أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم سوزه - في نقد الخطاب الإسلامي ح 6: سبي النساء .. سياق مختلف أم فكرة خالدة؟















المزيد.....

في نقد الخطاب الإسلامي ح 6: سبي النساء .. سياق مختلف أم فكرة خالدة؟


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 11:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتقد المسلمون المتدينون أن الأسلام بشكل عام فكرة خالدة تعلو على كل سياق إجتماعي وثقافي وفي كل زمان ومكان. بمعنى أن هذا الدين يبقى قائماً وصالحاً ومناسباً لكل البشر وعبر كل أزمنتهم وأمكنتهم مهما أختلفت لغتهم وثقافتهم ومجتمعهم. الكلام طبعاً عن تفاصيل الدين وفقهه وتشريعاته وليس عنه كفكرة إيمانية خالصة يرتبط عبرها الإنسان بخالقه. فالأخيرة ممكنة بالتأكيد ولا علاقة لها بالازمنة والامكنة المختلفة طالما هي علاقة روحية بحتة بين المرء وخالقه.

المفارقة أن مَن يؤمن بالإسلام ديناً عابراً للسياقات الاجتماعية والتاريخية، هو أول مَن يعترض على هذا المفهوم عند تشريح وتفكيك بعض الحوادث الإسلامية التي وقعت في مجتمع الإسلام الأول. غالباً ما يردد المؤمنون أن "حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة"، وهو ما يعني ليس ثمة قطيعة تشريعية بين عصرنا الحالي وعصر صدر الإسلام لأن الشريعة ثابتة وصالحة لكل الأزمنة والمجتمعات حسب الحديث النبوي المذكور وعشرات الأدلة الموروثة الأخرى. في حين يتنصلون عن هذا التعريف عند الحديث عن تصرفات تبدو همجية لنا اليوم قام بها الإسلام في عصر نشأته الأولى.

ففي قضية السبي، تلك الظاهرة التي رسّخها الإسلام في حروبه مع الكفار او مع أبناء الديانات الأخرى، كتب العديد منتقداً لها ومستغرباً كيف أن الأسلام يشرّع هكذا ظاهرة قاسية وغير أخلاقية في السابق. وقوع هذه الظاهرة في حروب الإسلام الأولى أعطى الشرعية لتنظيم متطرف مثل تنظيم داعش أن يفعلها في القرن الواحد والعشرين.

في الجواب على هذا الإشكال، يطالب علماء وكَتَبَة الإسلام المنتقدين دوماً ألّا يحاكموا تصرفات ذلك العصر وفق سياق ومفاهيم عصرنا الحالي. هذا كلام جميل. أنهم يقولون لا يمكن فهم سلوك مجتمع الإسلام الأول بإستخدام أدوات هذا العصر ومفاهيمه. فهم لا يتفقون إلّا على شيء واحد ما إنفكوا يرددونه في كل كتاباتهم وأحاديثهم، وهو أن تلك الظاهرة (سبي النساء) كانت موجودة في مجتمع ما قبل النبوة ولا تقتصر على عرب الجاهلية فحسب بل على كل المجتمعات والامبراطوريات المحيطة بالعرب. ليس هذا فقط، بل أنها ظاهرة موغلة بالتاريخ مارسها السومريون والبابليون والاكديون ناهيك عن الفرس والروم آلاف السنين من قبل. حين جاء الإسلام (وهذا قول هؤلاء العلماء طبعاً)، لم يستطع مواجهة هذه الظاهرة بصرامة في بداياته لأنه كان على المسلمين إتباع المثل في حروبهم مع المجتمعات الكافرة التي كانت تمارسها، ولأنها أيضاً كانت تجارة مهمة تساهم في بناء الإقتصاد الإسلامي لدولة دينية هشّة، حيث بيع السبايا كان يوفر مالاً جيداً للمجتمع الإسلامي الجديد. ناهيك عن أنها ظاهرة توسّع للنطف العربية مساحة حملها وتنوعها كي يدخل الأعاجم الى الإسلام عبر القرابة. لهذا لم يقف أمامها الإسلام بقوة ويمنعها وأنما عمل بها حتى تتحول البشرية الى الإسلام وتنتهي هذه الظاهرة نهائياً.

ينطوي هذا التبرير على إعترافٍ صريح بأن بعض التشريعات الإسلامية إبنة سياقها التاريخي والإجتماعي ولا يمكن قبولها كتشريعات عابرة للأزمنة والأمكنة (يمكن للمحاجج هنا أن ينطلق من هذه الجزئية ويعممها على كل التشريعات الإسلامية الأخرى بإعتبار ما يصح على الجزء قد يصح على الكل أيضاً)، بالتالي يثبت المتدينون شيئاً دون أن ينتبهوا له ربما وهو أن حلال محمد (على الأقل جزء من ذلك الحلال) ليس حلالاً الى يوم القيامة ولا حرامه كله حرام الى يوم القيامة، بل هناك من الظواهر ما أتت في سياقها التاريخي والإجتماعي ولا يمكن العمل بها في يومنا هذا.

