|
الإرهاب في عيد القيامة
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 18:20
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لم يفوت المجرمين عيد القيامة عيد الفصح ، من غير أن يستحلوا الدم الحرام في اليوم الحرام في البيت الحرام ، التي أذن الله فيه أن يُرفع أسمه ، وكما في كل مرة كانت سريلانكا هي الضحية هذه المرة ، وكان شعبها المسكين هو القربان ، وكان الرهبان والأباء المكرمين هم رسل السلام ضحايا العنف والكراهية والحقد والمؤامرات التي تُحاك في الليالي والغرف المظلمة .
وإننا إذ نشاطر أهل سريلانكا الشعب والدولة العزاء ، ونشاطر شرفاء العالم الشجب والإستنكار والدعوة لإخماد روح الفتنة ومُشعليها ، يحدونا أمل واقعي أن تنتهي هذه الموجة التي يروح ضحيتها أبرياء ومسالمين ومدنيين وعزل ، نتمنى كغيرنا أن تزول المسببات والصنائع التي تفتك بالآمنيين من بني البشر ، وسنضم صوتنا لقداسة البابا وهو يدعوا للنظر بعين الرعاية لجيل العباد والمصلين وطالبي العفو والرجاء من المؤمنيين والموحدين .
إن الشر والجريمة والقائمين عليهما سوف لن يألوا جهداً في متابعة دربهم الأسود ، ومن هنا يجب بل يلزم على كافة الأحرار والشعوب والدول الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه نزع روح الحياة والأخاء من بين بني البشر ، ونحن إذ نؤكد من جانبنا على تدعيم ثقافة التسامح والعيش المشترك ، والإبتعاد عن الدعاوى المزعومة والكراهية البغيضة والشعور بالدونية ، وهذه تحتاج لعمل وجهد دولي ومجتمعي رصين وثابت من جميع المؤوسسات والفئات وذوي النوايا الحسنة .
إن إشاعة روح التعايش في ظل الإنسانية الواحدة مطلب مقدس في ذاته ، كما يجب السعي إليه ودعوة الجميع للتعاون في جعله هو الحقيقة الغالبة ، خاصة في ظل غياب وازع الدين والأخلاق .
إن تدعيم ونصرة القوى المحبة للسلام والتسامح والعيش المشترك ، والأخاء و التوجه الإنساني النبيل مطلب شديد الأهمية ، لأنه القادر بفعل ما لديه من إرادة على صنع المجتمع والإنسان الجديد ، ولن يكون ذلك ممكناً مع ترك الذئاب الشاردة تسرح وتمرح ، وتلتهم ضحاياها في المناطق الرخوة من العالم ، ولم يعد مسموحاً عدم التعاون واللامبالات الأمنية والمخابراتية الدولية ، ولم يعد مسموحاً إنتظار الفاجعة إلى حين وقوعها ثم الإبلاغ عنها ، لأن ذلك ليس من قيم الدول والشعوب المتحضرة والمنادية بالحقوق البشرية والإنسانية .
ليس من المروءة التغافل عن الإرهاب من أجل أهداف ثانوية ، و في محلات وأمكان ثانية ، وليس مقبولاً النظر من الزاوية الأخرى في إشهار الجريمة حسب ما يقع من أعداد من الضحايا ، لكي يستخدم ذلك في شؤون أخرى ولغايات أخرى .
إن سريلانكا ليس بقادرة على التصدي لهذه الموجات البربرية من الإرهاب والفزع الأكبر ، كما وليس بمقدور دول شرق آسيا الأخرى تحمل ذلك أو تحمل تبعات التخطيط الفاسد لبعض المتصيدين في المياه العكره .
إن جريمة سريلانكا بكل ما تحمل من عنف وحقد وضحايا كُثر ، تدلنا إلى أهمية بناء عالم جديد خالي من الأيديولوجيات المزيفة والدين الفاسد وشبكات العمل السرية العدوانية ، ولن يتسنى ذلك إلاَّ من خلال بناء مجتمعات رصينة غير محتاجة ولا ضعيفة ، وإذا كانت الحاجة هي الدافع لكي يرتكب المحتاج جرائم بهذا الحجم ، إذن فالذنب لا يجب أن يقع على فئة بعينها أو دين بعينه أو جماعة بعينها ، بل هو ذنب مشترك لتلك العصابات والقوى الهدامة والتي تعمل بالخفاء .
إننا نقف مع عوائل الضحايا نشد على أيديهم ، وندعوا لهم الصبر والعزاء ، ونستنكر فعل الجبناء ومثيري الفتن والشغب ، ونحمل الدول ذات السيادة ما حصل لعدم الجدية في التعاون مع دول محتاجة وضعيفة ، ونحن جميعاً متحدين مع شعب وحكومة سريلانكا على أمل أن تتجاوز هذه الجريمة بروح التسامح والأمل بالمستقبل ..
راغب الركابي
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هزيمة المسلمين
-
وهم العقل الإسلامي
-
عيد النوروز
-
صحيح البخاري
-
بمناسبة الحكم الصادر على قتلة الشهيد حسن شحاته
-
الزواج المدني
-
رسالة مفتوحة إلى الأخ الرئيس برهم صالح رئيس الجمهورية
-
داعش تعود من جديد
-
أمُنيات 2019
-
الدولة الفاسدة
-
تظاهرات في فرنسا
-
لإحتفال الدولي بنهاية الحرب العالمية الأولى
-
العلاقة بين الفكر والسلطة
-
القوي الأمين
-
القانون المخروم
-
زمن التوافه
-
مقابر المسلمين
-
الحكومة العتيدة
-
رسالة مفتوحة منا للأخ السيد مقتدى الصدر
-
أوهام الإنتخابات
المزيد.....
-
العراق.. تبرئة ضابط أدين بقتل متظاهرين في -مجزرة جسر الزيتون
...
-
لا سبيل لمواجهة السياسات اللاشعبية سوى بالمزيد من تنظيم وتقو
...
-
الجبهة الشعبية: تتوجه بالتحية إلى المقاومة والشعب اللبناني
...
-
الدفاع التركية: تحييد عنصرين من حزب العمال الكردستاني شمال س
...
-
أكاديمي أميركي: وصف ترامب لهاريس بأنها شيوعية يظهر قلقه الوا
...
-
تجديد حبس للصحفي ياسر أبو العلا 15 يوم.. وممدوح والخطيب أمام
...
-
أحزاب يسارية تدشّن الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية تحت شعا
...
-
حبس 15 يوم لمعتقلي “بانر فلسطين”
-
افتتاحية: للجفاف أسباب اجتماعية وطبقية
-
الغارديان: المحافظون صنعوا مستنقعا معاديا للإسلام لكن حزب ال
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|