أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - محمود جلبوط - هل الأول من أيار عيد للعمل أم عيد للعمال ؟















المزيد.....

هل الأول من أيار عيد للعمل أم عيد للعمال ؟


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 12:01
المحور: ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
    


ليس التساؤل في العنوان الذي اخترنا فزلكة لغوية , وإنما قصدناه لفرق جوهري نراه بين التعبيرين أردنا أن نخوض في توضيحه لأولوية ملحة في خضم الخلاف بين أطراف الفكر الماركسي ارتأيناها , عوضا عن الإجابة على التساؤلات المطروحة من قبل الزملاء , نعشم أن يزيل لبسا تقصده منظري البورجوازية قديما , ويتقصده دعاة اللبرالية المحدثة حديثا , من خلال التعبير المضلل الذي استهوى ويستهوي الرأسماليين ومن والاهم من الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية في المرحلة السابقة واللاحقة من تطور الإنتاج الرأسمالي في دول المركز كانت أم الأطراف , باعتبار الأول من أيار مناسبة وذكرى لتمجيد العمل تمويها مقصودا للمصدر الحقيقي لأرباحهم , وهم محقين بأن يحتفلوا بما ادعوا لسببين جوهريين من وجهة نظرهما :_ أولا لأن إدخال العامل المجرد من كل شيء سوى قوة عمله المحملة على جسده وروحه سياق إنتاج السلع والعمل في التشكيلة الرأسمالية حقق قفزات خيالية في الربح والثروة والتراكم وبالتالي الرسملة , التي أدخلتها عهدها الذهبي في المرحلة الامبريالية لتتابع التراكم الهائل بعدئذ من خلال النهب الامبريالي لخيرات وجهود وقوة عمل الشعوب الأخرى في آسيا وأفريقيا والأمريكتين الجنوبية واللاتينية _ ثانيا لأنها استطاعت من خلال تعثر جميع المحاولات للطبقة العاملة والشعوب المضطهدة للتحرر والخلاص التمويه على أن الأول من أيار مناسبة لا تخص العمال عبر ما ترتبط في مخيلتهم بتاريخ نضال وكفاح سطر بدم العمال في مرحلة انطلاقة نمط الإنتاج الرأسمالي من خلال جثثهم وعذاباتهم , وأنه مناسبة للاحتفاء بانتصار للطبقة العاملة استهلته وبشرت به مجموعة من العمال في استراليا عام 1856 من خلال تنظيم يوم للتوقف الكامل عن العمل للمطالبة بتقصير يوم العمل الذي كان أحيانا ينوف عن 16 ساعة عمل إلى 8 ساعات فقط , ومن استراليا انتقل إلى أمريكا وحذا العمال هناك حذو إخوانهم في استراليا عام 1886 ثم عام 1890 جددوا احتجاجهم , ثم توج في المؤتمر العمالي لنفس العام اعتبار يوم العمل الرسمي ثمان ساعات , ومن ثم بدأ ينتشر عبر العالم , وأصبح منذئذ عيدا للعمال يحتفلون خلاله بما حققوا من إنجازات , جرى هذا عبر نضال مرير في المراحل الأولى للمركانتيلية لتغيير الأوضاع المأساوية التي كانت تسود ظروف العمل آنذاك .
ومن خلال تقديس أصحاب رؤوس الأموال ومالكي وسائل الإنتاج لهذا العمل الذي ينتج لهم جوهر الرسملة والطبيعة الاجتماعية الأساسية في أن يكون نمط إنتاج رأسمالي , وإخفاء الدور الجوهري لتلك الفئة من العمال التي خلت ملكيتها سوى من قوة عملها كسلعة إستعمالية ذو صفات خاصة تملكها كمصدر لمقايضتها بالقيم السلعية الأخرى لكي تعيش , بعد أن قذفتها الصيرورة الضرورية لتطور البنية في سوق العمل خاليي الوفاض إلا من قوة عملهم , والتي يشتريها البورجوازي كسلعة لها صفات خاصة وبينة عن السلع الأخرى من هذه السوق , ليدخلها في عملية الإنتاج ولتحقق له في سياقه فضل القيمة , هذا اللغز الذي يعود الفضل الأساس لاكتشافه لماركس , والذي من خلاله تجري عملية الرسملة و تنتفخ جيوب الرأسماليين بالأرباح الخيالية , بعد إعطاء العامل حصته فتاتا من فضل القيمة هذا بمسمى الأجر , ليعيد بواسطته إنتاج قوة عمله كسلعة تعود وتطرح من جديد في السوق في اليوم التالي , ولتتمكن أيضا من إنتاج قوة عمل جديدة من خلال أولاده تكون احتياطا لهذا السوق عندما تهلك قوته نهائيا ويموت .
