|
معنى الجوع و الظمأ عند النخب القديرة و المتميزة و الشريفة..
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6223 - 2019 / 5 / 7 - 01:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الجوع و الظمأ عند المثقف المبدع و الباحث صاحب المشروع ليس بالضرورة فقرا مدقعا و الحاجة الى لقمة عيش يومية في حدها الزهيد ..
فقد باتت لقمة العيش في حدها البسيط لسد الرمق ميسورة للكثير..
إن المثقف العضوي و الرسالي يحتاج إلى إستقلالية في العيش و الرزق تؤمن له مستقبله و مستقبل نسله و تحميهم و تمنحه هو و أهله الطمأنينة...
يكتب و يبحث و يتنقل و يؤسس مراكز البحث و يكون الأجيال قرير العين هادىء النفس مطمئنا متفرغا كليا لصناعة العقول ..
كلما ارتبطت علاقة المثقف و النخب بالسلط الحاكمة و ذوي النفوذ رزقا و وجودا ماديا و معنويا إلا و عكر ذلك صفو عقله و نفسه و حالته الإبداعية و نال من إستقلاليته...
لا بد من إيجاد اليات لتأمين النخب المتميزة و القديرة و المنفلتة من هيمنة الانساق السائدة و الفهوم الفاسدة و من سلطة الانظمة و المجتمعات على ندرتها ...
حتى يتفرغوا فقط للإبداع و التفكير في مخارج و خلاصات و مشاريح جادة للتحرر من التخلف لا تهويمات و يوطوبيات و تريدات جوفاء و كتابات سطحية و كلام فارغ من قبيل الثرثرة...
هذا العمل لا يقدمه الفرد المتميز بل فريق بحث يقوده الفرد المتميز مرفوقا بالوسائل و الأدوات يحقق بها أهدافه و مرفوقا بتأمين و أمان للنفس و المال و العرض و القوت و المحيط ..
المثقف الذي يتخبط في وحل نفسه و مع ذاته و يجد صعوبات في لقمة عيشه و تأمين مستقبل أولاده كيف به ترى يبدع ...
بل لن يبدع إلا كلاما فارغا أو مكرورا و ثرثرة مستنسخة و ولاءات بئيسة و محنطة و تحصيل ريوع و منافع مادية يلهث من وراءها على قاعدة " جوع كلبك يتبعك "...
لا يمنح المثقف الصدقات و يطلبها بل يؤتاها و يقبض عليها كحق معلوم و مقنن ..
المثقف الذي يتخبط في وحل مصاريف الكتب و الدوريات التي يقتنيها فلا يستطيع و في طبع و استنساخ كتب يحتاج إليها فلا يستطيع ..
و اقتناء ما يرغب من معرض للكتاب مثلا أو تغطية مصاريف المشاركة في الورشات الجادة العلمية للملتقيات و ورشات العمل و التربصات التي لا تتم المشاركة فيها الا بمساهمة مادية حتى في العالم العربي و الاسلامي على ندرة جودتها ...
و كذلك تفعل الجامعات و مراكز البحث في عالمنا العربي الاسلامي فما بالك عند الغرب رغم هشاشة ما يطرح عربيا و إسلاميا فتراه لا يستطيع...
إن المثقف الذي يجد صعوبة في تغطية مصاريف هاتفه و اتصالاته و شبكة علاقاته المعرفية و العلمية و الثقافية و السياسية و مصاريف تنقله إلى العالم لاكتشاف الإضافات العالمية المعرفية الحديثة ..
ولا يملك مترجما في مؤسسة لو قدر له أن يديرها ليواكب بعض بل قليل مما تقذفه مطابع الغرب و مؤسساته البحثية ..
كيف تطلب من هذا المثقف و المفكر و الباحث الذي يعاني من هذه المشكلات البسيطة أن يفكر بعمق في إشكاليات الراهن و يكون مانحا لأمته و لمؤسسات الأمة التي يلهيها الضجيج و التهريج عن مثل هذا المفكر الجيد على قلته و ندرة أمثاله ..
و العبرة بل التحدي هو كيف نستنسخه و نستنسخ بمعنى ننتج مثله و من هو أفضل منه و توليده كما تولد النخب في مجتمعات حديثة لا يضرها أن تتأثر جماهيرها بالسياق العام..
المثقف و المفكر الرسالي الذي يعجز عن اقتناء الة طابعة و جهاز إعلام الي أو " لاب توب " بسعة تخزين محترمة و " طابليت " فائقة النوعية و الة تصوير و جهاز سكانير لاستنساخ البحوث و الكتب و اقتناء الورق و وسائل التخزين و الاقراص ...
