أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال آيت بن يوبا - خلق أم تطور حسب البروفيسور الروسي أناتولي كليسوف ؟ Creation´-or-Evolution according to russian Anatoli klissov















المزيد.....


خلق أم تطور حسب البروفيسور الروسي أناتولي كليسوف ؟ Creation´-or-Evolution according to russian Anatoli klissov


كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)


الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 01:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شعارنا : حرية – مساواة – أخوة


نشر موقع قناة روسيا اليوم بالعربية ترجمة لحوار أجرته القناة مع البروفيسور الروسي أناطولي كليوسوف المتخصص في جنيالوجيا الحمض النووي باللغة الروسية بتاريخ 29 غشت الماضي حول موضوع "الخلق أم التطور؟" (أنظر الفيديو أسفله ) ..المدون كتابيا أسفله هو الجزء الذي يهمنا من الحوار و يقع بين الدقيقة 11 و 8 ثوان و الدقيقة 15 ..

جزء الحوار يبدأ فيه الصحفي بالسؤال:

- نحن نعرف أن هناك نظريتين عن أصل البشرية إحداهما نظرية الخلق و الثانية نظرية التطور الداروينية أي نظرية النشوء و الإرتقاء فهل جميع المختصين في علم الأنساب الجيني أو جينيالوجيا الحمض النووي هم من أنصار نظرية التطور أي تطوريون إن صح التعبير ؟



- هذا ما تحدثت عنه المعطيات التي تستند اليها و هي قريبة للحسابات الرياضية و تبين أن منشأنا هو التطور من الرئيسيات إلى الانسان .هل الامر على هذا النحو ؟


- على العموم نعم. ولكن لابد لي من تصويب ..هل صادفت و لو إنسانا واحدا مختصا في مجال الحمض النووي و علم الانساب لم يكن من أنصار نظرية التطور و يرى ان الرب او الله هو الذي خلق الانسان ؟


- لا ..

- أي لا وجود لهؤلاء في علمكم ؟

- لا وجود لهؤلاء في علمنا .تكمن القضية في أن ذلك مجال آخر كليا من مجالات التفكير..

- إذن نحن نتحدث عن الرؤية العقائدية ..

- هذا هو السبب .

- و أنتم تتعاملون بالارقام ..

- تحديدا ..

- و عملكم في مجال العلوم الدقيقة علم على قدر كاف من الدقة بحيث لا يتجاوز الخطأ 150 سنة على كل ألف سنة ..

- بالطبع بالآلا ف.. هنا بيت القصيد ..

- من هنا السؤال من أين أتينا كبشر ؟ في اي مقطع زمني على وجه التقريب يوجد السلف المشترك للإنسان العاقل أومو سابيانس تحديدا .؟ و هل هم على حق علماء الأنثربولوجيا الذين يقولون أن السلف المشترك جاء من إفريقيا ؟



- هذا ليس صحيحا و لكني أود العودة إلى السؤال من أين أتينا ؟ هذا السؤال يعيدنا مرة أخرى إلى التصور النظري المفاهيمي. و إذا كنا سنناقش ما إذا كان الإنسان جاء بإرادة الرب أم نتيجة التطور البيولوجي خلال ملايين السنين ، فمن الطبيعي أن أي إختصاصي في مجال جينيالوجيا الحمض النووي لن يقف إلى جانب الفكرة القائلة إن الله خلق الإنسان .لأن هذا غير قابل للإثبات بالطرق العلمية .فهناك مبدأ في العلم مفاده أن كل شيء يجب إثباته و كل شيء يجب أن يكون قابلا للتكرار بالتجربة أي يجب إقامة البرهان على الظاهرة بالتجربة أكثر من مرة و بالقياسات .و مع أن كثيرين طبعا يؤمنون بالله فهذا مفهوم أخلاقي إيماني على الأقل بالنسبة لي .


- على فكرة ، ظهرت في الآونة الأخيرة تأويلات دينية تحاول الدمج بين الدين و نظرية التطور .و منهم من قال أن الإنسان العاقل لم يكن آدم وحده بل فصيل أي الآدميون أي الكائنات العاقلة أومو سابيانس .وهكذا يسقطون العلم على الدين .


