أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - امال الحسين - دور التحولات الكمية لوسائل الإنتاج في التحولات الكيفية للطبقة العاملة















المزيد.....

دور التحولات الكمية لوسائل الإنتاج في التحولات الكيفية للطبقة العاملة


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 12:13
المحور: ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
    


إن الحديث عن الطبقة العاملة في الظروف الحالية التي تتسم بالتحولات الدولية المتسارعة في اتجاه ضرب ما تبقى من المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة ليس بالأمر الهين ، خاصة في ظل الهجوم الشرس الذي يمارس على الحركة الإجتماعية الإشتراكية و الفكر الإشتراكي من طرف الطبقة البرجوازية و الأنظمة الرأسمالية ، إن نشأة الطبقة العاملة لم تحدث فجأة واحدة بل كانت حصيلة صراع مرير دام عدة قرون ، أولا عبر الحركة الإجتماعية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء ضد استبداد الإقطاع و ثانيا عبر الصراع بين مفاهيم البرجوازية و مصالح الإقطاع و ثالثا عبر الصراع المرير بين العمل و الرأسمال و بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية، و مازال الصراع قائما و سيبقى كذلك ما دامت الفوارق الطبقية و الإجتماعية قائمة بل وهي آخذة في التعمق ، نتيجة السيطرة البرجوازية على السلطة السياسية و الهيمنة الإيديولوجبة الرأسمالية على الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية و فرض السياسات الليبرالية على الشعوب بالقوة العسكرية من طرف الإمبريالية الأمريكية و حلفائها ، و تمرير السياسات الليبرالية التبعية من طرف الأنظمة الرجعية الحاكمة في البلدان التي تم نهب خيراتها و تفقير شعوبها.
لقد مرت الطبقة العاملة بعدة مراحل اقتصادية اجتماعية قبل أن تصبح فيما هي عليه اليوم بدءا بالعمل الحرفي اليدوي الذي استمر لعشرات القرون ، في الوقت الذي لا يمكن فيه التمييز بين العامل و صاحب ورشة العمل إلا في حصاد الربح حيث تنتفي بينهما الفوارق الطبقية و الإجتماعية أثناء العمل ، و كان ذلك طبيعيا في المجتمعات الإقطاعية التي سادت فيها العبودية و استرقاق العمال و العاملات بالمزارع و الضيعات ، و لم يتم الحديث عن الطبقة العاملة إلا عندما تراكمت الأرباح في يد أصحاب ورشات العمل الذين ارتقوا إلى طبقة عليا تستغل قوة عمل الطبقة العاملة إلى جانب الطبقة الإقطاعية، بعد ظهور الإرهاسات الأولى للرأسمالية فيما يسمى بالمانيفكتورات في القرن 14 الميلادي ، و لم يتم بروز الطبقة العاملة كقوة اجتماعية إلا عندما طرأ تحول كمي في المجتمعات الإقطاعية مع بروز التقنية الصناعية التي أحدثت تحولا كيفيا في هذه المجتمعات ، عبر تطور وسائل الإنتاج التي أحدثت تحولا ملموسا في علاقات الإنتاج و بروز مفاهيم البرجوازية التي تدعو إلى تحرر الطبقة العاملة من قيود العبودية ، و لم يتحقق ذلك التحول الكيفي إلا بعد إنجاز الثورات الإجتماعية البرجوازية الثلاث في إنجلترا و أمريكا و فرنسا ثم في باقي العالم الغربي فيما بعد و التي لعبت فيها الطبقة العاملة دورا أساسيا.