إن الأجور كشكل من أشكال التوزيع في الرأسمالية ليست إطلاقا ثمن قيمة العمل أو قيمة ما ينتجه العامل بعمله , بل هي جزء فقط من هذه القيمة . إن تحول قوة العمل إلى سلعة لهو دليل الرأسمالية الرئيسي , وإن مقولة قيمة العمل خاطئة وهي تعبير غير صحيح عن قيمة قوة العمل إلا أن هذه المقولة تنشأ عن العلاقات الرأسمالية , إن قوة العمل لا العمل هي السلعة في الرأسمالية , وهي التي تقدر بالقيمة بالرغم من أن العمل هو الذي يخلق القيمة وفضل القيمة .
إن الإدعاء البورجوازي تمويها لاستثماره العامل باعتبار قوة العمل هي العمل نفسه لا يفسر الحصول على فضل القيمة ومصدرها التي استطاع ماركس بتبيانه الفرق بين العمل وقوة العمل أن يفسر علميا مصدر فضل القيمة هذا , وأن يكشف جوهر الاستثمار الرأسمالي , و كتب في مؤلفه رأس المال معلقا : "القدرة على العمل لا تعني بعد العمل , كما أن القدرة على هضم الغذاء ليست إطلاقا الهضم الواقعي للغذاء" إن العامل لا يبيع عمله , بل يبيع قدرته على العمل .
يخلق العامل أثناء عمله في سياق الانتاج قيمة أعظم من قيمة قوة عمله , والفارق بين القيمة الجديدة الناتجة وقيمة قوة عمله ذاتها يشكل فضل القيمة .
وبكل بساطة ووضوح يتأتى هذا لأن الرأسمالي يجبر العامل على العمل مدة أطول مما يتطلبه إنتاج قيمة قوة عمله التي سبق أن اشتراها , ولكنه لن يدفع له ثمنها إلا بعد أن يكون قد أنتج له فائضا , ويحدد ماركس الموقف „ أن قيمة قوة العمل , والقيمة المنتجة في سياق استهلاكها عبر عمل العامل , عبارة عن مقدارين متبايين , وعندما يشتري الرأسمالي قوة العمل هذه يأخذ بعين الاعتبار هذا التباين بين القيمتين „ وإلا لما كان أقدم عليه .
و يحاول منظروا الرأسمالية الاقتصاديون بكل ما أوتوا من قوة تضليل أيديولوجية وسياسية إثبات أن الفضل الذي يزيد على القيمة السابقة للسلعة إنما يتأتى عن التداول والتبادل السلعي ذاته إلا أن ماركس بين أنه لا يمكن أن ينشأ فضل القيمة من التداول , وفسر أن تبادل وتداول السلع هو عبارة عن تبادل قيم متساوية ومتعادلة , وأن التداول لا يعني سوى تبدل من أشكال القيمة ولا يتشكل أبدا قيمة جديدة في سياق التداول على الرغم من عدم إمكانية نشوئها خارجه .
يشير ماركس لماهية قوة العمل :"إننا نعني بقوة العمل أو القدرة على العمل مجموع الطاقات الفيزيائية والنفسية التي يحوزها الجسم , يحوزها الإنسان الحي , والتي يوجهها للحركة كل مرة يعمل فيها على إنتاج قيمة استعمالية " .
ولكن قوة العمل لم تكن دائما سلعة , ففي بنية الرق والاقطاعية كان الانسان نفسه هو السلعة لا مقدرته على العمل , وحتى تحققت قوة العمل كسلعة كان لا بد من ظروف تاريخية لذلك : فكان لابد من أن يكون العامل حرا شخصيا و أن يتمتع بحرية التصرف بقوة عمله كسلعة فضلا عن بيعها لزمن معين , وكان ينبغي أن يكون العامل محروما من وسائل الإنتاج ووسائل المعيشة وبالتالي مجبرا على بيع قوة عمله , نعم كان ينبغي أن يكون العامل عاريا كالدودة كما وصف ماركس .
وتكون بالتالي قيمة قوة العمل كقيمة أية سلعة أخرى , تتجدد بزمن العمل الضروري لإنتاجها وتجديدها , لهذا أول ما تركز نضال العمال على تنقيص ساعات العمل الضرورية لإنتاجها وإنتاج ربح الرأسمالي إلى جانبها من خلال ما سمي فيما بعد فضل القيمة .
