|
التغيرات التي طرأت على الطبقة العاملة وتأثيرها السياسي
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 12:19
المحور:
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
ان الجواب على السؤال " هل طرأت تغيرات جدية وملموسة على بنية الطبقة العاملة؟" هو بالتأكيد نعم. ان الطبقة العاملة بشر والبشر حركة وكل حركة هي في تطور وتغير مستمر سواء أكان ذلك ذاتيا في داخلها ام بالارتباط بغيرها من الحركات القائمة في المجتمع. وتتخذ التغيرات التي تطرأ على الطبقة العاملة اشكالا مختلفة اقتصادية وثقافية واجتماعية وسياسية. اذا اخذنا الثورة التكنولوجية على سبيل المثال نجد ان الطبقة العاملة وسائر الكادحين تأثروا تأثرا هائلا بها. فقد اصبح الموبايل والكامرة الرقمية والتلفزيون والحاسب والبريد الالكتروني وغيرها من منتجات الثورة التكنولوجية جزءا من حياة الطبقة العاملة والكادحين. وان منتجي هذه المنتجات الجديدة هم الذين يعملون على توفير هذه المواد للطبقة العاملة وتعويدهم على استعمالها لان حصر بيع هذه المنتجات على المثقفين والبرجوازيين والمراتب الوسطى لا يجلب لمنتجيها الارباح التي يطمحون لها. واذا نظرنا الى الطبقة العاملة في بلدان اوروبا واميركا نرى ان المستوى الثقافي للطبقة العاملة لا يقاس بما كان عليه سابقا. سمعت وناقشت اشخاصا توصلوا بعد ان عاشوا لفترات طويلة في اوروبا الى انه لم يعد هناك طبقة عاملة بالمعنى العلمي وانما اصبح المجتمع عبارة عن طبقات متوسطة متجاهلين ملايين العاطلين الذين يعيشون على الصدقات كما توقع كارل ماركس وانجلز في البيان الشيوعي. وناسين النسب العالية من شعوب هذه البلدان التي تعيش تحت مستوى الفقر. ولكن الطبقة العاملة هي طبقة عالمية ولا يمكن دراسة التغيرات التي تطرأ عليها بدراسة التغيرات في جزء صغير منها يعيش في دول اوروبا واميركا. وعليه يجب دراسة ما يحدث للطبقة العاملة في اسيا وافريقيا وان ندرس مشكلة الملايين التي تموت جوعا بسبب نهب ثرواتها وندرس الطابع الراسمالي للمساعدات التي يقال انها تقدم لانقاذ هؤلاء من الموت جوعا وعطشا رغم نظريات بعض السادة المتفلسفين بضرورة موت كذا من الملايين سنويا لكي يستقر العالم ويتطور. ان ما يصدق على الطبقة العاملة بهذا الخصوص يصدق كذلك على جميع الكادحين اينما كانوا. فاغلب الذين يموتون جوعا هم من الفلاحين الفقراء. ولكن الحديث عن هذه التغيرات الطارئة على الطبقة العاملة والكادحين يطول بحثه ولا يمكن تغطيته بالعديد من المجلدات ناهيكم عن مقال ينشر في الاول من ايار يجب ان يكون قصيرا ليناسب ما سينشر بهذه المناسبة. ولكن ما يهمنا في هذا المجال هو العلاقات السياسية للطبقة العاملة مع سائر الطبقات والمراتب الاجتماعية. كيف يمكن دراسة العلاقات السياسية للطبقة العاملة مع الطبقات الاجتماعية الاخرى. اعتقد في هذا الخصوص ان كيفية دراسة هذه العلاقات لم تتغير بل بقيت كما هي عليه سابقا. على الطبقة العاملة ان تدرس طبيعة كل طبقة اجتماعية وكل مرتبة اقتصادية في المجتمع لكي تحدد نوع العلاقات الممكنة معها. فبدون هذه الدراسة الطبقية لا يمكن للطبقة العاملة ان تميز بين الطبقة او المرتبة التي يجوز الارتباط معها بعلاقات سياسية والتي لا يجوز لها الارتباط بها بعلاقات سياسية. وهذه الدراسة بقيت ثابتة من حيث الاساس ولكن نتائجها تتغير بتغير المجتمع. فهناك طبقات ومراتب يجوز الاتفاق معها في مرحلة معينة من مراحل تطور المجتمع ولا يجوز الارتباط معها في مراحل اخرى. والقاعدة العامة بهذا الخصوص هي ان الطبقة العاملة يجوز لها الارتباط جزئيا او كليا مع الطبقات والمراتب التي لها مصلحة في تغيير المجتمع ولا يجوز لها الارتباط مع الطبقات والمراتب التي تدعو مصلحتها الى بقاء النظام الاجتماعي الاقتصادي على ما هو عليه وعدم تغييره. ما دور الاحزاب والنقابات والمنظمات الاجتماعية في هذا الخصوص؟ ان التعريف العلمي للحزب في رأيي هو انه جزء من طبقة او مرتبة يشكل اوعى عناصرها تكون مهمته توعية وتنظيم وقيادة سائر اجزاء الطبقة او المرتبة التي ينتمي اليها. وهذا في اعتقادي ينطبق على اي حزب سياسي سواء أكان حزبا يمثل الطبقة الراسمالية او حزبا يمثل الطبقة العاملة او الفلاحين او المراتب الحرفية او غيرها. فالحزب ليس قوة مستقلة بحد ذاته وانما هو جزء لا يتجزأ من الطبقة التي ينتمي اليها. لذا فان تأثير الحزب يكون هائلا وايجابيا طالما بقي الحزب جزءا من طبقته وهذا ما ينطبق باجلى مظاهره في احزاب الطبقة العاملة. ولكن المؤسف هو ان الاحزاب التي تتحدث باسم الطبقة العاملة وتدعي تمثيلها قد انفصلت في العقود الاخيرة عن طبقتها فاصبحت صفرا الى اليسار من الناحية السياسية واحزابا عدوة للطبقة العاملة من الناحية العملية. ان الاحزاب التي كانت سابقا احزابا حقيقية للطبقة العاملة وجزءا من الطبقة تحولت في النكسة العالمية لليسار العالمي الى احزاب متبرجزة تعمل على جمع المال باية صورة بما في ذلك الاتفاق مع اعداء الطبقة العاملة لقاء فتات الموائد. وقد شمل ذلك اغلب الاحزاب بحيث اصبحت هذه ظاهرة عامة في ارجاء العالم. ان اول مهام الطبقة العاملة هي ان تدرك هذا الواقع وتعيه. فالطبقة العاملة لا تستطيع ان تنقذ نفسها من هذا الوضع قبل ان تدرك ذلك وتعيه. فطالما بقيت الطبقة العاملة مؤمنة بالحزب الذي يتحدث باسمها ويخونها ويعاديها ويعمل على تدمير حركتها لا يمكنها ان تخطو خطوة واحدة في طريق انقاذ نفسها من هذا المأزق. فبعد ان تدرك الطبقة العاملة وتعي هذا الوضع وتتخلص منه فقط يمكنها ان تخلق احزابا من صلبها ومن اوعى عناصرها واصلبهم عودا لتقودها الى اهدافها القريبة والبعيدة. وفي ارجاء العالم اليوم تبدو في الافق اشارات على حركات عمالية ادركت هذا الواقع واخذت تؤلف احزابا حقيقية من صلب الطبقة العاملة ومن ابنائها. لا اريد الاطالة على القارئ في هذا المقال ببحث جميع هذه الامور التي يتطلب كل منها بحثا مطولا في مقال سيصدر كواحد من مئات المقالات التي ستنشر في الحوار المتمدن بمناسبة عيد العمال العالمي. ولكني مع ذلك اود ان اتطرق بايجاز الى اهداف الطبقة العاملة. الطبقة العاملة مهما تطورت وتغيرت من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية فانها تبقى المصدر الوحيد لخلق ارباح الراسمال. فالراسمال هو نقود تولد نقودا. وهذه النقود لا يمكنها او تولد نقودا الا عن طريق استغلال الطبقة العاملة ولذلك فان الطبقة العاملة تبقى خالق فائض القيمة للراسمال العالمي طالما بقي هذا الراسمال في الوجود. ولذلك فان طريق خلاص الطبقة العاملة الوحيد هو ازالة الراسمال العالمي من الوجود. هذا هو الهدف الاستراتيجي الذي لا يمكن ان يتغير مهما تغيرت ظروف الطبقة العاملة من جميع النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. فهدف الطبقة العاملة الاستراتيجي هو الاطاحة بالنظم الراسمالية وتحقيق النظام الاشتراكي. وكافة نضالات الطبقة العاملة الاخرى تخضع لهذا الهدف الاستراتيجي الذي لا يمكن تغييره.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة الى الاخ احمد الناصري
-
اليسار العالمي واليسار العراقي - النكسة
-
اليسار العالمي واليسار العراقي
-
عبادة الحزب
-
التطور التكنولوجي وارباح الراسمالية
-
حكومة الانقاذ الوطني
-
الدراسة المنهجية للماركسية - الاشتراكية
-
الدراسة المنهجية للماركسية - الاقتصاد السياسي
-
رحمة الله عليك يا نعساني
-
حسقيل قوجمان يستفيق من نوم الكهف
-
20شباط العيد الوطني لاستقلال المنطقة الخضراء
-
الدراسة المنهجية للماركسية - المادية الديالكتيكية
-
اسطورة حكومة الوحدة الوطنية 2
-
الكولخوزات ودورها في بناء الاشتراكية
-
ساسون دلال
-
الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية
-
المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
-
سبب حل الجيش العراقي
-
اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
-
نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها
...
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة
/ المنصور جعفر
-
حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
/ إرنست ماندل
-
العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري
/ أندري هنري
المزيد.....
|