- هنا بداية نتطرق إلى نظرية داروين .ربما سيكون مدعاة لإستغراب كثيرين الآن أن داروين لم يقل أبدا أن أصل الإنسان هو قرد .هذا الكلام ليس لداروين .لدي على الرف كتاب داروين أصل الأنواع .في هذا الكتاب لا توجد كلمة واحدة عن ذلك .المرة الوحيدة التي وردت فيها كلمة قرد عند داروين جاءت في العبارة التالية : "ومما يُؤسف له أنه لا توجد في أيدينا بقايا عظام القرود البائدة " .هذا كل شيء .عندها ينبثق السؤال : من الذي قال أن الإنسان جاء من القرد ؟سأجيبك عن ذلك .إنه فريدريك إنجلز ..ففي كتابه أصل العائلة والمِلكية الخاصة والدولة .في هذا العمل يتناول متحَد الوجود البشري و يقارن ذلك مع متحدات جماعات القرود شبيهة البشر لا القرود المعاصرة التي يمكن مشاهدتها في حدائق الحيوانات .. إنجلز تحدث عن قرود أخرى هي القرود القديمة ..البائدة ..


- أعترف أن هذه المعلومات جديدة بالنسبة لي ..


- أفهم ذلك ..


- أنا مصدوم بما قلتَه صراحة ..


- و كذلك عند المشاهدين ..


- شيء حسن جدا أن نكسر السائد عن التصورات النمطية ..


- أدخل إلى الأنترنيت و ستجد أن كثيرين ينددون بداروين .بل أن ذلك بات دارجا حتى أن كلمة دارويني تبدو أحيانا كشتيمة .علما أن كثيرين من هؤلاء الشتامين لم يقرأوا شيئا لداروين .بل إكتفوا بسماع شئ ما عنه .

إنتهى جزء الحوار الذي يهمنا هنا.........

باقي الحوار يتحدث عن أصل بعض السلالات في الشرق الأوسط من الناحية الجينية أي الوراثية .و هذا موضوع آخر غير موضوع العنوان الذي وضعوه للفيديو "الخلق أم التطور؟".لذلك حدفته من التدوين.

و البرنامج الحواري هذا الذي بثته قناة روسيا اليوم كان موجها باللغة العربية .و اذن فهو يخص المنطقة التي تنتشر فيها اللغة العربية بكثافة كبيرة أي شمال افريقيا و غرب آسيا (الشرق الأوسط) .و هما المنطقتان اللتان تعرفان أكبر نسبة من الأمية العلمية و غير العلمية في العالم بسبب إنتشار الاديان ..(كلمة عِلم و علمية هنا مستعملتان بمعنى علم حديث و نسبة لهذا الاخير) ..

و بما أن قصص الكتاب المقدس اليهودي فيما يخص الخلق و نصوصه السابقة عن الإنجيل والمصحف العثماني نجد الإحالة عليهما في هذين الكتابين الأخيرين ، فإننا سنذكر فقط ما يتعلق ببعض المقتطفات من نصوص الكتاب المقدس اليهودي كما وردت فيه ..

لكن قبل ذلك لابد من الإشارة من الناحية المنهجية و تحديد إطار المناقشة أن الطرح "خلق أم تطور؟؟" هكذا يُفهم منه كسؤال كلاسيكي أنه يقصد معطيات العلم الحديث و روايات الأديان الشرق أوسطية التي إنتشرت في شمال افريقيا و غيرها ...و هو التقابل غير المتساوي في المقارنة لا نظريا و لا زمنيا حيث أن نظرية التطور البيولوجي هي نتاج للفكر العلمي الحديث الحالي الذي جاء كتطور للفكر البشري مع ظهور الفلسفة في اليونان القديمة قرونا عديدة قبل الميلاد ليعوض الفكري الديني القديم الذي فشل في تحصيل و تقدم المعرفة و تفسير ظواهر الكون بطريقة عقلانية تعتمد على الملاحظة و التجربة و المنطق و الحساب .

