أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - محمد الحنفي - النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....1















المزيد.....


النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....1


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 12:00
المحور: ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
    


الإهـــــــداء إلـــــــى :

 النقابة المبدئية المناضلة.

 الشغيلة التي ترفض الانحراف النقابي و الانتهازية النقابية، و انتهازية الشغيلة.

 كل مناضل نقابي يحرص على أن تكون النقابة أداة في يد الطبقة العاملة، و حلفائها، من أجل تحسين أوضاعها المادية، و المعنوية.

 كل مناضل حزبي يحرص على أن تكون النقابة مبدئية.


 إلى المناضلين الأوفياء لمبدئية العمل النقابي، في الك.د.ش، و في مقدمتهم القائد النقابي الكبير الرفيق مبارك المتوكل.

 من أجل عمل نقابي مبدئي.

 من أجل الارتباط العضوي بين النقابة، و الشغيلة، و طليعتها الطبقة العاملة.

 من أجل وعي نقابي متقدم.

محمد الحنفي

تقديم :

في الأيام الأخيرة صار الكلام عن النقابة، و عن عمالتها للإدارة، و للدولة، و للباطرونا، رائجا كثيرا، و المروجون لذلك الكلام، لا يميزون بين نقابة، و أخرى، و لا يقومون بنقاش موضوعي، لمسألة عمالة النقابة، و لا للشروط التي أنتجت تلك العمالة، و لا لطبيعتها، و لا للجهة التي تمارس تلك العمالة، ولا ما هي النتائج التي تترتب عن تلك العمالة ؟ و لا عن الجهة المتضررة منها، ولا عن طبيعة الضرر الذي أصابها ؟ و لا كيف يتم التغلب على ذلك الضر ؟

إن الحديث عن العمالة النقابية، هو حديث عام، و شامل لكل النقابات، سواء في ذلك النقابة المبدئية، و غير المبدئية، و النقابة التقدمية، و النقابة الرجعية، و النقابة المستقلة، و النقابة التابعة، و النقابة الحزبية، و غير الحزبية. و هذه المساواة بين النقابات هو عمل موجه، من قبل جميع الأشخاص، مهما كان هؤلاء الأشخاص، الذين ليس من مصلحتهم أن يكون هناك عمل نقابي صحيح. كما هو موجه من قبل مالكي وسائل الإنتاج، الذين ليس من مصلحتهم أن يوجد عمل نقابي مبدئي، و من قبل الدولة التي تسعى باستمرار إلى جعل النقابة، و العمل النقابي، غير ذات جدوى، من خلال جعل النقابة، ممارسة للتحريف النقابي، و بكافة الأشكال، حتى تعرف النقابة بعمالتها للدولة، و حتى يفرغ العمل النقابي من محتواه النضالي، و يبتعد العمال، و حلفاؤهم عن العمل النقابي، و عن النقابة، و أن يسعوا إلى قبول ما تخططه الدولة، و تعمل على تخطيطه الطبقة الحاكمة، و ما تفعله البورجوازية المالكة لوسائل الإنتاج، بمستقبل العمال. لأنه بقبول الشغيلة، و طليعتها الطبقة العاملة، بما يمارس عليها، يفقد العمل النقابي محتواه، و تفقد النقابة قيمتها، و الذي يتحمل المسؤولية في الوضعية التي تعرفها النقابة، و يعرفها العمل النقابي، هو النقابة نفسها، التي لا تحقق المبدئية في مسلكيتها تجاه الشغيلة من جهة، و تجاه الإدارة في القطاعين العام و الخاص من جهة أخرى، لأنها لو دققت، فعلا، في العلاقة مع الشغيلة في مختلف القطاعات، لسعت إلى التركيز على التكوين، و التكوين المستمر، من أجل جعل الشغيلة تملك وعيها النقابي، الذي يعتبر شرطا لوجود النقابة، و قوتها، و تماسك النقابيين في إطارها حتى يجعلوا النقابة، و العمل النقابي، وسيلة لتحقيق أمرين مرتبطين فيما بينهما :

الأمر الأول : تحسين الأوضاع المادية، و المعنوية، لجميع شرائح الشغيلة، و على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية. لأنه بتحسين الأوضاع و على جميع المستويات، تدرك الشغيلة أهميتها بالنسبة لمستقبلها، و لوحدتها، و لقوتها. و إدراك الأهمية التي تكتسبها الشغيلة هو بداية امتلاك الوعي الطبقي.

