|
عام البورصات الناشئة..ليس بالاسواق المالية وحدها يحيا الاقتصاد
غسان عبد الهادى ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1536 - 2006 / 4 / 30 - 10:07
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تتوقع مؤسسة التمويل الدولية -IFC-ان يكون هذا العام عاماً قياسياً فى تحرك البورصات الناشئة، اذ ستتجاوز رساميلها 5 تريليون دولار أميركى للمرة الأولي. كما تتوقع أن يتراوح معدل النمو الاقتصادى فى الدول النامية بين 5.5 و5.9 بالمئة فى نهاية هذا العام، بالاضافة الى تدفق رأس المال الخاص إلى الدول النامية بمقدار يتجاوز 350 مليار دولار أميركى بما يزيد على أربعة أضعاف حجم المساعدات الدولية المقدمة للدول الفقيرة. ويؤكد لارس ثانيل نائب الرئيس التنفيذى للمؤسسة عدة توجهات اقتصادية تميز هذا العام وهى تتمثل في: - معدلات نمو الاقتصاد الشامل فى الدول النامية تواصل فى أن تكون حوالى ضعف مثيلاتها فى الدول المتقدمة. - تدفقات رأس المال عبر الحدود إلى الأسواق الناشئة - فى صورة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتدفقات رأس المال السهمى وإقراض البنوك التجارية - تقترب من المستويات القياسية التى رأيناها آخر مرة منذ عشر سنوات. - صناديق رأس المال السهمى فى الأسواق الناشئة كانت تورد تدفقات قياسية للداخل، كما أنه من المتوقع أن ترفع الفوائد المتزايدة للمستثمرين المؤسساتيين رسملة أسواق الأسهم المالية إلى ما يزيد على 5 تريليون دولار أميركى وذلك للمرة الأولى فى التاريخ. - نطاق الصناديق المشتركة لاستثمار الأموال فى الأسواق الناشئة، سواء تم قياسه بواسطة الموجودات أو كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى للأسواق الناشئة، أصبح الآن أكثر من ضعف المستويات التى رأيناها فى عام 1997. وتحث المؤشرات الايجابية والتوقعات على التفاؤل لما سيظهر من تحسنات على البورصات الناشئة واقتصاديات دولها، لكن اذا ما نظرنا الى بورصات الدول الخليجية التى تعتبر من البوصات الناشئة -او ما قبل الناشئة- سنلاحظ انها ستكون محرومة هذا العام من هذه التوقعات الايجابية، والسبب يعود الى ان قيمتها تضخمت خلال السنوات الثلاث الماضية اضعافا مضاعفة عن قيمتها الحقيقية. ويُعتقد ان ما شهدته بورصات الخليج من انخفاضات وخسائر ليست الا البداية فمشوار الانحدار ما يزال طويلا، الى حين تستقر الأسعار على معدلات أكثر واقعية قياسا بقيمة الأصول والموجودات والأرباح الفعلية. وكما ان الازمة التى اثارتها مسيرة التصحيح فى الاسعار ليست الا زويبعة بسيطة لم تتجاوز 12% من قيمة مؤشر البورصة، فمسار التصحيح قد يتطلب فى بعض البورصات الخليجية انخفاضا يتجاوز 50% من قيمة المؤشر نظراً لكونه يعكس اسعار مضاربات لا القيمة الحقيقية كامثالها من بورصات جنوب شرق آسيا وامريكا اللاتينية التى ستنعم بارقام قياسية لرساميلها ومؤشراتها نتيجة نموها التدريجى فضلا عن شفافيتها ومصداقية البيانات التى تدلى بها الشركات المسجلة فيها. ولكن هذا لا يعنى ان الدول النامية ذات البورصات الناشئة الناجحة صارت فى وضع خال من المصاعب. فالتحسنات فى أداء اسواقها المالية لا يعكس بشكل تام تحسنات كبيرة فى اقتصادياتها. ولا تزال تلك الاقتصاديات هشة وتعانى ما تعانيه من الازمات المتنوعة من فقر ومشاكل تنمية تهدد مستقبلها ومستقبل الاجيال القادمة. وتتمثل مجموعة من التحديات التى تواجه تلك الدول فى استقرار الاقتصاد الشامل والإدارة الرشيدة للشركات والقضايا البيئية والاجتماعية، وهذا ما يؤكد عليه لارس ثانيل فى تقرير المؤسسة بالقول: "أن الأسواق الناشئة كمجموعة -تصنيفية بحد ذاتها- أثبتت أنها بإمكانها الاحتفاظ بالنمو العالى واجتذاب رأس المال. ولكن النمو متفاوت، ويوجد جدول