كان لانتصار مفاهيم البرجوازية على مصالح الإقطاع أثر كبير في بروز الطيقة العاملة التي ساهمت في إنجاح هذه الثورات الثلاث بشكل فعال ، حيث كانت دائما في الصفوف الأولى للحركات الإجتماعية التي أطاحت بالأنظمة الإقطاعية التي حلت محلها الأنظمة الرأسمالية ، و لم تكن تعرف الطبقة العاملة أن الطبقة البورجوازية ستصبح نقيضها المستفيد من الثورات الثلاث و المسيطر على السلطة السياسية ، و لم تكن تعرف أن الطبقة البرجوازية ستقودها إلى الحروب الإمبريالية و اللصوصية في المستعمرات بآسيا و أفريقيا لضرب مصالح شعوبها و استغلال ثرواتها ، و لم تكن تعرف أن النظام الرأسمالي سيصبح أكثر عدوانية ضد مصالحها و أكثر استعبادا لها بعد استغلال قوة عملها و نهب خيرات شعوبها ، فأصبحت الحشود الهائلة من العاملات و العمال داخل المعامل تكدح من أجل الإنتاج الوفير الذي يذر أرباحا طائلة في يد الطبقة البرجوازية التي تملك وسائل الإنتاج و تسيطر على الرساميل ، فأصبح بذلك العمل ذا صفة اجتماعية بما توفره الطبقة العاملة من حركة اجتماعية داخل المعامل تضمن وفرة الإنتاج و استمراريته بينما وسائل الإنتاج ذات الصفة الخاصة الرأسمالية في يد أقلية قليلة من البرجوازيين.
لقد تعرضت الطبقة العاملة لاستغلال الطبقة البرجوازية قبل بروز الحركة الماركسية و الفكر الماركسي و بروز التناقضات الأساسية بين الرأسمال و العمل و بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، و كان لحلول النظام الرأسمالي مكان النظام الإقطاعي أثر كبير على المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة و على رأسها الحريات الفردية ، التي بدونها لا يمكن للرأسمالية أن تعرف الطريق إلى التطور و الإستمرار حيث أن حاجتها إلى طبقة عاملة تملك مستوى من الثقافة و التقنية ضروري لإبراز التحول الكمي لوسائل الإنتاج و بالتالي إبراز التحول الكيفي في المجتمعات الرأسمالية لضمان تطورها و استمراريتها ، فكان لابد من التحرر من قيود العبودية الإقطاعية لتلطيف الإستغلال البشع للطبقة العاملة و نهب الثروات الطبيعية من طرف الطبقة البرجوازية ، و هكذا عرف الرأسمال و العمل تناقضات أساسية لا يمكن حلها إلا بحل التناقض الأساسي بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية و بالتالي حل التناقض الأساسي بين صفة الملكية الخاصة الرأسمالية لوسائل الإنتاج و الصفة الإجتماعية للعمل ، فكان لابد من استمرار الصراع بين الطبقتين المتناقضتين في ظل النظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا تنتفي فيه المساواة في توزيع العمل و الثروات الطبيعية و الإنتاجية بين الجماهير و الطبقة البرجوازية .
إن الحركة الإجتماعية للطبقة العاملة في ظل الإستغلال البشع الذي تتعرض له قد حققت مكتسبات تاريخية بدءا بحرية التنظيم في المنظمات النقابية الجماهيرية التي تدافع عن حقوقها المشروعة ، فبحلول النظام الرأسمالي تم فتح المجال للنضال من أجل انتزاع ما يمكن انتزاعه من المكتسبات في أفق السيطرة المطلقة على وسائل الإنتاج ، فكان لابد من الصراع بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية في ظل الأنظمة الديمقراطية الليبرالية الغربية بعد الإعتراف بالحقوق المدنية و السياسية التي تعتبر الحقوق الفردية باعتبارها تكرس المفهوم الرأسمالي للحقوق ، فبتركيز الأنظمة الرأسمالية بالدول الغربية و تضييق الخناق حولها من طرف الطبقة العاملة ، لم يكن أمام الطبقة البرجوازية إلا اللجوء إلى استعمار بلدان أفريقيا و آسيا كحل ظرفي لأزمة الرأسمالية لتحقيق نسبة معينة من الرفاهية لشعوبها على حساب استغلال شعوب و ثروات المستعمرات ، و لمواجهة تغلغل الفكر الإشتراكي وسط الطبقة العاملة كان لابد لها من التنازل عن نسبة من الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية كحل ظرفي لتجاوز الصراع مع الطبقة العاملة .
