|
العلاقة بين السياسي والاجتماعي في مجال تحرك الاتحاد العام التونسي للشغل
الحبيب الذوادي
الحوار المتمدن-العدد: 6217 - 2019 / 5 / 1 - 11:22
المحور:
ملف 1 أيار - ماي يوم العمال العالمي 2019 - سبل تقوية وتعزيز دور الحركة النقابية والعمالية في العالم العربي
الحركة النقابية التونسية تعد من أعرق التنظيمات الاجتماعية في الوطن العربي، حيث عرف التونسيون التنظيم النقابي منذ أواخر القرن 19، وطوال تاريخ الحركة العمالية التونسية كان هناك تلازم بين الفعل السياسي والنضال الاجتماعي فرضه الوضع الاستعماري نفسه، حيث تمكن الشهيد فرحات حشاد الكاتب العام للاتحاد العام التونسي للشغل بعد تأسيسه من تنظيم الطبقة العاملة التونسية ومن تحقيق تكتلها حول الحركة التحريرية التونسية، فعلى اثر اعتقال القيادات السياسية للحزب الحر الدستوري الجديد في بداية الخمسينات اندفع حشاد في قيادة الحركة الوطنية بأكملها فكان حينها يعطي تعليماته للمقاومة التونسية بدحر المستعمر في كل مكان خصوصاً بعد تنكر الحكومة الفرنسية لوعودها لمنح تونس استقلالها الداخلي برسالتها المؤرخة في 15/12/1951 حيث قدم الاتحاد العام التونسي للشغل قافلة من الشهداء تنديداً بالمستعمر الغاشم وطلبا للاستقلال، أبرزهم حشاد فضلاً عن المعتقلين والمساجين بعد مظاهرات قادتها النقابات التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل حينها. بعد حصول تونس على استقلالها في 20/03/1956 اضطلع الاتحاد العام التونسي للشغل بدور الشريك في بناء الدولة الوطنية الحديثة من خلال تمثيليته الرئيسية في المجلس القومي التأسيسي سنة 1956، وكذلك شارك الاتحاد من أول حكومة بعد الاستقلال حين تولى عدد من أعضاء مكتبه التنفيذي حقائب وزارية هامة من بينهم مصطفى الفيلالي وعبد الله فرحات... إلا أن العلاقة بين الاتحاد والسلطة عرفت عديد الأزمات خصوصاً منها سنة 1978 بعد اعلان المناضل الوطني الحبيب عاشور أسد البطحاء الإضراب العام في البلاد يوم 26 جانفي بالسنة المذكورة أعلاه، حيث زج بكافة قياداته في السجون، وخلال فترة حكم بن علي لم تهدأ علاقة الاتحاد بالسلطة، فمع بداية أحداث الثورة التونسية في التصاعد وقبل انتشارها في عموم البلاد عمدت الأوساط القيادية في الاتحاد العام التونسي للشغل حينها للتذكير بمضامين الدراسات التي أنجزها حول الوضع الاجتماعي بالجهات الداخلية التي بينت العمق الحقيقي للأزمة واقترحت على الحكومة حينها حلولاً للتخفيف منها أو تجاوزها، ورغم فقدانه دوره الضاغط حينها على السلطات العمومية، وتضيق السلطات عليه ورفضه أن يكون جزءًا من الحكومة المستبدة آنذاك وعلى الرغم من الأوضاع المتردية بالبلاد تمكن الاتحاد العام التونسي للشغل حينها من مواصلة القيام بعديد الإضرابات في قطاعات متعددة.. وبعد 14 جانفي عرفت تونس مشهداً سياسياً متحركاً ومتنوعاً وتمكن الاتحاد العام التونسي للشغل من لعب دور بارز من خلال وصوله إلى مرتبة المؤسسة الفاعلة بالبلاد خصوصاً عقب وفاة لطفي نقض وكذلك على اثر عملتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي حيث تمكن الاتحاد العام التونسي للشغل نتيجة المشهد الضبابي الذي عاشته بلادنا خلال تلك الفترة وللخروج من المأزق بتنظيم حوار وطني لحل أزمتي تونس السياسية والاقتصادية نتيجة تفاقم الإرهاب وعجز الموازنة وتراجع الاستثمار ونجح على إثرها الرباعي الراعي للحوار في الظفر بتوقيع 21 حزباً على خارطة طريق قادت البلاد للخروج من أزمتها حينها وأفضت إلى تكوين حكومة كفاءات وطنية لإنهاء صياغة دستور للبلاد والاتفاق على الإعداد للانتخابات المقررة حينها نهاية 2014. واليوم لا يزال الاتحاد العام التونسي للشغل يواصل دوره الوطني حيث عبر عن رفضه للزيادة في أسعار المواد الأساسية مؤخراً المتخذة من حكومة الوحدة الوطنية، والتي أدت إلى التهاب أسعار العديد من المواد المرتبطة بالاستهلاك اليومي للتونسيين والتونسيات، محذراً من أن هذه الإجراءات ستزيد في ترفيع التضخم وتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين، وتعمق التفاوت الاجتماعي ودعوته لضرورة التزام احترام الحكومة لتعهداتها بعدم الزيادة في المواد الأساسية طبقاً للاتفاق الحاصل مع الاتحاد في الغرض، وما رافقها من احتجاجات بعديد المناطق من البلاد مؤخراً حيث عبر الاتحاد أن ما حصل هو شغل عصابات تستهدف الإخلال بأمن البلاد تحت جناح الظلام وتأكيده من جانب آخر بوقوف الاتحاد مع الاحتجاجات السلمية من أجل القضايا العادلة ومواصلة العمل من خلال المساهمة وإيجاد الحلول والبدائل والخيارات الحقيقية للقضايا الحارقة وذلك لن يتأنى إلا في ظل الاستقرار السياسي المنشود لإنقاذ تونس وتجربتها الفتية خصوصاً بعد انتخابات 2014 من خلال الدعوة لوجود واقع سياسي تتصارع فيه الأحزاب على البرامج قبل المواقع. كما يلعب الاتحاد التونسي للشغل إلى جانب الديبلوماسية التونسية اليوم دوراً هاماً في نصرة قضايا شعوب العالم المضطهدة أهمها قضية الشعب الفلسطيني، وسينظم الاتحاد خلال احتفاله بتأسيسه هذه السنة مؤتمراً دولياً بمشاركة المنظمات والنقابات الدولية الفاعلة من أجل نصرة القدس والقضية الفلسطينية العادلة. وبالتالي نستنتج أن الاتحاد مر قبل تأسيسه سنة 1946 وبعدها بعديد التجارب، والتيارات، والتوجهات، والمدارس الاقتصادية.. الشيء الذي خلق نوعاً من الديناميكية وهذا ما يجب أخذه بعين الاعتبار في العلاقة بين السياسي والاجتماعي في مجال تحرك الاتحاد المحسومة تاريخياً، وإن كان هناك جدل في خصوصها فيتم غالباً في علاقة المد والجزر بينه وبين السلطة التي تخضع لمنعرجات الإطار التاريخي.
#الحبيب_الذوادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقة بين السياسي والاجتماعي في مجال تحرك الاتحاد العام ال
...
المزيد.....
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
-
مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا
...
-
السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر
...
-
النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى
...
-
رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
-
-كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
-
السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال
...
المزيد.....
-
في منع الطبقة العاملة من قيادة الثورة.
/ التيتي الحبيب
-
الحركة النقابية للشغيلة في تونس وتلازم البعدين الوطني والاجت
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
الاتحاد العام التونسي للشغل والشراكة في بناء الدولة الوطنية:
...
/ عائشة عباش
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من مطالب الحركة العمالية
/ سعيد العليمى
-
الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات
...
/ عيبان محمد السامعي
-
الحركه النقابيه العربيه :افاق وتحديات
/ باسم عثمان
-
سلطة العمال في ظل الأزمة الرأسمالية
/ داريو أزيليني
-
إيديولوجية الحركة العمالية في مواجهة التحريفية
/ محسين الشهباني
-
الحركة النقابية في افريقيا وميثاقها
/ كريبسو ديالو
-
قراءة في واقع الحركة النقابية البحرينية
/ إبراهيم القصاب
المزيد.....
|