و الأمر الثاني : اعتبار النقابة وسيلة لامتلاك الوعي الطبقي، الذي يعد الشغيلة، و طليعتها الطبقة العاملة، إلى الالتحاق بحزب الطبقة العاملة، و سائر الكادحين، أو بالعمل على إنشاء هذا الحزب إن كان غير موجود.


و الأمران متلازمان بالضرورة، لأن الشغيلة التي تتعرض للاستغلال المادي، و المعنوي، الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، لا يمكن أن تتوقف عند حدود تحسين أوضاعها المادية، و المعنوية، لأن وقوفها عند هذه الحدود ليس إلا ممارسة تحريفية للعمل النقابي. و لوضع حد لذلك التحريف ،لابد أن يتم ربط العمل النقابي، بالعمل السياسي. لأن هذا الربط هو الكفيل برفع وعي الطبقة العاملة، و حلفاءها، من سائر شرائح الشغيلة. و ذلك الوعي، الذي لا يكون إلا طبقيا، هو الذي يجر الشغيلة، و طليعتها الطبقة العاملة، إلى الاشتغال بالعمل السياسي، عن طريق الانخراط في العمل الحزبي، و الانخراط في حزب الطبقة، الذي يقود النضال العمالي، والجماهيري، في أفق وضع حد للاستغلال، عن طريق جعل وسائل الإنتاج في ملكية المجتمع، بدل أن تبقى في ملكية الأفراد.

و لتوضيح هذه الأفكار أكثر، سنتناول في معالجتنا لموضوع " النقابة /الشغيلة، أو الشروع في انفراط العلاقة": مفهوم النقابة كإطار للنضال، و مفهوم الشغيلة كمجال لعمل النقابة، و طبيعة العلاقة بين النقابة، و الشغيلة، و علاقة النقابة بالملف المطلبي، و النقابة و تثقيف الشغيلة، و النقابة و التكوين السياسي للشغيلة، و علاقة الشغيلة الانتهازية بالنقابة، و علاقة النقابة الانتهازية بالشغيلة، و حزبية النقابة، و نقابة الحزب. و لماذا تنفرط العلاقة بين النقابة، و الشغيلة، و أفق النقابة ، و أفق العلاقة بالشغيلة، و ما العمل من أجل علاقة عضوية بالشغيلة ؟ و ما العمل من أجل نقابة مناضلة ؟ و ما العمل من أجل شغيلة مناضلة ؟ و ما العمل من أجل علاقة مبدئية بالأحزاب السياسية ؟ و ما العمل للارتباط العضوي بين النضال النقابي و النضال السياسي؟ و العمل النقابي و أدلجة الدين الإسلامي ؟ و ما طبيعة العلاقة بين النقابة و حزب الطبقة العاملة ؟ و هل هي علاقة تبعية ؟ و هل هي علاقة تنظيمية ؟ و ما هو الفرق بين النقابة المبدئية، و بين النقابة التابعة ؟ و بينها و بين النقابة الحزبية؟ و بينها و بين التنظيم النقابي الحزبي ؟ و ما هو الفرق بين النضال النقابي ، و بين النضال الحزبي ؟ و بينه و بين النضال الحقوقي؟ و بينه و بين النضال الثقافي ؟

و بمعالجتنا لهذه المسائل، لابد أن نصل إلى خلاصات مركزة، يمكن أن نسترشد بها، حتى لا تنفرط العلاقة بين النقابة، و الشغيلة، على جميع المستويات التنظيمية، و المطلبية، و النضالية، و على مستوى امتلاك الشغيلة للوعي النقابي الصحيح، الذي يتحول بالضرورة إلى وعي طبقي، يقود إلى ممارسة النضال السياسي عن طريق الانخراط في حزب الطبقة العاملة، الذي يعمل على وضع حد لاستغلال البورجوازية المالكة لوسائل الإنتاج، عن طريق جعل وسائل الإنتاج في ملكية المجتمع، لتتحقق بذلك الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.