إن التحول الكمي لوسائل الإنتاج الذي يسير في تزايد مستمر بفضل جهود الطبقة العاملة و على حساب قوة عملها التي توفر القيمة المضافة على شكل أرباح طائلة في يد الطبقة البرجوازية يضمن تطور الرأسمالية و استمراريتها ، إلا أن النظام الرأسمالي يعيش تناقضات مستمرة تلازمه و هي تبرز في كل مرحلة من المراحل التاريخية الحرجة على شكل أزمات نتيجة تناقضاتها الداخلية ، يحاول تصديرها إلى الخارج مستهدفا من خلاله ذلك مصالح الطبقة العاملة كنقيض دائم لها ، أولا لتحميله أعباء أزماتها بشكل مباشر و يتجلى ذلك في ترويج مفاهيم جديدة في مرحلة معينة من الأزمات كإعادة الهيكلة و الشراكة و النقابة المواطنة و الشركة المواطنة و غيرها من الأساليب ، و ثانيا بشكل غير مباشر بخلق صراعات ثانوية تزج بالطبقة العاملة في غياهبها للتخلص من مطالبها و تجميدها كافتعال الحروب و النزاعات بين الشعوب ، مستهدفة تفعيل التناحر في صفوف الطبقة العاملة الذي يحول دون إبراز التناقض الأساسي بينها و بين الطبقة البرجوازية و تحملها النتائج الكارثية للأزمات ، و قد أطلعنا التاريخ على محطات تاريخية أساسية تعتبر من نتائج الأزمات الخانقة للرأسماليات الغربية و كان ذلك أثناء الحربين الأمبرياليتين الأولى و الثانية في القرن العشريين ، اللتان لولاهما لما سنحت الفرصة للرأسمالية لكي تعرف الطريق إلى التطور و الإستمرارية و بروز الرأسمالية الأمبريالية الأمريكية كمستفيد أول من هذه الأزمات ، و لكن سرعان ما وقعت في أزمة ما يسمى بالحرب الباردة بين المنتظم الشرقي الأشتراكي و المنتظم الغربي الرأسمالي في محاولة ثانية لإقحام الدول الرأسمالية الأوربية في صراع دائم ضد الحركة الإشتراكية و الفكر الإشتراكي ، و بالتالي إقحام الأنظمة الرجعية بالدول التابعة لها مستهدفة بذلك ضرب الحركة الأشتراكية كنقيض للرأسمالية من جهة و ثانية لتكبيل الرأسماليات الأوربية من جهة ثانية و استغلال خيرات البلدان الفقيرة للحفاظ على مكانتها كقائدة للمنتظم الغربي الرأسمالي الإمبريالي .