و يا ريت لو كان البرنامج المومأ له أعلاه قد ناقش في نفس مستوى نظرية التطور البيولوجي أي فرضيات جديدة تسلط الضوء على بعض النقاط التي تحتاج للإضاءة في فيلم التطور البيولوجي الذي صار منذ مدة ليست يسيرة حقيقة علمية لا جدال فيها مثل مناقشة شكل الأصل المشترك بين القرود و الإنسان الذي كان يمشي على أربع قوائم قبل 47 مليون سنة مثلا ..

ما علينا .
المهم أن السؤال الأساسي حسب طرح البرنامج هو : هل الإنسان جاء بإرادة الرب عبر عملية خلق مباشر كما ورد في التوراة اليهودية (أي الخمس كتب الأولى من الكتاب المقدس المتفق على تبنيه من طرف أغلب اليهود) أم نتيجة التطور البيولوجي خلال ملايين السنين كما تبين لنا نظرية التطور البيولوجي؟

جواب البروفيسوركان هو: "إن أي إختصاصي في مجال جينيالوجيا الحمض النووي لن يقف إلى جانب الفكرة القائلة إن الله خلق الإنسان .لأن هذا غير قابل للإثبات بالطرق العلمية .فهناك مبدأ في العلم مفاده أن كل شيء يجب إثباته و كل شيء يجب أن يكون قابلا للتكرار بالتجربة أي يجب إقامة البرهان على الظاهرة بالتجربة أكثر من مرة و بالقياسات .و مع أن كثيرين طبعا يؤمنون بالله فهذا مفهوم أخلاقي إيماني على الأقل بالنسبة لي ."


إن كلمة خلق هنا تَرِد بمعنى "إيجاد شيء من العدم " ..(أنظر الملحوظة أسفل المقال)


في سفر التكوين من الكتاب المقدس اليهودي هناك روايتين للخلق .


الأولى في الاصحاح الاول من سفر التكوين :الاعداد 26 حتى 31 :تتحدث عن اليوم السادس الذي تم خلق الإنسان فيه بعد الايام الخمسة الاولى التي خلق فيها الارض والسماء و غير ذلك من بحار وكائنات اخرى نباتية و حيوانية ..


تقول الاعداد المشار اليها أعلاه ما يلي :


26 وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ.


27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.

(في ترجمات أخرى "ذكورا و إناثا خلقهم..لأن ما سيلي في الاصحاح 28 يتحدث عن الجمع أي اكثر من إثنين حيث يقول "وباركهم الله و قال لهم ..الخ"")


28 وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ.


29 وَقَالَ اللهُ: إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا.


30 وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ.


31 وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا.


الرواية الثانية في الاصحاح الثاني من سفر التكوين .الاعداد 7 و 18 و 21 و 22 و 23 :


7 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.


18 وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ.


21 فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا.

22 وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ.


23 فَقَالَ آدَمُ: هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ.

إنتهت نصوص سفر التكوين من الكتاب المقدس التي تهمنا .و هي متشابهة فيما يسمى ترجمة فاندايك للكتاب المقدس و فيما يسمى النسخة المغربية و كذلك فيما يسمى ترجمة الملك جيمس لنفس الكتاب....


لا يجب أن ننسى أننا في القرن 21 أي في عصر قمة التقدم العلمي في ميدان علوم البيولوجيا العصرية و في قمة نحت المنهج العلمي الحديث..و لسنا في عصور الظلام العلمي لأكثر من عشرة قرون قبل الميلاد حيث يقال أنه تمت بداية كتابة فصول الكتاب المقدس اليهودي الذي يتحدث عن الخلق المباشر السريع .(فسفر أيوب مثلا في الكتاب المقدس اليهودي يقول المفسرون أنه تمت كتابته 11 قرنا قبل الميلاد .و ربما هو أول و أقدم سفر كُتب في هذا الكتاب.)

فإذا ساءلنا تلك النصوص (أي نصوص سفر التكوين الآنفة الذكر) و صدقنا أنه كتبها موسى (زعيم اليهود المقدس) كما يقال ، بعقلية القرن الواحد و العشرين ، فالكاتب يتحدث عن الله (المفترض أنه موجود) بصيغة الغائب فيقول :

"و قال الله" ،

"فخلق الله الإنسان" ،

" وباركهم الله و قال لهم " ،

..الخ


هنا شخص ما يحكي عن أفعال الله في سفر التكوين .


