|
الاول من ايار كان عيدا للعمال
غمكين ديريك
الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 10:09
المحور:
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
كل من يناضل في سبيل هدف ما فهو عامل ، وكل من يعيش من اجل التطور والازدهار فهو عامل ، وكل من يتطلع الى مجتمع افضل ايضا هو العامل ، ولكن اختزال كل البشرية في فئة العامل والعمال ، عبر النظرية العمالية والاقتصاد السياسي التي تبنته الامميات المتعاقبة ( الاولى والثانية والثالثة ) وحسب المفهوم الماركسي الانجلزي ، يعتبر اجحاف بحق الطبقة العاملة من جهة ،واجحاف بحق البشرية جمعاء ، واختزال الفكر والسياسة بهذه الطبقة ( حسب المفهوم الماركسي ) ايضا هي اجحاف للبشرية جمعاء ، لان كافة الفئاة الاجتماعية والطبقات الاخرى ايضا تريد ان تعيش وتناضل من اجل عيشها والوصول الى حياة افضل . ان النظرية الماركسية في تشكيل المجتمعات والطبقات والفئاة الاجتماعية ، هي نظرية صحيحة نسبيا ، ولكن الاخذ بها على اساس انها النظرية المطلقة في التكوين ، ورسم مستقبل العالم وفق هذه النظرية ، كان انحرافا جديا في محاولة تطبيقها في الممارسة العملية ، وهي التي تسببت في فشل نظامها وعدم وصولها الى نتائج ايجابية ، لابل انها احبطت امال وطموحات الطبقة العاملة ، وجعلتها متشرزمة ، وفقدت حيويتها واصابتها النكبة والياس في التجربة العملية مع مرور الزمن والتطور البشري ، لان التجربة السوفيتية اثبتت ان اختزال البشرية والاقتصاد والسياسة بفئة ما يؤدي الى اختزال كل هذه الاشياء بممثل هذه الفئة ، وبالتالي يؤدي الى ظهور ديكتاتوريات تفوق في استبدادها الدكتاتوريات القديمة (العبودية والاقطاعية )، لان مستوى التطور التكنولوجي والعلمي والفكري في المجتمع يصل الى درجات عالية ، وتبرز في هذا الوعي مبادئ اساسية في الحياة الاجتماعية ، من الحرية الفردية الى الحرية الاقتصادية وحقوق الانسان ، الا ان التجربة السوفيتية وكنتيجة حتمية لها ، لم تستطع ان تاخذ هذا التطور بعين الاعتبار ، لابل جاهد من اجل قمعها وتشكيل نسخة او موديل معد مسبقا للمجتمع وفق نظريتها ( الوصغات الجاهزة )، وطالبت كافة الفئاة الاجتماعية التاقلم مع هذا القالب الذي يعتبرسجنا للفئاة الاخرى ، وهذا ما يعرف الان بالايديولوجية الشمولية والتي يتصف بالرجعية والتخلف وعدم مواكبة روح العصر والتطور الثقافي والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الذي يعيشه عالمنا المعاصر، لانها احادية الاتجاه والنظرة . ان التكامل الاجتماعي الذي يطرح في الممارسة العملية لبناء المجتمع الحر والديمقراطي الان ، من الناحية الاجتماعية والثقافية والسياسية هي التي تسود كافة مرافق الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ( عكس النظرية الماركسية ) ، وعلى هذا الاساس تعرض البنية الفكرية للطبقة العاملة الى تغيرات جذرية لايمكن انكارها ، ومن جهة اخرى فان التغيرات الاقتصادية ايضا فعلت فعلتها في هذا التغير ، وبشكل عام نستطيع القول ان التطور التيكنولوجي والتي كان يعرف بالعدو الاساسي للطبقة العاملة انتصرت باحتلال كافة مرافق الحياة ، وبات الطبقة العاملة مضطرة للاعتراف بالواقع الموضوعي وان تتغير ان شاء ام ابى ( ( حزب العمال البريطاني )، وهذا ما ادى الى تهميش الحركات اليسارية والعمالية بشكل عام ، وتوجهت بعض منها الى حل نفسها وفسخ تنظيماتها ، وتوجه الاخر الى الانضمام الى التطور العام في ممارسة السياسة بالاشتراك مع الاحزاب السياسية الاخرى ( الديمقراطية الوطنية ) . ان اعتبار الاحزاب العمالية نفسها البديل الشرعي للنظام ، اصبح غير وارد في الكثير من دول العالم ، لانها ان اعتبرت نفسها كذلك ، ستكون نتيجتها الفشل الحتمي ، لانها ذو نظرة