و في كل مرحلة من مراحل الهيمنة الرأسمالية يطرح مستوى من الحقوق الذي يجب فتح النضال من أجله منذ استيلاء الطبقة البرجوازية على السلطة السياسية في القرنين 17 و 18 ، و كان لابد أولا من النضال من أجل الحقوق الفردية / السياسية و المدنية التي تضمن الديمقراطية و حرية التنظيم النقابي ، من أجل الدفاع عن المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة بعد الثورة البرجوازية التي ساهمت في إنجاحها بشكل كبير ، و مع تنامي الرأسمالية الأحتكارية و استغلال الطبقة العاملة من أجل مزيد من الربح في يد الطبقة البرجوازية التي تنكرت لدور الطبقة العاملة في إسقاط الأنظمة الإقطاعية كان لابد من طرح الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية كأولويات ، فكان ميلاد الحركة الإشتراكية و نشر مفاهيم الإشتراكية في القرن 19 تأسيسا للصراع الطبقي ضد طغيان الرأسمالية بعد أن تبين أنها نقيض الطبقة العاملة ، و لم يتحقق ذلك إلا مع نجاح الثورة البولشيفية في القرن 20 و بروز التناقضات الأساسية بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، بين الرأسمال و العمل ، بين وسائل الإنتاج و القوى المنتجة ، بين الطبقات الشعبية و الطبقات المسيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية ، و في ظل هذه التناقضات الأساسية يستمر تطور وسائل الإنتاج و تكديس الأموال في أيدي الرأسماليين و نهب خيرات الشعوب و تفقير الطبقات الشعبية و على رأسها الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء ، و أطلعتنا أمريكا باعتبارها قائدة الإمبريالية على فظاعة النظام الرأسمالي حيث تبين الإحصائيات اليوم أن % 1 من سكانها يستولي على خيرات البلاد بينما أكثر من ثلث سكانها يعيش فقرا مدقعا ، و بذلك يكون 2,7 مليون من السكان الذين يمثلون الطبقة البورجوازية يسيطرون على الموارد المالية و تبقى 100 مليون تحت عتبة الفقر و يمثلون الطبقات المسحوقة بينما 167 مليون يتأرجحون بين الطبقات الفقيرة و الطبقات الوسطى ، هكذا تدوس الرأسمالية كل الحقوق ضاربة عرض الحائط جميع القوانين و المواثيق الدولية من أجل بقاء الطبقة البرجوازية سائدة على حساب تفقير الطبقات الشعبية.
إن استمرار استغلال الطبقة البرجوازية للطبقات الشعبية لأزيد من خمسة قرون و فشل التجارب الإشتراكية بروسيا و شرق أوربا بعد سقوط المنتظم الشرقي في أواخر الثمانينات فتح المجال أمام الأنظمة الرأسمالية الإمبريالية ، فخلال المراحل التي مرت بها الرأسمالية بعد مرحلة البناء منذ بروز المانيفكتورات مرورا بالرأسمالية التنافسية فالإحتكارية ثم الإمبريالية تم تكديس الأموال في أيدي البرجوازيين ، و عرفت وسائل الإنتاج تطورا هائلا عبر التقدم التيكنولوجي خاصة في مجال الإعلاميات مما ساعد على وصول الرأسمالية إلى أوجها فيما يسمى بالعولمة الرأسمالية الشيء الذي له أثر كبير في تطور مفهوم الطبقة العاملة ، الذي أصبح اليوم يتخذ أشكالا متعددة حسب مستوى تطور وسائل الإنتاج و حاجيات الرأسمالية إلى خدمات الطبقة العاملة ، التي مرت بعدة مراحل منذ سقوط الأنظمة الإقطاعية التي ساد فيها استعباد العاملات و العمال الزراعيين بالمزارع و الضيعات بشكل مباشر ، مرورا بهروب العمال الزراعيين و خاصة المرأة من طغيان الإقطاعيين بالبوادي و سقوطهم في طغيان الرأسماليين بالمدن الصناعية ، فكان لابد من القفزة النوعية من أجل تيسير استغلالهم بتيسير الحياة المدنية في شبه رفاه نسبي في حدود استهلاك المنتوج الصناعي المتجاوز لدى الطبقة البرجوازية ، و منحها إمكانية الحصول إلى المستوى الثقافي المطلوب في التقنية الصناعية و كان لابد من ترقيتها حتى تكون في مستوى استغلال الرأسمالية و تبقى الحشود الكبيرة من الجماهير التي لا حاجة للرأسمالية بخدماتها في عطالة دائمة حتى الموت ، و هكذا دواليك انطلاقا مما يتطلبه التطور التكنولوجي في المستويات المعينة من مراحل تطور الرأسمالية المحدد لتطور الرأسمالية لايستمرار الإستغلال ، و في كل مرحلة من المراحل يتم التخلص من الحشود الكبيرة من الطبقة العاملة التي تجاوزتها متطلبات الرأسمالية و تقنيات العمل و تعددت أشكالها بتعدد مستويات تطور وسائل الإنتاج ، فإذا كانت الجرارات قد حطمت دور المحراث الخشبي و المنجل يالبوادي و بالتالي التخلص من العدد الهائل من العمال الزراعيين الذين ليس للرأسماليين حاجة بهم في العمل بالمزارع و الضيعات التي انتزعوها من الفلاحين الفقراء ، فإن الإنسان الآلي قد تخلص في مرحلة معينة من الحشود الكبيرة من العمال بالمعامل في المدن الصناعية ، كما يتخلص اليوم الحاسوب من عدد كبير من المأجورين الذين لعبوا يوما دورا هاما في التخلص من التقنيين الذين لعبوا يوما دورا هاما في التخلص من العمال اليدويين...