النقابة كإطار للنضال :

و تعتمد الجماهير الشعبية الكادحة مجموعة من الإطارات، للنضال من أجل تحقيق مطالبها المختلفة. فهناك الإطارات الخاصة بالنضال الثقافي، و هناك الإطارات الخاصة بالنضال الحقوقي، و هناك الإطارات الخاصة بالنضال السياسي، و هناك كذلك الإطارات الخاصة بالنضال النقابي.

فما هي النقابة ؟

و ما ضرورتها ؟

و ما هي الفئات المستهدفة بها ؟

و لماذا نجد أن النقابة تمتد لتشمل معظم الأجراء ؟

و ما حدود النضال النقابي ؟

إن النقابة هي الإطار الذي ينتظم فيه الأجراء، أو معظمهم، أو بعضهم، لتنظيم العمل الهادف إلى طرح المطالب الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية على المسؤولين في القطاعين: العام، و الخاص، من أجل النظر فيه، بهدف العمل على تحسين الأوضاع المادية، و المعنوية، لسائر أفراد الشغيلة، أو لمعظمها، أو لبعضها، في القطاعين: العام، أو الخاص، أو هما معا.

و النقابة، لذلك، إطار لتنظيم الأجراء على المستوى القطاعي، و على المستوى المركزي، و تعمل على تحقيق الوحدة التنظيمية القطاعية، و المركزية على السواء، انطلاقا من تصور معين، للتنظيم النقابي، يتجسد في القانون الأساسي، و في النظام الداخلي، المعتمد في العمل التنظيمي الإجرائي، و انطلاقا من مبادئ معينة، تتمثل في الديمقراطية، و التقدمية، و الجماهيرية، و الاستقلالية، و الوحدة.

فالديمقراطية تقتضي قيام التنظيم النقابي، على أساس الاقتناع بضرورة وجوده أولا، و على أساس الاقتناع به ثانيا، و على أساس الاختيار الحر، و النزيه، لأجهزته المحلية، و الإقليمية، و الجهوية، و الوطنية، القطاعية، و المركزية، و على أساس مساهمة جميع المعنيين، بصياغة برامجه النضالية، و المطلبية، و الانخراط في النضال، من أجل تحقيق المطالب القطاعية، و المركزية، انطلاقا من الوعي الذي يعمل المسؤولون النقابيون، على إشاعته، بين جميع أفراد الشغيلة، قطاعيا، و مركزيا، حتى ينخرط الجميع في العمل النقابي، و ينتظم في النقابة، و يساهم في ممارسة الضغط على المسؤولين في القطاعين: العام، و الخاص، من أجل تحقيق المطالب المطروحة، أو معظمها، أو بعضها على الأقل، في إطار صيرورة النضال النقابي، الذي لا يتوقف أبدا.

و التقدمية تقتضي العمل على تغيير وضعية الشغيلة قطاعيا، و مركزيا، إلى الأحسن، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و على المستوى التنظيمي، و على مستوى امتلاك جميع أشكال الوعي المتقدم، و المتطور.

فالتقدمية على المستوى الاقتصادي: تعني النضال من أجل جعل كثلة الأجور تستجيب للحاجيات الضرورية، و الكمالية لحياة الشغيلة المادية، و المعنوية، الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، لأن المفهوم الاقتصادي للتقدمية، لا يعني إلا إشاعة الرخاء بين الكادحين، و في كل أرجاء الأرض. و دور النقابة التقدمية هو العمل على إشاعة هذا الرخاء، و النقابة التي لا تقود الشغيلة في نضالها من أجل ذلك، لا يمكن أن تكون تقدمية..