أعمال ضخم لم يتم إنهاؤه، لابد من اخذه فى عين الاعتبار كتحديات توجه اقتصادياتهم". فليس بالبورصات وحدها يحيا الاقتصاد، والتوقعات الايجابية لبورصات تلك الدول لا تدعو الى اعتبار ان مشاكل التنمية قد اشرفت على الانتهاء وان مبادئ الالفية التى نادت بها الامم المتحدة ستكون موضع التطبيق والكمال وفق البرامج التى رسمت لها، فمجتمع التنمية فى الدول النامية بحاجة للقيام بعمل أفضل لاستخدام الحلول المناسبة لظروفها المحلية لتقليل الفقر ومعالجة الاحتياجات الاجتماعية والحفاظ على البيئة الاجتماعية وطبقاتها وتحديداً الطبقة الوسطة. وما تحتاجه تلك الدول يتمثل فى تعزيز استقرار الأسواق الرأسمالية والتدفقات فى العالم النامى عن طريق تقوية المؤسسات المالية المحلية وتعميق أسواق العملات الوطنية. كما نحتاج لتحسين الإدارة الرشيدة للشركات، حتى يتسنى للمزيد من الشركات الناجحة التى تخلق وظائف أن تصل لرأس المال فى الاقتصاد الدولي. ويقول ثانيل "إن المزيد من منظمات التنمية والمساعدات الدولية -مثل البنوك والمؤسسات متعددة الأطراف والجمعيات التى لا تهدف للربح- تنظر الآن لتبنى نهجاً استثمارياً للتنمية. وهى تسأل كيف يمكنها تطويع قوة رأس المال الخاص والمشاريع الحرة وتنظيم المشاريع الاجتماعية لتحقيق التغير المطلوب. وذلك هو المجال الذى تستطيع فيه مؤسسة التمويل الدولية، أن تقوم بدور أكبر". والواقع، فان رقم النمو الذى يدعو الى التفاؤل يخفى إمكانات هامة غير مستغلة. ويتراوح حجم الأنشطة الاقتصادية فى -الاقتصاد غير الرسمى فى العالم النامي" بين 40 على 80 بالمئة، -اى بين 40 على 80 بالمئة لا يتم الإبلاغ عنها أو تنظيمها أو دفع ضرائب لها-. وتُظْهِر الأبحاث الاقتصادية التى تعدها المؤسسات والمنظمات الدولية أن الإجراءات الروتينية وتأخيرات معالجة الطلبات تمثل عائقاً كبيراً فى خلق الوظائف والنمو الاقتصادى فى الاقتصاد الرسمى فى العديد من الدول النامية. ففى بعض الدول مثل البرازيل وإندونيسيا وموزمبيق، فإن مجرد التسجيل لدى الحكومة لافتتاح شركة ما يستغرق أكثر من 150 يوماً - أكثر من عشرة أضعاف الوقت المستغرق فى الاقتصادات المتقدمة. ويقول أنطون فان أغتمل رئيس ومؤسس إدارة الأسواق الناشئة "حين كنت فى مؤسسة التمويل الدولية وقمت بالتوصل لمصطلح الأسواق الناشئة فى عام 1981، لم تكن توجد استثمارات حافظة أجنبية فى الأسواق الناشئة. وقد كانت الفكرة تتمثل فى إعطاء اسم يرفع من شأن ما أسميناه فى الأصل -صندوق العالم الثالث". واليوم، ثمة إمكانات ضخمة فى القطاع الخاص فى هذه الدول، سواء كنت مستثمراً فى الأسواق أو مؤسسة تنمية تتطلع لتقليل الفقر".
دور مؤسسة التمويل
وتقوم مؤسسة التمويل بدور قيادى فى تعميق الأسواق الرأسمالية وتنويعها فى الدول النامية عن طريق طرح سندات بالعملة المحلية، وإعداد الأوراق المالية القابلة للتسويق وتوفير المشتقات مثل الضمانات الائتمانية الجزئية. حيث يسمح التمويل طويل الأجل بالعملة المحلية للشركات فى الأسواق الناشئة بأن تمول نموها دون تحمل مخاطر العملة المصاحبة للتمويل الذى يهيمن عليه الدولار. كل ذلك من أجل تشجيع النمو وتعزيز المزيد من الاستقرار فى الأسواق الناشئة. ففى العام قبل الماضى كانت المؤسسة أول جهة متعددة الأطراف تُصْدِر السند المُسمى -باندا- فى الصين، وهو إصدار سندات بقيمة 1.13 مليار رينمينبى -العملة الصينية- -140 مليون دولار أميركي- فى السوق المحلية غير الحكومية فى الصين. وقد مثل الإصدار أول فتح لسوق السندات بالعملة المحلية فى الصين أمام المؤسسات المالية الدولية. كما أكملت مؤسسة التمويل الدولية أول إعداد للأوراق المالية القابلة للتسويق لمدفوعات تعليم الطلاب فى تشيلي، وهى عملية بقيمة 23 مليون دولار أميركى