|
ستبقى أعلام الطبقة العاملة والتضامن والكفاح الحمراء خفّاقة
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 12:13
المحور:
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
في الذكرى السنوية المئة والعشرين: ستبقـى أعـلام الطبـقـة العـامـلـة والتضامـن والكفـاح الـحـمـراء خـفـّاقـة *في الأول من أيار 1886 تظاهر عمال مدينة شيكاغو الامريكية ضد الاستغلال الرأسمالي وطالبوا بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات وتحسين ظروف العمل.. فدسّت سلطة الرأسمال بين العاملين أعوانها ووجهت اذرعها القمعية من رجال الشرطة الذين ارتكبوا مجزرة دموية رهيبة راح ضحيتها عدد كبير من العمال القتلى والجرحى* إن شعار "يا عمال العالم اتحدوا" الطبقي السياسي الذي نعتز بابرازه على صدر الصفحة الاولى من صحيفة "الاتحاد" اليومية له مدلوله السياسي والاجتماعي والتاريخي على ساحة التطور والصراع في بلادنا وعالمنا. فقبل مئة وعشرين سنة في العام 1886 تظاهر عمال مدينة شيكاغو الامريكية ضد الاستغلال الرأسمالي البشع مطالبين بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات وبتحسين ظروف وشروط العمل. ولمواجهة مظاهرة العمال ومطالبهم العادلة دست سلطة الرأسمال بين العاملين اعوانها ووجهت اذرعها القمعية من رجال الشرطة الذين ارتكبوا مجزرة دموية رهيبة راح ضحيتها عدد كبير من العمال القتلى والجرحى. وقد اثارت هذه الجريمة بحق الانسانية والعمال تصعيدا احتجاجيا من قبل الحركة النقابية والاحزاب الاشتراكية والعمالية في مختلف البلدان الاوروبية وفي الولايات المتحدة الامريكية نفسها حيث سارت المظاهرات الاحتجاجية واتخذ الصراع الطبقي مدلولا جديدا ضد طاغوت الاستغلال الرأسمالي. وفي تلك الفترة بدأت تبرز تأثيرات الفكر الطبقي الثوري الماركسي الصاعد بين صفوف الطبقة العاملة والنقابات في اوروبا وامريكا، كما بدأت تتبلور الاحزاب الاشتراكية الماركسية. ففي العام 1889 عقد اجتماع الاحزاب الاشتراكية والعمالية والمعروف بـ" الاممية الثانية" برئاسة المفكر والقائد الماركسي الفذ والمتميز فردريك انجلس رفيق الدرب الفكري والكفاحي لزميله وصديق حياته كارل ماركس. وفي اجتماع الاممية الثانية اتخذ قرار باحياء يوم التضامن العمالي العالمي في الاول من ايار كل عام كيوم كفاحي ترفع من خلاله الطبقة الكادحة وجميع المضطهدين طبقيا وقوميا وسياسيا صرخات مطالبها وشعاراتها النضالية. كما تقرر ان يكون العلم الاحمر رمز الكفاح الطبقي العمالي العالمي، ولم يكن اختيار اللون الاحمر وليس اللون الاسود اوالابيض او البرتقالي اوالازرق، مجرد صدفة، بل كان لهذا الاختيار مدلوله الطبقي الاممي، فلون دم العمال والانسان، وبغض النظر عن لون البشرة او هوية الانتماء القومي او السياسي او الجغرافي او القاري هو الاحمر القاني، كما ان ما يوحد العاملين اينما وجدوا هو انهم ضحايا التمييز والاستغلال الطبقي الرأسمالي، ولهذا فالراية الحمراء راية جميعهم ورمز تضامنهم الكفاحي الاممي. وبعد انتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى في الامبراطورية الروسية وقيام الاتحاد السوفييتي برئاسة قائد الثورة ومنظّرها ف.