مشروع قرار تنظيمي
مقترح صدوره عن اجتماع 16 شباط 2003
انطلاقاً من الإحساس بالمسؤولية تجاه دور الحزب وموقعه في المجتمع وفي الحياة السياسية بادرت قوى الإصلاح والديمقراطية إلى مطالبة القيادة علناً منذ حوالي السنتين بضرورة الانخراط في حوار مجدٍ بعد أن أثبتت الهيئات القيادية في أكثر من محاولة أنها ليست إطاراً مؤاتياً لمثل هذا البحث الضروري والجوهري.
ولما وافقت القيادة الرسمية للحزب على مضمون هذا المسعى أقبلنا على الحوار بانفتاح وبرغبة عارمة للوصول إلى نتائج إيجابية، ومن البديهي أن تكون كذلك فنحن أصحاب المسعى من جهة ومن جهة أخرى فمنطقنا الإجمالي يقوم على مبدأ قبول الآخر المختلف ويسعى لبناء حزب تُبنى وحدته على أساس التعدد والتنوع. وللحؤول دون أي مشكلة في الحوار تدارسنا واعتمدنا خيار الاكتفاء بالحد الأدنى كمحصلة للحوار وحددنا بدقة مطلبنا المتمثل في اعتماد لجنة تحضيرية كاملة الصلاحية ومتوازنة تتولى التحضير للمؤتمر الوطني التاسع وتضمن كل آليات نجاحه ونزاهته وتضمن للشيوعيين حقهم وقدرتهم في اختيار المؤتمر الذي يريدون بعيداً عن خطر تكرار التجارب المريرة في المؤتمرات السابقة وخاصة في المؤتمر الثامن من حيث أدت التدخلات الفظة لبعض الأوساط القيادية إلى تحوير إرادة الشيوعيين وتزوير النتائج.
ولقد أكدت قوى الإصلاح والديمقراطية في اجتماعات الحوار أنها فيما لو التزمت القيادة خيار اللجنة التحضيرية والمساهمة بإنتاج مؤتمر تمثيلي يحترم إرادة الشيوعيين فهي سوف تتقدم من هذا المؤتمر بصفة مرجعية صالحة ببرنامجها الشامل الفكري – السياسي – التنظيمي وتلتزم كلياً نتائج ما يقرره المؤتمر.
رغم كل هذا الحرص الذي اعتمدناه، ورغم التزامنا شرط الحد الأدنى الضامن فقط لسلامة المؤتمر، رغم كل ذلك ضربت القيادة عرض الحائط بكل الجهود الرامية والساعية إلى عقد مؤتمر إنقاذي ورفضت خيار اللجنة التحضيرية. ولمزيد من الإمعان في اللاعقلانية وإيغالاً في رغبة الاستئثار والتملك، فرضت تدبيراً إدارياً جديداً يقضي بعقد المؤتمرات الوسطية قبل المؤتمر الوطني التاسع، مؤتمرات خالية من أي بحث ونقاش في مسببات الأزمة، أو حتى في أي بعد سياسي أو برنامجي. لقد سعينا ونبهنا من خطورة هذا الانزلاق الإداري، فالأزمة في الحزب ليست في هذه المنطقة أو تلك، الأزمة هي أزمة موقع وخيارات فكرية سياسية وتنظيمية، والمرجعية الصالحة لبت هذه القضايا هي مؤتمر وطني محضر له بعناية وحرص. وبعناد منقطع النظير، نقلوا البلبلة إلى كل قرية، إلى كل منظمة، وبسعي انتخابي محموم حاولوا تقسيم المنظمات ودفع الشيوعيين إلى الدخول في معارك انتخابية إلغائية، بعيداً عن أي هموم تخص المجتمع والوطن.
لقد اتخذت قوى الإصلاح والديمقراطية خياراً حاسماً بعدم المشاركة في هذه العملية المسمومة، ودعونا الشيوعيين إلى عدم الانخراط في هذه المعمعة الهادفة إلى بلبلتهم من جهة، والساعية إلى تأمين العدة الإدارية التقليدية لكي تنتج القيادة نفسها ومعها تعيد إنتاج الأزمة بعمق أكثر وبتعقيد أكبر. لقد أثبتت التجربة نضج الرأي العام الشيوعي وصحة التوقعات والآراء التي كنا قد أدلينا بها في بداية هذه العملية. فلم يلبِّ الشيوعيون بغالبيتهم الساحقة دعوة القيادة المغلوطة. فالمؤتمرات شارفت على نهايتها ولم يشارك فيها من أصل الذين استحصلوا على البطاقة الحزبية إلا ما يوازي نسبة الثلث، بالأرقام فإن الذين شاركوا لا يتجاوز عددهم، وبناء لتقارير القيادة – ومعظمها تعوزه الدقة – الألف وخمسمائة شيوعي من أصل حوالي 4500 شيوعي استحصلوا على البطاقة الحزبية. طبعاً دون احتساب ألوف الشيوعيين الذين أحبطهم واقع الأزمة وأبعدهم عن المشاركة النشيطة في حياة المؤسسة الحزبية.
أيها الرفاق
رغم كل ما حصل لن نغلق الباب، ومرة جديدة نتوجه أولاً إلى الرأي العام الحزبي وثانياً إلى القيادة،
إلى الرأي العام الحزبي لأننا نعتبره صاحب الحق وعليه أن يمارس حقه ويمارس ضغطه ويرفض تجاوز دوره وإرادته.
وللقيادة نقول إن الأوان لم يفت بعد، وبحد أدنى من الحرص وحسن النية، يمكنها العودة عن المسار الخاطئ الذي سلكته وذلك عبر اعتمادها خيارين:
الأول: إلغاء كل مفاعيل المؤتمرات الوسطية بما يسمح بإعادة توليد المناخات الحزبية المؤاتية لعقد المؤتمر الوطني التاسع،
الثاني: التشكيل الفوري للجنة تحضيرية متوازنة مخولة كامل الصلاحيات في موضوع إعداد آليات المؤتمر الوطني التاسع.
وفي حال الاستجابة فإننا سوف ننخرط فوراً في عملية التحضير، وسوف نتقدم - كما غيرنا - ببرنامجنا ليناقش في المؤتمر الذي يعود له البت بكل الخيارات باعتباره المرجعية الصالحة.
وفي حال الرفض فإن القيادة سوف تتحمل المسؤولية التاريخية لتوريط الحزب في أزمة خانقة تضر بموقعه ودوره. ونرى واجباً علينا تذكيرها بأن الحزب ليس ملكاً لها، وإنما هو بتراثه وتاريخه ومساره الحالي والمستقبلي، ملك للشعب اللبناني وللشيوعيين قاطبة، كجزء مناضل من هذا الشعب.