شمولية وقد يكون اكثر تخلفا من النظام القائم في تلك الدولة ، ولن تستطيع تحقق الاكثرية في تشكيل السلطة او الوزارة او حتى ادارة البلاد ، وستكون مضطرة الى الالتجاء الى القمع والاستبداد ، ولايوجد شعب يطمح الى هذا في هذه المرحلة. بالنسبة للوطن العربي فان التطور الاجتماعي والسياسي والثقافي يتطور بشكل عكسي ، ويتجه الى المقاومة الشاذة او السلبية ، والتي تستند في ذلك الى تاريخها او الى الماضي العريق الذي اصبح بكل معنى الكلمة ( ماضي ) ، فمع توجه القوى العالمية الى العولمة والتطور الاقتصادي والسياسي والثقافي وعولمة الاقتصاد ، وتطوير الحريات الفردية بالترافق مع حقوق الانسان وحقوق الامم والشعوب في تقرير مصيرها ، تتجه الوطن العربي الى عولمة الفكر في ما وراء الطبيعة ( نتيجة في الطبيعة )، والتوجه الى السلفية والتكفير والتطرف الديني في مقاومة التطور الغربي ، والذي يعتبرونه غول سيلتهم حضارتهم القديمة ، التي لم يعد لها اي اثر ، وان بقيت بعض مقوماتها فان الانظمة الاستبدادية تستخدمها من اجل الحفاظ على مصالحهم والاستمرار في القمع والاستبداد ، ومع كل اسف اقتنعت بعض الحركات العمالية المنتاثرة بهذا المفهوم ، تحت اسم مناهضة الامبريالية والراسمالية العالمية ، ويهيئون الارضية الخصبة للتطور اللاهوتي و السلفي المتمثل في الاسلام السياسي والتطرف الديني ، والذي بدوره يؤثر سلبا على كافة مفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية ، وهي بدورها تناهض الحريات الاساسية والحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق العمال ايضا . على الحركة العمالية في الشرق الاوسط ان وجدت ، ان تبحث عن سبل توحيد جهودها مع فعاليات السياسية العامة ، ضمن منظمات المجتمع المدني ، ولجان الدفاع عن الحريات العامة ، ومنظمات حقوق الانسان ، علها ان تقدم بذلك نقدا ذاتيا عن ماضيها المتصلب وعن ايديولوجيتها الشمولية والتي لم تكن تبت باية صلة عن الواقع الاجتماعي والثقافي في الشرق الاوسط ، فالى الان لاتعترف الحركات العمالية في الشرق الاوسط بحق الامم في تقرير مصيرها (اللهم نظريا ) ، ولا يوجد في قاموسها مسالة الاقليات ، او الحقوق الدينية والثقافية للشعوب والاثنيات التي ترزح تحت حكم السلطات الحاكمة في بلدانها ، واستطيع القول ان اغلب الحركات العمالية ان لم اقل معظمها هي متاثرة وتتحرك وفقا لرغبات السلطات الحاكمة في هذه المسائل ، ومن غير اي تحفظ استطيع ان اذكر اسم الحزب الشيوعي السوري وصولا الى الحزب الشيوعي التركي والاردني والايراني ، وهؤلاء الاحزاب وان كانت نظرياتهم ثورية ، الا انهم في الممارسة العملية لم يستطيعو ان يخرجو من تحت مظلة السلطة ، لابل شكلو مع السلطة جبهات ضد مصالح جماهيرها . تعيش منطقة الشرق الاوسط ارتدادا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا ، وهي تعيش في حالة من الفقر والتخلف المريع ، وهذا الارتداد يؤثر على الحركة النضالية بشكل عام ، بما فيها وضع المراة العاملة او المناضلة في سبيل حريتها في المساوات بينها وبين الرجل ، لان المراة اليسارية اصبحت تقتنع ان حرية المراة هي من بروبوغاندا النظام العالمي الجديد ( تحت تاثير مازرعته الانظمة الشمولية من جهة ، وفشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي من جهة اخرى ) ، لانها فقدت حريتها الطبقية تحت الاستبداد السياسي ، وفقدت حريتها الاجتماعية بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية ، فتجد الحل في الهروب من الواقع والتوجه الى ماوراء الطبيعة ( تحت الضغوطات العديدة وفي كافة المجالات )، ومع احترامي للمناضلات الواتي ماذلن باقين في خندق النضال ويقامون كافة اشكال القمع والاستبداد السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، الا