و التقدمية على المستوى الاجتماعي، تتمثل في الحرص على تقديم الخدمات الاجتماعية، إلى جميع الناس، سواء تعلق الأمر بالتعليم، أو بالسكن، أو بالصحة، أو بالشغل، أو بغيرها من الخدمات الاجتماعية، مهما كانت بسيطة، و على أساس المساواة فيما بينهم، بمن فيهم الطبقة العاملة، و حلفاؤها من الكادحين.

و التقدمية في الخدمات الاجتماعية: تعني أيضا تطوير تلك الخدمات، حتى تستجيب لمتطلبات العصر، و حتى تتلاءم مع المواثيق الدولية. و دور النقابة يكمن في العمل على جعل الشغيلة، في مختلف القطاعات، تستفيد من الخدمات الاجتماعية في تطورها. و إلا فإنها لن تكون تقدمية.

و التقدمية بمفهومها الثقافي، تكمن في جعل جميع الناس يتمثلون القيم الثقافية النبيلة، التي تعمل على تحقيق وحدة الشعب، و وحدة الكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، لأنه بدون القيم التقدمية، تبقى قيم التخلف هي السائدة، مما يؤدي إلى تمزيق وحدة الشعب، و إلى نشر القيم الطائفية، التي تقود إلى قيام حرب أهلية بين أفراد الشعب الواحد.

و أهمية النقابة في أنها تعمل على نشر القيم الثقافية النبيلة، و المتطورة، بين أفراد الشغيلة، حتى تعمل الشغيلة على إشاعتها في المجتمع، من أجل مقاومة القيم الإقطاعية، و البورجوازية، و اليمينية المتطرفة، التي لا يمكن وصفها إلا بالرجعية، و التخلف.

و النقابة عندما لا تعمل على نشر القيم التقدمية، فإنها تكون غير عابئة بالتكوين الثقافي للشغيلة، و هي لذلك لا تكون تقدمية، أي أنها تصير نقابة رجعية متخلفة، و لا يمكنها أن تناضل لصالح الشغيلة أبدا.

أما التقدمية على المستوى السياسي، فتكمن في إعداد جميع أفراد المجتمع، وعلى جميع المستويات؟، إلى الانخراط في العملية السياسية على المستوى العام، و في العملية الحزبية على المستوى الخاص، و أن يتم إعداد الشغيلة للانخراط في العمل السياسي العام، و في الأحزاب السياسية المعبرة عن تطلعات الكادحين الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و في مقدمتها: حزب الطبقة العاملة.

و مفهوم السياسة التقدمية، يفرض العمل على إشاعة الفكر الاشتراكي العلمي، و الفكر السياسي التقدمي، بين جميع أفراد المجتمع، حتى يكون المجتمع ساعيا إلى تطوير أوضاعه الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و السياسية، على أساس تقدمي.

و دور النقابة في هذا الإطار، يكمن في إعداد البرنامج المطلبي، و النضالي، الذي يربط بين العمل النقابي، و العمل السياسي، حتى يتأتي للطبقة العاملة، و سائر المأجورين، تشرب الوعي السياسي، كمقدمة لامتلاك الوعي الطبقي، الذي يعمل على إيجاد الحافز على انتقال العمال، و المأجورين، إلى العمل الحزبي/السياسي، في إطار حزب الطبقة العاملة، الذي يسعي إلى جعل وسائل إنتاج الخيرات المادية في ملكية المجتمع.

و بذلك تكون التقدمية، قد أخذت أبعادها الحقيقية، بمضمونها النقابي، و بدلالتها النقابية، التي تتميز عن دلالتها الحقوقية، و عن دلالتها الثقافة، و عن دلالتها الحزبية. و النقابة التقدمية هي التي تحرص على أجرأة تلك الأبعاد، حتى تبتعد عن أن تكون إطارا لممارسة الانتهازية النقابية، و حتى تصير إطارا للارتباط العضوي بالشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة.

و الجماهيرية تقتضي إنضاج الشروط المادية، و المعنوية، لربط الشغيلة بجميع شرائحها، و بطليعتها الطبقة العاملة، بقطع النظر عن كونها تقدمية، أو غير تقدمية، واعية بالعمل النقابي، أو غير واعية، في القطاع العام، أو في القطاع الخاص، خدماتية، أو إنتاجية، بالنقابة كإطار للنضال من أجل تحقيق المطالب المادية، و المعنوية.