أ. لينين والبلاشفة، اعلن يوم العمال العالمي الاول من ايار عيدا رسميا وعطلة رسمية. واضاف لينين الى شعار، يا عمال العالم اتحدوا، صياغة جديدة اذ اصبح "يا عمال ومضطهدي العالم اتحدوا" وكانت تنظم في هذا اليوم مظاهرات الكفاح والتضامن في مختلف المدن السوفييتية. ومنذ الاعلان عن الاول من ايار يوما كفاحيا للتضامن العمالي العالمي، وحتى يومنا هذا وعبر كل السنوات تجري محاولات لالغاء هذا اليوم النضالي ولافراغه من مضمونه ومدلوله الكفاحي، وليس من قبل الانظمة الرأسمالية فحسب، بل كذلك من قبل الاحزاب الاصلاحية والانتهازية الاشتراكية الدمقراطية التي تخلّت عن علم الكفاح الاحمر. ومنذ انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي والانظمة الاشتراكية في اوروبا الشرقية يصعّد منظرو واحزاب وساسة البرجوازية وانظمة الرأسمال وخدامهم من الاصلاحيين من هجومهم الديماغوغي المنهجي لافراغ العلم الاحمر الكفاحي من مضمونه بادعاء انه انتهى عهد الصراع الايديولوجي والصراع الطبقي مع انتهاء وجود الاتحاد السوفييتي والمنظمات الاشتراكية، وان الطبقة العاملة فقدت خصوصيتها في عهد الثورة العلمية التقنية الحديثة وسيطرة العمل الذهني مكان العمل الجسماني و"مشاركة" العمال " في الارباح" وامتلاك الاسهم!! كما انه، حسب ادعائهم، لا حاجة بعد لاحزاب شيوعية وعمالية ماركسية- لينينية، فالفكر الماركسي- اللينيني انهى رسالته التاريخية سوية مع نظرية الصراع الطبقي الماركسي!! ما نود قوله في هذا السياق هو التأكيد على الامور التالية: * اولا: صحيح هو التأكيد انه جرت تغيرات عاصفة بفعل التطورات الحاصلة على ساحة التطور والصراع في الرأسمالية، بفعل الثورة العلمية، التقنية ومراحلها المتلاحقة وتأثيراتها واسقاطاتها، ولكن شتان ما بين الشكل والجوهر. فصحيح ان الرأسمالية مرت بمراحل تغير من خلالها هيكلها البنيوي، شكلها، ولكن جوهرها الاستغلالي لم يتغير. بنية البرجوازية الرأسمالية تغيرت اشكال الملكية الخاصة فيها من ملكية خاصة فردية الى ملكية شركات مساهمة رأسمالية الى طغم مالية رأسمالية الى شركات واحتكارات عابرة القارات ومتعددة الجنسيات تفرض هيمنتها ليس فقط داخل حدود بلدانها الوطنية بل مقدرات وثروات واقتصاد العديد من البلدان خارج وطنها. وفي ظل طابع العولمة الرأسمالية المفترسة تتعمق وتتسع بشكل صارخ فجوات التقاطب الاجتماعي على النطاق العالمي بين البلدان الصناعية الرأسمالية المتطورة وبين البلدان النامية ضعيفة التطور، بين دول الشمال الغنية ودول الجنوب الفقيرة. ومن الجهة الثانية صحيح هو القول والتأكيد ان بنية الطبقة الكادحة قد تغيرت واندرجت العديد من فصائل العاملين بفعل الثورة العلمية التكنولوجية الحديثة، فصائل العمل الذهني في بوتقة المشاركة الفعلية المباشرة في عملية الانتاج واعادة الانتاج مثل المهندسين وغيرهم. ولكن رغم التغيرات في بنية الطبقة الكادحة فان موقعها في غربة عن وسائل الانتاج الاساسية التي تتركز ملكيتها بايدي الرأسماليين والشركات الرأسمالية، تجعلها ضحية للاستغلال الرأسمالي والتمييز الصارخ في مجال توزيع واعادة توزيع الدخل القومي والثروة الوطنية وفي مجتمع رأسمالي لا مكان فيه للعدالة الاجتماعية. ولهذا فالتغيرات الصارخة في مسار تطور الرأسمالية لم يغير من جوهرها الاستغلالي. * ثانيا: في مجتمع النظام الرأسمالي فان منهجه ونهجه الطبقي الاستغلالي يحتم موضوعيا الصراع الطبقي بين المستغَلين وبين مستغِليهم. فما دام هنالك استغلال طبقي وما يرافقه من اضطهاد قومي وعنصري، ما دام هنالك مجتمع طبقي فلا مفر موضوعيا من الصراع الطبقي. وما دام هنالك تقسيم عالمي رأسمالي للعمل مبني على استغلال سمك قرش البلدان والانظمة الرأسمالية الذي يفترس البلدان النامية ضعيفة التطور فانه لا مفر من عولمة الصراع الطبقي. وما نشاهده من نشاط الحركة المناهضة لطابع العولمة والرأسمالية التمييزي الوحشي يعكس مدى مصداقية قانون الصراع الطبقي، مدى المصداقية والضرورة الموضوعية لوجود وتطور حزب