|
مدرسون عرب يعملون داخل أتون العنصرية
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6210 - 2019 / 4 / 24 - 14:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مدرّسون عرب يعملون داخل أتون العنصرية
اعتدنا أن نسمع ونتعايش مع وجود معلمون يهود يعملون في المدارس العربية ، وقد بدأت هذه الظاهرة في السنوات الخمسين والستين من القرن الماضي ، حيث تواجد العشرات من المعلمين اليهود كانوا يدرّسون في العديد من القرى والمدن العربية ، خاصة في قرى المثلث – الطيرة ، الطيبة ، جلجولية ، كفر قاسم ، ومدينة يافا ، غالبية هؤلاء من اليهود الذين قدموا من العراق وبعضهم من يهود مصر . كان الحكم العسكري هو المسؤول الأول عن هؤلاء المعلمين ، إضافة إلى القسم العربي في وزارة المعارف ، ومنهم من عمل في مهنة التفتيش كما شاركوا في كتابة مناهج التدريس للمدارس العربية ، وكانت هذه المناهج موجهة من قبل أجهزة المخابرات ، هدفها اسرلة الطلاب العرب والعمل على انتزاع هويتهم الوطنية والقومية . لقد أجبر الطلاب العرب على استخدام كتب التاريخ المزيفة ، ففي كتب الموطن تم استبدال أسماء الأماكن والأنهار والجبال بأسماء عبرية ملفقة ، بدلا من الأسماء العربية ، وكذلك في كتب التاريخ ، فقد تم تزييف الأحداث وربطها بتاريخ اليهود ، مثلاً فيما يتعلق بموضوع فتوح الشام ، كما ورد في كتاب الواقدي أو الأزدي ، أو أبن حبيش ، ورد في الكتاب المخصص للمدارس العربية جملاً كانت غريبة وغير مقبولة على المدرسين والطلاب مثل : قامت الجيوش العربية الإسلامية بغزو إسرائيل ، بدلا من فلسطين وذكر أيضاً فتح أورشليم بدلاً من فتح بيت المقدس . لم يستخدم الحكم العسكري ووزارة المعارف هؤلاء المعلمين خدمة ومحبة في المواطنين العرب ، بل استخدموا لسببين : الأول توفير أماكن عمل لهم كي يعتاشوا منه ، فلم يجدوا سوى المدارس العربية ، تم تعينهم رغم أن معظمهم لم يعملوا في مهنة التدريس قبل هجرتهم الى فلسطين ،وقد اتضح ذلك من تدني مستواهم العلمي ، أما السبب الثاني لاستيعابهم في المؤسسات التعليمية العربية والأهم هو : تطبيق سياسة تجهيل الطلاب العرب لبقائهم حطابين وسقائين كما أرادهم العنصري " لوبراني " . لقد استغل الحكم العسكري والأجهزة الأمنية هذه الشريحة البائسة من المعلمين اليهود وحول بعضهم إلى مخبرين لمعرفة ماذا يدور في المدارس العربية ، كما كانوا أول المشجعين والمتطوعين على المشاركة بإحياء ذكرى يوم الاستقلال ، عندما كانت وزارة المعارف تجبر مدارسنا إحياء هذه الذكرى بالاحتفالات وإقامة المهرجانات الرياضية والغنائية . لقد تنفست مدارسنا الصعداء بانتهاء وجود هؤلاء المعلمين ، بفضل خروجهم الى التقاعد ، وللأسف نقول بأنهم لم يتركوا أية بصمة إيجابية في المدارس التي عملوا بها ، الابتدائية منها والثانوية ، لم يحاولوا إقامة علاقات ودية أو تربوية مع المواطنين أو مع طلابهم في القرى والمدن التي عملوا فيها ، ، لم يعد أحداً يذكرهم إلا من خلال دورهم في تجهيل الطلاب ، خاصة في مدينة يافا وكفر قاسم وغيرها . بعد وقف العمل بالحكم العسكري أزيلت الكثير من الحواجز التي كانت تحول بين التحاق الطلاب العرب بمعاهد المعلمين التي كانت متوفرة ، أو بالجامعات الإسرائيلية، أو في الخارج ، كما تم فتح أكثر من معهد عربي للمعلمين ، هذا وغيره ساعد على تخريج المئات من المعلمين العرب في سنوات السبعين والثمانين من القرن الماضي، فملأوا الفراغ الذي كانت تعاني منه المدارس العربية ، وأسسوا قاعدة صلبة للتعليم في النقب . اليوم أنعكست الآية ، فقد اضطرت عشرات المدارس اليهودية الى طلب عدداً من المعلمين العرب التدريس فيها ، باعتراف وزارة المعارف ، وقد أقيمت جمعية تحمل اسم " مرحابيم " مهمتها المساعدة في توفير المعلمين للمدارس اليهودية ، وحسب المعطيات التي نشرتها وزارة المعارف فإن عدد المعلمين العرب الذين يعلمون في المدارس اليهودية آخذاً بالتصاعد ، مثلاً في سنة 2014 عمل 465 معلماً عربياً ، وفي سنة 2015 زاد هذا العدد ووصل الى 529 معلماً ، وفي سنة 2016 بلغ عدد المعلمين 588 ، وفي السنة الدراسية 2017 وصل العدد 694 ، وفي السنة الدراسية 2018 وصل العدد الى 805 وفي السنة الحالية يعمل في المدارس اليهودية 868 معلماً عربياً . وقد اعترفت صحيفة " هآرتس " في مقال نشرته في عددها الصادر يوم 31/3 / 2019 حول هذا الموضوع ، حيث كتبت : ان تشجيع