ماذا يعني القول ان سياق مجتمع الاسلام الأول يختلف عن سياق مجتمعنا الحالي، وبالتالي بعض التشريعات الإسلامية إبنة سياقها التاريخي؟

الجواب:

أولاً: يعني هدم فكرة خلود تشريعات الاسلام وصلاحيتها عبر الأزمنة والأمكنة. بمعنى، هدم فكرة ملائمة تشريعات الأسلام ومناسبتها لكل زمان ومكان حتى آخر يوم على هذا الكوكب.

ثانياً: إعتقاد غير مباشر بتاريخية الإسلام، وهو ما يعني أن الأسلام نتاج تطور تاريخي لسياق إجتماعي متغير ومتبدل بإستمرار، وما يصح في يومٍ ما وفي مجتمعٍ ما، لا يصح بالضرورة في يومٍ آخر ومجتمع آخر.

ثالثاً: مخالفة الإطلاق الذي يورده حديث "حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة".

رابعاً: مرونة كبرى في الهروب من الإنتقادات العلمية للحوادث والتشريعات الإسلامية التي حصلت في بدايات الإسلام في عهد النبي وخلفائه وصحابته، إذ كلما صار الحديث عن أشياء مثل سبي النساء وقطع اليد ورجم الزانية وقتل الكفار وإجبار أبناء الديانات الأخرى على الجزية او القتل لقاء عدم دخولهم الإسلام، ينبري المتدين بالقول أن تلك الأحكام إبنة سياقها التاريخي والإجتماعي وليست موجودة الآن. ذلك يعني أن هذا المتدين هو أيضاً يحتقر هكذا أحكام في داخله ولا يراها إنسانية وأخلاقية وإلّا لما تطوّع بإلحاقها بسياقها السوسيو-تاريخي وفصلها عن الإسلام كدين وعقيدة عابرة للأزمنة والأمكنة. ثمّة إشكال عقائدي يظهر هنا، إذ يقول متكلمو الإسلام أن الحسن والقُبح عقليان، بمعنى أن الحسن يبقى حسناً مهما أختلف الزمان والمكان، والقبيح يبقى قبيحاً كذلك عبر التاريخ كله طالما الإثنان يعرّفهما العقل وليس مصالح المجتمعات أو أهدافها. بالتالي يُفترَض فعل المسلمين الأوائل يخضع لهذا المعيار أيضاً، وإلحاق بعض الظواهر "الهمجية" في الإسلام (كالسبي مثلاً) الى سياقها السوسيو-تاريخي لن يعفي حقيقة أن عملاً قبيحاً قد فعله الإسلام ذات مرة. القبيح قبيح عقلاً ولن يتحول الى حسن إن مارسه الإسلام لمصلحة دينية معينة وفي ظرف زمني محدد. أليس كذلك؟

خامساً: إن الأسلام لم يكن محارباً للعادات الإجتماعية السائدة في مجتمع العرب، وأنما جاء مكمّلاً لها ومرسخاً لبعضها (حتى تلك التي تبدو قاسية وهمجية مثل السبي والرق طالما لم يتخذ هذا الدين موقفاً صارماً منها، خلافاً مثلاً لوأد البنات التي أدانها القرآن صراحةً). هذا يعني أن الإسلام ودستوره الأساس (القرآن) هو صدى للمجتمع الذي نزل فيه وليس وحياً فوق التاريخ (أنظر الحلقة الثالثة من هذه السلسلة).

أما ماذا يعني القول أن الأسلام صالح لكل زمان ومكان (فكرة خالدة)، وأن تشريعاته أبدية بصرف النظر عن السياق الإجتماعي والتاريخي، وإن كل ما جاء في ذلك العصر ليس تاريخياً وأنما أحكام قائمة لكل البشر أينما حلّوا ومتى وُجدوا؟

الجواب ببساطة شديدة "داعش"، ذلك التنظيم الذي مثّل أكثر التنظيمات الإسلامية تطابقاً مع الإسلام بحلّته الأوّلية.



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشكلة الكردية في العراق
- في نقد الخطاب الإسلامي ح 5 .. إشكالية الدين والمجتمع
- أنثروبولوجيا الشعائر الحسينية
- ظاهرة التيار الصدري
- السيستاني والدولة العراقية .. جدل الشرعيّة والمشروعيّة
- في نقد الخطاب الإسلامي ح 4 .. التفسير ، التأويل ، الإعجاز ال ...
- في نقد الخطاب الإسلامي ح 3 .. القرآن ليس كلام الله
- في نقد الخطاب الإسلامي ح ٢-;-
- في نقد الخطاب الإسلامي - ح ١-;-
- مجلس محافظة بغداد وتقنيات السرقة الذكية
- عن معركة الموصل وتشابك اللُحى وأحلام الهاشميين
- عملية دادي
- إمكانية عالية ومحتوى بائس
- عن شارل ايبدو وإساءاتها
- حوار كاثوليكي
- اللعب مع الأفعى
- موقف عابر للطائفية Trans-Sectarian Action
- فرصة العبادي الكبيرة
- وثيقة السيستاني المهمّة
- لستَ إبراهام لنكن يا حاج


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم سوزه - في نقد الخطاب الإسلامي ح 6: سبي النساء .. سياق مختلف أم فكرة خالدة؟