و هكذا فإن حاجة الطبقة البرجوازية للخدمات يخلق فئة معينة من الطبقة العاملة أكثر ترقية اجتماعية من الفئة التي سبقتها و أقل عددا و تكلفة من ها ، كما حدث عند التخلص من عدد هائل من العمال بالمناجم و المزارع و الموانيء و معامل الصلب و غيرها من الأعمال التي تتطلب الجهد العضلي و يتم اليوم التخلص من المأخورين بقطاع الخدمات خاصة منهم الأقل تقنية مما تتطلبه تكنولوحيا هذا العصر ، و على الرغم من تباين أوجه الإختلاف فيما بينها إلا أنها جميعها تتفق في تعرضها لاستغلال الرأسمال للعمل خدمة لتكديس الأموال في يد الطبقة البرجوازية التي تسعى دائما إلى تحقيق الربح الوفير و توفير وسائل الرفاهية و الراحة و الترفيه ، و تبقى الطبقات الشعبية تكدح جاهدة من أجل البقاء و يبقى الرأسماليون يبحثون عن الربح السريع و تنامت الفوارق الطبقية و الإجتماعية بينهما ، فكان لابد أولا من التخلص من القطاع العام و تفويت المؤسسات الصناعية و الفلاحية و المالية للرأسماليين ، و ثانيا طرد الحشود الهائلة من العاملات و العمال و التخلي عن الخدمات الإجتماعية المجانية ، و ثالثا التخلص من قيود الدولة القومية و تحطيم الحدود الجمركية للإستغلال المباشر للثروات الطبيعية بالبلدان الفقيرة بدون قيد و لا شرط ، و كان لتكديس الأموال في أيدي الطبقة البرجوازية و الطفرة التكنولوجية المتقدمة في مجال الإعلاميات و الإعلام أثر كبير في برز اقتصاد الريع بعد استنفاد اقتصاد المضاربات المالية و العقارية على مستوى بلد واحد و أصبحت العولمة الليبرالية مسرحا لتنقل الرساميل عبر البلدان و القارات بدون قيود ، فبعد تجاوز الإعتماد على الطبقة العاملة اليدوية التي تملك مستوى معينا من التقنية و التي نبيع قوتها العضلية ، أصبح الإعتماد على الطبقة العاملة المثقفة التي تبيع قوتها الفكرية و العقلية و بالتالي تجاوزت الرأسمالية المعولمة الإستثمارات ذات أهداف إنتاجية لترتكز الإستثمار المضارباتي في المجال المالي، و برز اقتصاد الريع الذي يعتمد على تنقل الرساميل عبر القارات بحثا عن الطبقة العاملة الرخيصة و التكلفة الإنتاجية الزهيدة و ذر الأرباح من خلال المعاملات المالية خارج نطاق العملية الإنتاجية ، و هكذا تجاوزت الرأسمالية استغلال الأفراد و الجماعات في المعامل و المزارع إلى استغلال الشعوب و ضربها في صميم عمق حياتها اليومية و انتزاع خيراتها و تخريب اقتصادها.