إلا أن قيمة قوة العمل تتميز عن قيمة السلع الأخرى في أنها توجد فقط كقدرة يتمتع بها الفرد الإنسان الحي , وهي ليست منفصلة ولا يمكن فصلها عن العامل , ومن أهم خصائصها كسلعة عدم إمكانية انفصالها عن مالكها العامل , فهو لا يستطيع بعد بيعها الذهاب إلى بيته , بل أنه مضطر كحامل لها أن يذهب وراء الرأسمالي حتى قبل أن يدفع له ثمنها فهو سيدفع له بعد أن يكون قد حقق له الفائض , „ فعندما يترك نطاق التداول البسيط , تبدأ بعض التبدلات في سيماء الأشخاص المعنيين بالصفقة : فحائز النقود مسبقا يتقدم كرأسمالي بابتسامة ساخرة يتحرق رغبة لبدء العمل , والآخر حائز السلعة يتبعه كعامل مطرق الرأس هائم , يبدو كمن باع في السوق جلده , لهذا فهو لا يرى في المستقبل أي آفاق سوى أفق واحد هو: أنهم سيدبغون هذا الجلد „ . وبناءا عليه فإن تجديد إنتاج قوة العمل يعني المحافظة على حياة العامل نفسه وعلى مساعدته لإعالة عائلته لتحل مكانه في سوق العمل كسلعة عندما ينفق , وعلى هذا فزمن العمل الضروري لإنتاج وتجديد إنتاج قوة العمل يصبح عبارة عن زمن العمل الضروري لإنتاج وسائل المعيشة للعامل , أي أن قيمة قوة العمل هي قيمة وسائل المعيشة الضرورية للمحافظة على حياة صاحب تلك القوة . وينقسم بهذا يوم العمل إلى قسمين : الأول يحدد فيه العامل إنتاج قوة عمله , والثاني يخلق خلاله فضل القيمة للرأسمالي , وقد سمى ماركس القسم الأول بزمن العمل الضروري والعمل المنفق في هذا الزمن بالعمل الضروري , وسمى القسم الثاني بزمن العمل الفائض , والعمل الذي يتم فيه بالعمل الفائض .
وإن قيمة قوة العمل تتحدد بزمن العمل الضروري لا بمعيشة العامل بمفرده بل ولمعيشة عائلته , فباللجوء إلى عمل النساء والأطفال تنخفض قيمة قوة العمل عند الرجل باعتبار أنها تتوزع بين جميع أفراد العائلة .
تتمتع سلعة قوة العمل بقيمة إستعمالية تتحقق في سياق استهلاكها بعد أن يجبر الرأسمالي العامل على استهلاكها , بيد أن قوة العمل خلافا للسلع الأخرى لا تنعدم في سياق استهلاكها بل تخلق سلعا , أي قيمة جديدة , ويكون بالتالي سياق استهلاكها هو العمل ذاته . ويخلق العامل بعمله في سياق الإنتاج قيمة أعظم من قيمة قوة عمله , والفرق بين القيمة الجديدة وقيمة قوة العمل يشكل فضل القيمة وعلى هذا فالرأسمالي عندما يدفع للعامل كل قيمة قوة عمله لا يكون بهذا يدفع كل قيمة عمله وبناءا عليه يحل تناقض الفهم في صيغة الرأسمال العامة : نقد _ سلعة _نقد جديد , هذه الصيغة التي حاول الاقتصاديون البورجوازيون التضليل من خلالها استبدال تحليل العلاقات الإنتاجية الاجتماعية بتحليلها على أساس أنها علاقة بين الأشياء , ولكن الرعيل الأول من الماركسيين أبان أن الرسمال ليس شيئا بل هو علاقة إنتاجية اجتماعية محددة تاريخيا , وكان ماركس أول من أثبت علميا أن وسائل الإنتاج (من آلات وأدوات ومواد أولية) ليست رسمالا بذاتها بل هي تصبح رسمالا فقط عند توفر شروط اجتماعية معينة , عندما تتحول بين أيدي مالكيها إلى أدوات استثمار للآخرين , للعمال المأجورين الذين ينتجون من خلال انخراطهم في عملية الاستثمار هذه فضل القيمة , أساس أرباح الرأسماليين .