و جماهيرية النقابة تقتضي أن تهتم بالمطالب النقابية التي تعني القطاعين الخاص، و العام،سواء كانت مادية أو معنوية، و أن تتضمن تلك المطالب الجانب النقابي، و الجانب السياسي، و أن تعمل على وضع برنامج للنضال يهم القطاعات العامة، و القطاعات الخاصة، و يهم ما هو مركزي، و أن يتم إشراك أفراد الشغيلة، ما أمكن، في إعداد الملف المطلبي، و البرنامج النضالي، حتى يصير كل ما تقوم به النقابة من اختيار الشغيلة، قبل أن يكون من اختيار الأجهزة التقريرية للنقابة، لنضمن بذلك جماهيرية النقابة، التي لا تعني في العمق إلا جعل الشغيلة ترتبط بالنقابة على عدة مستويات :

1) مستوى انخراط الشغيلة في النقابة الذي يصير متسعا، ما أمكن، حتى ينال رضى الأجهزة النقابية، التي تعمل باستمرار على إنضاج شروط توسيع القاعدة النقابية.

2) مستوى إشراك المنخرطين في التقرير، و في التسيير، قطع دابر الممارسة البيروقراطية، التي أنهكت كاهل العمل النقابي، و جعله غير قادر على أداء دوره كاملا، في قيادة نضالات الشغيلة، من أجل تحسين أوضاعها المادية، و المعنوية.

3) مستوى إشراك الشغيلة عن طريق الإعلام، و عن طريق التجمعات العامة، التي تعقدها النقابة، و عن طريق تنظيم استفتاءات، في أوساط الشغيلة، حتى تعكس النقابة إرادة الشغيلة على مستوى بناء التنظيمات النقابية، و على مستوى صياغة الملفات المطلبية، و على مستوى بناء البرنامج النضالي المادي، و المعنوي، و على مستوى خوض النضالات المطلبية.

و النقابة التي لا تعمل على إنضاج شروط الارتباط العضوي بجماهير الشغيلة، تفقد كونها جماهيرية، و تصير الجماهير بالنسبة للنقابة مجرد مجال للتسوق، ليس إلا. و نقابة كهذه لا يمكن أن تكون إلا نقابة حزبية، أو تابعة لحزب معين، أو بيروقراطية، تعتبر جماهير الشغيلة مجرد مجال للاستقطاب للحزب، أو لتنفيذ التوجيهات، أو للاستقواء في شروط معينة.

و هذه الممارسة التي تعتبر جماهير الشغيلة مجرد مجال للعمل على تحقيق أهداف حزبية، أو بيروقراطية، هي التي تجعل النقابة فاقدة لبعدها الجماهيري، و تجعل الشغيلة في نفس الوقت بعيدة عن النقابة، مهما كانت هذه النقابة، إما لكونها حزبية، أو تابعة لحزب معين، أو للدولة، أو لكونها بيروقراطية. و لذلك نرى ضرورة إعادة النظر في الممارسة النقابية، جملة، و تفصيلا، حتى تستعيد النقابة شرعيتها في علاقتها بجماهير الشغيلة، و طليعتها الطبقة العاملة، و حتى تستعيد اكتساب البعد الجماهيري للنضال النقابي.

و الاستقلالية تقتضي الحرص على مبدئية النقابة، وعلى ديمقراطيتها، و تقدميتها، و جماهيريتها. و الاستقلالية لا تتم إلا بوضع حد لأشكال التبعية التي تتصف بها النقابة.

فالنقابة التي تتلقى التوجيهات من أجهزة الدولة للقيام بعمل معين، لا يمكن اعتبارها مستقلة، لأن أمر العمل النقابي فيها ليس بيد الأجهزة التقريرية، و لا بيد الأجهزة التنفيذية.