و لم يكن في وسع الطبقة البرجوازية السيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية إلا في ظل الفراغ السياسي الذي تعاني منه الطبقة العاملة منذ ميلادها إلى اليوم ، فعلى الرغم من الطفرة النوعية التي حققتها في ثورة أكتوبر و التي لم تستطع الصمود طويلا أمام هجوم الطبقة البرجوازية و تملص الطبقة البرجوازية الوسطى من مسؤولياتها، فإن الطبقة العاملة تعيش اليوم نكسات اقتصادية و اجتماعية بعد فقدان تنظيماتها النقابية التي كانت في مرحلة سابقة تعتبر الأداة الوحيدة التي تعتمد عليها في مواجهة الطبقة البرجوازية ، إن افتقاد الطبقة العاملة لتنظيمها السياسي المستقل يجعلها عرضة لمزيد من الإستغلال و فقدان مكتسباتها التاريخية التي أحرزتها في مراحل تاريخية سابقة ، و كان لنكسات الأحزاب الشيوعية الفاشلة في تنظيم الطبقة العاملة في صفوفها أثر كبير في فقدان قوتها خاصة و أن القيادات البرجوازية للنقابات الموالية للأحزاب التي تدعي قيادة الطبقة العاملة يبقى بعيدة كل البعد عن الإلتحام بالطبقة العاملة و بالأحرى تحقيق مطالبها، فما كان على العولمة الليبرالية بعد احتواء الأحزاب الإشتراكية الغربية التي تحولت إلى تنظيمات سياسية اجتماعية تحاول تسيير أزمات الرأسمالية ب و تدجين تنظيماتها النقابية إلا المضي قدما في مزيد من الهجوم على مكتيبات الطبقة الشعبية ، فبعد إسقاط المنتظم الشرقي الذي فشل في التعبير عن مصالح الطبقة العاملة بالممارسة الملموسة للحزب البروليتاري ، ما كان على العولمة الليبرالية التي تمثل أقصى مستويات تطور الرأسمالية إلا أن تسارع إلى انتزاع ما تبقى من المكتسبات بسن قوانين رجعية لا تستجيب لأبسط الحقوق الواردة في الإتفاقيات الدولية للشغل.
تارودانت



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة المجتمع المدني بتارودانت في مواجهة الملاكين العقاريين ا ...
- الملاكون العقاريون الكبار بتارودانت و الإستغلال المزدوج للمر ...
- ظاهرة الحركات الإجتماعية الإحتجاجية المطلبية بالمغرب
- تداول السلطة السياسية بين المرأة و الرجل في ظل المجتمعات الإ ...
- -السيد -جاك شراك- بتارودانت بالمغرب من منتجع - الغزال الذهبي ...
- النهج الديمقراطي و الإشتراكي الموحد بتارودانت نضال مشترك مع ...
- حتى لا ننسى محاولات تمطيط الملفات الحقوقية بتارودانت
- جبهة دعم الحركات الإجتماعية و محاولة عرقلة أنشطتها النضالية
- البرنامج النضالي لجبهة دعم الحركات الاجتماعية
- حملة ضد المحاكمة الصورية لمعتقلي تماسينت الإثني عشر يوم الثل ...
- عريضة تضامنية مع الحقوقي و النقابي امال الحسين
- الحركة الاجتماعية الاحتجاجية بتماسينت بالريف بالمغرب في ظل ت ...
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ...
- الإنتفاضة الشعبية بالريف بالمغرب من أجدير إلى تماسينت
- المحاكمات الصورية من طبيعة النظام المخزني
- تحالف قوى الطبقات الشعبية بالعراق بقيادة الإشتراكيين و الديم ...
- الحركة الاجتماعية بالريف بالمغرب بين الماضي و الحاضر
- الماركسية اللينينية و بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة ،أي م ...
- إطلاف حملة التضامن مع المختطفين المعتقلين بالحسيمة / الريف ب ...
- الحركة الإجتماعية بالبوادي و الأحياء الشعبية و تطور التكوينا ...


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة / المنصور جعفر
- حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية / إرنست ماندل
- العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري / أندري هنري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - امال الحسين - دور التحولات الكمية لوسائل الإنتاج في التحولات الكيفية للطبقة العاملة