وزارة المعارف ادخال معلمين عرب في المدارس اليهودية لا يعبر عن رغبة هذه الدولة أو الحكومة بتغيير سياستها العنصرية اتجاه المواطنين العرب ، وان هذه الخطوة الهامة والحساسة لا تهدف الى خلق أجواء من التعايش بين الشعبين ، السبب الوحيد لإدخال هؤلاء المعلمين يعود الى الحاجة لهم ولقدراتهم ، لأن المدارس اليهودية تعاني من نقص عدد المعلمين ، لأن المواطن اليهودي لا يضع هذه المهنة في مقدمة أولوياته ، فهو يبحث عن مهنة أكثر سهولة وربحاً ، وهي متوفرة له : في حين فهي غير متوفرة للمواطن العربي الاكاديمي. هذا هو السبب الذي دفع وزارة المعارف الموافقة على استيعاب عدداً من المعلمين العرب ، مع أن هذا العدد لا زال قليلاً جداً ، خاصة وأنه يوجد حوالي عشرة آلاف أكاديمي عربي عاطلين عن العمل ، ترفض مؤسسات الدولة استيعابهم ، هذا يعني أن مسألة التعايش غير واردة . لقد جرت محاولات كثيرة لايجاد قاعدة للتعايش ، قامت فيها أطر مختلفة مثل براعم السلام وغيرها ، وتجربة إقامة قرية واحة السلام ، لكن غالبية هذه المحاولات قد فشلت، لأن المواطن العربي فيها عليه أن يتنازل عن بعض الثوابت التي تهم شعبنا ، كما تمت محاولات في الماضي عن طريق الأحزاب الصهيونية ، فالعديد من هذه الأحزاب كانت تخصص لها أقسام خاصة للمواطنين العرب لدمجهم فيها ، مثل حزب مبام في الماضي ، وحزب مباي - العمل اليوم – أقام ما أسموه بالقسم العربي ، وكان يحلم بدمج المواطنين العرب في هذا الحزب ، دون أن يسأل نفسه ، كيف يمكن لمواطن عربي مستقيم واعٍ أن يندمج بحزب صهيوني ، ماذا يربطه بهذا الحزب فكرياً وتاريخياً؟ لا أحد يستطيع الأنكار بأن هناك حزباً واحداً يضم ين صفوفه عدداً من اليهود الذين يؤمنون بالتعايش الحقيقي ، ويعتبرون الحركة الصهيونية حركة عنصرية كولونيالية ، لا يمكن للتعاون معها ، هذا الحزب هو الحزب الشيوعي ، أعضاءه اليهود يدعمون قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، يرفضون الاحتلال ويطالبون بإخلاء جميع المستوطنات ، ويعارضون سياسة التمييز القومي ضد المواطنين العرب . هناك فرق كبير بين المعلمين العرب الذين يعملون حالياً في المدارس اليهودية وبين المعلمين اليهود الذين عملوا في مدارسنا في السنوات التي ورد ذكرها ، فقد اعترفت زارة المعارف ، بأن نصف المعلمين العرب الذين يعملون في المدارس اليهودية يدرّسون موضوع الرياضيات واللغة الإنكليزية ومواضيع علمية أخرى ، والنصف الآخر يدرّسون اللغة العربية . كما اعترفت هذه الوزارة بأن جميع المدارس التي يعمل بها معلمون عرب تشهد بقدراتهم العلمية ، ونجاحهم بالتعامل مع الطلاب اليهود ، وقد واجه هؤلاء المعلمين تحديات صعبة من قبل الطلاب لأن نظرة غالبية هؤلاء الطلاب اتجاه المواطنين العرب كافة نظرة سوداء سلبية ، وقد تلقنوا وعرفوا هذه النظرة داخل بيوتهم ومن الشارع ومن المؤسسات التي نشأوا فيها . أما بالنسبة لوجود مدرسين يهود في مدارس عربية في أيامنا هذه ، فقد ورد في آخر تقرير نشرته وزارة المعارف عن وجود حوالي 350 مدرساً يهودياً في المدارس العربية ، أحدهم يدعى " صافي بن تسفي " متدين يميني يعمل في مدينة وادي النسور في ام الفحم ، لقد اعترف بأنه تعلم في أم الفحم معنى التسامح والأخلاق الحميدة والالتزام واحترام القوميات والديانات الأخرى ، وأنه ينصح زملاءه من اليهود المرور في هذه التجربة الاستثنائية .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل ابعاد نتنياهو عن السلطة يجب تغيير الشعب
-
المستعرب الياهو ساسون 2
-
المستعرب الياهو ساسون
-
في كل صراع دامي هناك أصابع اسرائيلية
-
وداعا ماما تسيبورا
-
سياسة العنصرية غب اسرائيل = استشهاد المزيد من الطلاب العرب ف
...
-
صراخ في فضاء الانتخابات
-
لكل حزب صهيوني جديد رقصة عنصرية
-
عندما كانت مصر قبلة العرب الوطنية والسياسية
-
القائمة المشتركة خيار استراتيجي وليس مزاج انتخابي
-
مقاهي بغداد للأدب والسياسة
-
مقاهي دمشق بين السياسة والفن
-
مقاهي القاهرة - منابر سياسية ومدارس أدب
-
في امتحان حيفا إما يُكرم الفلسطيني أو يهان
-
الميتادور نتنياهو يلوح للثور ترامب
-
مواسم أعراس التطبيع
-
أنا جاسوس إذن أنا موجود
-
مقاومة الاحتلال فرض عين وليس فرض كفاية
-
لسان محمد بن سلمان القصير في زمن لسان ترامب الطويل
-
سوق عكاظ في الأمم المتحدة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|