فكان الانتقال من أدوات الإنتاج الحرفية إلى الآلات , وتحول الإنتاج المانيفاكتوري إلى إنتاج رأسمالي آلي , ثم الدخول إلى الأتمتة , والذي يعتبر خطوة جبارة في تطوير المجتمع الإنساني , ليس لتسهيل العمل وتوفيره , بل وسيلة لاستنزاف العمل المجاني , فالرأسمالي يلجأ للآلة لأنها وسيلة لتخفيض قيمة المنتوج , فيكون الهدف المباشر للإنتاج الرأسمالي لا سد حاجات الناس ولا تخفيف أعباء العمل عنهم بل الحصول على فضل القيمة , ولا يدخلون الآلات إلا إذا كانت قيمتها دون قيمة قوة العمل المستبدلة بها .
ويعتبر تشديد العمل نتيجة مباشرة لاستخدام الآلة في ظروف العلاقات الراسمالية , والعطش إلى فضل القيمة أدى إلى تشديد العمل تشديدا فوق التصور ويستخدم الرأسمالي طرقا غاية في التنوع لزيادة تشديد العمل : كزيادة سرعة الآلة , أو زيادة الآلات التي تكون تحت رقابة عامل واحد , استخدام السلسلة في الإنتاج , إعطاء أشكال متنوعة من الأجور , ويبلغ انفصال العمل الفكري عن الجسماني الحد الأكمل في ظروف الإنتاج الرأسمالي ويؤدي إلى فيضا من العمال , فيزداد العامل اغترابا واستلابا .
لهذا فإن سلعة قوة العمل تتمتع بخواص تميزها عن غيرها من السلع الأخرى في أنها تتضمن في ذاتها , خلافا للسلع الاخرى , عنصرا تاريخيا ومعنويا , أي أن نطاق وطابع حاجات العامل صاحب قوة العمل تتعلق بالتطور التاريخي للبنية والبلد المعين , وبظروف نشأة الطبقة العاملة وبمستوى ثقافتها , وعلى هذا يتحدد الفرق التاريخي والمعنوي لنشوء وتكون وتطور الطبقة العاملة في بلدان المنشأ أي المركز, وبين الطبقة العاملة في بلدان الأطراف كبنية كولنيالية تابعة والتي تنتمي إليها بلداننا .
إن الأنظمة الاجتماعية ما قبل الرأسمالية تتميز باستلاب اجتماعي واحد , هو استلابا في الطبيعة إن أمكن القول , وتنبع الخصائص المميزة لهذا الاستلاب من شفافية علاقات الاستغلال الاقتصادية من جهة , ومن درجة السيطرة المحدودة على الطبيعة من جهة أخرى , وكان لزاما أن يرتدي هذا الاستلاب الاجتماعي طابعا دينيا مطلقا, وهذا شرط لا غنى عنه كيما تتبوأ الأيديولوجيا مكان الصدارة في إعادة الإنتاج الاجتماعي . أما الاستلاب والاغتراب في طور الرأسمالية يقوم على فقدان العلاقات الاقتصادية لطابعها الشفاف وتحولها إلى علاقات كتيمة بفعل تعميم العلاقات السلعية من خلال السوق من ناحية , وعلى درجة متقدمة نوعيا من السيطرة على الطبيعة من ناحية أخرى .
فالاقتصاد السلعي أو اقتصاد السوق يحل الاقتصاد محل الطبيعة كقوة خارجية محددة للتطور الاجتماعي .
ولئن كان الصراع الطبقي هو محرك التاريخ , فإن هذا الصراع راح يتجلى في عصر الرأسمالية بين طبقتين رئيسييتين محددتين للبنية الاجتماعية لبلدان المركز : طبقة الرأسماليين مالكي وسائل الانتاج وفضل القيمة , وطبقة العمال مالكي قوة العمل ومنتجي فضل القيمة , ولكن راح هذا الصراع يندرج في العصر الامبريالي والعولمي المتوسع والطامح إلى توحيد السوق عالميا على أساس قانون الاستغلال والاحتكار والتبادل الغير المتكافيء في إطار دولاني _قومي يحدد مدلوله وأشكاله ومخارجه (حسب سمير أمين وبعض منظري الماركسية الجدد في أمريكا الوسطى واللاتينية ) ضمن ما راح يسمى تبعية كولونيالية لبلدان العالم الأخرى في آسيا وأفريقيا وأمركا الوسطى واللاتينية , التي أطلق عليها تسمية بلدان الأطراف , وصار الصراع فيها من أجل التحرر من الاستغلال الطبقي والتحرر الاجتماعي مرتبطا بما لا يدعو للشك بالصراع من أجل التحرر القومي والوطني لهذه الشعوب فيها .