و إذن فالمكتوب هو كلام عن الله و ليس كلام الله .


و لطلب الحجة ، يمكننا أن نوجه السؤال للكاتب أو من ينوب عنه و يتبنى أقواله على أساس أنها صحيحة بما أنها تتوجه للعقول كي تقنعها ، عن الحجة العقلية أو التجريبية التي تجعله يثبت بأن "الله قال" بالمباشر و "أن الله باركهم وقال لهم " فعلا ...الخ ؟


لكن حينما يقول لنا النص الأول :

" وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا"


ثم يقول لنا النص الثاني :

" وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً."


يصبح السؤال عن كيف يكون الله المفترض فلسفيا انه خلق الكون و المادة وبالتالي جوهره غير مادي شبه لإنسان تم خلقه من تراب أي من مادة؟

أليس هذا في حد ذاته تناقضا في الجوهر لم ينتبه له كاتب السفر يجعل الشبه بين الانسان والله مستحيلا ؟


و اذن هذا يدل على تناقض الروايتين .

يمكننا أن نستمر في سرد أخطاء الكتاب المقدس المنطقية والعلمية بمفهوم العلم الحديث مثل قوله أن عمر الكون يتقارب مع 6000 سنة في حين أن هذا العمر يقارب 13.8 مليار سنة حسب المعطيات الحديثة.و كذلك جعله الشمس التي هي مصدر طاقة بالنسبة لكل المنظومات البيئية تظهر (في تسلسل الخلق) بعد ظهور النباتات التي تستعمل الطاقة الشمسية.. الخ


لكن هذا لا يعني ربما خطأ تلك الاسفار التي تتحدث عن تاريخ اليهود القدامى و جغرافية الاماكن التي مروا منها عبر التاريخ أو أسفار الحكمة والشعر و المزامير كإنتاجات أدبية تميز ثقافة اليهود ككل المجموعات البشرية المتواجدة على الارض .لان المجال الذي تحدثنا عنه اعلاه هو المجال العلمي الحديث و معطياته و ليس المجال الادبي ..


كما أن الفكرة المركزية التي تجعل لوجود الكون و وجودنا سببا منطقيا ليست خاطئة من منظورنا..لأن مبدأ السببية هو مبدأ علمي حديث ..principe de causalité.


فالمادة غير العاقلة التي هي مادة الكون لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها دون تدخل شخص عاقل ذي جوهر غير مادي و كافتراض فلسفي و منطقي أوجدها طالما أن الوعي بالوجود و العقل هما صفتان حقيقيتان و موجودتان أيضا كأحداث ملموسة عند البشر نحن نعقلها ..


و لأن التطور البيولوجي حقيقة علمية لا غبار عليها فهذا لا يعني خطأ فكرة الكتاب المقدس المركزية التي تحدثنا عنها أعلاه أي التي تجعل من شخص عاقل أو أشخاص كتفسير منطقي حسب فهم اليهود القدامى لوجود الكون والمادة لأن اسم إيلوهيم الذي يبدأ به الكتاب المقدس في أول عدد له و هو" في البدء خلق إيلوهيم السماوات و الأرض" هو إسم جمع إله و ليس إلاها واحدا .فتوحيد الإله في الكتاب المقدس لم يأت إلا بالتدريج بعد إحتلال الفرس لأراضي اليهود في إسرائيل الحالية أرجع اليهود تحقيقه كواقع لإله الفرس. و قالوا ان نفس إله الفرس هو إلهنا..و لذلك نجد أسماء كثيرة لآلهة متعددة في بدايته منها: يهوه ، أدوناي ، رب الجنود إلخ..و هذا موضوع آخر..


لكن البروفيسور أناتولي كليسوف يريد أن يقول لنا بما أن الكتاب المقدس يتحدث عن خلق الانسان بطريقة مباشرة من التراب و هذا يناقض نظرية التطورالبيولوجي لوجود الانسان فإذن الإله غير موجود ..هذا يشبه ذلك المثل المغربي الذي يقول "إذا سقطت الصومعة علقوا الحلاق" ..