و النقابة التي تتلقى التوجيهات من حزب معين، فهي مجرد نقابة تابعة لذلك الحزب. و تسعى إلى تنفيذ توجيهاته، حتى تتحقق الغاية التي يسعى إليها، سواء تعلق الأمر ببناء التنظيم النقابي، أو بعملية تنفيذ قرارات التنظيمات الحزبية التي تتم فيه، أو ببناء الملف المطلبي الذي يراعى فيه ما يراه حزب معين، أو ببناء البرنامج النضالي الذي يجب أن يتناسب مع البرنامج الحزبي، أو باتخاذ المواقف النضالية، التي تبقى مجرد إملاءات على النقابة. و هذه النقابة لا يمكن أن تكون إلا نقابة حزبية.

أما النقابة التي تعتبر مجرد تنظيم حزبي، فإنها لا يمكن الحديث فيها لا عن التبعية، و لا عن الاستقلالية، لأن كل ما يهم العمل النقابي فيها، يتم إعداده حزبيا، لأنها لا تتجاوز مجرد جهاز تنفيذي، لتنفيذ القرارات الحزبية في المجال النقابي. و لذلك فهذه النقابة ليست مستقلة.

و النقابة التي تعتبر مجرد مجال للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين على مقاس القائد النقابي، لا تهتم بالعمل النقابي إلا باعتباره وسيلة لإيجاد المخاطب الذي يمكن اعتماده في تأسيس ذلك الحزب. و لا بأس أن يتم التشكيل الفسيفسائي للقيادة النقابية، حتى تظهر النقابة، و كأنها مستقلة، و الواقع غير ذلك. لأن النقابة في مثل هذه الحالة رهينة بما يخطط له القائد النقابي في أفق تأسيس حزب معين، و لذلك لا مجال للحديث عن الاستقلالية، في إطار نقابي كهذا، ولا يمكن الحديث عن الاستقلالية.

و النقابة المحكومة بالممارسة البيروقراطية، تبقى رهينة بما يخطط له الجهاز البيروقراطي، الذي تكونت عنده مصالح طبقية، لها علاقة بالممارسة البيروقراطية، التي يوظفها لتحقيق أهداف تخدم تلك المصالح. و لذلك لا يمكن الحديث عن الاستقلالية بمفهومها العلمي الدقيق في النقابة التي تمارس فيها البيروقراطية.

و النقابة عندما لا تكون مستقلة تفقد قيمتها المبدئية فلا تكون ديمقراطية، و لا تقدمية و لا جماهيرية. و بالتالي فهي تابعة لحزب معين أو لأجهزة الدولة، أو مجرد تنظيم حزبي موازي، أو مجرد إطار للإعداد و الاستعداد لتأسيس تنظيم حزبي معين، أو تقع تحت تأثير الممارسة البيروقراطية. و لذلك نجد أن الإطارات النقابية القائمة تكون فاقدة لمبدئيتها بما فيها الاستقلالية.

ومفهوم الاستقلالية يقتضي أن لا تستحضر النقابة على جميع المستويات التنظيمية، و المطلبية: المادية، و المعنوية، و النضالية، إلا مصلحة الشغيلة، و طليعتها الطبقة العاملة، في القطاعين: العام، و الخاص، حتى يتأتى للشغيلة أن ترتبط عضويا بالنقابة، فتصير النقابة هي الشغيلة، و تصير الشغيلة هي النقابة.

و كل اهتمام يخرج عن هذا الإطار يعتبر إضعافا للنقابة و للشغيلة في نفس الوقت. و المستفيد الأول من ذلك الإضعاف هو الجهة التي تمارس الاستغلال على الشغيلة بصفة عامة، و على الطبقة بصفة خاصة، و القيادات النقابية التي تمارس ما يؤدي إلى إضعاف النقابة، و إضعاف الشغيلة، في نفس الوقت هي قيادات خائنة للنقابة، و للنضال النقابي، و للشغيلة و للجماهير الشعبية الكادحة، التي تعقد أملها على الدور الذي تقوم به النقابة، و الذي يؤدي إلى أن تتحسن الأوضاع المادية، و المعنوية، للشغيلة. لأن تلك القيادات، إما أنها غير واعية بأهمية النقابة، و العمل النقابي، و بالارتباط العضوي بين النقابة، و الشغيلة.

