|
الطبقة العاملة ضرورات الوعي واشكالات الواقع
علي حسن الفواز
الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 10:04
المحور:
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
لاشك ان التعاطي مع المفهوم الثقافي للطبقة العاملة في اطار جدلية الوعي الطبقي وتشكلاته المعاصرة يحتاج الى اعادة انتاج وقراءة الكثير من المعطيات الحادثة في ثقافتنا وحياتنا في سياق تاريخية العلاقة الاشكالية بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج ليس باتجاه صياغة وتداول مفاهيم الثورة القديمة بقدر ماهي اعطاء شرعنة لمفاهيم اصبحت جزءا من حقائق المجتمعات المعاصرة وقوانينها وانماط ثقافاتها مثل العدل الاجتماعي و نظام الوفرة والمعيش وكذا الحقوق الدستورية الكافلة لحريات المعتقد والرأي والتظاهر واختيار نمط الحياة وغيرها ..ان التعاطي مع هذه المفاهيم في المجتمعات المعاصرة يمثل التعاطي مع اشكال ثقافية تحتاج الى نوع من النضال المهني الذي يكرس وعي الحقوق والدفاع عنها وادراك مرجعياتها ونتائجها مثل ما حدث في التظاهرات التي حدثت في فرنسا مؤخرا والتي اكدت على شرعية وضرورة النضال الاجتماعي والنقابي والسياسي في اطار المجتمعات المختلفة ..اذ تحولت هذه التظاهرات الى قوة ضاغطة هددت الشكل السياسي للدولة الفرنسية واصطفاف القوى السياسية فيها ،،وكذلك ما حدث في بعد الانتخابات الايطالية التي فاز بها يسار الوسط بتشكيلاته التي تضم احزابا يسارية وقوى عمالية ادركت ان سياسات برلسكوني وتوجهاته تفقد الواقع الاجتماعي للطبقات الوسطى والطبقة العاملة الكثير من الحقوق المهنية التي حصلت عليها خلال عقود من الزمن.. ان الصورة التي كرسها النضال الطويل للطبقة العاملة في المجتمعات الاوربية وفي الدول الصناعية وتعميق معاني وقيم الفكر الانساني العمالي اسهم في تأسيس تقاليد واطر نافذة ومؤثرة في الجسد السياسي للدولة الراسمالية وافقدها الكثير من اشكال مهيمناتها التقليدية ..ولكن هذه الصورة تفقد الوانها وتوهجها حينما ندرك حجم المعاناة التي تعانيها الطبقة العاملة في بلدان العالم الثالث ولا أقول الدول النامية اذ تحول مفهوم التنمية فيها الى انواع من السياسات القهرية والى اشكال لتنميات استهلاكية ،،ان ظروف ومعاناة العمال في دول هذا العالم تخضع الى نظام تقليدي يعزل الفكر عن الفعل ،ويضع الانتاج في صلب برامج الدول ، ويصطنع للطبقة العاملة اشكالا من التنظيمات المهنية الفاقدة لبرامجها ومشاريعها ، وبالتالي فانها جزء من كينونة النظام السياسي البطرياركي الذي يؤمن بتنمية خطابه السياسي في ضوء وجوده وعلاقاته ضمن المعطي السياسي الكوني وطبيعة علاقة النظام المالي ونظام السق العالمي وشروط البنك الدولى وضواغط المديونيات العالمية وحتى تشجيع الديون القذرة ..كل هذا يصنع مجالا تتشوه فيها ملامح الصناعات الوطنية وتتعرض القوى العاملة في هذه الصناعات الى الكثير من الضواغط التي تفرض شروطها في تقليل اعداد العمالة او تقليل اجورهم او فرض انظمة قهرية تحد من الكثير من حرياتهم وربما تضع هذه الحريات في اطار السياسي المرتبط طبعا بايديولوجيا الحاكمية وقوانينها العقابية التي تضع العقوبات السياسية في سياق الخيانة العظمى ... ان الطبقة العاملة العربية تعاني الان من هموم مركبة ، منها ماهو مرتبط بالواقع السياسي وانعكاس ازمة الدولة العربية عليها ومنها ما هو طبقي في ضوء تشكلات الخارطة الطبقية العربية وتحولات الرأسمال العربي في الاستثمارات الافقية ، او هروب هذه الاستثمارات الى البنوك الدولية ، ومنها ماهو انتاج اذ تحولت اغلب المجتمعات العربية الى اسواق استيرادية للصناعات العالمية الاقل كلفة والذي انهى وبشكل مخيف ما يسمى بالصناعات الشعبية بكل موروثها الثقافي والانساني ،،ومنها ماهو مرتبط بالقيم الفكرية ،اذ عملت الدولة القهرية على عزل الفكر الطبقي باعتباره فكرا عدوانيا !!!