أذكر عندما كنت في عمر الصبا اتلمس بواكير التفكير السياسي الاشتراكي ساعيا إلى بناء ولاء فكري سألت أحد رفاقي في الجبهة الشعبية ممن كان لهم تأثير علي في تشكل وعيي الوطني والسياسي : ما تعني بكلمة رأسمالية ؟ لم يجبني , وأتصور أنه لو أجابني ما كنت سأفهم , بل اكتفى بأن قدم لي حينها رواية الغاب للكاتب الأمريكي سنغلر وقال : إقرأ هذه الرواية وستتعرف على هذه الطبقة , ثم عندما أنهيتها قدم لي رواية العقب الحديدية لجاك لندن , وكانتا بهذا أولى الكتب التي قرأتها وأولى الكتب التي كونت من خلالها وصفا لطبقة مالكي وسائل الإنتاج و الحائزين لفضل القيمة , ولطبقة مالكي قوة عملهم ومنتجي فضل القيمة , وعندما صرنا شبابا لم يكن يستعصي علينا فهم ما كنا نطالع من كتب وأبحاث سياسية اقتصادية , لأنها كانت تترافق مع ما كنا نشاهد من ممارسات لهذه الامبريالية في منطقتنا من خلالها مباشرة أو من خلال وكلائها إسرائيل و أنظمة الاستبداد لدينا مما سهل علينا فهم ما نقرأ , وسهل علينا اختيار موقعنا الاجتماعي والفكري والسياسي كأحد أبناء عامل قضى نحبه مستلبا مغتربا .
واليوم , وبالرغم من تخلي الكثير ممن كانوا يتبنون سابقا التفسير الماركسي للاستثمار الرأسمالي أحزابا أم أشخاصا وانتسابهم إما لتيار الاشتراكية الديموقراطية أو للبرالية الحديثة في عصر انتقال الامبريالية إلى عصر العولمة , إلا أننا لا نجد مناصا من تبني سوى التفسير الماركسي عينه لفهم آلية تكدس الثروات الخيالية والأرصدة في الحسابات البنكية للرأسماليين صغارا كانوا أم كبارا أم عابرين للقارات , كما وأننا لا نرى آفاقا للخلاص من هذا الاسترقاق والاستثمار لهذه الفئة من البشر الصانعة الحقيقية لهذا الفائض المتكدس في المصارف , وبالرغم من أهمية كل ما يطرح من شعارات ديموقراطية أو حقوق إنسان , سوى أفق الحل الاشتراكي الذي عليه وضع حد للاغتراب والاستلاب الاجتماعي , الحل الذي حاول الكثيرين منا ومنهم أن ينعاه بعد نعي التجربة السوفياتية , على اعتبار أنها هي التجلي التطبيقي الأمثل لهذا الأفق الحل , ناسين أو متناسين أن من أسس بناء الاشتراكية , الخلاص من الاستغلال والاضطهاد والاغتراب والاستلاب والسيطرة على فضل القيمة المنتج من قبل المنتجين , وتعني الرفاه للمنتجين المباشرين , والرقابة الانتاجية للمنتجين المباشرين , والحرية والسعادة والتقدم لهؤلاء المنتجين المباشرين .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويرحل الحمام
- قصة قصيرة ...موعد في 8 آذار
- -إن درجة تحرر المرأة هي مقياس التحرر بشكل عام-
- محاولة في الغوص في العلاقة بينها وبينه , الرجل والمرأة
- قصة قصيرة......زمن الذاكرة
- حانت ساعة العمل لمنظري الصهيونية لتحقيق رؤاهم
- إنعتاق
- قصة قصيرة جدا - وتكتمل ألوان قوس قزح
- لماذا يحمل الواحد منا في بنيتنا في داخله ضده
- غدر
- نحن صنعنا من الجلاد إله
- ابن العم رياض الترك..الختيار الشاب
- مشاركة بمناسبة السنة الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن
- حالة طواريء.......قصة قصيرة
- دعوة تحذير متواضعة لدعاة التغيير الديموقراطي في الوطن العربي
- انتظار - قصة قصيرة جدا
- وتشرق الشمس من جديد
- صمت الحوارية...وحديث العيون
- الديموقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
- قضية العرب الأولى ..قضية فلسطين


المزيد.....




- مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا ...
- في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و ...
- قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
- صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات ...
- البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب ...
- نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء ...
- استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في ...
- -بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله ...
- مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا ...
- ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟


المزيد.....

- خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة / المنصور جعفر
- حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية / إرنست ماندل
- العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري / أندري هنري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - محمود جلبوط - هل الأول من أيار عيد للعمل أم عيد للعمال ؟