بل الكارثة من اجل تصوير دقيق لهزالة المشهد أنه لو كسر زجاج نظاراته لاحتار كيف يقتني غيرها و هو من يقتني إطارنظاراته الهشة من السوق الشعبية بجودة معدومة لبؤس حاله و غيرها من الجزئيات البسيطة للأسف و التي ترتهنه و تستلبه و تحنطه و تقتله قتلا بطيئا ...
في وقت تستنبت و تشيد في دول الغرب التي تحترم عباقرتها قرى و مدن تتوفر على كل شروط و ظروف الراحة و الإبداع لأنهم فهموا مكانة المثقف و معنى و أهمية قول أحد أئمة المذاهب " لو كلفت بصلة ما تعلمت مسألة "..
فشيدوا في كل بلدانهم و أوطانهم ما يشبه " سيليكون فالاي " فمنها ما نراها و منها ما لا نراها...
كيف نطالب مثل هذا المثقف أن يكون معطاء و وضعه الصحي يتاكل يوما بعد يوم و مشكلاته الإجتماعية و المادية تتفاقم و تغزوه و تكبله..
عندما نتكلم عن نوع من المثقفين نعني نفر/ قدوة و نعني خبراء و نعني باحثين كبارا ..
و لا نعني أن يتم التكفل تكفلا رفيع الكلفة بكل جامعي فليس كل امعي استثمارفي و للمستقبل .. و ممن يسمون جامعيين من يسترزق و ينتهز الفرص و تانفق عليه الدولة تربصات في الخارج يعود منها فارغ اليدين بعد سياحة ممتعة ...
إنما نعني مساحات و حصون الابداع متمثلة في عناصر قليلة العدد كثيرة المنح مغيبة و مهملة نقتلها و هي حية كان يمكن أن تؤسس لميلاد النخب حتى تحيا المجتمعات و الشعوب و المؤسسات ...
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوصلات المعرفة ..ليبنيز يدق ناقوس الخطر قبل ثلاثمئة سنة خلت
-
في اللامذهبية : فضفاضية الشعار و انغلاق النسق التلفيقي
-
كيف تم التخطيط و التنظير للاصلاحات التربوية في الجزائر الساب
...
-
في الطريق الثالث الهجين ..
-
الحراك الشعبي في الجزائر هل تسيس الجهاز القضائي (الجزء الأول
...
-
كيف لا يضرنا من ضل اذا اهتدينا ..
-
الخطأ و الوهم من عمى المعرفة ..
-
كن أنت و لا تكن إلا أنت ..
-
في الكتابة ...
-
في الرحيل و الهجر
-
يا مستدلا مباشرة بالحديث النبوي تشهره كالسيف
-
علمانية و حداثة عربية كلعب الذراري ..
-
الروج عربي و البيرة فرانساوية ...علمانية الغرائز المنفلتة
-
في الإيمان و الإلحاد : أسئلة الشك في منظومة العدم و اليقين ا
...
-
التناقض الإيراني منزلة المعارضين للحكم عربيا عند إيران
-
في سجن العقل بعنوان جزأرة الإسلام
-
المشتغل بالفلسفة و الفيلسوف و المتفلسف
-
النظام التربوي الجزائري الراهن و تدريس الأدب و اللغة العربية
-
هل تستحق أن تحمل كل فكرة و كلام صفة الرأي
-
نزعة الوصاية باسم المرجعية عند ذوي تخصصات الشريعة الإسلامية
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصف هدف في غور الأردن بفلس
...
-
“خلي أطفالك يبسطوا” اضبط الآن تردد قناة طيور الجنة 2024 الجد
...
-
مصر.. الإفتاء تحسم جدل قراءة القرآن بالآلات الموسيقية والترن
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تقصف موقع بياض بليدا بالمدفعية
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تقصف ثكنة راموت نفتالي بصواريخ ا
...
-
فرح أطفالك ونزل طيور الجنة…تردد قناة طيور الجنة الجديد على ا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع السماقة في تلال كفرش
...
-
استقبل Toyor Aljanah تردد قناة طيور الجنة على النايل سات 20
...
-
الرئيس بزشكيان: نعول كثيرا على تركيا وباقي البلدان الاسلامية
...
-
الرئيس بزشكيان: قائد الثورة الاسلامية يؤكد على حرية التعبير
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|