كما تقول ومنع تداوله وتحديد اطره على اساس انه فكر ونظرية في الثقافة وليس ايديولوجيا ، فضلا عن شيوع الكثير من الثقافات النكوصية التي جعلت الفكر الطبقي التنويري جزءا من التابوات التي تعارض المقدس والمركز، ولعل اخطر ما يواجه شرعنة هذا الفكر هو وجود الدولة المحاربة والدولة القهرية التي تمثل عودة الى نظام الدولة القديمة التي تملك وتشرع وتؤسس وتطرد الشعراء من جمهوريتها!!!! ان هذا الغياب القهري ينعكس بالضرورة على كل الحراك الاجتماعي والسياسي ويشوه الارضية والضرورات التي تنشأ عليها الاحزاب السياسية على اسس ايديولوجية وتمارس نضالها الاجتماعي والمهني ،،ويضع الطبقة العاملة امام قهرية السلطة مباشرة بعيدا عن معطيات وعيها الطبقي في العمل من اجل حياة يسودها الامان وتضمن فيها الحقوق العامة بما فيها الحقوق السياسية التي تضع هذه الطبقة كقوة فاعلة في المجتمع وفي صناعة اشكل متقدمة للنظام الاجتماعي والتنموي و خلق علاقات فاعلة تحدّ من ملكية الدولة القهرية باتجاه تأسيس ممكنات من شأنها ان تديم العمل بالقوانين والتشريعات التي تكفل الحقوق المهنية والانسانية للعمل وضمان هذه الحقوق لعوائلهم وتطويرها مع كل المستجدا ت والتغايرات الحادثة في المجتمعات.. ان النظرة التقليدية القديمة للطبقة العاملة وتحميلها طروحات اكثر راديكالية لم تعد مقبولة وربما غير واقعية ، وهذا ما يفترض ان تكون هذه الطبقة وعبر قياداتها النقابية والسياسية تدرك طبيعة هذه التحولا ت الخطيرة في البنية الاجتماعية وثنائيات الصراع ، وضرورة اجتراح ماهو مناسب وقابل للتنفيذ في تعميق جوهر القيم الثورية والنضالية في المجتمع...
#علي_حسن_الفواز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار العربي الكوردي قراءة في صناعة الدولة الحضارية
-
كمال سبتي/ الموت عند سيولة المنافي
-
المثقف العراقي جدل الهويات وازمة الحاكمية
-
محمد الماغوط شاعر الرثاء الكوني
-
الصداقة //الانسان وتعدد المرايا
-
حسين القاصد الكتابة عند مراثي الصوت
-
الكتابة عند صناعة المنفى في شعرية كمال سبتي
-
وعند دارفور الخبر اليقين
-
الطفولة العربية / اسئلة عن حياة صالحة
-
ادونيس وتهريب جائزة نوبل
-
ثقافتنا العربية اسئلة البحث عن الوجود والهوية
-
الهوية الوطنية اشكالات واسئلة الحلقة الاولى
-
اصعد قريبا من مراثيك يا عراق
-
حرية المرأة العربية وشروط الحاكمية السياسية
-
اديب كمال الدين محاولة في كتابة اللذة
-
عدت وحيدا الى وجهي
-
الثقافة العربية/ موت المركز
-
المثقف00تراجيديا الاسئلة وكوميديا الاخطاء
-
كيف نرمي الحجر على التكرار؟ كيف نصنع سؤالنا في الحداثة؟
-
مراثي الجسد
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة
/ المنصور جعفر
-
حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
/ إرنست ماندل
-
العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري
/ أندري هنري
المزيد.....
|