و في هذه الحالة فإنها ليست أهلا لتحمل المسؤولية النقابية في قيادة النقابة، أي نقابة. و إما أنها لم تعد ترتبط بالشغيلة، لصيرورتها صاحبة مصلحة طبقية مصطنعة، إلى جانب الفئات المستفيدة من الاستغلال الطبقي، الذي لا يعني في العمق إلا استغلال الشغيلة.

و حتى تصير النقابة كإطار للنضال النقابي الصحيح، لابد من إعادة الاعتبار في الممارسة النقابية جملة، و تفصيلا، سواء تعلق الأمر بالبناء التنظيمي، أو تعلق ببناء الملف المطلبي، أو بوضع برنامج نضالي، أو بالعمل على تنفيذ ذلك البرنامج، من أجل وضع حد لكل الممارسات، التي تؤدي إلى انفصال النقابة عن الشغيلة، و إلى انسحاب الشغيلة من العمل النقابي، و من النقابة، لأن تلك الممارسات، لا تؤدي إلا إلى خدمة الطبقات المستفيدة من الاستغلال المادي، و المعنوي، و خدمة مصالح القيادات النقابية التي تفضل ممارسة الخيانة النقابية ضد النقابة، و العمل النقابي، و ضد الشغيلة.

و إعادة النظر، بالنسبة إلينا لا تعني إلا التخلي عن كل الممارسات التي تؤدي إلى النزيف، الذي تعرفه التنظيمات النقابية، كالتخلي عن اعتبار النقابة تابعة لأجهزة الدولة، أو لحزب معين، أو مجرد تنظيم حزبي، أو مجرد مجال للإعداد، و الاستعداد لتأسيس حزب معين، أو مجرد إطار لتكريس الممارسة البيروقراطية، لخدمة مصالح معينة. لأن هذه الممارسات ليست إلا أمراضا، تنخر التنظيمات النقابية، التي تصير فاقدة لثقة الشغيلة بها، و عاجزة عن أداء دورها لصالح الشغيلة، و لصالح الجماهير الشعبية الكادحة.

و الذي يقف وراء هذه الأمراض التنظيمية، و شيوعها في مختلف الإطارات النقابية، هو طبيعة القيادة النقابية، التي لا تتجاوز أن تكون مجرد قيادة بورجوازية صغرى، في كل نقابة، سواء تعلق الأمر بالقيادة القطاعية، أو القيادة المركزية.

و معلوم أن الطبيعة البورجوازية الصغرى للقيادة النقابية، تجعلها غير قادرة على الذهاب بعيدا في إيجاد الارتباط العضوي بين النقابة، و الشغيلة، لكون ذلك يتعارض مع مصلحتها الطبقية، و لكون البورجوازية الصغرى قصيرة النظر، و لا ترى إلا مصلحتها.

و لذلك نرى ضرورة إعادة النظر حتى في القيادات النقابية عن طريق العمل على إفراز قيادات نقابية بديلة، و مبدئية، و حريصة على جعل النقابة ترتبط ارتباطا عضويا، بمبدئيتها، بالطبقة العاملة، وحلفائها من الأجراء، و بالعمل المستديم على تحسين أوضاعها المادية، و المعنوية، و بدون إعادة النظر تلك، تبقى الأمراض شائعة، و يبقى النزيف مستمرا، و تنضج شروط انفراط العلاقة بين النقابة، و الشغيلة. وهو ما يجب العمل على تجنبه، ما وجد المناضلون النقابيون الأوفياء إلى ذلك سبيلا، وخاصة في عصر عولمة اقتصاد السوق.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع ...
- البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة ... ؟!! ...
- البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة ... ؟!! ...
- البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة ... ؟!! ...
- البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة ... ؟!! ...
- البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة ... ؟!! ...
- البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة ... ؟!! ...


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة / المنصور جعفر
- حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية / إرنست ماندل
- العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري / أندري هنري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - محمد الحنفي - النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....1