ان المفهوم العام للحركة العمالية في منطقتنا اصبحت مع كل اسف مظلة تحمي النظم الاستبداية بوعي او من دون وعي ، لانها تجد في عدوتها التاريخية ( الويلايات المتحدة الامريكية ) تقود النضال الديمقراطي والدفاع عن الحريات الاساسية وحقوق الانسان ، وان كانت هذا الدفاع من منطق حماية مصالحها ، الا انها تحمي مصالح الشعوب والطبقات المستغلة والتي ترزح تحت استبداد انظمتها الرجعية والديكتاتورية ايضا - لذا تجد الحركات اليسارية تناهض العولمة - لان النظام العلمي الجديد يفتح افقا جديدة ومساحة واسعة للحريات الاساسية ، ومع الاسف بهذه المفاهيم استطاعت الحركة العمالية ان تضيق الحصار على حرية المراة من جديد وبثوب جديد ، ومثلما نرى الان اغتيال النساء العاملات والموظفات (الغير محجبات) في بغداد وضواحيها ، ستتكرر هذه الحوادث قريبا في كل من دمشق وعمان والقاهرة ، لان الميول العام اصبح ضد حرية المراة ( واصبحت المراة اسيرة اربعة جدران – نسبيا )، والحركة العمالية لم تستطيع تحليل الوضع السياسي الراهن ، وتطوراتها بالشكل الايجابي والمنطقي والموضوعي ، بل توجهت الى خدمة مصالح حكامها الاستبداديين ( في مقاومة سلبية متخلفة )، في عصر يفترض ان يكون عصرا لحرية المراة وتحررها ، لان القرن الحادي والعشرون هو قرن المراة في العالم ، الا انها تنقلب الى قرن دحر واضطهاد المراة في الشرق الاوسط ، ولكن توجهة المراة بشكل عام الى تاسيس تنظيمات المجتمع المدني ، وتوجهها الى احتلال مكانتها في جمعيات حقوق الانسان والرعاية والمنظمات الخدمية اعطتها دفعا نحو الامام ، ويبدو ان تطور المراة لن تتحقق الا من خلال منظمات المجتمع المدني ومؤسساتها الثقافية والاجتماعية والسياسية ، وعن طريق استقلاليتها الاقتصادية .
#غمكين_ديريك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليلة سقوط دمشق
-
المفهوم القومي لدى الشعوب السورية
-
اذار.... المراة والانتفاضة ونوروز
-
اذار اول خطوة سليمة نحو الديمقراطية 12
-
الحراك الديمقراطي والتنظيم في سوريا
-
المراة بين الواقع وطموح الشعارات
-
المعارضة الكردية بعد خدام
-
ردا على رياض الترك (م. طلب هلال الثاني ) 2
-
نحن ومعوقات الديمقراطية
-
القضية الكردية بين الانكار و الوجود
-
دراسة تحليلية في البنية التنظيمية للحركة الكردية في سوريا
-
قصة ميليس
-
الرجل يعرف بكلمته التي لن تتغير ولو طارت راسه
-
رسالة إلى إعلان حلب
-
من بين المتاهات
-
هل ستتساوم قامشلوعلى كرديتها
-
شذرات سياسية
-
دور الشبيبة في ترتيب البيت الكردي السوري
-
تأهيل الشرق الأوسط الكبير
-
افتتاحية جريدة الوفاق العدد 22
المزيد.....
-
مشاهد توثق انفجار أجهزة -البيجر- اللاسلكية في عدد من المتاج
...
-
مصادر عسكرية رفيعة: تناقض شديد بين الجيش ونتنياهو ونخسر حرب
...
-
ألمانيا تتعهد بتقديم 100 مليون يورو إضافية لأوكرانيا في الشت
...
-
مصرع 4 أشخاص وإصابة 40 جراء حرائق الغابات في البرتغال
-
وزير القوات الجوية الأمريكية: روسيا ستواصل تهديدنا بغض النظر
...
-
قيس سعيد: جهات أجنبية تسعى لإفشال حركة التحرر الوطني في تونس
...
-
البرلمان الجورجي يتبنّى مشروع قانون حظر الدعاية للمثلية وتغي
...
-
مالي: مسلحون يهاجمون مقرا للقوات المسلحة في العاصمة والجيش ي
...
-
عاجل: عدد من الإصابات في حدث أمني غير واضح في الضاحية الجنوب
...
-
تطوير صمام قلب جديد لتفادي مشاكل عمليات استبدال الصمامات
المزيد.....
-
خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة
/ المنصور جعفر
-
حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
/ إرنست ماندل
-
العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري
/ أندري هنري
المزيد.....
|