طبقي ثوري شيوعي يدافع عن قضايا ومصالح الطبقة الكادحة ولجميع المضطهدين ويناضل من اجل بناء مجتمع العدالة الاجتماعية الاشتراكي الذي لا مكان فيه لاستغلال الانسان لاخيه الانسان. وفي بلادنا، في ظل هيمنة نظام الاستغلال الطبقي والتمييز القومي، تخلت الاحزاب التي كانت تدعي بأنها "يسارية" اشتراكية دمقراطية عن علم اول ايار الكفاحي بالرغم من اتساع هوة التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء في اسرائيل ووجود اكثر من مليون ونصف المليون مواطن اسرائيلي يعانون تحت خط الفقر وحوالي ثلاثمئة الف عامل معطل عن العمل، وبالرغم من تصعيد ممارسات سياسة القهر القومي والتمييز العنصري ضد الاقلية القومية العربية الفلسطينية من مواطني دولة اسرائيل وتصعيد العدوان الدموي للاحتلال الاسرائيلي الاستيطاني ضد الشعب العربي الفلسطيني. فحزب العمل الذي يسيطر على الهستدروت والنقابات قد تخلى منذ سنوات عن العلم الاحمر وتقاليد يوم العمال العالمي النضالية. فقد تحول هذا الحزب الى اليمين اكثر باحتضانه لمنهج اقتصاد السوق النيولبرالية والخصخصة وشارك في حكومة القهر الطبقي والقومي والعدوان والاستيطان الكولونيالي الى جانب احزاب اليمين والاستيطان. وحزب ميرتس- ياحد "اليساري الصهيوني" تخلى ايضا عن تقاليد اول ايار الكفاحية ويؤيد الخصخصة والنيولبرالية وافرغ العلم الاحمر من مضمونه الثوري الكفاحي. وبمناسبة مرور مئة وعشرين سنة على المجزرة الدموية ضد عمال شيكاغو فان الحقيقية الدامغة تؤكد ان من يواصل رفع الرايات الكفاحية ويحافظ على المضمون الثوري الكفاحي ليوم التضامن العمالي العالمي للاول من ايار هو الحزب الشيوعي والجبهة. فلم يطو هذا الحزب يوما الراية الحمراء الكفاحية وستبقى دائما مرفرفة عالية شامخة على ساحات الكفاح. وسترتفع هذا الرايات الحمراء الكفاحية عاليا في مظاهرة الالوف المركزية بمناسبة الاول من ايار والتي ستجري صباح غد السبت، في ناصرة الكفاح والتقدم، فالى اللقاء غدا وكل ايار والجميع بالف خير.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألعودة حق ولا عودة عنه !
-
ألمدلول الحقيقي للشراكة الاستراتيجية بين حزبي كديما والعمل!
-
لا مكان لذكر الشيطان الطائفي بيننا
-
لا مفرّ من الوحدة يا شعبنا لمواجهة الذئاب المفترسة للحقوق
-
لن نتخلّى عن هُوية حزبنا وجبهتنا الامميّة المميّزة يا غازي أ
...
-
لمواجهة الخطة الاستراتيجية الكارثية لحكومة كديما الشارونية
-
ألجبهة عزّزت من مكانتها جماهيريًا ومن تمثيلها برلمانيًا ألمد
...
-
ليكنْ قرار الضمير نعم للجبهة، وألف لا للاحزاب الصهيونية
-
وتبقى الجبهة هي الاصل
-
تحدٍّ لسياسة الاقتلاع الصهيونية- لِرفع نسبة التصويت بين جماه
...
-
لن تضيع لحانا بين حانا -العمل- ومانا -كديما- و -الليكود
-
ادعموها باصواتكم لانها اهل لثقتكم وتبقى الجبهة عنوان المظلوم
...
-
أبو مسعود يكسر الجرة!
-
ألمدلول الكارثي لتأجيج الفتنة الطائفية في العراق
-
مهتوك يا زمن!
-
ألمدلولات الحقيقية للعقوبات الجماعية الاسرا – امريكية على ال
...
-
زيتونة الوطن
-
بمرور سنة على اغتيال الرئيس رفيق الحريري أصابع الشر الاجنبية
...
-
مع الحدث: بوتين يكسّر سلاسل الطوق الاسرائيلي – الامريكي المف
...
-
الشعوب تمهل ولا تهمل حتى لا تضيع البوصلة في المواجهة الاحتجا
...
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة
/ المنصور جعفر
-
حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
/ إرنست ماندل
-
العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري
/ أندري هنري
المزيد.....
|