فإذا رفض البروفيسور فكرة وجود شخص عاقل غير مادي أوجد المادة و هو سببها فله ذلك .لكن ليحدثنا عن سبب وجود الكون و سبب البيغ بانغ أي سبب ذلك الانفجار العظيم الذي أدى لتكوين المادة الكونية بكل ما فيها ..


فهل مبدأ السببية العلمي الذي يقول انه لكل ظاهرة سبب او اسباب معقولة تعطل حينما تعلق الامر بنقطة انطلاق تكوين الكون والمادة؟؟


يمكننا القول ببساطة كما قلنا منذ البداية أن الكتاب المقدس الذي يتحدث عن الله بصيغة الغائب و اذن هو كلام عن الله أي كلام بشري يخطئ و يصيب .لكنه لا ينفي وجود سبب منطقي لوجود الكون و يُرجعه لشخص او لاشخاص عاقلين حتى لو تعددوا ...


فهل يكون هذا الكتاب الذي تم انتاجه من طرف المثقفين اليهود القدامى في عصور الظلام العلمي على علاته التي ذكرنا بعضا منها أفضل منطقية في تفسير وجود الكون من البروفيسور أناتولي كليسوف الذي يعيش في عصر العلم الحديث والتكنولوجيا ؟


و خطأ الكتب المقدسة من الناحية العلمية في بعض النقاط لا يجب أن يقود منطقيا للإستنتاج بإستبعاد كلي


و اذن فلا يجب طرح السؤال هل كان هناك خلق أم تطور للانسان للاستنتاج أن التطور البيولوجي ينفي إفتراض وجود موجد للكون إعتمادا على إثبات خطأ معطيات الكتب المقدسة .هذا الطرح خاطئ في رأيي.و هو فوق ذالك مغالطة حقيقية للرأي العام ...Un faux problème jeté à l’opinion publique




..فالتطور البيولوجي يتحدث فقط عن تاريخ الحياة الذي لا يتعدى 3 ملايير و مائتي مليون سنة هي تقريبا الخمس من عمر الكون ..بينما إفتراض وجود موجد للكون كشخص عاقل يتعدى نظرية التطور البيولوجي لوجود الكون برمته و ليس وجودنا نحن فقط و الذي يعود ل 13.8 مليار سنة تقريبا.فهذا الافتراض يعتمد على مبدأ علمي أساسي هو مبدأ السببية لتفسير ظاهرة البيغ بانغ أي الانفجار العظيم ...


إن صحة النظريات العلمية مثل النظرية الخلوية و نظرية التطور البيولوجي و غير ذلك التي تكشف أصل الإنسان لا تنفي إفتراض وجود شخص عاقل ذي جوهر غير مادي أوجد الكون كافتراض فلسفي عقلاني و ليس علمي في انتظار تقدم العلم الحديث ليثبت تفاهة افكارنا و اعتقاداتنا الحالية ربما حسب ما يتوقع البروفيسور أناتولي كليسوف ...

و لقد قلنا فرضية فلسفية عقلانية لأن البروفيسور يقول أن هذا الافتراض لا يمكن إثباته .لكنه لم يضف كلمة "حاليا" في إشارة لإمكانية تقدم وسائل الرصد و الملاحظة العلمية و تحقيق معرفة ما بهذا الخصوص.لأنه قبل إكتشاف المايكروسكوب و قبل باستور و تجاربه لم يكن معروفا أن سبب الأمراض هي المايكروبات .فهل قبل ذلك الإكتشاف أي في غياب الدليل العلمي الحديث يمكن القول أن المايكروبات لم تكن موجودة ؟؟



أما لماذا جاء البرنامج التلفزي في هذا الوقت بالذات الذي تخوض فيه روسيا حربا ضد الإرهاب في سوريا و القناة الفضائية روسية فربما هي دعوة من البروفيسور لأصحاب الكتب المقدسة (و خاصة الكتاب المقدس اليهودي الذي قلنا أعلاه أنه توجد رواياته في الكتب الأخرى) ، للتحلي بالشجاعة و إعلان إفلاسها العلمي وفقا لمعطيات العلم الحديث لقطع الطريق على الاساس الذي ينبني عليه الارهاب ..

