|
ألعراق: ألأول من آيار- مهام صعبة...!
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 12:10
المحور:
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
يعود يوم العمال العالمي في أصله الى الحركة العمالية ألأمريكية. ففي عام 1884 قرر ألأتحاد ألأمريكي للعمل والبالغ عدد أعضاءه 40000 النضال في سبيل يوم عمل بثماني ساعات، أبتداء من ألأول من آيار عام 1886. وأستجابة لذلك القرار أعلن عمال شيكاغو في ذلك اليوم، ألأضراب العام وتجمعوا في ساحة (هاي ماركت)، حيث تعرضوا الى أطلاق النار من قبل كاسري ألأضراب..! ومنذ ذلك الوقت وبموجب أقتراح مقدم من قبل ممثلي ألأتحاد ألأمريكي المذكور الى المؤتمر العالمي ألأول للحركة العالمية عام 1889 أقر المؤتمر أعتبار اليوم ألأول من آيار يوما عالميا للحركة العمالية. حيث أصبح تقليدا ثابتا للطبقة العاملة في أمريكا والدول ألأوربية ومجموعة الدول ألأعضاء في ألأتحاد السوفييتي السابق وكذلك دول الديمقراطيات الشعبية وعدد من دول الشرق ألأوسط ومنها بعض الدول العربية ، ألأحتفال به سنويا ليكون معبرا عن وحدتها ورمزا لنضالها في سبيل حقوقها المشروعة..!
فألأول من آيار لم يعد معبرا عن وجود الطبقة العاملة كطبقة متميزة في المجتمع ، أرتبط وجودها بالمراحل ألأولى للثورة الصناعية في بريطانيا وأمريكا وأواسط أوروبا في أواسط القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، بل أصبح رمزا تأريخيا يعبر عن المصالح المشتركة لأبناء هذه الطبقة حيثما وجدوا، لما يعنيه ذلك من وحدة الوجود والهدف المشترك..!
ولما كان كفاح الطبقة العاملة من أجل تثبيت حقوقها في توفير ظروف العمل ألأكثر أنسانية، وألأعتراف بوجودها المتميز في المجتمع، كطبقة أجتماعية لها دورها الفاعل في بناء المجتمع وفق أسس من العدالة، وقواعد تضمن لها وللأجيال القادمة حياة من الرفاه وألأستقرار وألطمأنينة، مما يتطلب مشاركتها في العملية السياسية – ألأقتصادية، كل ذلك قد وضعها في المواجهة المباشرة مع الطبقات ألأخرى في المجتمع ، خاصة الطبقة المالكة لوسائل ألأنتاج من أرباب المصانع والرأسماليين ألزراعيين والدولة..! وعلى طريق هذه المواجهة، شكلت معاناة الطبقة العاملة جزءّ من عملية التطور ألأقتصادي – ألأجتماعي للبلدان التي دخلت الصيرورة ألصناعية بمختلف مستوياتها ، بل كانت هذه المعاناة هي الثمن الباهض والمستمر الذي دفعته الطبقة العاملة ولا زالت تدفعه من أجل أن تستمر عملية التقدم العلمي والتطور الصناعي بمستوياتها العالية، حدا أخذت فيه معايير التوصيف للطبقة العاملة نفسها تأخذ مدى ابعد مما كانت عليه في المراحل ألأولى من نشوءها، مما تصبح معه مقولة (ماركس) حول تعرف (البروليتيريا)، بأنها تلك ألطبقة التي ترتبط بأرقى وسائل ألأنتاج، أكثر تجليا على الصعيد العملي منها على صعيد النظرية..!
وبعيدا عن الغور عميقا في مدلولات ما تقدم، أشير هنا فقط ، الى أنعكاسات مغزى ألأول من آيار بالنسبة الى الحركة النقابية العراقية كأحدى مكونات المجتمع المدني، وبأعتبارها التنظيم الجماهيري الوحيد الذي يمكن من خلاله تجميع التشتت الراهن للعمال العراقيين على أختلاف مستوياتهم المهنية في دائرة العمل، في منظمة واحدة ترعى شؤونهم ألأقتصادية وألأجتماعية ، وتنظم كفاحهم في سبيل تحسين ظروف عملهم وضمان أجور عادلة، وأوقات عمل تنسجم مع ما نصت عليه الشرائع وألأتفاقيات العمالية الدولية ، بألأضافة الى تأمين الضمان الصحي ، وتشريع قوانين التقاعد والضمان ألأجتماعي وغيرها من ألأنظمة والقوانين التي ترعى مصالح العمال في جميع قطاعات العمل وألأستخدام..!
