيتنا حتى نحصل على لقب: "إنسان"، وليس مجرد كائن حيّ يعيش ويتناسل ويموت، تلك هي المسألة.
السؤالُ المدهش الذي يُحيّرني دائمًا هو كيف أن أسوأ إرهابي عرفه التاريخُ، وأخطرَ داعشي من زماننا الراهن، وأبشع جبار من زمن محاكم التفتيش، وأفظع صهيونيّ يسفح دماء أطفالنا، كان في يوم من الأيام طفلا نقيًّا يملأ قلبَه الفرحُ حين يراقب عصفورًا يزور شرفتَه؟
لن ننجو ولن ننهضُ إلا إذا أدركنا أن الجوعَ والفقرَ والجهل وعدم التحضر والأوبئةَ والفسادَ والبطالة والتلوّث هي أعداء الإنسان. وأن جُماعُ ما سبق وأكثر، هو العدو الواحدُ الذي علينا التكاتف لمواجهته، بدلا من أن نتشظّى نحاربَ بعضنا البعض.
على كل إنسان منّا الآن أن يقف أمام مرآة نفسه ويسألها: بماذا أفادني ديني؟ هل صرتُ أرقى وأنقى وأتقى وأجمل وأنظف وأطيب وأرحم وأكرم وأصدق؟ إن كانت الإجابة: "لا"، فإننا لا نستحقُّ ذلك الدين، ولا حتى الهواء الذي يدخل صدورنا كل نهار. سل نفسَك: "كم مرة تصرّفت كخليفة لله؟" على كلّ منا، اكتشافُ الرّوح الإلهية في داخله، حتى يعيش وفقها.
أتمنى أن تكون المحبةُ هي "الطريدة" الذي نسعى وراءها ونعضُّ عليه بالنواجذ بعد قنصها. فقد دفعنا سيولَ الدم بسبب غيابها. دعوها تظل مزدهرةً في السرّاء كما في المحن. المحبةُ هل الحلُّ. دعونا نوقن أن المحبة التي غرسها اللهُ في قلوب الأنقياء لا تعرفُ التعصّب ولا التفريق ولا الإقصاء. فنحن أشقاءُ فى هذا الوطن وأخوة فوق هذه الأرض.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كونوا طيبين … حتى تطيرَ بالوناتكم!
- دموعي … بين يدي الأبنودي
- القيامة … البابا … رمضان … النقشبندي
- مصرُ التي … على صفحة العائم
- حوار مع متطرّف: نعم … أنا متطرّفة!
- مَن يقرعُ الأجراسَ في باريس؟
- الملك لير … سرُّ عظمة مصرَ
- روچر … البودي جارد الذي خاصمني!
- مصطفى الفقي … سَلطنة التشريح الفكر
- في قانون التحضُّر: البقاءُ للأضعف!
- الإسكندراني والسيسي وزيدان …. يا حفيظ!!!
- أم كلثوم ... فيروز … شيرين
- دائرةُ الحُب الأبديةُ في بيت لليان تراشر
- العسراءُ الجميلة التي اغتالتها يدُ صهيون
- ما هديتُكَ في عيد الأم؟
- البابا شنودة و... برينتون تارانت
- الأدبُ … حين يحمينا من المزورين | عن الصفحات الكاذبة
- هنا أسيوط … والذي مصرُ تعيشُ فيه
- على هامش ((تصويب)) الخطاب الديني
- البابا فرنسيس في دار زايد … على خُطا القديس الأسيزي


المزيد.....




- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الطريدة