للالتحاق بجامعة دييغو، وأمدت الجامعة بضمان ائتمانى جزئى بمبلغ 6.9 مليون دولار أميركي. وما يزيد على ثلث حافظة المؤسسة مخصص لتقوية وتنويع القطاع المالى - البنوك وشركات الاستئجار وشركات الرهن العقارى - فى الدول النامية. وفى العام الماضي، ساهمت المؤسسة فى توسيع الإسكان لمحدودى الدخل بأسعار معقولة فى المكسيك عن طريق تقديم ما يزيد على 110 مليون دولار أميركى فى صورة تمويل لدعم عمليات الرهن العقارى التى تقوم بها. كما تقدم المؤسسة المساعدة الفنية لما يزيد على 125 مشروع أسواق مالية فى ما يزيد على 60 دولة نامية. اما من أجل تحسين الإدارة الرشيدة للشركات، فتعمل مؤسسة التمويل الدولية بصورة مباشرة مع شركات العملاء مما يزيد على 80 دولة نامية حول ممارساتها العامة وحقوق المساهمين وبيئة المراقبة الداخلية والشفافية والكشف. ومثل هذه الإصلاحات تؤدى إلى زيادة قيمة حامل الأسهم وتقليل تكاليف رأس المال وتحسين الأداء طويل الأجل. كما استثمرت مؤسسة التمويل الدولية أسهم رأس مال بصورة مباشرة فى حوالى 670 شركة فى الأسواق الناشئة، وقد ساعدت الكثير من الشركات الناجحة على النمو لتصبح شركات إقليمية أو عالمية ممتازة مؤثرة فى عالم اليوم. كما تؤكد المؤسسة بوصفها حامل أسهم أقلية على أهمية الإدارة الرشيدة للشركات، وقد كانت نشطة فى العديد من مجالس إدارات الشركات لتحسين معايير الإدارة الرشيدة. وتقول هايدى سلايا مديرة صناديق أسهم رأس المال الخاصة والاستثمار أن "تجربة المؤسسة قد أوضحت أن الشركات التى يمكن أن تنمو لتصبح شركات إقليمية أو إقليمية مؤثرة وجذابة، والتى تشتغل وفقاً لمعايير إدارة رشيدة ممتازة للشركات، هى شركات مرشحة ممتازة للحصول على استثمار فى رأس المال الأسهم، ما يؤدى إلى تحقيق أرباح وإحداث أثر تنمية قوى على حد سواء".
#غسان_عبد_الهادى_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النفط.. نقمة فى نعمة
-
هناك أمل... -نوعا ما-... التجارة العربية البينية تتطلع لمستق
...
-
...إذا نضب النفط
-
هل سنموت عطشاً؟.. نعم
-
-انفلونزا الطيور- وباء أخطر من -الأيدز-
-
الاستثمارات الأجنبية.. خير نرجوه وشر نتّقيه
-
مستقبل النفط.. مشرق ومظلم
-
الهجرة في الداخل والعوائد الى الخارج
-
تكنولوجيا المعلومات بلسان أهلها
-
النفط في طريقه إلى النضوب.. فما انتم فاعلون
-
دولار ضعيف لاحكام الهيمنة على النظام المالي العالمي
-
البنك الدولي: العدالة هي الحل الوحيد للقضاء على الفقر
-
غناكم سبب فقرنا
-
التدخل الانساني ظاهرة غير انسانية
-
كالعادة، العالم العربى يحتل المراتب الاخيرة فى تسهيل الاستثم
...
-
متى تتحرر الدول النفطية من عقد الارتباط بالدولار؟
-
الطاقة البديلة تستبق زمن اللا نفط
-
لا يمكن تقليص الفقر في العالم بدون حقوق المرأة العاملة
-
لا سوق عربية مشتركة .. حتى على الانترنت
-
التجارة الحرة .. الأمل الأخير لتحسين العلاقات العربية وفق من
...
المزيد.....
-
هل يجب إرغام الاقتصاد السويسري على احترام حدود الطبيعة؟
-
رئيس مؤسسة النفط الليبية: نركز على تعزيز الإنتاج والشفافية
-
الاقتصاد السوري بين متطلبات بناء الدولة وطموح المطالب الشعبي
...
-
الهند تلغي الضرائب على واردات العديد من المكونات الإلكترونية
...
-
ثلاث دول في الاتحاد الأوروبي تفشل لأول مرة في تحقيق أهداف مل
...
-
ضمن حربه على التزوير.. العراق يعزز أمن عملته
-
خبير ألماني يكشف عن المستفيد من ضعف اقتصاد بلاده
-
-الله أكبر! ما هذا؟-.. شاهد رد فعل رجل شاهد لحظة انفجار طائر
...
-
خبير يكشف دوافع ترامب في تهديد كندا والمكسيك بالرسوم الجمركي
...
-
تحطم طائرة قرب مركز تسوق في فيلادلفيا.. وكاميرا جرس الباب تو
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|