لقد تجلت معاناة العمال العراقيين في صراعهم من أجل ألأعتراف بحقوقهم ضمن تشريعات للعمل، من خلال ما تعرضت له تنظيماتهم النقابية من حضر قانوني، وتحريم للأضراب والتظاهر، بما فيه ألأعتداء على تجمعاتهم بأطلاق النار من قبل الشرطة (1)، والتنكيل بقياداتها العمالية ومطاردتهم وزجهم بالسجون، وتشريدهم، وتعريضهم للتصفيات الجسدية، كما وفي أفضل ألأحوال بتزوير أرادتهم، وتحويل منظمتهم النقابية المتمثلة ب(ألأتحاد العام للنقابات العمالية) الى منظمة حكومية، تأتمر بأمر السلطة..!؟ ولم تألو جهدا حتى السلطات الحكومية الحالية من مواصلة المسيرة ألأضطهادية للتنظيمات النقابية العراقية طيلة أكثر من نصف قرن من الزمن، جريا على نفس النهج الذي كانت تمارسه أنظمة الحكم السابقة، سواء منها الملكية أو الجمهورية، بشكليها الديمقراطي أو الديكتاتوري..!؟ فالقرار رقم 8750 في 8/8/2005 القاضي بوضع اليد على ممتلكات ألأتحادات والنقابات العمالية وتجميد نشاطها، وحده كفيل بأعطاء صورة واضحة لتلك الممارسة اللاشرعية من قبل الحكومة ، ناهيك عن أستمرارها بمواصلة العمل بالقانون رقم 150 لسنة 1987 الذي شرعته الديكتاتورية والقاضي بألأغاء التنظيم النقابي في القطاع العام..! هذا أذا ما علمنا بأن هذا القطاع يمثل العصب الرئيس للوجود العمالي في البلاد منذ بدأ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ومع بوادر بناء أولى المؤسسات الصناعية والخدمية في العراق، مثل منشأة السكك الحديدية ومنشأة الموانيء والمنشأة النفطية وغيرها من المنشئات الحكومية..! أن ما تواجهه الحركة النقابية العراقية اليوم ، وهي تلملم جراحها، بعد تشتت وغياب زاد في واقعه عن نصف قرن من الزمن، وفي ظل ظروف العراق الحالية، و ما أفرزته مرحلة تدمير الدولة ومؤسساتها بعد ألأحتلال/ 2003 ، من حل وتخريب للمؤسسات الأنتاجية والخدمية على صعيد القطاع الحكومي، وتدهور للقطاع الخاص، ومن زيادة مذهلة للبطالة، ناهيك عن تردي ألأوضاع ألأمنية وألمعيشية، وفقدان الخدمات العامة، يلقي على كاهلها من المهام الشاقة والعسيرة، أذا ما صح القول، ما يضعها في مواجهة حقيقية مع تلك القوى التي تحاول أستثمار تلك الظروف لزيادة تمزقها ، وأستثمار مأساتها وتعميق أستغلالها، مما يدفعها الى اليأس وألأستسلام ..!؟ فليس أمام الحركة النقابية اليوم من طريق، غير طريق وحدة صفوفها في منظمة نقابية واحدة، تعمل على شد لحمتها في الصراع من أجل حقوقها النقابية وألأقتصادية وألأجتماعية، وأستعادة موقعها كقوة أجتماعية مؤثرة في الحياة ألأجتماعية -ألأقتصادية والسياسية ..!
(1) راجع مقالنا حول الممارسات أللاشرعية ضد العمال من خلال الرابط أدناه:
http://rezgar.com/m.asp?i=1189
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألعراق: ألأشتباك ألأمريكي – ألأيراني..!
-
هل كان ذلك فخا..؟
-
....عقلانية الخطاب السياسي
-
ما وراء موقف الجعفري..؟؟
-
هل أن الكونفدرالية بديل للديمقراطية..؟
-
!..الملف ألأمني واللعبة السياسية
-
!..وطنية حزب
-
!..ألألتزام -السياسي- بنصوص الدستور
-
الذكرى الثالثة..أحتلال أم تحرير..!؟
-
!..الملف ألأمني- الحالة المستعصية
-
!..حلبجة..ألأنفال
-
العراق: حيرة المتفائلين..!
-
!..حقوق المرأة.. ملف مفتوح
-
!..العراق: المسؤولية المفقودة وصراع المصالح
-
الفتنة الفتنة...!!؟
-
أبو غريب...؟؟
-
!.. حقوق ألأنسان حسب المقاس
-
!..عفوية ألحدث.. و المنطق
-
الملف -النووي الأيراني- والصمت العراقي
-
الارهاب..تلك ألالة العمياء
المزيد.....
-
إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط
...
-
إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
-
حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا
...
-
جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم
...
-
اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا
...
-
الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي
...
-
مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن
...
-
إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة
المزيد.....
-
خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة
/ المنصور جعفر
-
حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
/ إرنست ماندل
-
العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري
/ أندري هنري
المزيد.....
|