ربما ..


مع تحياتي الخالصة ..


ملحوظة : في إتحاد الربوبيين الناطقين بالعربية نحن لا نعتقد أن هناك خلق للكون أو للإنسان بمعنى إيجاد من العدم و إنما نعتقد في تكوين هذه الظواهر المستمر إلى ما لا نهاية .


فالكون بالنسبة لنا يتأرجح بين زمن معين للتمدد يبدأ بال big bang ثم يكبر حجمه و يتوسع إلى حدود معينة ثم يليه زمن للتقلص big crunch حتى يصير صغيرا جدا بحجم قبضة اليد و كثافته و الضغط الذي فيه و حرارته كبيرة جدا .آنذاك يحدث بيغ بانغ جديد بينهما ملايير السنين و هكذا إلى ما لا نهاية .. الكون الحالي بالنسبة لنا هو في مرحلة معينة من مراحل دورته بعد أحد البيغ بانغات big bangs (plural)


و بالنسبة للإنسان يحدث نفس الشيء تكوين عام من كائنات حية سابقة الوجود عن طريق التطور البيولوجي المستمرخلال ملايير السنين( تكوين طويل الأمد) يوجد الآن عند مستوى الحيوانات الثديية ...و في رحم الانثى الثديية حاليا يتكون الجنين (تكوين أو نمو قصير الأمد ) بإخصاب الحيوان المنوي الذكري للبويضة الانثوية (أي إتحادهما) .الحيوان المنوي والبويضة هي كائنات حية سابقة الوجود ...و اذن فالانسان لا يأتي من العدم حسب النظرية الخلوية التي هي حقيقة علمية..


بعد كل بيغ بانغ تحدث نفس الظواهر حسب إعتقادنا ....


رابط فيديو الحوار : ما دوناه أعلاه ابتداء من (الدقيقة 11 و 8 ثوان حتى الدقيقة 15)
https://www.youtube.com/watch?v=haWi9IaMwC0





#كمال_آيت_بن_يوبا (هاشتاغ)       Kamal_Ait_Ben_Yuba#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب الزيادة في الأجور يجب ان تشمل الجميع
- خطير تفكيك خلايا إرهابية بالمغرب آخرها اليوم 23 أبريل
- في التضامن المغربي مع سريلانكا و فرنسا
- من حق اليهود في المغرب التمتع بالمواطنة الكاملة
- جمع بداية الآذان مع الغناء عند أم كلثوم
- الجزائر من شرعية السلاح إلى الشرعية الديموقراطية أو إلى إشاع ...
- المغرب الثورة الثقافية مقصودة في حد ذاتها وليس سواها
- جمع الآذان بالموسيقى في المغرب لم يُفهم فقط
- هل لأردوغان علاقة بحادث إطلاق النار في هولندا ؟
- غضب جمعية -نساء المغرب- لإقصاء نساء من مناصب عليا
- سابقة: السكك المغربية تحتفي بالسيدات 8 مارس القادم ONCF
- تدليس و تزييف يجعل الجاحظ قال بالتطور قبل داروين ب1000 عام
- قبل 8 مارس سيدة أعمال مغربية تتبرع لبناء مدارس
- الفرنسية أحسن من العربية لتدريس العلوم بالمغرب
- ما جدوى رئاسيات الجزائر حتى دون رفض الشعب ؟
- المغاربة يستحقون الحرية
- التنوع والاختلاف الطبيعي إرادة إلهية
- دفن الأمازيغية من طرف الأمازيغ أنفسهم
- حول نفي سحب سفير المغرب من السعودية
- إنسحاب المغرب من اليمن ضربة لسياسة الرياض الفاشلة


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال آيت بن يوبا - خلق أم تطور حسب البروفيسور الروسي أناتولي كليسوف ؟ Creation´-or-Evolution according to russian Anatoli klissov