ماذا بعد ظهور البغدادي

طلال الحريري
سياسي عراقي
(Tallal Alhariri)

الحوار المتمدن-العدد: 6216 - 2019 / 4 / 30 - 17:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ماذا بعد ظهور البغدادي؟
في عام 2001 انتهى تنظيم القاعدة كدولة بعد الحرب التي شنتها اميركا على افغانستان وانتهت بحتلالهِ، لكن التنظيم لم ينتهي وانتقل من مرحلة الدولة الى مرحلة العصابة والتنظيمات الجزئية العابرة للحدود، وبعد عام واحد من احتلال العراق من قبل اميركا وحلفائها ظهر التنظيم في العراق وسيطر على نصف مساحتهِ، وخاضَ حربا ليس فقط ضد القوات الامريكية وانما استهدف كل شيء، واشتبك مع القوات الحكومية، وقاد حرب عصابات كبرى بقيادة الارهابي ابو مصعب الزرقاوي، وبحلول عام 2008 انتهى تنظيم القاعدة بمقتل جميع قياداتهِ وتصفية معظم عناصرهِ بعد خطة الاندماج الامريكية التي خلقت محوراً ثلاثياً لمواجهتهِ شملت القوات الامريكية، والقوات الحكومية، والعشائر العربية. وفي نيسان عام 2011 قتلت القوات الامريكية زعيم التنظيم اسامة بن لادن بعد عملية نوعية للCIA اعقبها هروب كثير من قياداتهِ الى ايران التي احتضنت بقايا التنظيم ودعمتهُ بالمال والسلاح، لتنتهي بذلك صفحة مهمة في تاريخ حروب القرن الواحد والعشرين في العراق وافغانستان ووتحول اللعبة بيد النظام الإيراني وتنطلق بعد نصف عقد من الزمن.

وبحلول عام 2013 بدأت ايران بتنفيذ مخططاتها الارهابية وادارة اللعبة التي لم تنتهي في ظل تهديد وجود النظام الايراني ونظام الأسد، وكان لابد من اعادة التنظيم الى الواجهة لفتح جبهة جديدة تشغل الرأي العام العربي والعالمي، وتخلط الاوراق على مائدة المعسكر الغربي المهدد لوجود الاسد وولاية الفقيه، لتتحول الثورة في سوريا من مدنية الى تنظيمات ارهابية متطرفة تُعطي الاسد شرعية دولية ومحلية لمواجهتها عسكريا، وتجعل للنظام الإيراني دور في مواجهة الارهاب المزعوم من اجل كسب ورقة التفاوض في برنامجه النووي في حينها، وهذا ما حصل في منتصف عام 2015 حيثُ حصلت ايران على ما تُريد مستغلة بذلك غباء المُفاوض الاوربي بإعتبارها شريك في محاربة الإرهاب.
ولهذه الأسباب وتحديدا في اكتوبر عام 2013 ولد تنظيم داعش الأرهابي في سوريا من ركام وبقايا تنظيم القاعدة بدعم وتمويل من النظام الايراني ومخابرات الأسد، وكانت الاسباب المهمة لنجاح ولادة خليفة القاعدة الاحداث السياسية، والفراغ العسكري، الذي خلفته احداث ما سمي بالربيع العربي وتحول المنطقة الى ساحة للحروب الطائفية وتصفية الحسابات على حساب شعوب المنطقة، وبحلول حزيران 2014 اعلن تنظيم داعش الارهابي دولة العراق والشام بحدود تمتد من الرقة السورية الى مدينة سامراء العراقية بمساحة تعادل ضعفي مساحة الأردن واكبر من مساحة سوريا بحدودها الإدارية! لتبدأ معها مرحلة من اشد مراحل العنف، والوحشية، والابادة، والتدمير لم يسبق لها مثيل حتى في تاريخ وحشية الحرب العالمية الثانية. وبعد ثلاثة اعوام من الحرب ضد التنظيم بقيادة واشنطن وحلفاءها الغربيين وبعض الدول العربي تحت اسم ( التحالف الدولي) وقوات مكافحة الارهاب العراقية التي كان لها دورا حاسما في تحرير العراق مع وحدات الجيش العراقي وبغطاء جوي امريكي تحررت الموصل في كانون الاول عام 2017، وبعد عامين انتهى التنظيم في معركة الباكوز الفاصلة في سوريا على يد التحالف الدولي والقوات الكوردية،لتنتهي بعدها صفحة اخرى من الارهاب كسبت من خلالها ايران بقاء الاسد في السلطة، والسيطرة على العراق بمليشيات ارهابية تأسست فتوى دينية طائفية بحجة مواجهة داعش صنيعتها، وسيطر حزب الله على سوريا، وخفف النظام الايراني حدة العقوبات من خلال تهريب النفط العراقي والسوري، وانشاء شبكات تمويل كبرى في العراق وسوريا تديرها المليشيات الارهابية.وكانت ايران ستكسب كثيرا لولا فوز ترمب وفرض العقوبات عليها وتصنيفا كأكبر دولة راعية للإرهاب.
وما ان انتهت معركة الباكوز حتى ظهر زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي في التاسع والعشرين من نيسان 2019 ليُثير ظهورهِ عدة تساؤلات مهمة اهمها ظهورهِ في بداية اعلان دولتهِ المزعومة، وظهوره في نهاية وجود دولتهِ وتنظيمهِ الارهابي؟ فهل انتهى دورهُ وستعلن نهايتهِ قريباً؟ هل لظهور البغدادي علاقة بما يجري من تحضيرات لمحاربة ايران؟ وهل المنطقة مقبلة على حرب جديدة؟ وماهو مصير بقايا التنظيم وزعيمهُ؟ واين كان البغدادي طوال تلك الفترة ؟ اين كان يختبئ طيلة خمس سنوات؟

تساؤلات مثيرة للجدل بعضها مهم وبعضها الاخر بديهي. لكن الحقيقة الاهم التي ربما تُجيب على هذه التساؤلات هي كون هذا المجرم أداة بيد مخابرات الاسد والحرس الثوري الإيراني وفي ظل مرحلة تشهد بداية الأستعدادات لمواجهة النظام الإيراني فبلا شك بأن نظام الملالي يحضر لمكيدة جديدة، وفتن كبيرة، وحروب اهلية. ومع ذلك قد لا ينجح هذا النظام الإرهابي في هذه المرحلة التي انكشفت فيها جميع ادواتهِ وسياساتهِ القذرة المزعزعة للأستقرار والمهددة للأمن والسلم الدوليين. وبالنهاية فأن محاصرة نظام الملالي الارهابي والسيطرة عليه ربما يولد بعض الانفجارات في بعض الجيوب في سوريا والعراق ولبنان لكنها ليست بالخطورة الكبيرة التي يروج لها النظام وادواتهُ في هذه الدول.
[email protected]

#طلال_الحريري (هاشتاغ)       Tallal_Alhariri#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات