|
مسيرة الرباط الثانية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 13:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثلاث مسيرات نظمت لإطلاق سراح معتقلي الريف ، وأؤكد فقط معتقلي الريف ، دون غيرهم من المعتقلين الآخرين ، كإدريس بوطرادة الملقب بولد العكاري ، ومعتقلي مدينة جرادة ، ولبداحي ، والعشرات الموجودين بالسجون . الرباط عرفت مسيرتين ، والدارالبيضاء مسيرة واحدة ، ورغم ذلك فالنظام لا ولن يركع ، ولا ولن يستجيب ، ولن يطلق سراح احد ، مادامت تلك المسيرات حبلى بالتناقضات ، ومسيطر عليها فقط من جماعة العدل والإحسان التي تُكوّن الأكثرية العددية ، أي بدون الجماعة ، فان منظر المسيرة كان سيكون باهتا ، وهذا يذكرنا بحركة 20 فبراير التي كانت بالفعل حركة لجماعة العدل والإحسان ، التي استفادت منها في خدمة قاعدتها ، وفي تقديم صورتها كقوة يحسب لها حساب . لكن حين قضت وأشبعت وثرها ، انسحبت منها في غفلة فاجئت من راهنوا على شعاراتها التي كانت تكتيكية ، ولم تكن استراتيجية كعدم التمسك بتحديد سقف المطالب . فمسيرة الدارالبيضاء ومسيرة الرباط اليوم ، هي مسيرة لجماعة العدل والإحسان بامتياز ، دون غيرها من الأحزاب التي كانت في مستوى ضعفها البيّن ، الذي عرّى هشاشتها امام النظام الماسك بالحكم ، فلا اعتقد بعد هذا الظهور الباهت لهذه الأحزاب ، ان النظام سينصت لمطلبها بالملكية البرلمانية ، ضمن الخصوصية المغربية العلوية ، وليس الكونية . وكالحراك ، فمسيرة الرباط ، كانت في راياتها وشعاراتها ، عنصرية بامتياز ، و كانت إسلامية متناغمة مع الفكر الشيعي الرائج في كل الريف وفي الشمال ، وهو ما اطلق العنان للشكوك ، حول المغزى الأساسي من استغلال معاناة ، للوصول الى مرامي سياسية ، لا علاقة لها بموضوع المسيرة . ان رفع راية الفرنسي الصهيوني جاك بنيت ، في المسيرة باسم الشعب ، هو استغفال للعقول التي تجهل كون تلك الراية الصهيونية ، ترجع الى سنة 1972 ، حين طرحها بنيت كعامل لفصل البرابرة بكل اثنياتهم عن جغرافيتهم ، وعن عمقهم ، وزرع بدرة الفتنة العرقية المهددة لوحدة المغرب ارضا وشعبا . فالراية هي علامة للمشروع الصهيو – امبريالي الذي دمر العراق ، وسورية ، وليبيا ، واليمن ، وفصل جنوب السودان .... وينتظر اكمال التدمير بشمال افريقيا ، ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا ، التي اشتغلت عليه الإدارة الامريكية وإسرائيل في عهدة بوش الاب ، وبوش الابن .. لقد تعامل العديد من الأشخاص والتنظيمات مع المسيرة ، بمنطلقات ضيقة . فجماعة العدل والإحسان أظهرت انها صاحبة الشارع بدون منازع ، ورسالتها الموجهة للنظام ، إمّا انا او لا شيء . اما ظهور طاطا منيب وحزبها الباهت ، واخذ الصور مع أمهات المسجونين كأم الزفزافي ، كان الهدف منه التحضير للانتخابات القادمة ، خاصة وان الاستعدادات تجري على قدم وساق ، لميلاد حزب يضم حزب الطليعة ، والمؤتمر الاتحادي ، والحزب الاشتراكي الموحد ، استعدادا لانتخابات 2021 .. فالتعامل مع المسيرة كان انتهازيا مائة بالمائة . يلاحظ لأول مرة لم ترفع راية الجمهورية الريفية كما كان الامر في المسيرات السابقة ، وهذا لا يعني ان أصحاب الحراك قد تخلوا عن جمهوريتهم الموعودة ، بل كان نتيجة اشتراط لجماعة العدل والإحسان كي تنزل للمشاركة في المسيرة ، وخاصة ان نزول الجماعة بكثافة ، هو الذي اعطى للمسيرة بعض الشأن الذي سيتلاشى بمجرد عودة الريفيين الى الريف ، وانفضاض الجموع نحو اهتماماتها الخاصة . السؤال : هل بعد تنظيم هذا المسيرات ، سيرضخ النظام للشعارات التي رفعها الجموع اثناء المسيرة ؟ من يعتقد ان النظام سيلبي مطلب اطلاق السراح ، وفي هذا الوقت بالذات الذي يشعر فيه بنوع من غبطة الانتصار والقوة ، وان المغرب متوقف عليه لا على خصومه ، سيكون جاهلا بتفكير النظام ، كنظام يتباهى في تجسيد البتريركية الابوية ، والبتريمونيالية ، والاوليغارشية ، والكمبرادورية ، وممارسة الوصاية الإلهية على الرعايا الذين يسكنون ضيعته ، والمفروض فيهم الطاعة العمياء والولاء الاعمى . فما حصل من خرجات هنا وهناك ، اعتبره النظام خروجا عن المألوف المعتاد والغير المكتوب ، وخروجا عن التقاليد المرعية المحنطة بالأفكار البالية القروسطوية ، والخطير ان النظام اعتبره خروجا عن ابويته ووصايته الاثوقراطية والثيوقراطية ، التي تغضب الله رب العالمين ، وتغضب القرآن والرسول ، وهو ما يجعل الحراكيين ، وكل المعارضين هم معارضون للإسلام ، ويجعلهم عرضة لنعت التكفير ، والخروج عن الملة والدين . ان تأكيد محكمة الاستئناف ، لأحكام الغرفة الجنائية بمحكمة الدرجة الأولى ، ورغم المسيرتين السابقتين المطالبتين بإطلاق سراح المعتقلين ، جاء لتأكيد هيبة النظام ، الضامن لوحده لوحدة المغرب ، ووحدة الرعايا ، المفروض فيهم الطاعة والولاء . لذا فان اغلاق النظام لاذنيه وصمّها عن سماع شعارات المسيرتين السابقتين ، مسيرة الرباط ، ومسيرة الدارالبيضاء ، وتحديه لهما في تأكيد احكام الغرفة الجنائية بالمحكمة الابتدائية ، يفند ايّ حس ، او شعور ،او حتى تخمين باستجابة النظام لمسيرة الامس بالرباط . وما يجعل النظام الواثق من تصرفاته القامعة والقاهرة ، هو التناقضات التي عرفتها المسيرة ، من حيث الأهداف المتوخاة لكل تنظيم من المشاركة فيها . ففرق بين من استغل المناسبة ليظهر قوته بهدف جر النظام لفتح أبواب التفاوض معه مستقبلا ، وبين من استغل المسيرة ومعاناة الناس ، للترويج والتحضير ، للانتخابات القادمة ضمن دستور طعنوا فيه سابقا ، وينشطون ضمنه وباجتهاد حاليا . والنظام العارف بقوة كل طرف ، وهو المدرك برغبتهم في التحاور تحت سقفه ، سوف لا ولن يرضخ للمطالب ، ولن يتم الافراج عن المسجونين ، الاّ بعد مرور سنين ترشى فيها عظامهم ، وتذبل سحنتهم ، و يدفن شبابهم . ان تنظيم المسيرات بهذا الشكل ، وبهذا المظهر الدال على ما فيه ، وسيادة الانتهازية للوصولية باستغلال معاناة الناس ، تخدم النظام الذي سيتباهى بديمقراطيته امام اوربة ، وامريكا ، والعالم الحر ، بكون النظام الحاكم يحترم الديمقراطية ، ويضمن للرعايا ممارستها بكل امن وامان . ان المشكل ليس في النظام ، بل في العقلية التي لم تستوعب جينات النظام ، كنظام غير مبالي ، يحكم بشعاره المعتاد : " ولو طارت معزة " .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحركة النقابية المغربية
-
الجيش
-
تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال
...
-
تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
-
لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟
-
تقرير المصير
-
هل المغرب فعلا مقبل على هزّة شعبية ؟
-
تنظيم وقفات احتجاجية امام قصور الملك -- النقد الذاتي --
-
حراك الجزائر
-
دور الاتحادات النسائية في الدفاع عن حقوقهن
-
هل بدأت فرنسا تنحاز الى امر الواقع في نزاع الصحراء الغربية ؟
-
رئيس كوريا الشمالية السيد كيم جونگ _ Le président de la Coré
...
-
الدستور -- La constitution
-
lhumiliation du régime -- إهانة النظام .
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 3 )
-
زيارة ملك اسبانيا الى المغرب
-
تحليل . البرلمان الاوربي يصادق على تجديد اتفاقية الصيد البحر
...
-
إذا دهبت الصحراء حتما سقط النظام
-
اربعة واربعون سنة مرت على نزاع الصحراء الغربية
-
حول مداخلة مستشار الامن القومي السيد جون بولتون بنزاع الصحرا
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|